![]() |
🌿 صدر حديثا
تطبيق الشيخ الفقيه: عبدالرحمن السعدي رحمه الله وكتب الشيخ مفيدة جدا ويحتوي التطبيق على مجموع مؤلفات الشيخ 96 كتابا، منها 30 كتابا تُنشر لأول مرة، ويتجاوز عدد صفحاتها أكثر من 20 ألف صفحة جُمِعَتْ في تطبيق واحد. 📱 للآيفون: https://itunes.apple.com/app/id1264613418 📱 الأندرويد: https://play.google.com/store/apps/d...bia_it.alsaady |
يا رب اغفر لنا تقصيرنا في حق والِدَينا ، وتَضَجّرنا منهما ، او انتقاد تَصرّفَاتِهما
قال أنس رضي الله عنه : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمّ أيمن ، فانْطَلقتُ معه ، فَنَاولَتْه إناء فيه شَرَاب ، قال : فلا أدري أصادفته صائما ، أو لم يُرِده ، فجعلت تَصخب عليه وتذمر عليه . رواه مسلم . 🔹 قال النووي : قوله : " تصخب " أي : تصيح وترفع صوتها إنكارا لإمْسَاكِه عن شُرب الشّرَاب . وقوله : " تَذْمُر " هو بفتح التاء وإسكان الذال المعجمة وضم الميم ، ويقال : تَذَمر بفتح التاء والذال والميم ، أي : تتذمر وتتكلم بالغضب . ومعنى الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ الشراب عليها إما لصيام وإما لغيره فغضبت وتكلمت بالإنكار والغضب ، وكانت تُدِلّ عليه صلى الله عليه وسلم ؛ لِكونها حَضَنته ورَبّتْه صلى الله عليه وسلم . اهـ . 🔸 فرَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يَردّ على أمّ أيمن ، ولم يَتَضجّر مِن تصرّفها ؛ لِكونها حَضَنته ورَبّتْه فقط ؛ فَحَفِظ لها ذلك المعروف . ⏺ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَزور أم أيمن . قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعُمر : انطلق بِنا إلى أمّ أيمن نزورها ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها . رواه مسلم . 🔘 ذكَر ابن القيم في حواضنه صلى الله عليه وسلم : الفاضلة الجليلة أم أيمن بَرَكَة الحبشية، وكان وَرِثَها مِن أبيه، وكانت دايته ، وزوّجها من حِبّه زيد بن حارثة، فولدت له أسامة . |
ولكنكم تستعجلون (10)
قال مَن لا يَنطِق عن الهوى صلى الله عليه وسلم : نُصِرْتُ بِالرّعْب مَسِيرَة شَهْر . رواه البخاري ومسلم . ذَكَر ابنُ كثير أن كِسْرى بَعَث إلى مَلِك الصين يَسْتَغِيثُ به ويَسْتَنْجِده ، فَجَعَل مَلِك الصين يَسأل عن صِفَة هؤلاء القَوم الذين قد فَتَحُوا البِلاد ، وقَهَروا رِقَاب العِبَاد ، فَجَعَل يُخْبِره عن صِفَتِهم ، وكَيف يَرْكَبُون الخيل والإبل ، وماذا يَصْنَعُون ، وكيف يُصَلّون . فكتب معه إلى يَزْدَجَرْد : إنه لم يمنعني أن أبْعث إليك بِجَيش أوّله بِمَرْو وآخِره بِالصّين : الْجَهَالَةُ بِمَا يَحِقّ عليّ ، ولكن هؤلاء القوم الذين وَصَفَ لي رَسُولك صِفَتهم لو يُحَاوِلُون الْجِبَال لَهَدّوها ، ولو جِئتُ لِنَصْرك أزَالُوني ما دَامُوا على ما وَصَف لي رَسُولك ، فَسَالِمْهم وارْضَ مِنهم بِالْمُسَالَمَة . فأقام كسرى وآل كسرى في بعض البلاد مَقْهُورِين ، ولم يَزل ذلك دَأبه حتى قُتِل بعد سَنَتَين مِن إمارة عثمان . اهـ . 🔅 يَزْدَجَرْد هذا : هو الذي أُتِي بِبَنَاتِه سَبَايا للمَدِينة النبويّة ! 🔘 نَقَل ابن خِلّكان عن الزمخشري أن الصحابة رضي الله عنهم لَمّا أتَوا المدينة بِسَبْي فارِس في خِلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كان فيهم ثلاث بنات لِيَزْدَجَرْد فبَاعُوا السَّبَايَا ، وأمَر عُمر بِبَيْع بَنَات يَزْدَجرد أيضا ، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن بَنَات الملوك لا يُعامَلن مُعامَلة غيرهن مِن بَنَات السّوقَة ، فقال : كيف الطريق إلى العَمَل مَعهنّ ؟ قال : يُقَوّمْن مَهما بَلَغ ثَمَنُهنّ قام به مَن يَخْتَارهنّ ، فَقُوِّمْنَ ، وأخَذَهُنّ علي رضي الله عنه ، فَدَفَع واحِدة لِعبد الله بن عُمر ، وأخرى لِوَلَدِه الحسين ، وأخرى لْمُحمد بن أبي بكر الصديق ، وكان رَبِيبُه ، رضي الله عنهم أجمعين (وفيات الأعيان) صلوات الله وسلامه على رسوله الصّادِق الذي لا يَنطق عن الهوى . |
1 مرفق
ولكنكم تستعجلون (11)
*أعظَم مُلوك الأرض يَفرّ مِن بَلَد إلى بَلَد أمام جُيوش الإسلام* �� قال ابنُ كثير : قِصّة يَزْدَجَرْد بن شَهْرَيار بن كِسْرى الذي كان مَلِك الفُرْس لَمّا اسْتَلَب سعدٌ مِن يَديه مَدينة مُلْكه ، ودار مَقَرّه ، وإيوان سُلْطَانه ، وبِسَاط مَشُورَته وحَوَاصِله ، تَحَوّل مِن هناك إلى حُلْوان ، ثم جاء المسلمون ليُحَاصِرُوا حُلْوان ، فَتَحَوّل إلى الرّيّ ، وأخذ المسلمون حُلْوان ، ثم أُخِذَت الرّي ، فَتَحَوّل منها إلى أصْبَهَان ، فأُخِذَت أصْبَهان ، فَسَار إلى كِرْمَان ، فَقَصَد الْمُسْلِمُون كِرْمَان فَافْتَتَحُوها ، فَانْتَقَل إلى خُرَاسَان فَنَزَلَها . هذا كُلّه ، والنّار التي يَعْبُدُها مِن دُون الله يَسِير بها معه مِن بَلَد إلى بَلَد ، ويُبْنَى لها في كلّ بَلَد بَيت تُوقَد فيه على عَادَتهم . اهـ . *فهل أغْنَت عنه آلهته* ؟!‼ï¸ڈ وصَدَق الله : (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) . *لقد قُتِل يَزْدَجَرْد ، وسُبِيَت بَنَاته ، وذَهَب سُلطانه ، وتلاشى مُلْكه* . وصَدَق الله ورَسولُه صلوات الله وسلامه على الصّادِق الْمَصْدُوق الذي لا يَنطق عن الهوى . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (1) 🔸 تَزكِيَته : زَكّاه ربّه ، وأيُّ تَزكيةٍ أزْكَى وأسْمَى مِن تَزكيةِ الله ؟ زكّى عَمَلَه ، فقال : (وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ) قال ابن كثير : أي : بل لك الأجرُ العظِيمُ ، والثوابُ الجزيلُ الذي لا ينقطعُ ولا يَبِيدُ ، على إبلاغك رسالةَ رَبِّك إِلى الخلقِ ، وصبْرِك على أذَاهُم . اهـ . زكّى عِلْمَه ، فقال : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) . زَكّى قلبَه ، فقال : (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) . وزَكّى بَصَرَه ، فقال : (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) . وزَكّى نُطقَه ولِسانَه ، فقال : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) . وزَكّى عَقلَه ، فقال : (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) . وزكّى خُلُقَه ، فقال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (2) 🔘 صِفَته وجماله : *كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجملَ الناس وَجها ، وأعدلَهم قَوَاما ، وأحسَنَ الناسِ خُلُقا* . سئلَ البراء رضي الله عنه : أكان وجهُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثلَ السّيفِ ؟ قال : لا، بل مثلَ القمرِ . رواه البخاري . قال القسطلاّني : " بل مثلَ القمرِ" في الحُسن والملاحة والتدوير . وعَدَل إلى القَمر لِجَمْعه الصِّفَتَين : التدوّرِ واللمعان . وعند مًسلم مِن حديث جابر بنِ سَمُرةَ قال : " بل كان مثلَ الشمسِ " أي : في نهاية الإشراق " والقمرِ " أي: في الحُسن . وزاد : " وكان مُستديرًا " تَنْبِيهًا على أنه أرادَ التشبيهَ بالصِّفَتَين معًا : الحُسنِ والاستدارةِ ؛ لأن التشبيه بالقمر إنما يُراد به الملاحةُ فقط . اهـ . *رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طَلْقُ الْمُحيّا ، دائمُ البِشْر* 🔸قال كَعْب بنُ مالكٍ رضي الله عنه : وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذا سُرَّ استنارَ وَجهُه حتى كأنه قِطعةُ قمرٍ ، وكُنّا نعرف ذلك مِنْه . رواه البخاري ومسلم . 🔸وقال جرير بنُ عبدِ الله : رأيتُ وجهَ رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم يتهللُ ، كأنه مَذهبَةٌ . رواه مسلم . قال ابن الأثير : مِنَ الشَّيء الْمُذْهَب ، وَهُوَ المُمَوَّه بِالذَّهَبِ . اهـ . 🔸وقال جرير بنُ عبدِ الله رضي الله عنه : ما حَجَبَنِي النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسْلَمتُ ، ولا رآني إلاّ تَبَسّم في وَجْهِي . رواه البخاري ومسلم . 🔸ووصَفَه عمر رضي الله عنه فقال : وكان مِن أحْسنِ الناسِ ثَغْرًا . رواه البخاري ومسلم . |
|
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (3) 🔹 أنظَفُ الناس ، وأعطَرُ الناس ؛ أحسنُ الناس مَظهرا ، وأطهرُهم مَخبَرا ، وأذكاهُم عِطرا . 🔸 قال أَنَسٌ رضي الله عنه : كان رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم أزهرَ اللونِ ، كأنَّ عَرَقَه اللؤلؤُ ، إِذا مَشَى تكفّأَ ، ولا مَسِسْتُ دِيباجةً ، ولا حَريرةً ألْينَ مِن كَفّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وَلاَ شَمِمْتُ مِسْكَةً ولا عَنْبَرةً أطيبَ مِن رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري ومسلم . قال النووي : قولُهُ : " أَزْهَرُ اللونِ " هو الأبيضُ المسْتَنِيرُ ، وهي أحسنُ الألوانِ . قولُهُ : " كأنَّ عَرقَه اللؤلؤُ " أي : في الصَّفاء والبَيَاض . اهـ . 🔸 وقال جابر بنُ سَمُرَةَ : صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الأُولى ، ثم خَرج إلى أهله وخرجتُ معه ، فاسْتَقْبَلَه وِلْدانٌ ، فجَعل يمسحُ خَديْ أحدِهم واحدًا واحدًا ، قال : وأمّا أنا فمَسحَ خَدِّي . قال : فوَجدتُ لِيَدِه بَرْدًا ، أو ريحًا كأنما أخرَجها مِن جُؤْنَةِ عطار . رواه مسلم . قال النووي : " صلاةَ الأُولى " يعنى الظّهر ... وَفِي مَسْحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّبْيَانَ بَيَانُ حُسْنِ خُلُقِهِ ، وَرَحْمَتِهِ لِلأَطْفَالِ ، وَملاطَفَتِهِمْ . وَفِي هَذِهِ الأحَادِيثِ : بَيَانُ طِيبِ رِيحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ مِمَّا أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . قَالَ الْعُلَمَاءُ : كَانَتْ هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ صِفَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ طِيبًا ، وَمَعَ هَذَا فَكَانَ يَسْتَعْمِلُ الطِّيبَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَوْقَاتِ مُبَالَغَةً فِي طِيبِ رِيحِهِ ؛ لِمُلاقَاةِ الْمَلائِكَةِ وَأَخْذِ الْوَحْيِ الْكَرِيمِ ، وَمُجَالَسَةِ الْمُسْلِمِينَ . اهـ . قال القاضي عِياض : جُؤنة عطار مَهْمُوز ، هُوَ سِفط مغشى بِجِلد ، يَضَع فِيه الْعَطَّار طِيبه ومَتاعه . وقال ابن الأثير : الجُونَة بِالضَّمِّ : التي يُعَدّ فِيهَا الطّيبُ ويُحْرَز . اهـ . 🔸 وقال أبو جُحيفَة رضي الله عنه : فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي ، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ . رواه البخاري ومسلم ، واللفظ للبخاري . 🔘 يَطِيب الطيب إذا خُلِط بعَرَقِه صلى الله عليه وسلم فقد جَمَعَت أم سُليم عَرَق النبي صلى الله عليه وسلم فَجَعَلته في الطيب والقوارير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أم سليم ما هذا ؟ قالت : عرقك أدُوف به طِيبِي . رواه البخاري ومسلم . ومعنى " أدُوف " أي : أخلط . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (4) 🔸 يَشْرُف به كُلّ مَن وَصَل إليه بِسبب أو بِنَسَب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كُلّ سَبَبٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِع إلاَّ سَبَبِي ونَسَبِي . رواه مِن حديث عُمر : عبد الرزاق والطبراني في الكبير وفي الأوسط ، ومِن طَرِيقِه الضياء في "المختارة" ورواه البيهقي . وقال الهيثمي في " مَجْمَع الزّوائد " : رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ، ورجالهما رجال الصحيح غير الحسَن بن سَهل ، وهو ثقة . وقال الألباني : صَحِيح بِمَجْمُوع طُرُقِه . اهـ . 🔸 وأعظَم الأسباب الْمُتّصِلة بِرَسُول الله صلى الله عليه وسلم : التّمسّك بِسُنّته ، والاهتداء بِهَدْيِه ، وصِدْق مَحَبّته . 🔘 لِمّا أتى الشيخ أبو الوليد الطرطوشي - رحمه الله - الخليفةَ بِمِصر ، وَجَد عنده وزيرا رَاهِبا وسَلّم إليه قياده ، وأخذ يَسمَع رأيه ، ويُنَفّذ كلماته المسمومة في المسلمين . وكان هو ممن يَسمع قوله فيه ، فلما دخل عليه في صُورة الْمُغْضَب ، والوزير الراهب بإزائه جالس أنشده : يا أيها الملِك الذي جُوده ... يَطلبه القاصِد والراغِب إن الذي شُرّفْتَ مِن أجله ... يَزعم هذا أنه كاذِب فاشتد غضب الخليفة عند سماع الأبيات ، وأمَر بالرّاهب فسُحِب وضُرِب وقُتِل ، وأقبل على الشيخ أبي الوليد فأكْرَمه وعَظّمه بعد عَزْمه على إيذائه ! فلمّا اسْتَحْضَر الخليفة تكذيب الراهب لِرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو سَبَب شَرَفه وشَرَف آبائه وأهل السماوات والأرضين بَعَثَه ذلك على البُعْد عن السكون إليه والْمَوَدّة له ، وأبعده عن منازل العِزّ إلى ما يَليق بِه مِن الذّلّ والصّغَار (الفروق ، للقرافي) . |
|
قَيِّدُوا النّعَم بِشُكر الله عزّ وجلّ
قال ابن القيم : فالشّكر حارِس النعمة من كل ما يكون سببا لزوالها ... فما حَرَس العبدُ نِعمَة الله تعالى عليه بمثل شُكرها ، ولا عرّضها للزوال بمثل العمل فيها بِمعاصي الله ، وهو كُفران النعمة ، وهو باب إلى كُفران المُنعِم . فالمُحسِن المتصدق يَستخدم جُندا وعَسكرا يُقاتِلون عنه وهو نائم على فراشه ! |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (5) تُشرِق الوُجوه بِمسْحَة يَدِه صلى الله عليه وسلم قال أَبو العلاء بنُ عُمير : كنتُ عندَ قَتادةَ بنِ مِلحانَ حينَ حُضِرَ ، فمَرَّ رجل في أقصى الدّار ، قال : فأبْصَرتُه في وَجْه قتادةَ ، قال : وكنتُ إِذا رأيتُه كأن على وَجْهه الدِّهَانَ ، قال : وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَسَحَ على وَجهه . رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح . حينَ حُضِرَ : أي : حِين حَضَرته الوفاة . فلم يَزل وجهه مُشرقا مِن مَسحة يد المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى فارَق الدنيا |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (6) 🔘 كانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْدَى الناس راحةً ، وأرحبَهم ساحةً ، كان بَابُه مَحطَّ الرِّحَال ؛ مَن أتاه خائفا أمِن ، ومَن أتاه طامِعًا غَنِم . هو محمّد الجُود والكَرَم ﷺ 🔸 قالَ أنسٌ رضي الله عنه : ما سُئلَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلاّ أعطاه ، قال : فجاءه رجل فأعطاه غَنَمًا بَين جَبَلَين ، فرَجَعَ إِلى قومه ، فقال : يا قوم أسلِمُوا ، فإن محمدًا يُعطِي عطاءً لا يخشى الفَاقةَ . رواه مسلم . 🔸 وأعطى صَفوانَ بنَ أميةَ يومَ حُنينٍ مائةً مِن النَّعَم ، ثم مائةً ، ثم مائة . رواه مسلم . 🔸 وأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ يومَ حُنينٍ ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ . رواه مسلم . 🔸 وقَدِمَ عليه سبعونَ ألفَ درهمٍ ، فقام يَقسِمُها فمَا ردَّ سائلاً حتى فَرَغ منها صلى الله عليه وسلم . رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم . 🔘 وأخبَر جبيرُ بنُ مطعم أنه كان يسيرُ هو مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناسُ مَقْفَلَهُ مِن حُنينٍ ، فَعَلِقه الناس يَسألُونه حتى اضْطرّوه إلى سَمُرةٍ ، فخَطَفتْ رداءه ، فَوقَف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أعطوني رِدائي . لو كان لي عددُ هذه العِضَاه نَعَمًا لَقَسَمته بينكم ، ثم لا تجدوني بخيلا ، ولا كَذُوبا ، ولا جَبَانا . رواه البخاري . ومما استقَرّ عند الناس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يَرُدّ سائلا . 🔹 جاءت امرأة بِبُرْدَة ، فقالت : يا رسول الله إني نَسَجْتُ هذه بِيدِي أكْسُوكَها ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجا إليها ، فَخَرَج إلينا وإنها إزَاره ، فقال رَجُل مِن القوم : يا رسول الله اكْسُنِيها ، فقال : نعم ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المجلِس ثم رَجع فَطَوَاها ، ثم أرْسَل بها إليه ، فقال له القَوم : ما أحسَنتَ ، سَألتها إياه ، لقد عَلِمْتَ أنه لا يَردّ سَائلا ، فقال الرّجُل : والله ما سألته إلاّ لِتَكون كَفَنِي يوم أموت . قال سَهل بن سعد رضي الله عنه : فكانت كَفَنه . رواه البخاري . 🔸 وجاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَكَلّمه ، فَجَعل تَرعد فَرَائصُه ، فقال له : هَوّن عليك ، فإني لست بِمَلِك ، إنما أنا ابن امرأة تأكل القَدِيد . رواه ابن ماجه ، وفي الزوائد : هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات . اهـ . 🔸 هذا والله هو الكرم والجود الذي لم يُسمع بِمِثله لا في جاهلية ولا في إسلام وغاية الكَرم ونهاية الجُود أن يُعطي العطايا الجِزال ثم لا يُبقِي عنده شيئا حتى إنه لا يجد ما يُقدّم لضيفه .. ويمرّ الشهر ، ولا يُوقَد في بيته نار .. |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (7) 🔸رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الشجاعُ الذي يتقدّم الشجعان إذا احْمَرّتِ الحَدَق ، وادلَهَمّتِ الخطوب أنت الشّجاعُ إذا الأبطالُ ذاهلةٌ ** والْهُنْدُوانيُّ في الأعناق والُّلمَمِ 🔘 قال البراءُ رضي الله عنه : كُنّا والله إذا احْمَرّ البَأسُ نتّقي به ، وإن الشجاعَ مِنّا للّذِي يُحاذِي به ، يعني النبيَ صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم . 🔘 وقال عليٌّ رضي الله عنه : كنا إذا احْمَرّ البَأسُ ولَقِي القَومُ القَومَ اتّقَينا بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فما يكون مِنّا أحدٌ أدنى مِن القَوم مِنه . رواه أحمد والنسائي في الكبرى ، بإسناد صحيح . 🔹 وقال رضي الله عنه : لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسًا . رواه الإمام أحمد . 🔅 أما البَراء رضي الله عنه فهو الملقّب بالمَهلَكَة ، وأما عليٌّ رضي الله عنه فشجاعتُه أشهرُ مِن أن تُذكَر . ومع ذلك يتّقون بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أقربُ الناسِ إلى العدوّ ، غيرَ هَيّابٍ ولا وَجِلِ ومع ذلك كان الشجاع منهم الذي يُحاذي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم . 🔸 إذا انتفض شجاعة لم يَبقَ حوله أحد، ولا يقف بِوجهه أحد 🔘 قال عبد اللَّه بن كَعْب بن مَالِك : كَانَ كَعْبٌ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ [يعني : يوم أُحُد] وَقَوْلِ النَّاسِ : قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالَ كَعْبٌ : عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ تَزْهَرَانِ مِنْ تَحْتِ الْمِغْفَرِ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَبْشِرُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنْ أَنْصِتْ ، فَلَمَّا عَرَفُوا رَسُولَ اللَّهِ نَهَضُوا بِهِ مَعَهُمْ نَحْوَ الشِّعْبِ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ فِي رَهْطٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَمَّا أُسْنِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الشِّعْبِ أَدْرَكَهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وَهُوَ يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ لا نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ . فَقَالَ الْقَوْمُ : أَيَعْطِفُ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ مِنَّا ؟ فَقَالَ : دَعُوهُ . فَلَمَّا دَنَا تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرْبَةَ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ ، فَلَمَّا أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَفَضَ بِهَا انْتِفَاضَةً تَطَايَرْنَا عَنْهُ تَطَايُرَ الشَّعْرِ عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ إِذَا انْتَفَضَ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُ فَطَعَنَهُ بِهَا طَعْنَةً تَدَأْدَأَ مِنْهَا عَنْ ظَهْرِ فَرَسِهِ مِرَارًا . رواه ابن إِسْحَاق في " السِّيرَة " وأبو نُعيم في " دلائل النبوة " والبيهقي في " دلائل النبوة " مِن طريق الزهري دون ذِكْر عبد اللَّه بن كَعْب بن مَالِك . وَفي رواية ابن إِسْحَاق : ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَطَعَنَهُ فِي عُنُقِهِ طَعْنَةً تردّى مِنْهَا عَنْ فَرَسِهِ مِرَارًا . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (8) كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أصدَقَ الْخَلْقِ ، وأوفَى الْخَلْقِ ، وأرحَمَ الْخَلْقِ بالْخَلْق . وَصَفَه الله عز وَجَل ببعض صِفَته ، فقال : (قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) . أغرُّ ، عليه للنّبُوّة خاتَمٌ * مِن الله مَشهُودٌ يَلُوحُ ويُشهَدُ وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمه * إذا قال في الخَمسِ المؤذنُ : أشْهَدُ وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليُجِلَّه * فذو العرشِ محمودٌ ، وهذا محمدُ 🔸 وفى له ربّه بِما وَعَد به في حياته صلى الله عليه وسلم ، وأُنجِز وعده حتى بعد موته حَدَّث عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ (الباقِر) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قَالَ : لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ ﷺ جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ دَيْنٌ أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا ، قَالَ جَابِرٌ : فَقُلْتُ : وَعَدَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺأَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ جَابِرٌ : فَعَدَّ فِي يَدِي خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية : قال جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ : لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ثَلاثًا ، فَلَمْ يَقْدَمْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى : مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺدَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي . |
دِينُنا عَظِيم
قالت الدكتورة " ايلين " : إن التجارب أثبتت أن عَودة المرأة إلى " الْحَرِيم " هو الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد مِن التّدهور الذي يسير فيه . ◀️ وقالت الكاتبة الإنجليزية " اللادي كوك " في جريدة (الايكو) : إن الاختلاط يَألَفه الرّجال ، ولهذا طَمِعت المرأة بما يُخالِف فطرتها ، وعلى قَـدْرِ كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزّنا ، وههنا البلاء العظيم على المرأة ! (المرأة بين الفقه والقانون ، للدكتور : مصطفى السباعي) 🛑 ونشرت مجلة الأسرة في عددها الصادر في شهر رجب من عام 1420 هـ هذه الأرقام : في أمريكا : مليون طفل يُولَدُون سنويا مِن السّفَاح . 12 مليون طفل مُشرّد في ظروف غير صحية . مليون حالة إجهاض سنويا في أمريكا . 40 مليون طفل مشرد في أمريكا اللاتينية . ⭕️ إن الحجـاب الذي نادى به الإسلام قبل أكثر مِن أربعة عشر قرنا ، تَنَبّه له الغَرْبِيّون منذ أمَدٍ ليس بِالبَعيد ؛ ففي عام 1929م أكّدت اللجنة التي عُهِد إليهـا مراقبة ملابس الحِشمة للنساء في ( روما ) وقـرّرت أن يكون الفستان مزدوجا ، وأن لا يكون شَفَّافًا ، ولا لاصِقًا بِالْجِسْم ، ولا قصيرا جِدا ، ويجب أن يُغطّي الأكْمَام والأكْواع . 🔹 بل إن الحجاب عُرِف قبل الإسلام ، فقد كانت كلمة ( حريم ) تُطلق على القسم الخاص بالعائلة ، والذي كان مُحَرّما على الغرباء وُلُوجُـه ، ويَرجِع هذا التقليد إلى ما قبل الإسلام ، وقد كان هذا التقليد يُعـدّ تَرَفَا خَاصّا بالأثرياء ! ( " نازك باسيلان " - مجلة الأسبوع اللبنانية ، نقْلاً عن كتاب : المرأة بين الفقه والقانون ، للدكتور : مصطفى السباعي) |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (9) أعظمُ الْخَلْقِ وأكرَمُهم على الله كان مِن الممكن أن تُسَوّى مكّة بأهلِها ، وأن تُدَكْدَكَ عليهم جِبَالُها ؛ نُصرةً له صلى الله عليه وسلم . في الصحيحين أن مَلَكَ الْجِبَال نادَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، وسلَّمَ عليه ، ثم قال : يا محمدٌ ، إن اللهَ قد سَمِعَ قولَ قومِك لك ، وأنا مَلَكُ الجبال وقد بعثني ربُّك إليك لتأمُرَني بأمرك ، فمَا شئتَ ، إن شئتَ أن أُطْبِقَ عليهم الأخشَبَين ، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أنْ يُخرِجَ اللَّه ِمن أصلابِهم مَن يَعبدُ اللهَ وحدَه لا يشرِكُ به شيئًا . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (10) عَظِيم القَدْر والمَكانَة عند الله أوْحَى الله إليه : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) . 🔹 قال القرطبي : وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ نَهَى نَبِيَّهُ عَنْ شِدَّةِ الاغتمام بهم والحزن عليهم . اهـ . 🔸 وجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ وهو جالسٌ حَزِينًا ، قد خُضِّبَ بالدماء ، ضَرَبَهُ بعضُ أهل مكة قال : فقال له : ما لك ؟ فقال له : " فَعَلَ بي هؤلاءِ وفَعَلُوا "، فقال له جبريل عليه السلام : أتُحب أنْ أريكَ آية ؟ قال : نعم ، قال : فنظرَ إلى شجرة من وراء الوادي ، فقال : ادعُ بتلك الشجرةِ ، فدعاها فجاءتْ تمشي حتى قامتْ بين يَديه ، فقال : مُرْها فلتَرْجِعْ ، فأمَرَها فَرَجَعَتْ إلى مكانها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حسبي ، حسبي. رواه الإمام أحمد وابن ماجه ، وهو حديث حَسَن . 🔘 قولُه : " أتُحب ان أُرِيك آية " قال السندي : تدلُّ على ما لَك عند الله مِن الكَرامة والشَّرف الذي تَنْسَى في جَنْبِه ما يَلحقُ بك مِن التَّعبِ في تبليغِ الرِّسالة . اهـ . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (11) مُعجِزاته باهِرة ، وآياته ظاهِرة قال شيخ الإسلام ابن تيمية : كَرَامَات أولياء الله إنما حَصَلَت بِبَرَكة اتّبَاع رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهي في الحقيقة تَدخل في مُعجِزات الرسول صلى الله عليه وسلم ، مثل : انْشِقاق القَمَر ، وتَسْبِيح الْحَصَا في كَفّه ، وإتيان الشّجَر إليه ، وحَنِين الْجِذع إليه ، وإخباره ليلة المعراج بِصِفَة بَيْت الْمَقْدِس ، وإخباره بما كان وما يكون ، وإتيانه بالكتاب العزيز ، وتكثير الطعام والشراب مَرّات كثيرة ؛ كما أشْبَع في الخندق العَسْكَر مِن قِدْر طَعام وهو لم يَنقُص ، وأرْوَى العَسْكر في غزوة خيبر مِن مَزَادَة ماء ولم تَنقُص ، ومَلأ أوْعِيَة العَسْكر عام تبوك مِن طعام قليل ولم يَنقُص ، وهُم نحو ثلاثين ألْفًا ، ونَبَع الماء مِن بين أصابعه مَرّات مُتَعَدّدة حتى كَفَى الناس الذين كانوا معه ، كما كانوا في غزوة الحديبية نحو ألف وأربعمائة أو خمسمائة ، ورَدّه لِعَينِ أبي قتادة حين سَالَتْ على خَدّه ، فَرَجَعَتْ أحسَن عَيْنَيه ... وَمِثْلُ هَذَا كَثِير ، قَدْ جَمَعْتُ نَحْوَ أَلْفِ مُعْجِزَةٍ . 🔸 وقال رحمه الله : وكان يأتِيهم بالآيات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم . ومُعجزاتُه تزيدُ على ألف معجزةٍ . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (12) أنواع مُعجِزاته صلى الله عليه وسلم قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وآياته صلى الله عليه وسلم الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير أنواع : الأول منها : ما هو في العالَم العُلويّ كانْشقاقِ القمر ، وحِراسةِ السماء بالشُّهبِ الحراسةَ التامةَ لَمّا بُعِث ، وكَمِعْرَاجه إلى السماء ، فقد ذَكَر الله انشقاق القمر ، وبَيّن أن الله فَعَله ، *وأخبر به لِحِكْمَتَين عظيمتين* : أحدُهما : كَونه مِن آيات النبوة ، لَمّا سأله المشركون آية ، فأرَاهم انشقاقَ القمر . والثانية : أنه دَلالة على جَوازِ انشقاقِ الفَلَك ، وأن ذلك دلِيل على ما أخبرتْ به الأنبياءُ مِن انشقاق السماوات ... ومعلوم بالضرورة في مُطَّرِد العَادَة ، أنه لو لم يكن انشقّ لأسرعَ المؤمنون به إلى تكذيبِ ذلك ، فضلا عن أعدائه الكفارِ والمنافقين ، ومعلومٌ أنه كان مِن أحرصِ الناس على تصديقِ الْخَلْقِ له ، واتّباعِهِم إياه ، فلو لم يَكن انشقّ لِمَا كان يُخبرُ به ويُقرؤه على جميع الناس ، ويُستدلّ به ، ويجعله آية له . وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال : إن أهل مكة سَألوا نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم أن يُريهم آية ، فأرَاهم انشقاق القَمر مَرّتَين ... وكذلك صعودُه ليلة المعراج إلى ما فوق السماوات ، وهذا مما تواترتْ به الأحاديث ، وأخبرَ به القرآن ، أخبر بِمَسْرَاه ليلا مِن المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وهو بيتُ المقدس ، وفي موضع آخر بصعوده إلى السماوات ، فقال تعالى : (سُبْحان الذِي أسْرى بِعبْدِهِ ليْلا مِن الْمسْجِدِ الْحرامِ إِلى الْمسْجِدِ الأقْصى الذِي باركْنا حوْلهُ لِنُرِيهُ مِنْ آياتِنا إِنه هُو السمِيعُ الْبصِيرُ) [الإسراء: 1] . فأخبَر هنا بِمَسْرَاه ليلاً بين المسجِدَين ، وأخبر أنه فعلَ ذلك ليُريَه مِن آياته . ومعلومٌ أن الأرضَ قد رأى سائرُ الناس ما فيها مِن الآيات ؛ فعُلِم أن ذلك ليُرْيَه آياتٍ لم يَرَها عُموم الناس . |
حول قول " سيّد الْخَلْق " عن رسول اله صلى الله عليه وسلم
هو - صلى الله عليه وسلم - سيد الثقلين : الإنس والجن قال الإمام النووي في تبويبه لصحيح مسلم : باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأول مَن ينشق عنه القبر،، وأول شافِع وأول مُشفّع . قال الهروي : السيّد هو الذي يَفوق قومه في الخير . وقال غيره : هو الذي يُفزع إليه في النوائب والشدائد ؛ فيقوم بأمرهم ويتحمل عنهم مكارههم ويُدافِع عنهم . ولأجل ذلك تفزع الخلائق إلى سيد ولد آدم ليشفع لهم، وهي الشفاعة العظمى، والمقام المحمود . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ سَيِّدَ الْخَلْقِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم . اهـ . وقال ابن أبي العزّ في شرح الطحاوية : فإذا كان سيّد الخَلق وأفضل الشفعاء يقول لأخص الناس به : لا أملك لكم من الله من شيء فما الظن بغيره ؟ . اهـ . وقال السفاريني في العقيدة : وأن أرواح الوَرَى لم تعدم ... مع كونها مخلوقة فاستفهم فَكل مَا عَن سيّد الْخَلق ورد ... من أَمر هَذَا الْبَاب حق لا يُردّ وهذا الوَصْف قد تكرر في كُتب أهل العلم |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (13) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع مُعجِزاته الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير : 🔸 النوع الثاني : آيات الجوّ ، كَاسْتِسْقَائه صلى الله عليه وسلم ، واستِصْحَائه ، وطاعةِ السّحَابِ له ، ونُزولِ المطَر بِدُعائه صلى الله عليه وسلم . وذَكَر شيخ الإسلام ابن تيمية حديث أنس في الصحيحين قال أنس رضي الله عنه في ذِكْر خَبَر استسقائه صلى الله عليه وسلم : فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اسْقِنَا ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا ، قَالَ أَنَسٌ : وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ ، وَلاَ قَزَعَةً وَلاَ شَيْئًا وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلاَ دَارٍ ، قَالَ : فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ قَالَ : وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا . رواه البخاري ومسلم . |
هل صحيح أنه لا فضْل للعُمرة في رمضان وأن الأفضلية تكون في ذي القَعدة ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18754 |
مِن آياته ومُعجِزاته (14)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع مُعجِزاته الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير : والنوع الثالث : تصرفه في الحيوان : الإنس ، والجنّ ، والبهائم . وذَكَرَ شيخ الإسلام ابن تيمية مُخاطَبَته صلى الله عليه وسلم للحيوانِ والجنّ . ومِن مُخاطَبَته صلى الله عليه وسلم للجِنّ : ما جاء في حديث جابر رضي الله عنه ، وفِيه : أنّ امرأة أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت : إن ابني هذا به لَمَم منذ سَبعِ سِنين ، يأخذُه كلَّ يوم مَرّتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أدْنِيه ، فأدنَتْه منه ، فتَفَل في فِيهِ ، وقال : اخرُج عدوَّ الله ، أنا رَسول الله . رواه ابن أبي شيبة والدارمي . وفي حديث عثمانَ بنِ أبي العاصِ رضي الله عنه قال : يا رسولَ الله عَرَض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي . قال : ذاك الشيطانُ ، أدنُه ، فدنوتُ منه ، فجلستُ على صُدور قَدمي ، قال: فضَرب صَدْرِي بِيدِه ، وتفَل في فَمِي ، وقال : اخرج عدو الله - ففعل ذلك ثلاثَ مَرّاتٍ - ثم قال : اِلْحَقْ بِعَمَلك . فقال عثمان : فَلعَمْري ما أحسَبُه خالَطَني بَعد . رواه ابن ماجه . 🔘 ومِن تأثيره صلى الله عليه وسلم في الْحَيَوان : ماء جاء في حديثَ سَفِينَةَ مَوْلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، قال : رَكِبتُ البحر في سَفينة فانْكَسَرتْ ، فَرَكِبْتُ لَوْحًا مِنها فطَرَحَني في أَجَمَةٍ فيها أسَدٌ ، فلم يَرُعْني إلاّ به ، فقلت : يا أبا الحارِث ، أنا مَولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فَطَأطَأ رَأسه ، وغمَز بِمَنكبه شِقّي ، فما زال يَغمِزني ، ويَهدِيني إلى الطريق ، حتى وَضَعني على الطريق ، فلمّا وَضَعَني هَمْهَم ، فظننت أنه يُوَدّعِنُي . رواه الحاكم ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي . |
عِظَم إثم مَن يَنقل ويَنشر المقاطع الفاضحة ، أو التي فيها كشْف للعورات ، ومن يُهوّن من شأن الفاحشة أو يُسوّغها
قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) . قال الشيخ السعدي : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَة) أي : الأمور الشنيعة المستقبحة المستعظمة، فيُحبّون أن تَشتهر الفاحشة (فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي : مُوجِع للقلب والبَدن ، وذلك لِغِشّه لإخوانه المسلمين ، ومحبة الشرّ لهم ، وجراءته على أعراضهم ، فإذا كان هذا الوعيد لمجرد محبة أن تَشِيع الفاحشة ، واستِحلاء ذلك بالقلب ، فكيف بما هو أعظم مِن ذلك ، مِن إظهاره ، ونَقْلِه ؟ |
مِن آياته ومُعجِزاته (15)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع مُعجِزاته الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير : النوعُ الرابع : آثارُهُ في الأشجارِ والْخَشَب 🔸 ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخطب إلى جِذْع ، فلما اتّخذ المنبرَ تَحَوّلَ إليه فحَنَّ الجذعُ ، فأتاه فمَسَح يدَه عليه . رواه البخاري . وفي رواية عن ابن عباس : فحنَّ الجذع حتى أخذه فاحتَضَنه فسَكَن ، فقال : لو لم أحتَضِنْه لَحَنَّ إلى يوم القيامة رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط . قال الحافظ ابن كثير : باب حَنِين الْجِذْع شَوقًا إلى رسول الله وشَغَفًا مِنْ فِرَاقِهِ . وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحابة بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ أئمة هذا الشأن وفُرْسَان هذا الْمَيْدَان . اهـ . وشَهِد له صلى الله عليه وسلم بِالنُبوّة : الشجرُ والحجَر دَعَا رسول الله صلى الله عليه وسلم شَجرةً فجاءتْ تمشي إليه 🔸 قال ابنُ عمرَ رضي الله عنهما : كُنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفر ، فأقبَلَ أعرابي ، فلمّا دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين تُريد ؟ قال : إلى أهلي ، قال : هل لك في خَير ؟ قال : وما هو ؟ قال : تَشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ ، وأن محمدا عبدُه ورسولُه . فقال : ومَن يَشهدُ على ما تقول؟ قال : هذه السَّلَمَةُ . فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بِشاطئ الوادي ، فأقبلت تَخُدُّ الأرضَ خَدّا حتى قامتْ بين يديه ، فاستَشْهَدَها ثلاثا ، فشَهِدت ثلاثا أنه كَمَا قال ، ثم رَجعت إلى مَنْبَتِها ، ورجع الأعرابي إلى قومه ، وقال : إن اتّبَعوني أتيتك بهم ، وإلاّ رجعتُ فكنتُ معك . رواه الإمام الدارمي . 🔸 وجاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بِمَ أعرف أنك نَبِيٌّ ؟ قال : إن دعوتُ هذا العِذقَ مِن هذه النخلةِ ، أتشهد إني رسولُ الله ؟ فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل ينزل مِن النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ارجع ، فَعَاد ، فأسلم الأعرابي . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وهو حديث صحيح . قال ابن الأثير : العَذْق بِالْفَتْحِ : النَّخْلة ، وَبِالْكَسْرِ : العُرجُون بِمَا فِيهِ مِنَ الشَّمارِيخ . اهـ . وسيأتي في النوع السادس : تأثيرُه صلى الله عليه وسلم في الأحجارِ ، وتصَرُّفُه فيها ، وتسخيرُها له |
قال ابن القيم :
إذا أردت أن تَعلَم ما عندك وعند غيرك مِن محبة الله ، فانظر مَحبة القرآن مِن قلبك ، والْتِذَاذك بِسمَاعه أعظم مِن الْتِذَاذ أصحاب الملاهي والغناء الْمُطْرِب بِسَمَاعهم ؛ فإن مِن المعلوم أنّ مَن أحب محبوبا كان كلامه وحديثه أحبّ شيء إليه . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (16) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع مُعجِزاته الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير : والنوع الخامس : الماء والطعام والثمار ، الذي كان يَكثُر ببِرَكَته فوق العادة ، وهذا بابٌ واسعٌ نذكُر منه ما تَيسّر . أما الماء : ففي الصحيحين عن أنسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء ، فأُتي بِقَدح رَحْرَاح ، فجعل القومُ يَتَوضّؤون ، قال : فحَزَرْتُ ما بين السبعين إلى الثمانين . وفي حديث أنس رضي الله عنه : أُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بإناء وهو بالزَوراء ، فوَضَع يَدَه في الإناء ، فجعل الماءُ يَنبعُ مِن بين أصابعه ، فتوضّأ القوم . قال قتادةُ : قلت لأنس : كَم كُنتم ؟ قال : ثلاثمائة أو زُهاءُ ثلاثمائة . رواه البخاري ومسلم . وفي الصحيحين عن جابر قال : قد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد حضرتْ صلاة العصر، وليس معنا ماءٌ غيرَ فَضْلَة ، فجُعِلَ في إناء ، فأتَى النبي صلى الله عليه وسلم فأدخل يَده فِيه ، وفَرّج أصابعه ، وقال : حي على الوضوء ، والبرَكةُ مِن الله . فلقد رأيت الماءَ يتفجّرُ مِن بين أصابعه ، فتوضّأ الناسُ وشَرِبوا، فجعلتُ لا آلُو ما جَعلتُ في بَطني منه ، فعلمتُ أنه بَركة ، قيل لجابر : كم كنتم يومئذ ؟ قال : ألْفًا وأربعمائة . ودعا وبارَك في طعام قليل ، فكَفَى أَلْفَ شخص ، وذلك يومُ الخندق ، كما لي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، وهو مُخرّج في الصحيحين . وسَبّح الطعام بين يديه صلى الله عليه وسلم قال ابن مسعود رضي الله عنه : كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا . كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ : اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ ، فَجَاؤُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللهِ ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهْوَ يُؤْكَلُ . رواه البخاري . قال ابن حَجَر : أي في عَهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غالِبا . اهـ . |
كثُر الكلام حول الإكثار مِن خَتْم القُرآن ، وخاصة في رمضان
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=20679 |
مِن آياته ومُعجِزاته (17)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع مُعجِزاته الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير : والنوع السادس : 🔸 تأثيرُه في الأحجارِ ، وتصَرُّفُه فيها ، وتسخيرُها له ؛ ففي صحيح البخاري عن أنسٍ قال : صَعِد النبي صلى الله عليه وسلم أُحُدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ، فَرَجَفَ بهم الجبلُ ، فقال : اسكُنْ - وضربه بِرِجْلِه - فليس عليك إلا نبيٌّ ، وصديقٌ ، وشهيدان . 🔸 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعرفُ حجرًا بمكةَ كان يُسَلِّم عليّ قبل أن أُبْعَثَ ، إني لأعرفه الآن . رواه مسلم . 🔸 ورَوَى ابن عَبَّاس رضي الله عنهما : أَنَّ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ ، فَتَعَاهَدُوا بِاللاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الأُخْرَى : لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ ، قَالَ : فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَبْكِي حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى أَبِيهَا ، فَقَالَتْ : هَؤُلاءِ الْمَلأ مِن قَوْمِكَ فِي الْحِجْرِ ، قَدْ تَعَاهَدُوا : أَنْ لَوْ قَدْ رَأَوْكَ قَامُوا إِلَيْكَ فَقَتَلُوكَ ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ . قَالَ : " يَا بُنَيَّةُ أَدْنِي وَضُوءًا " ، فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمُ الْمَسْجِدَ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ ، قَالُوا : هُوَ هَذَا ، هُوَ هَذَا . فَخَفَضُوا أَبْصَارَهُم ، وَعُقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ ، فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ ، وَلَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ رَجُلٌ ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ ، فَحَصَبَهُمْ بِهَا ، وَقَالَ : " شَاهَتِ الْوُجُوهُ " قَالَ : فَمَا أَصَابَتْ رَجُلاً مِنْهُمْ حَصَاةٌ إِلاَّ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا . رواه الإمام أحمد بإسناد حَسَن . 🔘 وفي هذا الموقف تَجَلّت شَجاعته صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يَختَبئ عنهم ، ولم يَهرب منهم ، بل استعان بِالله وتَوضأ ، وخَرَج إليهم وَحيدا ، وهُم جَماعة ! وفيه : أن مِقدار قَبضة مِن تُراب أصابَت عددا كبيرا منهم . وفيه : كِفاية الله عزّ وَجَلّ لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم ، حيث كَفَاه الله أعداءه . وسَبّح الحصى في يَدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي أيدي أصحابه قال أَبو ذَرّ رضي الله عنه : انْطَلَقْتُ أَلْتَمِسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ ، قَالَ أَبُو ذَرّ : وَحَصَيَاتٌ مَوْضُوعَة بَيْنَ يَدَيْه ، فَأَخَذَهُنَّ فِي يَدِهِ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي الأَرْضِ فَسَكَتْنَ ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي الأَرْضِ فَخَرَسْنَ ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُمَرَ ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي الأَرْضِ فَخَرَسْنَ ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي الأَرْضِ فَخَرَسْنَ . رواه ابن أبي عاصم في " السّنّة " والبَزّار والطبراني في الصغير . وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه محمد بن أبي حميد ، وهو ضعيف ، وله طريق أحسن مِن هذا في علامات النبوة ، وإسناده صحيح . اهـ . 🔘 وفي رواية : فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سَمِعَ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ فِي كَفِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم . |
شَرَف الزمان والمكان يُوجِب تعظيم واحترام الزمان والمكان
🔸 قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن المعتمر في رمضان : اجتمع له حُرمة شهر رمضان وحُرمة العُمرة ، وصار ما في ذلك مِن شرف الزمان والمكان يناسب أن يُعدَل بما في الحج في شرف الزمان - وهو أشهر الحج - وشرف المكان . 🔹 وقال شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله : سيئة الْحَرَم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم إثْمًا مِن السيئة فيما سِوى ذلك ؛ فَسَيّئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثْمًا مِن سيئة في جدة والطائف مثلا ، وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم مِن سيئة في شعبان ونحو ذلك . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (18) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع مُعجِزاته الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير : النوع السابع : مِن آياته صلى الله عليه وسلم : تأييدُ اللهِ له بملائكته . قال الله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) . وفي الصحيحين عن سعدِ بنِ أبي وقاص قال : رأيتُ يومَ أُحُدٍ عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن يساره رَجُلين عليهم ثيابٌ بِيضٌ يُقَاتِلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ القِتال ، ما رَأيتهما قبل ذلك اليومِ ولا بَعده . ويَعني جبرائيل وميكائيل عليهما السلام . ورَوَى ابن عباس عن عُمر بن الخطاب قال: لَمّا كان يوم بَدْر نَظَر رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ ، وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً ، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [(8)الأنفال:9] ، فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلاَئِكَةِ . قال ابْنُ عَبَّاسٍ : بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ : أَقْدِمْ حَيْزُومُ ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ ، وَشُقَّ وَجْهُهُ ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ ، فَجَاءَ الأَنْصَارِيُّ ، فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : صَدَقْتَ ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ . فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ . رواه مسلم . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (19) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع مُعجِزاته الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير : النوع الثامن : في كفايةِ اللهِ له أعداءَه ، وعِصمتِه له مِن الناس ، وهذا فيه آيةٌ لِنُبُوّته صلى الله عليه وسلم مِن وُجوه : منها : أن ذلك تصديقٌ لِقوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) [الحجر: 94] ، فهذا إخبارُ الله بأنه يَكْفِيه المشركين المستهزئين . ومنها : أنه كَفَاه أعداءه بأنواعٍ عجيبةٍ خارجةٍ عن العادةِ المعروفة . ومنها : أنه نَصَره مع كَثْرَة أعدائه ، وقُوتِهم ، وغَلَبتِهم ، وأنه كان وَحدَه جاهِرا بمعاداتهم ، وسَبِّ آبائهم ، وشَتْمِ آلهتهم ، وتسفيهِ أحلامهم ، والطعنِ في دينهم ، وهذا مِن الأمور الخارقةِ للعادة ، والمستهزئون كانوا مِن أعظم ساداتِ قريش ، وعظماءِ العرب . اهـ . 🔘 وقد عَصَمَه الله مِن مَكْر اليهود ، ففي حديث أَنَسٍ ، أَنَّ امْرَأَة يَهُودِيَّة أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَة ، فَأَكَلَ مِنْهَا ، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَتْ : أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ ، قَالَ : مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ ، قَالَ : أَوْ قَالَ : عَلَيَّ . رواه البخاري ومسلم . وحَفظ الله نَبِيّه وحَرَسَه مِن كَيد المشرِكين وبَطشِهم . قال أَبُو جَهْلٍ : هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّد وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ فَقِيل : نَعَم ، فقال : وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ ، أَوْ لأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَاب ، قَالَ : فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي ، زَعَمَ لِيَطَأَ عَلى رَقَبَتِه ، قال : فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلاَّ وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْه وَيَتَّقِي بِيَدَيه ، قال : فَقِيل لَه : مَا لَكَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلاً وَأَجْنِحَةً . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لَوْ دَنَا مِنِّي لاَخْتَطَفَتْه الْمَلاَئِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا . رواه مِن حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه . ورواه البخاري مُخْتَصرا مِن حديث ابن عباس رضي الله عنهما . 🔸 وهذا فيه : كفايةِ اللهِ لِنَبِيّه صلى الله عليه وسلم أعداءَه ، وعِصْمته له مِن الناس ، وتأييده له بالملائكة . 🔸 وعَصَمَ الله رَسُوله مِن مُؤامَرات المشركين . وتقدّم عَزْم المشرِكين على قَتْل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخروجه صلى الله عليه وسلم إليهم ، ورَمْي التراب في وُجوههم . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (20) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع مُعجِزاته الْمُتَعَلّقة بِالقُدْرة والفِعل والتأثير : النوع التاسع : في إجابةِ دعوتِه ، وإجابةُ الدعاء منه ما تكون إجابتُه مُعتادةٌ لِكثير مِن عبادِ الله كَالإغْنَاء ، والعافية ، ونحو ذلك ، ومنه ما يكون الْمَدعُوّ به مِن خَوَارِق العادات ، كَتَكْثِير الطعام والشراب كثرةً خارجةً عن العادة ، وإطعامُ النّخلِ في العام مَرّتين مع أن العادة في مِثله مَرّة ، وردُّ بَصَرِ الذي عَمِي ، ونحو ذلك . ومعلومُ أن مَن عوّده الله إجابةَ دعائه لا يكون إلاّ مع صلاحِه ودينِه . 🔘 وقد تقدّم دعاؤه للذي ذهَبَ بَصَرُه فأبْصَر ، ودعاؤه في الاستسقاء فمَا رَدّ يَديه إلاّ والسماءُ قد أمْطَرَت، ودعاؤه في الاستصحاء ، وإشارتُه إلى السحاب فتقطّع مِن ساعته ، ودعوتُه على سُراقة بن جُعشم لَمّا تَبِعَهم في الهجرة فغَاصَت فَرَسُه في الأرض ، ودعاؤه يومَ بدر ، ويومَ حُنين . 🔶 ودَعَا صلى الله عليه وسلم لأنسٍ رضي الله عنه : " اللهم ارزقه مالاً وولدا ، وبارك له فيه " . قال أنسٌ : فإني أكثرُ الأنصار مَالاً ، وحدّثتني ابنتي أُمَيْنَة أنه دُفِن لصُلْبي إلى مَقدَمِ الحَجاجِ البصرةَ بِضع وعشرون ومائة . رواه البخاري . 🔸 وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي خَلْدَة قال : قُلْتُ لأَبِي الْعَالِيَة : سَمِعَ أَنَسٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ : خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِينَ ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الْفَاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ ، وَكَانَ فِيهَا رَيْحَانٌ يَجِيءُ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ . 🔅 وفي صحيح البخاري أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعطى عُروةَ بنَ الجعدِ البارقيّ دينارا يَشتري له به شاة ، فاشترى له به شاتَين ، فباعَ إحداهما بِدينار وجاءه بدينارٍ وشاة ، فَدَعا له بالبركة في بَيعِه ، وكان لو اشترى التراب لَرَبِحَ فيه . ✅ وخلاصةُ القول : ما قالَه شيخُ الإسلام ابنُ تيمية : وكان يَأتِيهم بالآياتِ الدالةِ على نُبُوّتِه صلى الله عليه وسلم. ومُعجزاتُه تزيد على ألفِ معجزة . اهـ . (الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح) بتصرف واختصار وزيادةٍ في بعض المواضع . |
شَفَقَة الوالد وحرصه على وَلَده
قالت عزّة بنت عياض بن أبي قِْرصَافة : أَسَر الرّومُ ابْنًا لأبي قِرْصَافة ، فكان أبو قِرْصَافة إذا كان وقت كل صلاة صَعِد سُور عَسقَلان ، ونادى : يا فُلان الصلاة ، فَيسمِعَه وهو في بَلَد الرّوم . رواه الطبراني . وفي تهذيب الكمال للمِزّي : وكَانَ أَبُو قرصافة يناديه مِن سُور عَسقلان في كل صلاة : يا فلان الصلاة ، فيَسمَعه فيُجيبه ، وبينهما عرض البحر . و"عَسقلان" في فلسطين طهّرها الله مِن دنس اليهود . وأبو قِرصَافة هذا صحابي ، رضي الله عنه . قال ابن عبد البر : جندرة بن خيشنة ، أبو قِرْصَافة ، مشهور بِكُنْيَتة . اهـ . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَكَرَامَاتُ أَوْلِيَاءِ اللَّهُ إنَّمَا حَصَلَتْ بِبَرَكَةِ اتِّبَاعِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ تَدْخُلُ فِي مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم . اهـ . وقال ابن كثير : وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ مُعْجِزَاتٌ لِلأَنْبِيَاءِ ؛ لأَنَّ الْوَلِيَّ إِنَّمَا نَالَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ لِنَبِيِّهِ ، وَثَوَابِ إِيمَانِهِ بِهِ . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (21) جَمْع العلماء ما وَقَع لِنبِيّنا صلى الله عليه وسلم أوْ لأحَدٍ مِن أتباعه على مِلّتِه مما يُوافِق آيات الأنبياء الْمَاضِين عليهم الصلاة والسلام . وهذا يدلّ على أن الله تبارك وتعالى أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم ما لَم يُعطِ نَبِيًّا قَبلَه ، وأعطى أمّته ما لم يُعطِ أمّة قبلها ، وهو دالّ على مَنْزِلَة نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم ، وعلى كَرَامة هذه الأمّة على الله إذا هي تَمَسّكَت بِدِين الله ، وما أهون الخَلْق على الله إذا هُم تركوا أمره . https://static.xx.fbcdn.net/images/e...1/16/1f518.png قال ابن كثير : التَّنْبِيهُ عَلَى ذِكْرِ مُعْجِزَاتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُمَاثِلَةٍ لِمُعْجِزَاتِ جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ ، أَوْ أَعْلَى مِنْهَا ، خَارِجًا عَمَّا اخْتَصَّ بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ قَبْلَهُ مِنْهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلامُ . فَمِنْ ذَلِكَ : الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ، فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ عَلَى الآبَادِ ، وَلا يَخْفَى بُرْهَانُهَا ، وَلا يَنْخَفِضُ شَأْنُهَا ، وَقَدْ تَحَدَّى بِهِ الثَّقَلَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ أَوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ أَوْ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ، فَعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ . وَفي الْحَدِيث الْمُتَّفَق عَلَى إِخْرَاجِهِ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ وَقَدْ أُوتِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَدْ أُوتِيَ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ مَا يَقْتَضِي إِيمَانَ مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِن أُولِي الْبَصَائِرِ وَالنُّهَى ، لا مِنْ أَهْلِ الْعِنَادِ وَالشَّقَاءِ ، " وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ " ، أَيْ : جُلُّهُ وَأَعْظَمُهُ وَأَبْهَرُهُ : الْقُرْآنُ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّهُ لا يَبِيدُ وَلا يَذْهَبُ كَمَا ذَهَبَتْ مُعْجِزَاتُ الأَنْبِيَاءِ وَانْقَضَتْ بِانْقِضَاءِ أَيَّامِهِمْ فَلا تُشَاهَدُ ، بَلْ يُخْبَرُ عَنْهَا بِالتَّوَاتُرِ أَوِ الآحَادِ ، بِخِلافِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ ، مُسْتَمِرَّةٌ دَائِمَةُ الْبَقَاءِ بَعْدَهُ ، مَسْمُوعَةٌ لِكُلٍّ مَنْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ . وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ مُعْجِزَاتٌ لِلأَنْبِيَاءِ ؛ لأَنَّ الْوَلِيَّ إِنَّمَا نَالَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ لِنَبِيِّهِ ، وَثَوَابِ إِيمَانِهِ بِهِ . قال ابن كثير : قال شيخنا العلامة أبو المعالي محمد بن علي الأنصاري ابن الزّمْلَكَاني - ومِن خطّه نَقَلتُ - : وبيان أن كُلّ مُعجِزة لِنَبِيّ فَلِنَبِيّنا صلى الله عليه وسلم مِثلها أو أتَمّ ، يَستدعي كلاما طويلا وتفصيلا لا يَسَعه مجلّدات عديدة ، ولكن نُنَبّه بالبعض على البعض ، فلنذكر جلائل مُعجزات الأنبياء عليهم السلام . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (21) جَمْع العلماء ما وَقَع لِنبِيّنا صلى الله عليه وسلم أوْ لأحَدٍ مِن أتباعه على مِلّتِه مما يُوافِق آيات الأنبياء الْمَاضِين عليهم الصلاة والسلام . وهذا يدلّ على أن الله تبارك وتعالى أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم ما لَم يُعطِ نَبِيًّا قَبلَه ، وأعطى أمّته ما لم يُعطِ أمّة قبلها ، وهو دالّ على مَنْزِلَة نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم ، وعلى كَرَامة هذه الأمّة على الله إذا هي تَمَسّكَت بِدِين الله ، وما أهون الخَلْق على الله إذا هُم تركوا أمره . https://static.xx.fbcdn.net/images/e...1/16/1f518.png قال ابن كثير : التَّنْبِيهُ عَلَى ذِكْرِ مُعْجِزَاتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُمَاثِلَةٍ لِمُعْجِزَاتِ جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ ، أَوْ أَعْلَى مِنْهَا ، خَارِجًا عَمَّا اخْتَصَّ بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ قَبْلَهُ مِنْهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلامُ . 🔸 فَمِنْ ذَلِكَ : الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ، فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ عَلَى الآبَادِ ، وَلا يَخْفَى بُرْهَانُهَا ، وَلا يَنْخَفِضُ شَأْنُهَا ، وَقَدْ تَحَدَّى بِهِ الثَّقَلَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ أَوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ أَوْ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ، فَعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ . وَفي الْحَدِيث الْمُتَّفَق عَلَى إِخْرَاجِهِ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ وَقَدْ أُوتِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَدْ أُوتِيَ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ مَا يَقْتَضِي إِيمَانَ مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِن أُولِي الْبَصَائِرِ وَالنُّهَى ، لا مِنْ أَهْلِ الْعِنَادِ وَالشَّقَاءِ ، " وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ " ، أَيْ : جُلُّهُ وَأَعْظَمُهُ وَأَبْهَرُهُ : الْقُرْآنُ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّهُ لا يَبِيدُ وَلا يَذْهَبُ كَمَا ذَهَبَتْ مُعْجِزَاتُ الأَنْبِيَاءِ وَانْقَضَتْ بِانْقِضَاءِ أَيَّامِهِمْ فَلا تُشَاهَدُ ، بَلْ يُخْبَرُ عَنْهَا بِالتَّوَاتُرِ أَوِ الآحَادِ ، بِخِلافِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ ، مُسْتَمِرَّةٌ دَائِمَةُ الْبَقَاءِ بَعْدَهُ ، مَسْمُوعَةٌ لِكُلٍّ مَنْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ . 🔹 وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ مُعْجِزَاتٌ لِلأَنْبِيَاءِ ؛ لأَنَّ الْوَلِيَّ إِنَّمَا نَالَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ لِنَبِيِّهِ ، وَثَوَابِ إِيمَانِهِ بِهِ . قال ابن كثير : قال شيخنا العلامة أبو المعالي محمد بن علي الأنصاري ابن الزّمْلَكَاني - ومِن خطّه نَقَلتُ - : وبيان أن كُلّ مُعجِزة لِنَبِيّ فَلِنَبِيّنا صلى الله عليه وسلم مِثلها أو أتَمّ ، يَستدعي كلاما طويلا وتفصيلا لا يَسَعه مجلّدات عديدة ، ولكن نُنَبّه بالبعض على البعض ، فلنذكر جلائل مُعجزات الأنبياء عليهم السلام . |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (22) القول فيما أُوتِي نوح عليه السلام : 🔘 فمِنها نجاة نوح في السفينة بالمؤمنين ، ولا شك أن حَمْل الماء للناس مِن غير سفينة أعظم مِن السلوك عليه في السفينة . 🔘 وفي قِصة العلاء بن الحضرمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك . قال سَهم بن مِنْجَاب: غَزونا مع العَلاء بن الحضرمي دَارِين ، فَدَعا بثلاث دعوات فاستُجِيبَت له ، فَنَزَلْنا مَنْزلا فَطَلب الماء فلم يَجده ، فقام فصلى ركعتين وقال : اللهم إنا عَبِيدك ، وفي سبيلك ، نُقَاتِل عدوك ، اللهم اسْقِنا غَيثًا نتوضأ به ونَشْرَب ، ولا يكون لأحدٍ فيه نَصيب غيرنا . فَسِرنا قليلا فإذا نحن بماء حين أقلعت السماء عنه ، فتوضأنا منه وتَزَوّدْنا ، ومَلأتُ إدَاوتي وتَرَكْتُها مَكانها حتى أنظر هل استُجِيب له أم لا ؟ فَسِرْنا قليلا ثم قلت لأصحابي : نَسيتُ إدَاوتي ! فَرَجَعت إلى ذلك المكان فكأنه لم يُصبه ماء قط . ثم ِسِرنا حتى أتينا دَارِين والبحر بيننا وبينهم ، فقال : يا عَليم يا حَليم يا عليّ يا عظيم ، إنا عَبيدك ، وفي سبيلك ، نُقَاتِل عدوّك ، اللهم فاجْعل لنا إليهم سبيلا . فَدَخَلنا البحر فلم يبلغ الماء لُبُودَنا ، ومَشَينَا على مَتْن الماء ولم يَبْتَلّ لنا شيء . وذكر بقية القصة . 🔸قال : فهذا أبلغ مِن رُكوب السفينة ؛ فإن حَمْل الماء للسفينة مُعتاد . 🔸وأبلغ مِن فَلْق البحر لموسى ؛ فإن هناك انحسر الماء حتى مَشَوا على الأرض ، فالْمُعْجِز انحسار الماء ، وها هنا صار الماء جَسَدا يَمْشُون عليه كالأرض ، وإنما هذا منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبَرَكَته . 🔹 قصة أخرى شَبِيهة بذلك : رَوى البيهقي من طريق أبي النّضْر عن سليمان بن المغيرة أن أبا مُسلم الخولاني جاء إلى دِجْلة وهي تَرمي الخشب مِن مَدّها ، فَمَشَى على الماء ، والْتَفَت إلى أصحابه وقال : هل تَفقدون مِن مَتَاعِكم شيئا ؟ فنَدعو الله تعالى . ثم قال : هذا إسناد صحيح . ثم أوْرد ابن كثير أمثلة أخرى ، ثم قال : 🔸 فهذه الكرامات لهؤلاء الأولياء هي مِن مُعجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما تَقدّم تقريره ؛ لأنهم إنما نَاُلوا ذلك بِبَرَكة مُتَابَعته ، ويُمْن سِفَارته ، إذْ فيها حُجّة في الدِّين ، وحاجَة أكيدة للمسلمين ، وهي مُشابِهة لِمُعجِزة نوح عليه السلام في مَسِيرِه فوق الماء بالسفينة التي أمَرَه الله تعالى بِعَمَلها ، ومُعجزة موسى عليه السلام في فَلْق البَحر ، وهذه فيها ما هو أعجب من ذلك مِن جهة مَسيرهم على مَتن الماء مِن غير حائل حامِل ، ومِن جِهة أنه ماء جارٍ والسير عليه أعجب مِن السير على الماء القارّ الذي يُجاز ، وإن كان ماء الطوفان أطمّ وأعظم، فهذه خارق ، والخارق لا فَرق بين قليله وكثيره ، فإن مَن سَلَك على وجه الماء الخضَمّ الجارِي العَجَاج ، فلم يَبْتَلّ مِنه نِعال خيولهم ، أو لم يَصِل إلى بطونها ، فلا فَرق في الخارق بين أن يكون قامَة أو ألف قامَة ، أو أن يكون نهرا أو بحرا ، بل كونه نهرا عَجَاجا كالبَرق الخاطِف والسيل الجارِف : أعظم وأغرب . |
تنتشر رسالة تُنسَب لابن تيمية رحمه الله ، وتُنسَب لابن رجب أيضا رحمه الله ، وفيها :
إذا وافقت ليلة الجمعة ليلة وِتر فهي أرْجَى مِن غيرها في ان تكون ليلة القدر . وهذا القول لَم أره في كُتب شيخ الإسلام ابن تيمية . وقد نَقَل ابن رجب في " لطائف المعارف " عن ابن هبيرة قوله : وإن وقع في ليلة من أوتار العشر ليلة جمعة فهي أرجى من غيرها . ثم قال : واعلم أن جميع هذه العلامات لا تُوجِب القَطْع بِلَيْلَة القَدْر . اهـ . وتنتشر رسالة بعنوان : الإعجاز العددي في سورة القَدر، واعتبار ليلة القدر هي ليلة 27 باعتبار عدد كلمات سورة القَدر قال ابن عطية في تفسير سورة الفاتحة بعد أن ذكر قولا حول عدد حروف البسملة : وهذه مِن مُلح التفسير ، وليست من مَتين العِلم ، وهي نظير قولهم في ليلة القدر : إنها ليلة سبع وعشرين ، مُراعاة لِلَفظة (هي) في كلمات سورة (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) وسبق : كيف يتوافق وجود ليلة القدر في الأقطار العربية مع اختلاف الليالي بينها ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6493 |
سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (23) القول فيما أُوتِي هود عليه السلام : قال أبو نعيم ما معناه : إن الله تعالى أهلَك قومه بالرِّيح العقيم ، وقد كانت رِيح غَضَب ، ونَصَر الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بالصَّبَا يوم الأحزاب ، كما قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) . القول فيما أُوتِي صالح عليه السلام : قال أبو نعيم : فإن قيل : فقد أخرَج الله لِصَالح ناقة مِن الصّخْرة جَعَلها الله له آية وحُجّة على قومه ، وجَعَل لها شِرب يوم ولهم شِرب يوم معلوم . قلنا : وقد أعطى الله محمدا صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ، بل أبلغ ؛ لأن ناقة صالح لم تُكلّمه ولم تشهد له بالنبوّة والرسالة ، ومحمد صلى الله عليه وسلم شَهِد له البَعير النادّ بالرِّسالة ، وشَكى إليه ما يَلْقَى مِن أهلِه ، مِن أنهم يُجِيعونه ويُدْئِبُونَه .. وثبت الحديث في الصحيح بتسليم الْحَجَر عليه قَبل أن يُبْعَث ، وكذلك سَلام الأشجار والأحجار والْمَدَر عليه حين بُعِث صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين . (البداية والنهاية) |
الساعة الآن 04:24 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى