منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   منتـدى الحـوار العـام (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=2)
-   -   اقتناص الفوائد .. مُتجدِّد (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14497)

عبد الرحمن السحيم 09-06-2018 12:34 PM

سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم

مِن آياته ومُعجِزاته (24)

القول فيما أُوتِي إبراهيم الخليل عليه السلام :

✳️ قال ابن كثير : قال شيخنا العلامة أبو المعالي بن الزّمْلَكاني رحمه الله وبَلّ بالرحمة ثَرَاه : وأمّا خُمود النار لإبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فقد خَمَدَت لِنَبِيّنا صلى الله عليه وسلم نار فارِس - ولم تَخَمد قبل ذلك بألف عام - لِمَوْلِده صلى الله عليه وسلم وبينه وبين بِعثته أربعون سنة ، وخَمَدت نار إبراهيم لِمُبَاشَرَته لها ، وخَمَدت نار فارس لِنَبِيّنَا صلى الله عليه وسلم وبينه وبينها مَسَافة أشهر .

🔅 ثم قال شيخنا : مع أنه قد أُلْقِي بعض هذه الأمّة في النار ، فلم تُؤثّر فيه بِبَركة نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم ، منهم : أبو مسلم الخولاني . قال : تَنَبّأ الأسود بن قيس العَنْسيّ باليَمَن ، فأرسل إلى أبي مسلم الخولاني فقال له : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم . قال : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : ما أسمع . فأعاد عليه ، فقال : ما أسمع ! فأمَر بِنَارٍ عظيمة فأُجّجِت ، وطُرِح فيها أبو مسلم فلم تَضُرّه . فقيل له : لئن تركتَ هذا في بلادك أفسَدها عليك . فأمَرَه بالرّحيل ، فقدِم المدينة وقد قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخلِف أبو بكر ، فقام إلى سارية مِن سواري المسجد يُصَلّي ، فبَصُر به عُمر فقال : مِن أين الرَّجل ؟ قال : مِن اليَمَن . قال : ما فعل عدو الله بِصَاحِبنا الذي حَرَقه بالنار ، فلم تَضرّه ؟ قال : ذاك عبد الله بن ثُوَب . قال : نَشَدْتُك بالله أنت هو ؟ قال : اللهم نعم . قال : فاعتَنَقه ثم بَكَى ، ثم ذهب به حتى أجْلَسَه بينه وبين أبي بكر الصديق ، وقال : الحمد لله الذي لم يُمْتِني حتى أرَاني في أُمّة محمد صلى الله عليه وسلم مَن فُعِل به كما فُعِل بإبراهيم خَليل الرحمن عليه السلام .

🔹 ورَوى الحافظ ابن عساكر أيضا مِن غير وَجه عن إبراهيم بن دُحيم : حدثنا هشام بن عمّار حدثنا الوليد أخبرني سعيد بن بشير عن أبي بِشر جعفر بن أبي وَحشيّة أن رَجُلا مِن خولان أسْلَم ، فأراده قومه على الكُفر ، فألْقَوه في نار فلم يَحْتَرِق مِنه إلاّ أُنْمُلة لم يكن فيما مَضى يُصِيبها الوضوء ، فقَدِم على أبي بكر فقال : استَغْفِر لي قال : أنت أحق . قال أبو بكر : إنك أُلْقِيَت في النار فلم تَحْتَرِق . فاستَغْفَرَ له ، ثم خرج إلى الشام ، فكانوا يُشَبّهونَه بِإبراهيم عليه السلام .

🔹 وهذا الرَّجُل هو أبو مُسلم الخولاني ، وهذه الرواية بهذه الزيادة تحقق أنه إنما نَالَ ذلك بِبَركة مُتَابَعته الشريعة الْمُحَمّدِيّة الْمُطَهَّرَة الْمُقَدَّسَة ، كما جاء في حديث الشفاعة : " وحَرَّم الله على النار أن تأكُل مَوَاضِع السّجُود " . وقد نَزَل أبو مسلم بِدَارِيّا ِمِن غربي دمشق ، وكان لا يَسبقه أحدٌ إلى المسجد الجامع بِدمشق وقت الصبح ، وكان يُغازِي في بلاد الرّوم ، وله أحوال وكَرَامات كثيرة جدا .

🔘 وأما الحافظ أبو نعيم فإنه قال : فإن قيل : فإن إبراهيم خُصّ بِالْخُلّة مع النبوّة . قيل : فقد اتّخذ الله محمدا خَليلا وحَبِيبًا ، والحبيب ألْطَف مِن الخليل . ثم ساق من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كنت مُتّخِذًا خَلِيلا لاتّخَذْتُ أبا بكر خليلا، ولكن صَاحِبكم خَليل الله .

🔘 ثم قال أبو نعيم : فإن قيل : إن إبراهيم عليه السلام حُجِب عن نَمْرُود بِحُجُب ثلاثة . قيل : فقد كان كذلك ، وحُجِب محمد صلى الله عليه وسلم عمّن أرادُوا قَتْله بِخَمْسَة حُجُب ، قال الله تعالى في أمْرِه : (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) ، فهذه ثلاث ، ثم قال : (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) ، ثم قال : (فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) . فهذه خَمْسَة حُجُب .

🔸 وذكر ابن حامد في مقابَلَة حُسن يوسف عليه السلام ، ما ذُكِر مِن جَمَال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَهَابَته وحَلاوَته شَكْلا ونُطْقا وهَدْيا ودَلاًّ وسَمْتًا .

(البداية والنهاية)

عبد الرحمن السحيم 10-06-2018 03:45 PM

علامات ليلة القدر

http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7786

عبد الرحمن السحيم 10-06-2018 03:50 PM

سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم

مِن آياته ومُعجِزاته (25)

قال ابن كثير :
القول فيما أُوتِي موسى عليه السلام مِن الآيات البيّنات :

وأعظَمهن تسع آيات ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) .

والجمهور على أنها هي العَصا في انقلابها حيّة تَسعَى ، واليد إذا أدخل يَده في جَيب دِرْعه ثم أخرجها تُضيء كَقِطعة قَمر يتلألأ إضاءة ، ودعاؤه على قوم فرعون حين كَذّبوه فأُرْسِل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات .

وكذلك أخذهم الله بالسِّنِين ، وهي نقص الحبوب ، وبالجَدْب ، وهو نقص الثمار .

وبالموت الذريع ، وهو نقص الأنفس ، وهو الطوفان في قول .

ومنها فَلْق البَحر لإنجاء بني إسرائيل وإغراق آل فرعون .

ومنها تظليل بني إسرائيل في التّيه بالغمام ، وإنزال الْمَنّ والسّلْوى عليهم .

واستسقاؤه لهم ، فجعل الله ماءهم يخرج مِن حَجر يُحْمَل معهم على دابة ، له أربعة وجوه ، إذا ضَرَبَه موسى بِعَصاه يَخرُج مِن كل وَجه ثلاثة أعين ، لكل سِبْط عَين ، ثم يَضْرِبه فيُقْلِع .

وقَتْل كل مَن عَبَدَ العِجل منهم ثم أحياهم الله تعالى .

وقِصة البَقرة ، إلى غير ذلك مِن الآيات الباهرات .

🔅 وأمّا العَصا ؛ فقال شيخنا العلامة ابن الزّمْلَكاني : وأما حَيَاة عَصَا موسى ؛ فقد سَبّح الْحَصَا في كَفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جَمَاد ، والحديث في ذلك صحيح ... وفيه : أنهن سَبّحن في كَفّ أبي بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، كما سَبّحن في كَفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هذه خلافة النبوة " .

🔸 وأصحّ من هذا كله وأصرح حديث البخاري عن ابن مسعود قال : كُنّا نَسْمَع تَسبيح الطعام وهو يُؤكَل .

🔹 قال شيخنا : وكذلك قد سَلّمت عليه الأحجار .
قلت : وهذا قد رواه مسلم عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعرف حجرا كان يسلم عليّ بمكة قبل أن أُبْعَث ، إني لأعرفه الآن " . قال بعضهم : هو الحجر الأسود .

🔘 قال : وأما حَنين الْجِذع الذي كان يَخطب إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فعُمِل له المنبر ، فلمّا رَقِيَ عليه وخطب ، حَنّ الجذع إليه حَنِين العِشَار ، والناس يسمعون صوته بمشهد الْخَلْق يوم الجمعة ، ولم يَزل يَئِنّ ويَحِنّ حتى نَزَل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاعتنقه وسَكّنه .. فهو حديث مشهور معروف ، قد رواه من الصحابة عدد كثير متواتر ، وكان بحضور الخلائق .

🔅 قال شيخنا : فهذه جمادات ونباتات ، وقد حَنَّتْ وتَكلّمتْ ، وفي ذلك ما يُقابل انقلابَ العصَا حَيّة .

قال ابن كثير :
قال شيخنا : وأما أن الله كَلّم موسى تكليما ، فقد تقدم حصول الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء فيَشْهَد له : " فنُودِيت : أن يا محمد ، قد كَمّلت فَرِيضَتي ، وخَفّفتُ عن عبادي " . وسياق بَقية القصة يُرشِد إلى ذلك ، وقد حَكَى بعض العلماء الإجماع على ذلك ، لكن رأيت في كلام القاضي عياض نَقْل خلاف فيه ، والله أعلم .

وقال ابن حامد : قال الله تعالى لموسى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) . وقال لِمُحمّد : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .

🔅 وأما اليَد التي جَعلها الله بُرهانا وحُجّة لموسى على فرعون وقومه ، كما قال تعالى بعد ذكر صَيْرُورة العَصَا حَيّة : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ)

🔸 فقد أعطى الله محمدا انشقاق القَمر بإشارته إليه فِرقَتين ، فِرقة مِن وراء جَبل حِراء ، وأخرى أمامه ، كمَا تقدّم بيان ذلك بالأحاديث المتواترة مع قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) ، ولا شك أن هذا أجل وأعظم وأبْهَر في المعجزات ، وأعَمّ وأظهر وأبلَغ مِن ذلك .

قال ابن كثير :
⏺ وقد ذَكَرنا في السيرة عند إسلام الطُّفيل بن عَمرو الدوسي أنه طَلَب مِن النبي صلى الله عليه وسلم آية تكون له عَونًا على إسلام قومه ، فدعا له وذهب إلى قومه ، فلمّا أشرف على قومه مِن ثَنِيّة هناك ، فَسَطَع نُور بَين عَينَيه كالمصباح ، فقال : اللهم في غير هذا الموضع ؛ فإنهم يَظنّونه مُثْلَة ، فَتَحَوّل النور إلى طَرَف سَوطِه ، فجعلوا ينظرون إليه كالمصباح ، فهداهم الله على يديه بَبَرَكة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدعائه لهم في قوله : اللهم اهدِ دَوْسًا ، وأتِ بهم ، وكان يُقال للطفيل : ذو النور لِذلك .

◀️ وذكرنا أيضا حديث أُسيد بن حُضير وعبّاد بن بِشر في خروجهما من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مُظلمة فأضَاء لهما طَرَف عَصا أحدهما ، فلما افتَرقا أضاء لكل واحد منهما طَرَف عصاه ، وذلك في صحيح البخاري وغيره .

وأما دعاؤه عليه السلام بِالطُّوفَان ، وهو الموت الذريع في قول ، وما بعده من الآيات والقَحط والْجَدْب ؛ فإنما كان ذلك لعلهم يرجعون إلى مُتَابَعَته ، ويُقلِعون عن مُخَالَفته ، فما زادهم إلاّ طغيانا كبيرا . قال الله تعالى : (وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ)

🔹 وقد دَعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش حين تَمادوا على مُخالفته ِبسَبع كَسَبع يوسف ، فقُحِطوا حتى أَكَلُوا كُلّ شيء ، وكان أحدهم يَرى بينه وبين السماء مثل الدّخان مِن الجوع .

وأما فَلْق البحر لموسى عليه السلام حين أمَره الله تعالى - حين تَراءى الجمْعَان - أن يَضرب البَحر بِعَصَاه فانْفَلَق فكان كل فِرق كالطّود العظيم ، فإنه معجزة عظيمة بَاهِرة ، وحُجّة قاطِعة قاهِرة .

🔅 وفي إشارته صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة إلى قَمَر السماء ، فانْشقّ فِلْقَتين وَفق ما سَألَته قريش وهُم معه جُلوس ، في ليلة البَدْر ، أعظم آية ، وأيْمَن دلالة ، وأوضح حُجّة ، وأبْهَر بُرهان على نبوته ووَجَاهته عند الله تعالى ، ولم ينُقْلَ معجزة عن نَبيّ مِن الأنبياء مِن الآيات الحسيات أعظم مِن هذا .

وهذا أعظم مِن حَبْس الشمس قليلا لِيوشع بن نُون حتى تمكّن من الفتح ليلة السبت .

🔅 وقد تقدّم مِن مَسِير العلاء بن الحضرمي ، وأبي عبيد الثقفي ، وأبي مسلم الخولاني ، وسائر الجيوش التي كانت معهم على تيّار الماء ، ومنها دِجلة وهي جارِية عجّاجة تَقذِف بالخشَب مِن شِدّة جَرْيها ، وتقدم تقرير أن هذا أعجب مِن فَلْق البحر لموسى مِن هذه الوجوه ، والله أعلم .

🔘 وأما تَظْلِيله بالغَمَام في التِّيه ، فقد تقدّم ذِكر حديث الغمَامة التي رآها بَحِيرى تُظلّه مِن بين أصحابه ، وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، صُحبَة عمِّه أبي طالب ، وهو قاصِد الشام في تجارة ، وهذا أبْهَر مِن جِهة أنه كان وهو قَبل أن يُوحَى إليه ، وكانت الغَمَامة تُظلّه وَحده مِن بين أصحابه ، فهذا أشدّ في الاعتناء ، وأظهر مِن غَمام يُظِلّ بني إسرائيل وغيرهم . وأيضا فإن المقصود مِن تظليل الغَمام إنما كان لاحتِيَاجِهم إليه مِن شِدّة الحرّ ، وقد ذكرنا في الدلائل حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم لِيُسْقَوا لِمَا هم فيه مِن الجوع والجهد والقحط ، فرفع يديه وقال : " اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا " . قال أنس : ولا والله ما نَرى في السماء مِن سَحاب ولا قَزَعة ، وما بيننا وبين سَلْع مِن بيت ولا دار ، فأنشأت مِن وَرائه سَحَابة مثل التُّرْس ، فلمّا تَوسّطت السماء انتَشرت ثم أمْطَرَت . قال أنس : فلا والله ما رأينا الشمس سَبْتًا . ولَمّا سَألوه أن يَسْتَصْحِي لهم ، رَفَع يَدَه وقال : " اللهم حَوَالَينا ولا عَلينا " . فمَا جَعل يشير بيديه إلى ناحية إلاّ اْنجَاب السَّحَاب ، حتى صارت المدينة مثل الإكْلِيل، يُمْطَر ما حولها ولا تُمْطَر . فهذا تظليل غَمَام محتاج إليه آكَد مِن الحاجة إلى ذلك ، وهو أنفع منه ، والتصَرّف فيه وهو يَشير أبلغ في المعجِز ، وأظهر في الاعتناء ، والله أعلم .

🔸 وأما إنْزَال الْمِنّ والسَّلْوى عليهم فقد كَثّر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطعام والشراب في غير ما مَوْطن ، كما تقدم بيانه في دلائل النبوة مِن إطعامه الجم الغفير مِن الشيء اليسير ، كما أطعم يوم الخندق مِن شُوَيْهَة جابر بن عبد الله وصاعِه الشعير أزيدَ مِن ألفِ نفس جائعة ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين . وأطعَم مِن جَفْنة فِئامًا مِن الناس ، وكانت تُمَدّ مِن السماء ، إلى غير ذلك مِن هذا القَبيل مما يَطول ذِكْره .

🔅 وقد ذَكر أبو نعيم وابن حامد أيضا ها هنا أن المراد بِالْمَنّ والسَّلوى إنما هو رِزْق رُزِقُوه مِن غير كَدّ منهم ولا تَعَب ، ثم أورد في مُقَابَلته حديث تحليل المغانِم ولم تُحلّ لأحدٍ قَبْلَنا ، وحديث جابر في سَرِيّة أبي عبيدة وجُوعهم حتى أكلوا الْخَبَط ، فَحَسَر البحر لهم عن دابة تُسمّى العَنْبَر ، فأكَلُوا منها ثلاثين مِن بين يوم وليلة حتى سَمِنُوا وتَكَسّرت عُكَن بُطونهم . والحديث في " الصحيح " .

وأما قوله تعالى : (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ) .

🔸 وقد ذكرنا الأحاديث الواردة في وَضْع النبي صلى الله عليه وسلم يَدَه في ذلك الإناء الصغير الذي لم يَتّسع لبَسْطها فيه ، فجَعل الماء يَنبع مِن بين أصابعه أمثال العيون ، وكذلك كثر الماء في غير ما مَوْطِن ، كَمَزَادَتي تلك المرأة ، ويوم الحديبية ، وغير ذلك ، وقد استسقى الله لأصحابه في المدينة وغيرها ، فأُجِيب طِبق السؤال وَوفق الحاجة لا أزيد ولا أنقص، وهذا أبْلَغ في الْمُعْجِز . ونبع الماء من بين أصابعه من نفس يده - على قول طائفة كثيرة من العلماء - أعظم مِن نَبع الماء مِن الحجر ، فإنه مَحلّ لذلك .

عبد الرحمن السحيم 10-06-2018 03:52 PM

هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3472

عبد الرحمن السحيم 10-06-2018 03:53 PM

علامات ليلة القدر

http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7786

عبد الرحمن السحيم 10-06-2018 03:54 PM

إذا وافق يوم العيد يوم جمعة ، فهل تسقط صلاة الجمعة؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=485

عبد الرحمن السحيم 11-06-2018 05:23 AM

سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم

مِن آياته ومُعجِزاته (26)

قال ابن كثير :
القول فيما أُعْطِي إدريس عليه السلام من الرفعة التي نَوّه الله بِذِكرها فقال : (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) :

قال : والقَول فيه أن نَبِيّنا محمدا صلى الله عليه وسلم أُعْطِي أفضل وأكمل مِن ذلك ؛ لأن الله تعالى رَفَع ذِكْرَه في الدنيا والآخرة فقال : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) . فليس خَطيب ولا شَفيع ولا صاحِب صلاة إلاّ يُنادِي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . فَقَرَن الله اسمه بِاسْمِه في مشارق الأرض ومغاربها ، وذلك مفتاحا للصلاة المفروضة .

وتقدّم الكلام عن رَفْع الله لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم ذِكْره .

🔸 فأما التّنْوِيه بِذِكْرِه في الأمم الخالية ، والقرون السالفة ... فـ بَشّرت به الأحبَار والرّهبان والكُهّان .

ولَمّا كانت ليلة الإسراء رُفِع مِن سَمَاء إلى سَمَاء حتى سَلّم على إدريس عليه السلام ، وهو في السماء الرابعة ، ثم جَاوَزه إلى الخامسة ، ثم إلى السادسة ، فَسَلّم على موسى بها ، ثم جَاوَزه إلى السابعة فَسَلّم على إبراهيم الخليل بها عند البيت الْمَعْمُور ، ثم جَاوَز ذلك المقام ، فَرُفِع لِمُسْتَوى يَسْمَع فيه صَرِيف الأقلام ، وجاء سِدرة المنْتَهى ، ورأى الجنة والنار ، وغير ذلك من الآيات الكبرى ، وصلّى بالأنبياء ، وشَيّعَه مِن كُلّ سَمَاء مُقَرّبُوها ... فهذا هو الشَّرَف ، وهذه هي الرِّفْعَة ، وهذا هو التكريم والتّنْوِيه والإشهار والتقديم والعُلوّ والعَظَمة ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر أنبياء الله أجمعين .

🔸 وأما رَفْع ذِكْره في الآخرين ؛ فإن دِينه بَاقٍ ناسِخ لكلّ دِين ، ولا يُنْسَخ هو أبَد الآبِدين ، ودَهْر الدَّاهِرين إلى يوم الدّين ، ولا تزال طائفة مِن أمّته ظاهرين على الحق ، لا يَضرّهم مَن خَذَلهم ولا مَن خَالَفهم حتى تقوم الساعة .

عبد الرحمن السحيم 12-06-2018 05:42 AM

سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم

مِن آياته ومُعجِزاته (27)

قال ابن كثير :
القَول فيما أُوتِي داود عليه السلام :

قال الله تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) ، وقال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) .

🔘 وقد ذكرنا في قصته عليه السلام ، وفي " التفسير " طِيب صَوتِه عليه السلام ، وأن الله تعالى كان قد سَخّر له الطير تُسبّح معه ، وكانت الجبال أيضا تُجِيبه وتُسّبح معه ، وكان سريع القراءة ؛ كان يأمُر بِدَوابّه فتُسْرَج فيَقرأ الزبور بمقدار ما يُفرَغ مِن شأنها ثم يَركب ، وكان لا يأكل إلاّ مِن كَسب يَده صلوات الله وسلامه عليه ، وقد كان نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم حَسَن الصوت طَيّبه بتلاوة القرآن ، وكان يقرأ تَرْتَيلاً كما أمَره الله عزّ وجلّ بذلك .

🔹 وأما تَسبيح الطير مع داود ؛ فتَسبِيح الجبال الصُّمّ الجمَاد أعجَب مِن ذلك ، وقد تقدم في الحديث أن الحصَا سَبّح في كَفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال ابن حامد : وهذا حديث معروف مشهور . وكانت الأحجار والأشجار والْمَدَر تُسلِّم عليه صلى الله عليه وسلم .

🔸 وفي " صحيح البخاري " عن ابن مسعود قال : " لقد كنا نَسمَع تَسبيح الطعام وهو يؤُكَل " . يعني بين يَديّ النبي صلى الله عليه وسلم .

وكَلّمَه ذِراع الشاة المسمُومة ، وأعلَمه بما فيه مِن السُّمّ .

وشَهِدت بِنُبُوّته الحيوانات الإنسية والوحشية ، والجمادات أيضا .

🔘 ولا شك أن صُدور التسبيح مِن الحصا الصغار الصّمّ التي لا تجاويف فيها أعجب مِن صدور ذلك من الجبال ، لِمَا فيها مِن التجاويف والكهوف ، فإنها وما شاكلها تُردد صَدى الأصوات العالية غالبا ، كما كان عبد الله بن الزبير إذا خَطب - وهو أمير المؤمنين - بالحرم الشريف ، تُجَاوِبه الجبال ؛ أبو قُبَيس وزُرْزُر ، ولكن مِن غير تسبيح ، فإن ذلك مِن مُعجزات داود عليه السلام ، ومع هذا فَتَسبيح الحصَا في كَفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان أعجب .

🔹وقال أبو نعيم : فإن قيل : سُخِّرت له الط ير [أي : لِداود] ، فقد سُخِّرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع الطير البهائم العظيمة ؛ الإبل فما دونها ، وما هو أعسَر وأصعب مِن الطير ؛ السِّبَاع العادِية الضّارِية ، تَتَهَيّبه وتَنقَاد إلى طاعته ؛ كَالذّئب الذي نَطَق بِنُبُوّته والتصديق بِدعوته ورسَالته .

🔸 وقال أبو نعيم : فإن قيل : فقد لَيّن الله لِدَاود عليه السلام الحديد حتى سَرَد منه الدّروع السّوابغ .

قيل : لُيِّنَت لمحمد صلى الله عليه وسلم الحجارة وصُمّ الصخور ، فعادَت له غَارا اسْتَتَر به ِمن المشركين يوم أُحُد مَالَ بِرَأسه إلى الجبَل ليُخفِي شَخصَه عنهم ، فَلَيّن الله له الجبل حتى أدخل فيه رأسه ، وهذا أعجب ؛ لأن الحديد تُلَيّنه النار ، ولم نَرَ النار تُلَيِّن الْحَجَر .

عبد الرحمن السحيم 12-06-2018 03:00 PM

شرح أحاديث عمدة الأحكام*
الحديث 181 في زكاة الفطر

http://saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/251.htm


شرح أحاديث عمدة الأحكام*
الحديث 182 في قَدْر المُخرَج في زكاة الفطر ومما تُخرَج؟

http://saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/252.htm

عبد الرحمن السحيم 13-06-2018 06:02 AM

سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم


مِن آياته ومُعجِزاته (28)


قال ابن كثير :

القَول فيما أُوتِي سليمان بن داود عليه السلام :
قال الله تعالى : (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ) .


وأمّا تسخير الرِّيح لِسُليمان ؛ فقد قال الله تعالى في شأن الأحزاب : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) ، وقد تقدم في الحديث الذي رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نُصِرْتُ بِالصَّبَا ، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُّورِ .


وثبت في " الصحيحين " : " نُصِرْتُ بِالرُّعْب مَسِيرة شَهْر " . ومعنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قَصَد قِتال قوم من الكفار ، ألْقَى الله الرُّعبَ في قلوبهم منه قبل وُصوله إليهم بِشَهر ، ولو كان مَسِيره شهرا ، فهذا في مقابلة : (غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) ، بل هذا أبلغ في التمكين والنصر والتأييد والظَّفَر ، وسُخِّرَت له الرِّياح تَسوق السَّحَاب لإنزال المطر الذي امْتَنّ الله به حين استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه في غير ما موطن .


وقال أبو نعيم : فإن قيل : فإن سُليمان سُخِّرت له الرّيح فسَارت به في بلاد الله ، وكان غدوها شهرا ورَواحها شهرا . قيل : ما أعطي محمد صلى الله عليه وسلم أعظم وأكبر ؛ لأنه سَارَ في ليلة واحدة مِن مكة إلى بيت المقدس مَسيرة شهر ، وعُرِج به في مَلكوت السماوات مَسيرة خمسين ألف سنة في أقل مِن ثُلث ليلة ، فَدَخل السماوات سماء سماء ، ورأى عجائبها ، ووقف على الجنة والنار ، وعُرِض عليه أعمال أُمّته ، وصَلى بالأنبياء وبملائكة السّماوات ، واختَرَق الْحُجُب ، وهذا كله في ليلة . فأيّمَا أكبر وأعجب ؟!


وأما تَسخِير الشياطين بين يديه [أي : سليمان] تَعمل ما يشاء مِن مَحَاريب وتَمَاثِيل وجِفَان كَالْجَوَاب وقُدُور رَاسِيات ؛ فقد أنزل الله الملائكة المقرّبين لِنُصْرة عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في غير ما مَوْطِن : يوم أُحُد ، وبَدر ، ويوم الأحزاب ، ويوم حُنين . وذلك أعظم وأبْهَر وأجلّ وأعلى مِن تسخير الشياطين .


وفي " الصحيحين " مِن حَديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن عِفْرِيتًا مِن الجن تَفَلّت عليّ البارحة - أو كَلِمَة نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي .
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ نَحْوُهُ، قَالَ : " ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ ، وَاللَّهِ لَوْلا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لأَصْبَحَ مُوَثَّقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ " .


وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ وَالْمَسَانِيدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : " إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ " ، وَفِي رِوَايَةٍ " مَرَدَةُ الْجِنِّ ". فَهَذَا مِنْ بَرَكَةِ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ .


وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ، فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ ، وَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ، فَدَعَوْهُمْ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَحَذَّرُوهُمْ مُخَالَفَتَهُ ؛ لأَنَّهُ كَانَ مَبْعُوثًا إِلَى الإِنْسِ وَالْجِنِّ ، فَآمَنَتْ طَوَائِفُ مِنَ الْجِنِّ كَثِيرَةٌ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَوَفَدَتْ إِلَيْهِ مِنْهُمْ وُفُودٌ كَثِيرَةٌ ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ " الرَّحْمَنِ " ، وَخَبَّرَهُمْ بِمَا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ مَنِ الْجِنَانِ ، وَمَا لِمَنْ كَفَرَ مِنَ النِّيرَانِ ، وَشَرَعَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ وَمَا يُطْعِمُونَ دَوَابَّهُمْ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ بَيَّنَ لَهُمْ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْبَرُ .


وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ هَا هُنَا حَدِيثَ الْغُولِ الَّتِي كَانَتْ تَسْرِقُ التَّمْرَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَيُرِيدُونَ إِحْضَارَهَا إِلَيْهِ فَتَمْتَنِعُ كُلَّ الامْتِنَاعِ ؛ خَوْفًا مِنَ الْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ افْتَدَتْ مِنْهُمْ بِتَعْلِيمِهِمْ قِرَاءَةَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ الَّتِي لا يَقْرَبُ قَارِئَهَا الشَّيْطَانُ .
وَالْغُولُ هِيَ : الْجِنُّ الْمُتَبَدِّي بِاللَّيْلِ فِي صُورَةٍ مُرْعِبَةٍ .


وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ هَا هُنَا حِمَايَةَ جِبْرِيلَ لَهُ عليه الصلاة والسلام ، غَيْرَ مَا مَرَّةٍ مِنْ أَبِي جَهْلٍ ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي السِّيرَةِ ، وَذَكَرَ مُقَاتَلَةَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ يَوْمَ أُحُدٍ .
وَأَمَّا مَا جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى لِسُلَيْمَانَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْمُلْكِ كَمَا كَانَ أَبُوهُ مِنْ قَبْلِهِ ، فَقَدْ خَيَّرَ اللَّهُ عَبْدَهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا نَبِيًّا أَوْ عَبْدًا رَسُولا ، فَاسْتَشَارَ جِبْرِيلَ فِي ذَلِكَ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَاضَعَ ، فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا رَسُولا . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ .


وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْصِبَ الرِّسَالَةِ أَعْلَى ، وَقَدْ عُرِضَتْ عَلَى نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم كُنُوزَ الأَرْضِ فَأَبَاهَا ، قَالَ : " وَلَوْ شِئْتُ لأَجْرَى اللَّهُ مَعِي جِبَالَ الأَرْضِ ذَهَبًا ، وَلَكِنْ أَجُوعُ يَوْمًا وَأَشْبَعُ يَوْمًا " . وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ بِأَدِلَّتِهِ وَأَسَانِيدِهِ فِي " التَّفْسِيرِ " وَفِي السِّيرَةِ أَيْضًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .


قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : فَإِنْ قِيلَ : سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يَفْهَمُ كَلامَ الطَّيْرِ وَالنَّمْلَةِ .
قِيلَ : قَدْ أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ مِنْهُ ، فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِكَلامِ الْبَهَائِمِ وَالسِّبَاعِ وَحَنِينِ الْجِذْعِ وَرُغَاءِ الْبَعِيرِ وَكَلامِ الشَّجَرِ وَتَسْبِيحِ الْحَصَا وَالْحَجْرِ ، وَدُعَائِهِ إِيَّاهُ وَاسْتِجَابَتِهِ لأَمْرِهِ ، وَإِقْرَارِ الذِّئْبِ بِنُبُوَّتِهِ ، وَتَسْخِيرِ الطَّيْرِ لِطَاعَتِهِ ... وَمَا فِي مَعْنَاهُ .

عبد الرحمن السحيم 13-06-2018 05:47 PM

إذا لم تحزن على فوات مواسم الخيرات ؛ ففتّش عن قلبك ، فالمؤمن يحزن على فوات الطاعات
وقد وَصَف الله تبارك وتعالى حال الفقراء الذين لا يجدون ما ينفقون، فقال : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) (٩٢) [سورة التوبة] .

🔸 قال ابن القيم :
اطلب قلبك في ثلاثة مواطن :
عند سماع القرآن .
وفي مجالس الذّكْر .
وفي أوقات الخلوة .
فإن لم تجده في هذه المواطن ، فَسَل الله أن يَمنّ عليك بِقلب ، فإنه لا قلب لك .

عبد الرحمن السحيم 14-06-2018 06:22 AM

قال الإمام الشافعي : لم تُمْسِ بِنَا نِعمة ظَهَرَت ولا بَطَنَت ، نِلْنَا بها حَظّا في دِين أو دُنيا ، أو رُفع عنا بها مكروه فيهما أوْ في واحدٍ منهما ؛ إلاّ ومحمد صلى الله عليه وسلم سببها .

عبد الرحمن السحيم 14-06-2018 06:22 AM

سَيِّد الْخَلْق : البشير النذير ، والسراج المنير صلى الله عليه وسلم
مِن آياته ومُعجِزاته (29)

قال ابن كثير :
الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ.

وَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ عليه السلام مَخْلُوقٌ بِالْكَلِمَةِ مِنْ أُنْثَى بِلا ذَكَرٍ ، كَمَا خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ ذَكَرٍ بِلا أُنْثَى ، وَكَمَا خُلِقَ آدَمُ لا مِنْ ذَكَرٍ وَلا مِنْ أُنْثَى ، وَإِنَّمَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تُرَابٍ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ عِيسَى بِالْكَلِمَةِ وَبِنَفْخِ جِبْرِيلَ فِي فَرْجِ مَرْيَمَ ، فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا عِيسَى .
وَمِنْ خَصَائِصِهِ وَأُمِّهِ أَنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ حِينَ وُلِدَ ذَهَبَ يَطْعَنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ ، كَمَا جَاءَ فِي " الصَّحِيحِ ". وَمِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ ، وَهُوَ حَيٌّ الآنَ بِجَسَدِهِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا . وَسَيَنْزِلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ ، فَيَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلا ، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا ، وَيَحْكُمُ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَيُدْفَنُ .
وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَلاّمَةُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ رحمه الله تَعَالَى : وَأَمَّا مُعْجِزَاتُ عِيسَى عليه السلام ؛ فَمِنْهَا : إِحْيَاءُ الْمَوْتَى، وَلِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ كَثِير ، وَإِحْيَاءُ الْجَمَادِ أَبْلَغُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَيِّتِ ، وَقَدْ كَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الذِّرَاعَ الْمَسْمُومَةَ ، وَهَذَا الإِحْيَاءُ أَبْلَغُ مِنْ إِحْيَاءِ الإِنْسَانِ الْمَيِّتِ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ إِحْيَاءُ جُزْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ دُونَ بُقِّيةِ بَدَنِهِ ، وَهَذَا مُعْجِزٌ لَوْ كَانَ مُتَّصِلا بِالْبَدَنِ .
الثَّانِي: أَنَّهُ أَحْيَاهُ وَحْدَهُ مُنْفَصِلا عَنْ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ مَعَ مَوْتِ الْبَقِيَّةِ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ أَعَادَ عَلَيْهِ الْحَيَاةَ مَعَ الإِدْرَاكِ وَالْعَقْلِ ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَيَوَانُ يَعْقِلُ فِي حَيَاتِهِ ، فَصَارَ جُزْؤُهُ حَيًّا يَعْقِلُ .
الرَّابِعُ : أَنَّهُ أَقْدَرَهُ اللَّهُ عَلَى النُّطْقِ وَالْكَلامِ ، وَلَمْ يَكُنِ الْحَيَوَانُ الَّذِي هُوَ جُزْؤُهُ مِمَّا يَتَكَلَّمُ ، وَفِي هَذَا مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ حَيَاةِ الطُّيُورِ الَّتِي أَحْيَاهَا اللَّهُ لإِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم .
قُلْتُ : وَفِي حُلُولِ الْحَيَاةِ وَالإِدْرَاكِ وَالْعَقْلِ فِي الْحَجَرِ الَّذِي كَانَ يُخَاطِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّلامِ عَلَيْهِ ، كَمَا رُوِيَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " مِنَ الْمُعْجِزِ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ إِحْيَاءِ الْحَيَوَانِ فِي الْجُمْلَةِ ؛ لأَنَّهُ كَانَ مَحَلاّ لِلْحَيَاةِ فِي وَقْتٍ ، بِخِلافِ هَذَا حَيْثُ لا حَيَاةَ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ تَسْلِيمُ الأَحْجَارِ وَالْمَدَرُ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ الأَشْجَارُ وَالأَغْصَانُ وَشَهَادَتُهَا بِالرِّسَالَةِ ، وَحَنِينُ الْجِذْعِ إِلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ .

قال ابن كثير :
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ قَالَ : أَقْبَلُ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ نَفَقَ [أي : مات] حِمَارُهُ ، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي جِئْتُ مِنَ الدَّثِينَةِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ تُحْيِي الْمَوْتَى وَتَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، لا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ مِنَّةً ، أَطْلُبُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ أَنْ تَبْعَثَ حِمَارِي . فَقَامَ الْحِمَارُ يَنْفُضُ أُذُنَيْهِ . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ . وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ كَرَامَةً لِصَاحِبِ الشَّرِيعَةِ .

تتمة الفائدة هنا :
قناة اقتناص الفوائد
https://t.me/assuhaim

ومَن أراد الاستزادة ، فيُراجِع الكُتب التالية :
الشفا بتعريفِ حقوق المصطفى ، للقاضي عياض
دلائلِ النبوة للفريابي .
دلائلِ النبوة لأبي نُعيم الأصبهاني .
دلائلِ النبوة للبيهقي .
دلائلِ النبوة لإسماعيل الأصبهاني .
الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح ، لشيخ الإسلام ابن تيمية (ج 4 / 161 – 227)
والبداية والنهاية ، لابن كثير (ج9 / 305 – 409) .
وأشكر لأخي د. محمد ، حيث أهداني قبل أكثر من 10 سَنَوات كِتَابا قيِّما ، وهو كتاب " الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح " ، ووجدت به هذا العِلْم الغَزِير حَول مُعجِزات نَبِيّنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهذا التقسيم لِمُعجِزاته صلى الله عليه وسلم ، مع أن الكتاب ليس مِن مَظَانّ هذه المسألة .

عبد الرحمن السحيم 15-06-2018 11:37 PM

أَكْمَلُ الطَّاعَاتِ ..

قال الرازي : الدَّعْوَة إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ أَكْمَلُ الطَّاعَاتِ وَرَأْسُ الْعِبَادَاتِ .

عبد الرحمن السحيم 16-06-2018 06:17 AM

كُن على وَجَل مِن قبول العمل

🔸 خَطَب عَدِيّ بن أَرْطَاة بَعْدَ انْقِضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقال : كَأَنَّ كَبِدًا لَمْ تَظْمَأْ ، وَكَأَنَّ عَيْنًا لَمْ تَسْهَرْ ، فَقَدْ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَأُبْقِيَ الأَجْرُ ، فَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَنِ الْمَقْبُولُ مِنَّا فَنُهَنِّئَهُ ، وَمَنِ الْمَرْدُودُ مِنَّا فَنُعَزِّيَهُ ؟
فَأَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمَقْبُولُ فَهَنِيئًا هَنِيئًا ، وَأَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمَرْدُودُ فَجَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَكَ .

🔘 قال ابنُ رجبٍ رحمه الله : رُوي عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلةٍ مِن شهر رمضان : يا ليت شعري ! مَن هذا المقبولُ فَنُهَنّيه ، ومَن هذا المحرومُ فَنُعَزّيه .

🔘 وعن ابنِ مسعودٍ أنه كان يقول : مَن هذا المقبول مِنّا فَنُهَنّيه ، ومَن هذا المحروم مِنّا فَنُعَزّيه .
أيها المقبول هنيئا لك .
أيها المردود جَبَر اللهُ مُصيبتَك .

عبد الرحمن السحيم 17-06-2018 05:48 AM

كُن على وَجَل مِن قبول العمل (2)

مسألة قبول العمل مِمَّا عُنِيَ بهِ الأنبياءُ ، واهتموا به .

فنَبيَّ اللهِ إبراهيمَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمّا بنى الكعبةَ قَالَ : (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) .

ونبيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمّا ضحّى قَالَ : بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

وامرأةُ عِمرانَ لَمَّا نَذَرَتْ قَالَتْ : (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)

عبد الرحمن السحيم 18-06-2018 05:55 AM

كُن على وَجَل مِن قبول العمل(3)

لَمَّا نَزَلَ قولُهُ تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) قَالَتْ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا : سألتُ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : أهُمْ الذين يَزنونَ ويَسرقونَ ويشربونَ الخمرَ ؟
قَالَ : لا يا ابنةَ الصِّدِّيقِ ، ولكنَّهُم الذين يُصَلُّونَ ويَصُومُونَ ويَتَصَدَّقُونَ ، وهم يَخَافُونَ أنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُم ، أولئكَ الذينَ يُسَارِعُونَ في الخيراتِ .
وفي رواية : ولكنه الرّجل يَصوم ويُصلي ويتصدّق وهو مع ذلك يخاف الله عز وجل .
رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ وابنُ ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي . وصحَّحُهُ الألبانيُّ .

عبد الرحمن السحيم 19-06-2018 06:40 AM

كُن على وَجَل مِن قبول العمل(4)

كَانَ فَضَالةُ بنُ عُبيدٍ رضي اللّه عنه يقولُ : لأنْ أكُونَ أعْلَمُ أنَّ اللهَ تَقَبَّلَ مِنِّي مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أحَبُّ إليَّ مِنَ الدّنيا ومَا فيها ؛ لأنَّ اللهَ تباركَ وتعالى يَقولُ : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) . رواه أبو نعيم في حلية الأولياء .

وجَاءَ سَائِلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، فَقَالَ لابْنِهِ أَعْطِهِ دِينَارًا ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكَ يَا أَبَتَاهُ .
فَقَالَ : لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنِّي سَجْدَةً وَاحِدَةً أَوْ صَدَقَةَ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الْمَوْتِ . أَتَدْرِي مِمَّنْ يَتَقَبَّلُ اللَّهُ ؟ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين .

عبد الرحمن السحيم 19-06-2018 10:47 PM

هل صحيح أنّ صيام الستَّ مِن بعد رمضان يبدأ في شوال وينتهي في شعبان ؟

https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17189

عبد الرحمن السحيم 20-06-2018 06:03 AM

كُن على وَجَل مِن قبول العمل(5)

ينبغي أنْ يَكونَ الْحِرصُ على قبولِ العملِ أكبرَ مِنْ أداءِ العملِ .

🔘 قالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : كُونُوا لِقَبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ اهْتِمَامَا مِنْكُمْ بِالْعَمَلِ، فَإِنَّهُ لَنْ يُقْبَلَ عَمَلٌ إِلاَّ مَع َ التَّقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ ؟

🔸 قال ابن جرير الطبري : وقد ذُكِر عن عامِر بن عبد الله العنبري أنه حين حَضَرَته الوَفَاة بَكَى .
فقيل له : ما يُبْكِيك ، فقد كُنتَ وكُنتَ ؟
فقال : يُبْكِينِي أني أسمع الله يقول : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) .

🔹 قال يحيى بن معاذ الرازي : كيف يَفرح المؤمن في دار الدنيا ؟ إن عَمِل سيئة خَاف أن يُؤخَذ بها ، وإن عَمِل حَسَنة خَاف أن لا تُقْبَل منه ، وهو إمّا مُسِيء وإمّا مُحْسِن . رواه البيهقي في " شُعب الإيمان " .

عبد الرحمن السحيم 21-06-2018 11:22 AM

كُن على وَجَل مِن قبول العمل(6)

قال الله عَزّ وَجَلّ : (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ) .

قال ابن كثير : أخْبَر الصادِق المصدوق أن الله لا يَمَلّ حتى تَمَلّوا ، وأنه طَيّب لا يَقْبل إلاّ طَيّبا ؛ فلهذا لا يَتَقبّل الله مِن هؤلاء نَفَقة ولا عَمَلا ؛ لأنه إنما يَتَقبّل مِن الْمُتّقِين . اهـ .

الصالحون عَمِلوا الصالحاتِ وخافوا أنْ تُردَّ أعمالُهُم عليهِم .


🔸 قالَ الحسنُ البَصْريُّ في وصفِ خيرِ القرونِ : عَمِلُوا واللهِ بالطاعاتِ واجتهدوا فيها ، وخافوا أنْ تُردَّ عليهِم ؛ إنَّ المؤمِنَ جَمَعَ إحسانا وشفقةً ، وإنَّ المنافِقَ جَمَعَ إساءةً وأمْنًا .
يَعْني إساءةً في العملِ وأمْنًا مِن مَكْرِ اللهِ .

🔘 كانَ مُطرّفُ بنُ عبدِ اللهِ يقولُ : اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي صَلاةً ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي صِيَامًا ، اللهُمَّ اكْتُبْ لِي حَسَنَةً ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) . رواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم في حلية الأولياء .

🔘 قالَ ابنُ رَجَبٍ في قولِهِ تعالى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) : لهذا كانتْ هذِهِ الآيةُ يَشْتَدُّ مِنها خَوْفُ السَّلَفِ على نُفُوسِهِم ، فَخَافُوا أن لا يَكُونوا مِنَ الْمُتَّقِينَ الذين يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنْهُم . اهـ .

عبد الرحمن السحيم 21-06-2018 11:22 AM

بُشريات الفجر

https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=20719

عبد الرحمن السحيم 22-06-2018 06:42 AM

كُن على وَجَل مِن قبول العمل(7)

علامَة قَبول العمل

🔘 قال ابنُ القيم : وَعَلامَةُ قَبُولِ عَمَلِكَ : احْتِقَارُهُ وَاسْتِقْلالُهُ ، وَصِغَرُهُ فِي قَلْبِكَ . حَتَّى إِنَّ الْعَارِفَ لَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عُقَيْبَ طَاعَتِهِ . وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاةِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلاثًا.

وَأَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالاسْتِغْفَارِ عُقَيْبَ الْحَجِّ . وَمَدَحَهُمْ عَلَى الاسْتِغْفَارِ عُقَيْبَ قِيَامِ اللَّيْلِ . اهـ .

🔸 وقال ابنُ رجب : علامة قبول الطاعة أن تُوصَل بطاعة بعدها ، وعلامة رَدّها أن تُوصَل بمعصية . ما أحسن الحسنة بعد الحسنة ، وأقبح السيئة بعد الحسنة . اهـ .

عبد الرحمن السحيم 23-06-2018 05:59 AM

كُن على وَجَل مِن قبول العمل(8)

قَالَ ابنُ القيِّمِ في " الوابلِ الصَّيبِ " :
ومُحْبِطَاتُ الأعمالِ ومُفْسِدَاتُها أكثرُ مِنْ أنْ تُحْصَرَ ، وليس الشأنُ في العملِ ، إنَّما الشأنُ في حِفْظِ العملِ مما يُفْسِدُه ويُحْبِطُه .


خُطبة جُمعة عن قبول الأعمال

http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13382

عبد الرحمن السحيم 24-06-2018 06:27 AM

البكاء والندم على فوات الخيرات

🔘 قال محمد بن المبارك الصوري : رأيت سعيد بن عبد العزيز إذا فاتته الصلاة - يعني في الجماعة - أخذ بلحيته وبكى . رواه أبو نعيم في " حِلية الأولياء " .

🔸 وقال حاتم الاصم : فاتتني مَرّة صلاة الجماعة فعزّانِي أبو إسحاق البخاري وحده ، ولو مات لي وَلد لعزّانِي اكثر مِن عشرة آلاف إنسان .
(الكبائر للذهبي)

عبد الرحمن السحيم 24-06-2018 02:46 PM

تنظُر إلى عبادتها بأنها أفضل مِن غيرها . هل بهذا قد حَبِط عملها ؟

http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11224

عبد الرحمن السحيم 25-06-2018 03:09 PM

الإمام أحمد بن نصر الخزاعي الثابِت على دِينِه وعلى مَبادِئِه .

🔸 قال السّبكِي : وأما الأستاذ أحمد بن نصر الخزاعي ، ذو الجنان واللسان والثبات وإن اضطرب المهند والسّنَان ، والوثبات وإن ملأت نار الفتنة كل مكان ، فإنه كان شيخا جليلا قَوّالاً بِالْحَقّ أمّارا بالمعروف نَهّاء عن المنكر ، وكان من أولاد الأمراء ، وكانت محنته على يَدِ الوَاثِق قال له : ما تقول في القرآن ؟ قال : كلام الله ، وأصَرّ على ذلك غير مُتَلَعْثِم ، فقال بعض الحاضرين : هو حَلال الدم !
فقال ابن أبى دؤاد : يا أمير المؤمنين شيخ مُخْتَل لَعلّ به عَاهة أو تَغَيّر عَقْل يُؤخّر أمْره ويُسْتَتَاب .
فقال الواثق : ما أرَاه إلاّ مُؤدّيا لِكُفْره قائما بما يعتقده منه ، ثم دعا بالصّمْصَامة ، وقال : إذا قُمْت إليه فلا يَقُومَنّ أحَد مَعي ، فإني أحتسب خُطاي إلى هذا الكافِر الذي يَعبد رَبّا لا نَعْبده ولا نَعرِفه بِالصّفة التي وَصَفه بها ثم أمَر بِالنّطع ، فأُجْلِس عليه وهو مُقَيّد ، وأمَر أن يُشَدّ رأسه بِحَبل ، وأمَرَهم أن يَمدّوه ، ومشى إليه ، فَضَرَب عُنُقه ، وأمَر بِحَمْل رأسه إلى بغداد فنُصِبَت بالجانب الشرقي أيامًا ، وفي الجانب الغربي أيامًا ، وتَتَبّع رؤوس أصحابه فسُجِنُوا .

🔹 قال الحسن بن محمد الخرقي : سمعت جعفر بن محمد الصائغ يقول : رأيت أحمد بن نصر حيث ضُرِبَت عُنُقه قال رأسه : لا إله إلا الله .

🔘 قال المرّوذِي : سمعت أبا عبد الله [ الإمام أحمد] وذُكِر أحمد بن نصر ، فقال : رحمه الله ما كان أسْخَاه ! لقد جَادَ بِنَفْسِه . (طبقات الشافعية ، للسّبكِي)

عبد الرحمن السحيم 25-06-2018 03:43 PM

لا يجوز الاعتراض على قضاء الله .

قال ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ رضي الله عنه :
لأن يَعضّ أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير من أن يقول لأمْر قضاه الله : ليت هذا لم يكن .

وقيل لابن أبي الحواري : إن فلانا قال : وددت أن الليل أطول مما هو . فقال : قد أحسن ، وقد أساء . أحسن حيث تَمَنّى طوله للعبادة والمناجاة ، وأساء حيث تمنى ما لم يُرده الله ، وأحب ما لم يُحبه الله .

وسبق :
ما رأيك بهذا القول : يا ليتني مولود أيام الجاهلية ، لا عمل ولا هَمّ ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=19095

عبد الرحمن السحيم 25-06-2018 05:52 PM

لا يجوز الاعتراض على قضاء الله .

قال ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ رضي الله عنه :
لأن يَعضّ أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير من أن يقول لأمْر قضاه الله : ليت هذا لم يكن .

وقيل لابن أبي الحواري : إن فلانا قال : وددت أن الليل أطول مما هو . فقال : قد أحسن ، وقد أساء . أحسن حيث تَمَنّى طوله للعبادة والمناجاة ، وأساء حيث تمنى ما لم يُرده الله ، وأحب ما لم يُحبه الله .

وسبق :
ما رأيك بهذا القول : يا ليتني مولود أيام الجاهلية ، لا عمل ولا هَمّ ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=19095

عبد الرحمن السحيم 26-06-2018 05:58 AM

داهَنُوا وكذَبوا ، وشَهِدوا زُورا ، ودَعَوا على أنفسهم ؛ فأصابَتهم دَعَواتهم

💎 لَمّا جَلَس الْمُتَوكّل دَخَل عليه عبد العزيز بن يحيى الكناني فقال : يا أمير المؤمنين ما رُؤي أعجَب مِن أمْر الواثق ، قَتَل أحمد بن نصر ، وكان لِسانه يَقرأ القرآن إلى أن دُفِن ، قال : فَوَجَد الْمُتَوكّل مِن ذلك ، وسَاءه ما سَمِعه في أخِيه ، إذْ دَخَل عليه محمد بن عبد الملك الزّيّات فقال له : يا ابن عبد الملك في قَلبي مِن قَتْل أحمد بن نصر .
🔥 فقال : يا أمير المؤمنين أحْرَقَني الله بالنار إنْ قَتَله أمير المؤمنين الواثق إلاّ كافِرا .

قال : ودَخَل عليه هَرْثمة فقال : يا هرثمة في قلبي مِن قَتْل أحمد بن نصر .
🗡 فقال : يا أمير المؤمنين قَطّعَنِي الله إربا إربا إنْ قَتَله أمير المؤمنين الواثق إلاّ كافِرا .

قال : ودخل عليه أحمد بن أبي دؤاد ، فقال يا أحمد في قلبي مِن قَتْل أحمد بن نصر .
🛌 فقال : يا أمير المؤمنين ضَرَبَني الله بِالفَالِج إنْ قَتَله أمير المؤمنين الواثق إلاّ كافِرا .

قال المتوكّل : فأما الزّيّات فأنا أحْرَقْته بِالنار .

وأما هَرْثمة فإنه هَرَب وتَبَدّى واجتاز بِقَبِيلَة خُزَاعة ، فعرفه رَجُل مِن الْحَيّ ، فقال : يا معشر خزاعة هذا الذي قَتَل أحمد بن نَصر ، فَقَطّعُوه إربا إربا .

وأما أحمد بن أبي دؤاد فقد سَجَنَه الله في جِلْدِه . (طبقات الشافعية ، للسّبكِي)

عبد الرحمن السحيم 27-06-2018 06:02 AM

جالِس مَن تنتفع بمجالسته في دِينك

🔸 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تَصْحَب إلاَّ مُؤمِنًا ، ولا يأكل طعامك إلاَّ تَقِيّ , رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي . وحسّنه الألباني والأرنؤوط .

🔸 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المرء على دِين خليله ، فلينظر أحَدكم مَن يُخَالِل . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي . وحسنه الألباني ، وقال شعيب الأرنؤوط عن إسناد أحمد : إسناده جيد .

🔘 روى عبد الله بن وَهْب عن مالك قال : كان عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود من علماء الناس ، وكان إذا دَخل في صلاته ، فقَعد إليه إنسان لم يُقبِل عليه حتى يَفرَغ مِن صلاته على نحو ما كان يرى مِن طولها .

🔸 قال مالك : وإن علي بن الحسين كان مِن أهل الفضل ، وكان يأتيه فيجلس إليه فيطوّل عُبيد الله في صلاته ولا يلتفت إليه ، فقال له علي بن الحسين وهو ممن هو منه ! فقال : لابدّ لمن طلب هذا الأمر أن يُعنى به .

🔹 وقال : قال نافع بن جُبير لعلي بن الحسين : إنك تجالس أقواما دونا . فقال له علي بن الحسين: إني أُجالِس مَن أنتفع بمجالسته في ديني . قال : وكان نافع يَجِد في نفسه ، وكان علي بن الحسين رجلا له فضل في الدّين .

🔘 وقال محمد بن سعد ، عن علي بن محمد عن علي بن مجاهد ، عن هشام بن عروة قال : كان علي بن الحسين يَخرج على راحلته إلى مكة ويرجع لا يَقرعها ، وكان يُجالِس أسلم مولى عمر ، فقال له رجل مِن قريش : تَدَع قريشا وتُجالس عبد بني عدي ؟! فقال علي : إنما يَجلِس الرّجُل حيث ينتفع .
(تهذيب الكمال ، للمِزّي)

وسبق :
كيف يكون التعامل مع زميلات شيعيات ؟

https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=81

عبد الرحمن السحيم 28-06-2018 05:38 AM

مِن أعظَم الأدْوِيَة

قال ابن القيم : مِن أعظم علاجات الْمَرَض : فِعل الخير والإحسان والذّكْر والدعاء والتضرع والابتهال إلى الله والتوبة ، ولهذه الأمور تأثير في دَفع العِلل وحصول الشفاء أعظم مِن الأدوية الطبيعية ، ولكن بحسب استعداد النفس وقبولها وعقيدتها في ذلك ونفعه .

عبد الرحمن السحيم 29-06-2018 07:21 AM

مِن تواضُعه عليه الصلاة والسلام ، وتواضُع أصحابه رضي الله عنهم

🔹 قال القاضي عياض في " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " : وكان صلى الله عليه وسلم يرَكْبَ الْحِمَار ، ويُردِف خَلْفَه ، ويَعُود المسَاكِين ، ويُجالِس الفُقَراء ، ويُجِيب دَعوة العبد ، ويَجْلِس بين أصحابه مُخْتَلِطا بهم ، حيثما انتهى به الْمَجْلِس جَلَس . اهـ .

🔸 قال جابر بن سمرة رضي الله عنه : كُنّا إذا انْتَهْينَا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جَلَس أحَدنا حيث يَنْتَهِي . رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب الْمُفْرَد " وأبو داود والترمذي ، وحسّنه ، وصححه الألباني ، وحسّنه الأرنؤوط .

🔸 وقال أنس رضي الله عنه : لم يكن شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا إذا رأوه لم يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمون مِن كَرَاهيته لذلك . رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب الْمُفْرَد " والترمذي ، وصححه الألباني والأرنؤوط .

وفي رواية لأحمد : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقْبِل وما على الأرض شخص أحبّ إلينا منه ، فما نَقُوم له لِمَا نَعْلَم مِن كَرَاهيته لذلك .

​وتفصيل أكثر هنا :
هل من السنة أن يقوم الصغير أو يُقام من مكانه تقديرا للكبير ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2736​

عبد الرحمن السحيم 29-06-2018 09:15 PM

الاستغفار سبب للرّزق والنعمة .
والمعاصي سبب للمصائب والشدّة . (ابن تيمية)

عبد الرحمن السحيم 30-06-2018 06:28 AM

اقْبَل الحقّ ممن جاء به ، ولا يَحملك بُغضه أو عداوته على ردّ الحق ..

◀️ قال رجل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : عَلّمني كلمات جَوامع نَوافِع ، فقال : لا تشرك به شيئا ، وزِل مع القرآن حيث زال ، ومَن جاءك بالحق فاقبل منه ، وإن كان بعيدا بغيضا ، ومن جاءك بالباطل فاردده عليه ، وإن كان قريبا حبيبا . (شَرح السّنّة للبَغَوي)

🔘 خذ الْحِكمة والموعِظة ممن جاء بها ..

قال مالك بن دينار : أبكاني الْحَجَّاج في مَسجدكم هذا وهو يخطب ، فسمعته يقول : امرؤ زَوّد نَفْسه ، امرؤ وَعَظ نَفْسه ، امرؤ لم يَأتَمِن نَفْسه على نَفْسه ، امرؤ أخَذ مِن نَفْسه لِنَفسه ، امرؤ كان لِلِسَانه وقَلبه زاجِرٌ مِن الله تعالى . قال : فأبكاني . رواه ابن أبي شيبة .

عبد الرحمن السحيم 01-07-2018 06:41 AM

لا تتأخّر في قبول الحق إذا جاءك ، فربما لا تتهيأ لك الفرصة مرة أخرى

في ترجمة قيس بن الخَطِيم : أدرك الإسلام وتَريّث في قَبُوله ، فقُتِل قَبْل أن يَدخُل فيه .

🛑 قدِم قيسٌ على النبي صلى الله عليه وسلم بِمَكّة ، فَعَرَض عليه الإسلام فقال : إني لأعلم أن الذي تأمُرني به خير مما تأمُرني به نفسي ، وفيها بَقِيّة مِن ذاك ، فأذْهَبُ فأستَمتِع مِن النساء والْخَمْر ، وتقدُم بَلَدنا فأتّبعك . فَقُتِل قبل أن يَتّبِع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهو القائل:
متى ما تَقْتَد بِالباطل الحَقّ يَأبه ... وإن قُدت بالحق الرواسي تَنْقَدِ
إذا ما أتيت الأمر مِن غير بابِه ... ضَللت وإن تَأتِه مِن الباب تَهْتَدِ
(معجم الشعراء)

عبد الرحمن السحيم 02-07-2018 12:19 AM

هل كون طالب العلم يقع في معصية دليل على عدم إخلاصه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15342

اعتَرِف أَحسَن لَك
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=662

عبد الرحمن السحيم 02-07-2018 06:26 AM

مَن ردّ الحقّ هَلَك ، ولم يُوفّق له حين يُريده

رَوَى سَعِيد بن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في، قوله تعالى : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال: 24] قال : يَحُولُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالإِيمَانِ وَطَاعَةِ اللَّهِ . رواه ابن جرير الطبري في تفسيره .

🛑 كان جَبَلَة بن الأيْهَم مِن مُلُوك النَّصَارَى فَأسْلَم في أيَّامِ عُمَر ، وحَجَّ مَعه ، فَبَيْنَما هو يَطُوف بِالكَعْبَة إذْ وَطئ إزَارَه رَجُلٌ مِن بَنِي فِزَارة ، فَانْحَلَّ إزِارُه فَرَفَع جَبَلةُ يَدَه فَهَشَم أنْفَ الفِزَارِيّ ، فَاسْتَعْدَى عَلَيه عُمَر ، فَاسْتَحْضَرَه عُمَر فَاعْتَرَف ، ثم طَلَبَه للقِصَاص فَاسْتَنْكَف واسْتَكْبَر ! وسَألَ عُمَر أن يُمْهِلَه لَيْلَتَه تِلك ، فَلَمَّا ادْلَهَمّ الليل رَكِب في قَوْمِه ومَن أطَاعَه وسَارَ إلى الشَّام ثُم دَخَل بِلادَ الرُّوم ورَاجَع دِينَه دِينَ السُّوء ، أي أنه ارْتَدَّ عَن دِين الإسلام .

ولَمَّا بَدَا لجَبَلَة بن الأيْهَم أن يَعُود إلى الإسلام حِيْلَ بَيْنَه وبَيْن مَا أرَاد ، فَكَان مِمَّا قَال :

تَنَصَّرتْ الأشْرافُ مِن عَارِ لَطْمةٍ * ومَا كَان فِيها لَو صَبَرْتُ لَهَا ضَرَرْ
تكنّفني فيها اللجاجُ ونَخْوةٌ * وبِعْتُ بها العَينَ الصَّحِيحةَ بالعَوَرْ
فَيَا لَيْت أُمِّي لَم تَلِدْنِي ولَيْتَني * رَجَعْتُ إلى القَول الذي قَالَه عُمرْ
ويَا لَيْتَنِي أرْعَى الْمَخَاض بِقَفْرةٍ * وكُنْتُ أسَيرًا في رَبِيعَة أوْ مُضَرْ
ويَا لَيْتَ لي بالشَّام أدْنَى مَعْيِشةٍ * أجْلِس قَومِي ذَاهِب السَّمْع والبَصَر
أدِين بِمَا دَانُوا بِه مِن شَرِيعة * وقَد يَصْبِر العَوْد الكَبِير عَلى الدَّبَر

وكَان جَبَلَة بَعْدَ ذَلِك إذا سَمِع هَذه الأبْيَات تُغَنَّى له بَكَى حتَّى يَبُلّ لِحيَته ..

🔘 هذه القصة ذَكَرَها المؤرخون ، أمثال : ابن الجوزي وابن عساكر وابن كثير وغيرُهم .

🔹 فالبِدَار البِدَار .. قبل أن يُحَال بَيْنَك وبَيْن التَّوبَة ..
وقَبْل أن يُغلَق بَاب التَّوبة ..
وقَبْل أن تَتَمَنَّى الأوْبَة ..

عبد الرحمن السحيم 03-07-2018 05:50 AM

القلوب الطاهرة ، والقلوب النّجِسَة

قال الله تبارك وتعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ)

🔘 قال ابن القيم : القلب الطاهِر لِكَمال حياته ونوره وتَخَلّصه مِن الأدران والخبائث لا يَشْبَع مِن القرآن ، ولا يَتَغَذّى إلاّ بِحَقَائقه ، ولا يَتَدَاوى إلاّ بِأدْويته ، بِخلاف القلب الذى لم يُطَهّره الله تعالى ، فإنه يَتَغَذّى مِن الأغذية التى تُنَاسِبه ، بحسب ما فيه مِن النجاسة ؛ فإن القلب النجس كَالبَدَن العَليل المريض ، لا تلائمه الأغذية التى تُلائم الصحيح .
ودلّت الآية على أن طهارة القلب مَوقوفة على إرادة الله تعالى ، وأنه سبحانه لَمّا لم يُرِد أن يُطَهّر قلوب القائلين بالباطل ، الْمُحَرّفِين للحَقّ ، لم يحصل لها الطهارة . (إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)

عبد الرحمن السحيم 04-07-2018 06:36 AM

القلوب الطاهرة ، والقلوب النّجِسَة

القلوب الطاهرة ، لا تَضُرّها شًبهة ، لا تُؤثِّر فيها ، ولا تلتَصِق بها

والقلوب النّجِسَة ، تؤثّر فيها كلّ شُبهَة ، وتعصِف بها كلّ فِتْنَة

قال ابن القيم رحمه الله : وَالْقَلب يَتوارده جَيْشَان مِن الْبَاطِل : جَيش شهوات الغَيّ ، وجيش شُبُهَات الْبَاطِل ؛ فأيّما قَلْب صَغَا إليها ورَكَن إليها تَشَرّبها وامتلأ بهَا ، فيَنْضَح لِسَانه وجوارحه بموجبها ، فإن أُشْرِب شُبُهَات الْبَاطِل تَفَجَّرَتْ على لِسَانه الشّكوك والشّبُهات والإيرَادَات ؛ فيَظُنّ الْجَاهِل أن ذَلِك لِسَعَة عِلْمه ، وإنَّما ذَلِك مِن عَدم عِلْمِه ويَقِينه .

وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه - وقد جَعَلْتُ أُورِد عليه إيرَادًا بعد إيرَاد - : لا تَجعل قَلْبَك للإيرَادات والشُّبُهَات مثل السّفِنْجَة فَيَتَشَرّبها ، فلا يَنْضَح إلاَّ بها ، ولكن اجْعَله كالزُّجَاجة الْمُصْمَتَة تَمُرّ الشُّبُهات بِظَاهرها ولا تَسْتَقِرّ فيها ، فَيَرَاها بِصَفائه ، ويَدْفَعها بِصَلابته ، وإلاَّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبك كل شُبهة تَمُرّ عليها صار مَقَرًّا للشّبُهات . أو كما قال . فما أعلم أني انتفعت بِوَصيّة في دَفْع الشُبُهات كَانْتِفَاعِي بِذَلك . (مفتاح دار السعادة)


الساعة الآن 05:29 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى