![]() |
هذا عفو مَخلُوق وعَطاؤه ، فكيف بِعفْو العَفو العظيم ، وعَطاء ذِي الْجَلال والإكْرام ؟
💎 أسَرَ مُصعب بن الزبير رَجُلاً ، فأمَر بِضَرْبِ عُنُقِه ، فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ، ما أقْبَح بِمِثلِي أن يَقوم يوم القيامة فيَتَعَلّقَ بِأطْرَافِك الْحَسَنَة ، وبِوَجْهك الذي يُستَضَاء بِه ، فأقول : يا ربّ ، سَلْ مُصْعَبا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ فقال مُصعب : يا غُلام ، اعْفُ عنه ، فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ، إن رأيتَ أن تَجعَل ما وَهبْتَ لي مِن حياتي في عَيش رَخِيّ ، قال : يا غُلام ، أعطِه مائة ألْف ، فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ، فإني أُشْهِد الله وأشْهِدك أني قد جَعَلتُ لابن قَيْس الرّقَيّات منها خَمسِين ألفًا ، فقال له مًصعب : ولِمَ ؟ قال الرّجُل : لِقَولِه فِيكَ : إنما مُصعب شِهاب مِن الله *** تَجَلّت عن وَجْهِه الظّلْمَاء رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وابن الجوزي في " الْمُنتَظَم " . 🔵 إذا كان هذا التّذَلُّل لِمَخْلُوقٍ أدّى إلى العَفْو عنه ، وإكْرَامِه ، فكيف بِمَن تَذَلَّل لأكرَمِ الأكْرَمِين ، وأرحَمِ الرّاحمين سبحانه وتعالى ؟! 📚 قال ابن كثير رحمه الله : وَقَدْ كَان مُصْعَبٌ مِنْ أجْوَدِ النَّاسِ وَأكْثَرِهِمْ عَطَاء ، لا يَسْتَكْثِرُ مَا يُعْطِي وَلَوْ كَانَ مَا عَسَاهُ أنْ يَكُونَ ; فَكَانَتْ عَطَايَاهُ لِلْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَالْوَضِيعِ وَالشَّرِيفِ مُتَقَارِبَة . وَقِيل : إنّ أخَاهُ عَبْدَ اللّه كَان إذَا كَتَب لأحَدٍ جَائِزَةً بِأَلْفِ دِرْهَم جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مِائَة ألْف دِرْهَم . (البداية والنهاية) |
قال : " عسى " .. فتَحقّق له جَمِيل الرّجاء
💎 قال خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) فَلَم يكن شَقِيّا ، فقد رَزَقه الله المال والوَلَد على كِبَر ، ونَجّاه الله مِمّا يَخاف ويَحذَر . 💎 وقال نَبِيّ الله يعقوب عليه الصلاة والسلام : (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا) فجَمَع الله شَمْلَهم .. 💎 وقال نَبِيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام : (عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) فأدرَك مأمَنَه ومُتْعَتَه .. 💎 وقال المؤمن لِصاحِبِه الكافر : (فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا) فَكَانت العاقبة للمؤمِن : (هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) 💡 قال الزمخشري : ويَجوز أن يكون المعنى : هُنَالِك الوَلاية لله يَنصُر فيها أولياءه المؤمنين على الكَفَرة ، ويَنْتَقِم لَهم ، ويَشفِي صُدُورَهم مِن أعدائهم ، يَعنِي : أنه [تعالى] نَصَر فيما فَعَل بِالكَافر أخَاه المؤمِن ، وصَدّق قوله : (فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ) ، ويَعضُدُه قَوله : (خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) أي : لأوْلِيائه . (تفسير الكشّاف) 🔘 وقال أصحاب الْبُسْتَان الْمُشْتَمِلِ على أنواع الثّمَار : (عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) ، فأبدَلَهم الله خَيرًا منها . 💎 قال ابن مسعود رضي الله عنه : بَلَغَنِي أنّ الْقَوْم أخْلَصُوا وَعَرَف اللّهُ مِنْهُم الصِّدْقَ فَأبْدَلَهُم بِها جَنَّةً يُقَال لَهَا : الْحَيَوَانُ ، فِيهَا عِنَبٌ يَحْمِلُ الْبَغْلُ مِنه عُنْقُودًا وَاحِدًا . (مَعالِم التّنْزِيل : تفسير البغوي) وقال مُجَاهِد : تَابُوا فأبْدِلُوا خَيْرًا مِنْها . (البَحر الْمُحِيط ، لأبي حَيّان) ✍ مَن لَهِجَ بـ (عسى) مع صِدْق الرجاء نَالَ الْمُنَى عَسَى فَرَجٌ يَكُونُ عَسَى ... نُعَلِّلُ أنْفُسًا بِعَسَى وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْمَرْ ... ءُ مِن فَرَجٍ إِذَا يَئِسَا (الفرج بعد الشدة ، لابن أبي الدنيا) يا خَفِيّ الألطاف نَجِّنا مِمّا نَحذَر ونَخَاف |
إذا كُنت مُخاصِما ؛ فكُن تَقِيّا ، وإيّاك والفُجُور في الْخُصُومَة ؛ فإن الفُجُور في الْخُصُومَة مِن صِفَات الْمُنافِقِين
⭕️ قيل لعبد الملك بن مروان ، وهو يُحَارِب مُصْعَبًا [أي: مُصعب بن الزبير] : إن مُصْعَبًا قد شَرِب الشّرَاب ، فقال عبد الملك : مُصعب يَشْرَب الشّرَاب ؟! والله لو عَلِم مُصْعَب أن الماء يُنقِص مِن مُرُوءته ما رَوى منه . رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " . ✅ قال عبد الملك بن مروان يوما لِجُلَسائه : مَن أشجَعُ العَرب ؟ فقالوا : شَبِيب ، قَطَرِيّ بن الْفُجَاءة ، فُلان ، فُلان ، فقال عبد الملك : إن أشجَعَ العَرَب لَرَجُلٌ جَمَع بَيْن سُكَيْنة بنت الْحُسين ، وعائشة بنت طَلْحة ، وأمَة الْحَميد بنت عبد الله بن عامر بن كُرَيْز ، وأُمّه رَبَاب بنت أُنَيْف الكَلبي سيّد ضَاحِية العَرب ، ووَلي العِرَاقَيْن خَمْسَ سِنِين ، فأصَابَ ألْفَ ألْف ، وألْفَ ألْف ، وألْفَ ألْف ، وأُعطِي الأمَان فأبَى ، ومَشَى بِسَيْفِه حتى مات ؛ ذلك مصعب بن الزّبَيْر ، لا مَن قَطَع الْجُسُور مَرّة ههنا ، ومَرّة ههنا . رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وابن الجوزي في " الْمُنتَظَم " . 🔴 ولَمّا وُضِع رأس مصعب بن الزبير بين يَدَي عبد الملك بن مروان ، قال : لقد أردَى الفَوارِس يوم عَبسٍ *** غُلامًا غَيرَ مَنّاعِ الْمَتَاعِ ولا فَرِحٍ بِخيرٍ إن أتَاه *** ولا هَلِعٍ مِن الْحَدَثان لاعِ ولا وَقّافَةٍ والْخَيْلُ تَعدُو *** ولا خَالٍ كأنْبُوبِ اليَرَاعِ فقال الذي جاءه بِرَأسِه : والله يا أمير المؤمنين ، لو رَأيتَه والرّمْح في يَدِه تارَة ، والسّيف تارَة ، يَضرِب بهذا ، ويَطعَن بهذا ؛ لَرَأيت رَجُلا يَملأ القَلبَ والعينَ شَجَاعةً وإقدَاما، ولكنه لَمّا تَفَرّقَت رِجَاله ، وكَثُر مَن قَصَدَه ، وبَقِي وَحْده ، ما زال يُنشِد : وإني على المكرُوه عند حُضُورِه *** أُكَذِّب نفسِي والْجُفُون لَهُ تُغضِي وما ذاك مِن ذُل ولكن حَفِيظةً *** أذُبّ بها عندَ الْمَكارِم عن عِرضِي وإني لأهَلِ الشّرِّ بِالشّرِّ مُرصِدٌ *** وإني لِذِي سِلْمٍ أذلّ مِن الأرضِ فقال عبد الملك : كان والله كمَا وَصَف نفسَه وصَدَق ، ولقد كان مِن أحَبِّ الناس إليّ ، وأشدِّهم لي إلْفًا ومَوَدّة ، ولكن الْمُلْكَ عَقِيم . رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " . ⚫️ ولَمّا قُتِل مصعب بن الزبير خَرَجَت سُكَيْنَة [زوجته] تَطلُبُه في القَتْلى ، فعَرَفَته بِشَامَةٍ في فَخِذِه فأكَبّت عليه ، فقالت : يَرحَمُك الله ، نِعْم والله حَلِيل الْمُسْلِمة كُنتَ ، أدْرَكَك والله ما قال عَنتَرة : وَحَلِيل غَانِيَةٍ تَرَكْتُ مُجَدّلاً *** بِالْقَاعِ لَم يَعْهَد وَلَمْ يَتَثَلّمِ فَهَتَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ إهَابَه *** لَيْس الْكَرِيم عَلَى الْقَنَا بِمُحَرّمِ رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " . |
أكثَرُ خَوْفِ الناس ليس بِكائن !
📌 كم تَخَوّف الناس مِن وُقوع حُرُوب ، أو نُزول بلاء ، أو حُصول فَقْر .. وهذه أشياء مُستقبَلِيّة ، والْمُستقبَل غَيْب ! والثّقَة بالله طُمأنِينة وكثير مِن الناس يَشتَغِل بِما ضُمِن لَه ، عَمّا أُمِرَ بِه . 💡 أمَا ضُمِن لك الرّزق وأنت في الظّلُمَات ؟ أمَا أتَيْت هذه الدنيا عَارِيا ؟ 💎 قال عِيسَى ابْن مَريم عليه الصلاة والسلام : إنّ ابْنَ آدَم خُلِق فِي الدّنيَا فِي أرْبَع مَنَازِل ، هُوَ فِي ثَلاثٍ مِنْهُنّ بِاللّهِ وَاثِق ، حَسَنٌ ظَنّه فِيهِنّ بِرَبّه ، وَهُوَ فِي الرّابِع سَيّئ ظَنّه بِرَبّه ، يَخَاف خِذْلان اللّهِ تَعَالى إيّاه . فَأمّا الْمَنْزِلَةُ الأُولَى : فَإنّه خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمّه خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْق فِي ظُلُمَات ثَلاث : ظُلْمَة الْبَطْن ، وَظُلْمَة الرَّحِم ، وَظُلْمَة الْمَشِيمَة ، يُنَزّل اللّه تَعَالى عَلَيه رِزْقَه فِي جَوْف ظُلْمَة الْبَطْن ، فَإذا خَرَج مِن الْبَطْن وَقَع فِي اللّبَن لا يَخْطُو إلَيه بِقَدَم ، وَلا يَتَنَاوَلُه بِفَم ، وَلا يَنْهَض إلَيه بِقُوّة ، وَلا يَأْخُذُه بِحِرْفَةٍ حَتى يَنْبُت عَلَيه عَظْمُه ، وَلَحْمُه , وَدَمُه ، فَإذَا ارْتَفَعَ عَن اللّبَن ، وَقَع فِي الْمَنْزِلَة الثّالِثَة ، فِي الطّعَامِ بَيْن أبَوَيْه يَكْتَسِبَان عَلَيه مِن حَلال وَحَرَام ، فَإن مَاتَ أبَوَاه عَن غَيْر شَيء تَرَكَاه ، عَطَف عَلَيه النّاس، هَذَا يُطْعِمُه وَهَذا يَسْقِيه ، وَهَذا يُؤْوِيه ، فإذَا وَقَعَ فِي الْمَنْزِلَة الرّابِعَة ، فَاشْتَدّ وَاسْتَوَى ، واجتمع عليه ، وَكَان رَجُلا : خَشِي أنْ لا يَرْزُقَه اللّه تَعالى ، فَوَثَب عَلَى النّاسِ يَخُون أمَانَاتِهِم ، وَيَسْرِق أمْتِعَتَهُم ، وَيَخُونُهُم عَلى أمْوَالِهِم مَخَافَة خِذْلان اللّه تَعَالى إيّاه . (القناعة والتّعَفّف ، لابن أبي الدنيا ، وتاريخ دِمشق ، لابن عساكر) 🔵 قال ابن القيم رحمه الله : خَرَجْتَ فَريدًا وَحِيدًا ضَعيفًا ، لا قِشْرةَ ولا لِبَاسَ ، ولا مَتَاعَ ولا مال ، أحْوجَ خَلْقِ الله وأضعفَهم وأفْقَرَهم . فَصُرِف ذلك اللّبَنُ الذي كنت تَتَغذّى به في بَطْن أُمّك إلى خِزَانَتَيْن مُعَلّقَتَيْن على صَدْرها ، تَحمِلُ غذاءك على صَدْرها كمَا حَمَلتْك في بَطنِها ، ثمّ سَاقَه إلى تلك الْخِزَانَتَيْن ألْطَفَ سَوْقٍ في مَجارٍ وطُرُقٍ قد تَهيَّأت له ، فلا يَزالُ وَاقِفًا في طُرُقِه ومَجَارِيه حتى تَستَوفِي ما في الْخِزَانَتَيْن ، فيَجرِي ويَنسَاقُ إليك ، فهو بِئرٌ لا تَنقَطِعُ مادّتُها ، ولا تَنسَدّ طُرُقُها ، يَسُوقُها إليك في طُرُقٍ لا يَهتَدِي إليها الطّوّاف ، ولا يَسْلُكُها الرّجَال . فمَن رقّقه لك وَصَفّاه ، وأطَابَ طَعمَه ، وحَسّن لَونَه ، وأحكَمَ طَبْخَه أعدَل إحكَام ؛ لا بِالْحَارّ الْمُؤذِي ، ولا بِالبَارِد الْمُردِي ، ولا الْمُرّ ولا الْمَالِح ، ولا الكَرِيه الرَائحَة ، بل قَلَبَه إلى ضَرْبٍ آخَرَ مِن التّغذِية والْمَنْفَعَة خِلاف ما كان في البَطْن ، فَوَافَاك في أشدّ أوقات الحاجة إليه ، على حِين ظمأٍ شديدٍ وجُوعٍ مُفْرِط ، جَمَعَ لك فيه بَيْن الشّرَاب والغِذاء ؟! (مفتاح دار السعادة) 🔦 لَعَمْرُك مَا الْمَكْرُوه مِن حَيْثُ تَتّقِي *** وتَخشَى وَلا الْمَحبُوب مِن حَيْثُ تَطمَعُ وَأكْثر خَوفِ النّاس لَيْسَ بكائنٍ *** فَمَا دَرَكُ الْهَمّ الذِي لَيْسَ يَنَفَعُ ؟! (الفَرَج بعد الشّدّة ، للتنوخي) |
شَمَاتَة الأعداء مُؤلِمَة
مِمّا تَحَاشَاه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام : شَمَاتَة الأعداء . ⚫️ قال الْحَسَن الصري : مَكَثَ أيّوبُ عليه الصلاة والسلام سَبْعَ سِنِينَ يَمُرُّ بِه الرّجُلُ فَيُمْسِكُ عَلى أنْفِه ، حَتى مَرّ بِه رَجُلان فقالاَ : لَو كَان لِلّه فِي هَذَا حَاجَةٌ لَمَا بَلَغ هَذا مِنه ، فَعِنْد ذَلِك قال : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) . رواه ابن أبي الدنيا في " الصبر والثواب عليه " . 🔶 وقال نَبِيّ الله هارون لأخِيه مُوسى عليهما الصلاة والسلام : (فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ) 🔷 ومِن دُعاء عيسى عليه الصلاة والسلام : اللهُمّ لا تُشْمِت بِي عَدُوِّي ، وَلا تَسُؤْ بِي صَدِيقِي ، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي ، وَلا تُسَلَّطْ عَلَيّ مَن لا يَرْحَمُنِي . رواه الإمام أحمد في " الزُهد " والبيهقي في " شُعَب الإيمان " . وكان نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم يتعوّذ بالله مِن شَمَاتَة الأعداء . 💎 ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : تَعَوّذُوا بِاللّه مِن جَهْد البَلاَء ، وَدَرَك الشّقَاء ، وَسُوء القَضَاء ، وَشَمَاتَة الأَعْدَاء . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية : كَانَ يَتَعَوّذ مِن سُوءِ الْقَضَاء ، وَمِن دَرَك الشّقَاء ، وَمِن شَمَاتَة الأعْدَاء . 🔹 قال ابن بطّال : شَمَاتَة الأعداء مِمّا يَنْكَأُ القَلْب ، ويَبلُغُ مِن النّفْس أشَدّ مَبْلَغ ، وهذه جَوامِع يَنبَغي للمُؤمِن التعوّذ بِالله منها ، كما تَعوّذ النبي صلى الله عليه وسلم ... وذُكِر عن أيوب صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عن أيّ حَال بَلائه كان أشدّ عليه ؟ قال : شَمَاتَة الأعداء . أعاذنا الله مِن جَميع ذلك بِمَنّه وفَضلِه . (شرح صحيح البخاري) 🔸 وقال النووي : شَمَاتَة الأعْدَاء هِي : فَرَحُ الْعَدُوّ بِبَلِيّةٍ تَنْزِلُ بِعَدُوّه . (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجّاج) 💎 وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو : اللهم احفَظنِي بِالإسلام قائما ، واحفَظنِي بِالإسلام قاعِدا ، واحفَظنِي بِالإسلام رَاقِدا ، ولا تُشْمِت بي عَدُوا ولا حَاسِدا ، اللهم إني أسألك مِن كُل خَير خَزَائنه بِيدِك ، وأعُوذ بِك مِن كُلّ شَرّ خَزَائنه بِيدِك . رواه الطبراني في " الدعاء " والحاكم وصححه ، ومِن طريقِه : رواه البيهقي في " الدعوات الكبير" . وحسّنه الألباني بِمَجمُوع طُرُقه . 💎 ومِن هذا الباب : استِعاذَتُه صلى الله عليه وسلم مِن خِزي الدنيا . فقد كان مِن دعائه صلى الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ أحْسِنْ عَاقِبَتَنا فِي الأمُورِ كُلِّهَا ، وَأجِرْنا مِن خِزْيِ الدّنيا ، وَعَذَابِ الآخِرَة . رواه الإمام أحمد وابن أبي عاصم في " الزهد " وابن حِبّان والحاكم . اللهم إنّا نعوذ بِك مِن شَمَاتَة الأعداء . اللهم لا تُشمِت بِنا عَدُوّا ولا حاسِدا . |
غَيْرَة الله وتأدِيبُه لِعِبادِه المؤمنين
💎 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ اللهَ يَغَار ، وَإنّ الْمُؤْمِن يَغَار ، وَغَيْرَة الله أنْ يَأتِي الْمُؤْمِن مَا حَرّمَ الله عَلَيه . رواه البخاري ومسلم . 🔵 قال ابن القيم : والله سبحانه وتعالى يَغَار على قَلْب عَبدِه أن يَكون مُعَطّلاً مِن حُبِّه وخَوفِه ورَجائه ، وأن يكون فِيه غَيرُه ؛ فالله سبحانه وتعالى خَلَقَه لِنفْسِه ، واختَارَه مِن بَيْن خَلْقِه .. ويَغَار على لِسَانه أن يَتَعَطّل مِن ذِكْرِه ، ويَشتَغِل بِذِكْر غَيرِه . ويَغَار على جَوَارِحِه أن تَتَعَطّل مِن طَاعتِه ، وتَشتَغِل بِمَعصِيتِه ؛ فيَقْبُح بِالعَبد أن يَغَار مَوْلاَه الْحَقُّ على قَلبِه ولِسَانِه وجَوَارِحه ، وهو لا يَغَار عليها . وإذا أراد الله بِعبدِه خَيرا سَلَّط على قَلْبه - إذا أعرَض عنه واشتَغل بِحُبّ غَيرِه - أنواع العَذاب حتى يَرجِع قَلبه إليه . وإذا اشْتَغَلَت جَوارِحه بِغير طاعَتِه ابْتَلاها بِأنْواع البلاء . وهذا مِن غَيْرَتِه سبحانه وتعالى على عَبْده . وكمَا أنه سبحانه وتعالى يَغَار على عَبدِه المؤمِن ، فهو يَغَار لَه ولِحُرْمَتِه ، فلا يُمَكِّن الْمُفْسِد أن يَتَوَصّل إلى حُرْمَتِه غَيْرَةً مِنه لِعبدِه ، فإنه سبحانه وتعالى يَدْفع عن الذين آمنوا ، فيَدفَع عن قُلُوبِهِم وجَوَارِحهم وأهْلِهِم وحَرِيمِهِم وأمْوالِهم ، يَتَولّى سبحانه الدّفْع عن ذلك كُلِّه غَيرَةً مِنه لهم ، كَمَا غَارُوا لِمَحَارِمِه مِن نُفُوسِهم ومِن غَيرِهم . والله تعالى يَغَار على إمائه وعَبِيدِه مِن الْمُفْسِدِين شَرْعًا وقَدَرًا ، ومِن أجْل ذلك حَرَّم الفَوَاحِش ... ومِن غَيْرَتِه سبحانه وتعالى : غَيرَتُه على تَوحِيده ودِينِه وكَلامِه أن يَحظَى بِه مَن ليس مِن أهلِه ، بَل حالَ بَينَهم وبَينَه غَيرَةً عليه ، قال الله تعالى : (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا) . (رَوْضَة الْمُحِبِّين) 🔹 وقال رحمه الله : [الله] يُؤدّب عبده المؤمِن الذي يُحبّه وهو كريم عنده بِأدْنى زَلّة وهَفْوة ، فلا يزال مُستيقِظا حَذِرا . (زاد المعاد بِتصرّف يسير) |
تَهْوِين الْمُصَاب والألَم
💎 قال عبد العزيز بن أبي رَوّاد : رأيت في يَدِ محمد بنِ واسِع قُرْحَة ، فكأنه رأى ما قد شَقّ عليّ مِنها ، فقال لي : تَدرِي ماذا لله عليّ في هذه القُرْحة مِن نِعمَة ؟ قال : فَسَكَتّ . قال : حيث لَم يَجْعَلها على حَدَقَتِي ، ولا على طَرَف لِسَانِي .. قال : فَهَاَنت عليّ قُرْحَته . رواه أبو نُعيم في " حِلْيَة الأولياء " ، ومِن طَريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " . 📚 قال ابن القيم رحمه الله في تَهْوِين الْمُصِيبَة : أنْ يَعْلَم أنّ الذِي ابْتَلاه بِها أحْكَمُ الْحَاكِمِين ، وَأرْحَم الرّاحِمِين ، وَأنّه سُبْحَانَه لَم يُرْسِل إلَيه الْبَلاء لِيُهْلِكَه بِه ، وَلا لِيُعَذّبَه بِه ، وَلا لِيَجْتَاحَه ، وَإنّما افْتَقَدَه بِه ؛ لِيَمْتَحِن صَبْرَه وَرِضَاه عَنه وَإِيمَانَه ، وَلِيَسْمَعَ تَضَرّعَه وَابْتِهَالَه ، وَلِيَرَاهُ طَرِيحًا بِبَابِه ، لائِذًا بِجَنَابِه ، مَكْسُور الْقَلْب بَين يَدَيه ، رَافِعًا قَصَصَ الشَّكْوَى إلَيه . قَالَ الشيخ عبد القادر : يَا بُنَيّ إنّ الْمُصِيبَة مَا جَاءَت لِتُهْلِكَك ، وَإنّما جَاءَت لِتَمْتَحِن صَبْرَك وَإِيمَانك . (زاد المعاد) انظُر إلى الموجود قَبْل أن تَنظُر إلى المفقُود . 📹 محاضرة شُكر الموجود https://www.youtube.com/watch?v=eZSfavsJhDE 📽 قصة الرجُل الذي لم يبقَ له إلاّ لِسَانه https://www.youtube.com/watch?v=S4H3mkf2ZjQ 🎥 تُقطع رجله ويموت ابنه ، ويحمد الله على ذلك https://www.youtube.com/watch?v=UAQ4r26eMEE |
أعظَم ركائز الحياة : الأمْن والإيمان
قال الله عزّ وجَلّ : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) 🟢 قال شيخنا العلاّمة العثيمين رحمه الله : هذه الآية فيها قَسَم مِن الله عزّ وَجَلّ أن يَختَبِر العِباد بهذه الأمور . فقوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) أي : لَنَخْتَبِرَنّكم . (بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) (الْخَوْفِ) هو فَقْد الأمْن ، وهو أعظَم مِن الْجُوع ، ولهذا قَدّمه الله عليه ، لأن الإنسان الجائع ربّما يَتَعَلّل ويَذهَب يَطلُب ، ولو كان لِحَاء شَجَر ، لكن الخائف والعياذ بِالله لا يَستَقِر لا في بَيتِه ولا في سُوقِه ، وأخْوَف ما نَخَاف مِنه ذُنُوبنا ؛ لأن الذّنُوبَ سَبَبٌ لِكُلّ الوَيْلات ، وسَبَب الْمَخَاطِر والْمَخَاوِف والعُقُوبات الدّينية والدنيوية . (وَالْجُوعِ) أي : يُبْتَلَى بِالْجُوع . والْجُوع يَحْمِل مَعْنَيَين : المعنى الأول : أن يُحدِث الله سبحانه في العباد وبَاءً ، هو وبَاء الْجُوع ، بَحيث يَأكُل الإنسان ولا يَشبَع ، وهذا يَمُرّ على الناس ، وقد مَرّ بهذه البلاد سَنَة مَعرُوفة عند العامة تُسمّى : سَنَة الْجُوع : يأكُل الإنسان الشيء الكثير ولكنه لا يَشبَع ، والعياذ بالله أبدا ... النوع الثاني : الْجَدْب والسّنِين الْمُمْحِلَة التي لا يَدُرّ فيها ضَرْع ، ولا يَنمُو فيها زَرْع . هذا مِن الْجُوع . (شرح رياض الصالحين) 🟤 وقُدِّم الأمْن على الإيمان ؛ لأن الأمَن حِماية للإيمان ، فقال الله عزّ وجَلّ : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) والأمْر بالمعروف والنّهي عن المنكَر أعَمّ مِمّا يَفهَمه كثير مِن الناس ! 🕯 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وَوَلِيُّ الأمْرِ إنّمَا نُصِّبَ لِيَأْمُرَ بِالْمَعْرُوف وَيَنْهَى عَن الْمُنْكَر ، وَهَذا هُو مَقْصُودُ الْوِلايَة ... إلى أن قال : وصَلاح الْعِبَادِ بِالأمْر بِالْمَعْرُوف وَالنّهْي عَن الْمُنْكَر ؛ فَإنّ صَلاحَ الْمَعَاشِ وَالْعِبَادِ فِي طَاعَةِ اللّه وَرَسُولِه صلى الله عليه وسلم ، وَلا يَتِمُّ ذَلِك إلاّ بِالأمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنّهْي عَنْ الْمُنْكَر ، وَبِهِ صَارَت هَذِه الأُمّةُ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاس . (مجموع الفتاوى) 🕋 وقد امْتَنّ الله تبارك وتعالى على قُريش بِنِعمَةِ الأمْن ، فقال : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) وقُدِّم الإطعام هُنا على الأمْن – والله أعلم – لأن مكة دار أمْن ، لا خوْف فيها ، وإنما يَعتَريها الْجُوع ؛ لأنها وادٍ غير ذِي زَرْع ! 🌾 ولذلك دَعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بالسِّنِين ، فقال : اللّهُمّ اشْدُدْ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرَ ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِينَ كَسِنِي يُوسُف . رواه البخاري ومسلم . ✍ هل يمكن أن يَمَلّ الإنسان مِن الأمْن والأمان ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7855 |
استعاذ بِالله مِن الْجُوع ، وأخرَجَه الْجُوع
استعاذ بِالله مِن الفَقْر ، وأصابَه الفَقْر وسأل الله الأمَن يَوْم الْخَوْف ، وأخافَهُم الْمُشرِكُون يوم الأحزاب . 🔸 استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِالله مِن الْجوع ، وأخرَجَه الْجُوع يومًا مِن بيتِه ، وليس معنى هذا أنه لا يُصيبه الْجُوع . 💎 فَفِي استِعَاذَاتِه صلى الله عليه وسلم : اللّهُمّ إنّي أعُوذُ بِك مِن الْجُوع ، فَإنّه بِئْس الضّجِيع . رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط . 💎 وكان يَمُرّ به صلى الله عليه وسلم الشّهْر والشّهْرَان وَمَا أُوقِد فِي أبْيَاته صلى الله عليه وسلم نَار . كما في الصحيحين . 🔶 وقالت عائشة رضي الله عنها : ما شَبِع آلُ محمد صلى الله عليه وسلم مُنذ قَدِم المدينة مِن طَعام البُرّ ثلاث ليالٍ تِبَاعًا حتى قُبِض . رواه البخاري ومسلم . وكذلك بِالنّسبَة للفَقْر ، فَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم استَعَاذ بِالله مِن الفَقْر ، وسأل الله أن يُحيِيَه مِسكِينا ، ويُمِيتَه مسكِينا ، ويَحشُرَه مع زُمرة المساكين . 🔵 قال ابن عبد البر : وَأمّا قَوْلُه صلى الله عليه وسلم : " أغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ " ، مَعَ قَوْلِه عليه الصلاة والسلام : " اللّهُمّ أحْيِنِي مِسْكِينًا ، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَة الْمَسَاكِينِ ، وَلا تَجْعَلْنِي جَبَارًا شَقِيّا " ؛ فَإنّ هَذا الْفَقْرَ هُو الذِي لا يُدْرَكُ مَعَه الْقُوّةُ وَالْكَفَاف ، وَلا يَسْتَقِرُّ مَعَه فِي النّفْسِ غِنًى ؛ لأن الغِنى عنده صلى الله عليه وسلم غِنى النّفْس . وثَبَت عَنْه صلى الله عليه وسلم مِن حَديث أبي هُريرة أنّه قال : لَيْس الْغِنَى عَنْ كَثْرَة الْعَرَض ، وإنّما الْغِنَى غِنَى النَّفْس . وَقَد جَعَلَه اللَّه عَزّ وَجَلّ غَنِيًّا ، وَعَدّدَهُ عَلَيه فِيمَا عَدّدَه مِن نِعْمَةٍ ، فقال : (وَوَجَدَكَ عَائِلا فأغنى) ، ولم يكن غِنَاه صلى الله عليه وسلم أَكْثَر مِن إِيجَاد قُوت سَنَةٍ لِنَفْسِه وَعِيَالِه ، وَكَانَ الْغِنَى كُلّه فِي قَلْبِه ثِقَةً بِرَبّه ، وَسُكُونًا إلَى أنّ الرِّزْقَ مَقْسُومٌ يَأْتِيه مِنه مَا قُدّرَ لَه . فَغِنَى النَّفْس يُعِين على هذا كُلّه ، وغِنى المؤمِن الكِفَاية ، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم اجعل رِزقَ آلِ محمدٍ قُوتا " ولم يُرِد بِهم إلاّ الذي هو أفضلُ لهم . وقال : " ما قَلّ وكَفَى خيرٌ مِمّا كَثُر وألْهَى " . قال أبو حازِم : إذا كان ما يَكفيك لا يُغْنِيك ، فليس في الدنيا شيء يُغْنِيك ! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَستعيذ بِالله مِن فَقرٍ مُسْرِف وغِنى مُطْغٍ . وفي هذا دَليل بَيِّن أن الغِنى والفَقْر طَرَفَان وغَايتَان مَذمْومَتان . (الاستذكار) 💎 ومِن دُعائه صلى الله عليه وسلم : اللهُمّ إنّي أسْأَلُك النّعِيم يَوْم الْعَيْلَة ، وَالأمْن يَوْم الْخَوْف . رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب المفرَد " والنسائي في " الكبرى " . وفي رواية : اللّهُمّ إنّي أسْألُك النّعِيمَ يَوْم الْعَيْلَة ، وَالأمْن يَوْم الْحَرْب ، اللّهُمّ عَائِذًا بِك مِن سُوء مَا أعْطَيْتَنَا ، وَشَرّ مَا مَنَعْتَنا . 🔹 والمقصود : أنه صلى الله عليه وسلم استَعَاذ بالله مِن الْجُوع والفَقْر والْخَوْف الْمُهلِك ، أو اللازِم الدائم ، أمّا الأمُور العَارِضَة ؛ فهذه مِن طبيعة هذه الحياة التي طُبِعَت على كَدَر . اللهم إنّا نعوذ بِك مِن الْجُوع والفَقْر والْخَوْف . 📖 نصيحة لِمَن يتباهى بالفواحش والحرام ويَتّهم أهل الوَرَع بالغباء والعجز http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17048 |
لا تسأل الناس شيئا ، ولا تتَطَلّع إلى ما في أيديهم ؛ فالناس فُقراء ، والله هو الغني الْحَمِيد
💎 لمّا بايَع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أسَرّ كَلِمَةً خَفِيَّة قال : وَلا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا . قال عَوْفُ بن مَالِكٍ الأشْجَعِيّ رضي الله عنه : فَلَقَد رَأَيْتُ بَعْض أُولَئِك النّفَر يَسْقُط سَوْط أحَدِهِم ، فَمَا يَسْأَلُ أحَدًا يُنَاوِلُه إيّاه . رواه مسلم . 💎 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن يَتَكفّلُ لي أن لا يَسألَ النَّاسَ شيئا ، وأتَكفّل له بِالْجَنّة ؟ فقال ثَوْبان رضي الله عنه : أنا ، فكان لا يسألُ أحدًا شيئا . وفي رواية : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن يَتَقَبّل لي بِوَاحِدة أتقبّل له بِالْجَنّة ؟ قال ثَوْبَان رضي الله عنه : قلت : أنا . قال : لا تَسألِ الناس شيئا . فَكَان ثَوْبان رضي الله عنه يَقع سَوطُه وهو راكبٌ ، فلا يَقُول لأحدٍ نَاولْنِيه ، حتى يَنْزلَ فيَأخُذَه . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط . وحَثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على الاستِغناء والاستعفاف ، فقال : مَن يَسْتَعْفِف يُعِفَّه اللّه ، وَمَن يَسْتَغْن يُغْنِه اللّه ، وَمَن يَتَصَبّر يُصَبّره اللّه ، وَمَا أُعْطِي أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأوْسَع مِن الصّبْر . رواه البخاري ومسلم . 🔶 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الاسْتِغْنَاء : أنْ لا يَرْجُوَ بِقَلْبِه أحَدًا فَيَتَشَرّف إليه ، وَالاسْتِعْفَاف : ألاّ يَسْأَل بِلِسَانِه أحَدًا . وَلِهَذا لَمّا سُئِل أحْمَد بن حَنْبَل عَن التّوَكّل فقال : قَطْعُ الاسْتِشْرَاف إلى الْخَلْق ؛ أيْ : لا يَكُون فِي قَلْبِك أنّ أحَدًا يأتِيك بِشَيء ، فَقِيل لَه : فَما الْحُجّة في ذَلِك ؟ فقال : قَوْلُ الْخَلِيل لَمّا قال لَه جبرائيل : هَل لَك مِن حَاجَة ؟ فقال : أمّا إلَيْك فَلا . فَهَذا وَمَا يُشْبِهُه مِمّا يُبَيّن أنّ الْعَبْدَ فِي طَلَب مَا يَنْفَعُه ، وَدَفْع مَا يَضُرّه لا يُوَجّه قَلْبَه إلاّ إلى اللّه تعالى . (مجموع الفتاوى) 💎 ومِن التّربِيَة النّبَوِيّة على الاستِعفَاف : قوله عليه الصلاة والسلام لِعُمر رضي الله عنه : إذا جَاءَك مِن هَذا المَالِ شَيءٌ وَأنْت غَيْر مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ ؛ فَخُذْه ، وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْه نَفْسَك . رواه البخاري ومسلم . اللهم إنّا نسألك الْهُدى والتّقَى والعفاف والغِنى |
الساعة الآن 01:55 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى