منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسـم المقـالات والـدروس والخُطب (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=41)
-   -   شرح منهج السالكين ( دروس ) (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7937)

محب السلف 23-03-2010 09:16 PM

شرح منهج السالكين (11)
 
شرح منهج السالكين – 11


قال الشيخ رحمه الله :

بَابُ صِفَةِ اَلْوُضُوءِ

الشَّرح :

لما فَرَغ الشيخ رحمه الله من باب إزالة النجاسة ، وبيّن الأشياء النجسة ، عقد باب " صِفة الوضوء " ، وذلك أن المتوضِّئ يحتاج إلى إزالة الخبث قبل رفع الْحَدَث .

فلو قضى الإنسان حاجته فإنه يجب عليه إزالة الخبث قبل الوضوء .

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا علاقة بين الوضوء والاستنجاء ، أي لا يلزم من أراد الوضوء أن يستنجي .

فلا يُفهم من القول بوجوب إزالة الخبث أنه يجب على من أراد الوضوء أن يستعمل الماء ، وهو الاستنجاء .

فلو كان استعمل الأحجار أو المناديل في الاستنجاء والاستجمار ، لم يلزمه أن يغسل الْمَحَلّ عند الوضوء .

والصحيح أن استعمال الحجارة في إزالة الْخَبَث يُطلق عليه " استنجاء " .

قال الإمام البخاري رحمه الله : باب الاستنجاء بالحجارة .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : أراد بهذه الترجمة الرد على من زعم أن الاستنجاء مختص بالماء ، والدلالة على ذلك من قوله استنفض ، فإن معناه استنجى . اهـ .

وقول الشيخ رحمه الله : صِفة الوضوء : أي صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، أو الوضوء الشرعي الذي يرفع الْحَدَث وتصحّ به الصلاة .



قال الشيخ رحمه الله :

وَهُوَ :

أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ اَلْحَدَثِ , أَوْ اَلْوُضُوءَ لِلصَّلاةِ وَنَحْوِهَا .

وَالـنِّـيَّـةُ : شَرْطٌ لِجَمِيعِ اَلأَعْمَالِ مِنْ طَهَارَة وَغَيْرِهَا ; لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا اَلأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ , وَإِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئ مَا نَوَى . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

الشَّرح :

أي أن ينوي بوضوئه رفع الْحَدَث ، فإن ابتدأ غسل أعضائه حتى انتصف في الوضوء فإنه لا يصحّ ، لأنه فقد النية في ابتداء العمل .

والنية محلها القلب فلا يحتاج إلى القول بنفسه ، ولا يجوز له أن يتلفّظ بالنيّـة .

وإن توضأ عند حضور الصلاة ، ونوى استباحة الصلاة ، فإنه يكفيه عن نية رفع الحدث .

وإن توضأ بنية رفع الحدث فإنه يكون مُتطهِّراً ما لم يُحدِث ، فيجوز له أن يعمل الأعمال الكثيرة التي تتطلّب الطهارة من الحدث ، كالصلوات الخمس ، وما يُشرع له الوضوء كالطواف وقراءة القرآن .

ولقائل أن يقول : من أين اشترطتم النية ولم تَرِد في آية المائدة ، ولا في صِفة وضوئه عليه الصلاة والسلام ؟

فالجواب : أن الآية تضمّنت النية في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) فالقيام وقصد الصلاة نيّـة .

وأما من وصفوا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كعثمان رضي الله عنه وعبد الله بن زيد رضي الله عنه وغيرهما فإنما وَصَفُوا الفعل دون القول ، ولذلك لم يَرِد في وصفهم لوضوئه صلى الله عليه وسلم ذِكر البسملة في أول الوضوء ، ولا التشهّد في آخره .

ثم إن الشيخ رحمه الله بيّن أن النيّـة شرط في جميع الأعمال ، وهي على الصحيح ثلاثة أضرب :

1 – أن تكون رُكن في العمل ، وهذا يكون في الحج ، فإن النية رُكن .

2 – شرط صِحّـة ، وهذا في سائر الأعمال ، في الفرائض والوضوء ونحوها .

3 – شرط كمال ، كالنيّـة في الزكاة ، فإنها إذا أُخِذت من صاحبها ، أسقطت الطّلب عنه .



والحديث الذي أورده الشيخ رحمه الله رواه البخاري ومسلم من حديث عُمر رضي الله عنه ، وهو حديث مشهور ، وسبق شرحه ضمن أحاديث عمدة الأحكام ، وبيان ما يتعلق بالنيّـة .

والصحيح أن النيّـة تدخل في أفعال الـتُّـرُوك ، أي يكون للمسلم نيّـة فيما يأتي وفيما يَذّر .

فإنه إذا نوى ترك السيئة أُجِر عليها ، وكذلك إذا ترك الانتقام ونوى بذلك نيّـة صادقة أُجِر عليها ، وهكذا .

وفرق بين من لا تطرأ عليه المعصية أصلا ، وبين من ينوي وجه الله بِترك المعصية .

وقوله رحمه الله : متفق عليه . يعني أن البخاري ومسلم أخرجا الحديث عن صحابي واحد . فإن اختَلَف الصحابي فإنه لا يُقال فيه : مُتّفق عليه ، وإنما يُقال : رواه البخاري من حديث فلان , ومسلم من حديث فلان .



والله تعالى أعلم .

محب السلف 23-03-2010 09:17 PM

شرح منهج السالكين (12)
 
شرح منهج السالكين – 12


قال الشيخ رحمه الله :

ثُمَّ يَقُولَ : "بِسْمِ اَللَّهِ" .

الشَّرح :

أي عند بدء الوضوء .

والتسمية عند بداية الوضوء الصحيح أنها واجبة .

وللشيخ أبي إسحاق الحويني رسالة بعنوان : كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء

ورجـّـح فيها ثبوت أحاديث التسمية عند الوضوء .

وتسقط عند النسيان .

قال الشيخ رحمه الله :

وَيَغْسِلَ كَفَّيْهِ ثَلاثًا .

الشَّرح :

يغسل كفيه ثلاثا على الاستحباب ، فإن كان قام من نوم فهو آكد ، بل جاء النهي عن أن يُدخِل يديه في الإناء من قام من النوم حتى يغسلهما ثلاثاً .

وهذا سبق بيانه في شرح الحديث الرابع من شرح العمدة .

وجاء في صِفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم : " فأفرغ على يديه "

وفيه دليل على سُنيّة ذلك ولو لم يكن قام من نوم ؛ لأن اليدين مَظِنّة الغبار والوسخ .

وهذا أيضا سبق التفصيل فيه في شرح الحديثين 8 ، 9 من شرح العمدة .

قال الشيخ رحمه الله :

ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ ثَلاثًا , بِثَلاثِ غَرْفَات .

حُكم المضمضة والاستنشاق : مُستحبة عند جمهور العلماء في الوضوء والغُسْل .

وقوله ثلاثاً بثلاث غرفات :

أي يَجعل الغَرْفَة الواحدة بين الفم والأنف .

قال الشيخ رحمه الله :

ثُمَّ يَغْسِلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا .

الشَّرح :

الثلاث على الاستحباب ، بل ما زاد عن المرّة الواحدة على الاستحباب ، إلا أن تكون الواحدة لا تُنقي أو لا تُعمم الماء على الوجه .

قال الشيخ رحمه الله :

وَيَدَيْهِ إِلَى اَلْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثًا .

الشَّرح :

ويكون غَسْل اليد من أطراف الأصابع إلى المرافق ، ويُدير الماء على مرفقيه .

وما زاد عن الواحدة فسُـنّة إلا أن لا تُنقي المرّة الواحدة أو لا تُعمم الماء على العضو .

قال الشيخ رحمه الله :

وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِلَى قَفَاهُ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُعِيدَهُمَا إِلَى اَلْمَحَلِّ اَلَّذِي بَدَأَ مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً

الشَّرح :

مسح الرأس له ثلاث صِفات :

1 - أن يبدأ بِمقدّم رأسه ، ويُمرّ يديه على رأسه حتى يبلغ بهما قفاه ، ثم يُعيد يديه إلى مُقدّم رأسه .

2 - أن يبدأ بمؤخِّر رأسه ، ويُمرّ يديه على رأسه حتى يصل بهما إلى منابت الشعر في مُقدّم رأسه ، ثم يُعيدهما إلى قفاه .

وهاتان الصفتان دلّ عليهما :

حديث عبد الله بن زيد ، وفيه :

ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ؛ بدأ بمقدَّم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه . رواه البخاري ومسلم .

وفي رواية لمسلم :

ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر .

3 – أن يمسح كل جهة لوحدها .

ويدل عليه حديث الرُّبَيِّع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها ، فمسح الرأس كله من قرن الشعر ، كل ناحية بمنصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته . رواه أبو داود ، وقال الألباني : حسن .

قال القرطبي : ورُويَتْ هذه الصفة عن ابن عمر وأنه كان يبدأ من وسط رأسه .

وهذه الصفة هي الأنسب للمرأة ، ولهذا – والله أعلم – مسح النبي صلى الله عليه وسلم هذا المسح أمام المرأة ولم يمسحه أمام الرِّجال الذين نقلوا صِفة وضوئه .

قال الشيخ رحمه الله :

ثُمَّ يَدْخُلَ سَبَّاحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ , وَيَمْسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَهُمَا .

الشَّرح :

السَّبـَّـاحَّـة : هي الأصبع السَّـبّابَـة ، وسُمِّيَت سباحة لأنه يُتشهّد بها ويُشار بها في التّسبيح .

والصِّماخ : هو فتحة الأذن ، أو ثُقب الأذن .

وفي حديث الرُّبيِّع رضي الله عنها : " فأدخل إصبعيه في جُحري أذنيه " . رواه أبو داود .

والمراد أنه أدخل أصبعه التي تلي الإبهام في يده اليمنى في أذنه اليمنى ، واليسرى في اليسرى .

وهذا يُجزئ في مسح الأذن ، إلا أن من السنة أن يَمسح ظاهر أذنيه .

وكيف يكون مسح الأذنين ؟

في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرفوعاً :

" فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه ، وبالسباحتين باطن أذنيه " . رواه أبو داود وابن ماجه .

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أذنيه داخلهما بالسبابتين ، وخالف إبهاميه إلى ظاهر أذنيه ، فمسح ظاهرهما وباطنهما . رواه أبو داود وابن ماجه .

وهل يأخذ لأذنيه ماء جديداً ؟

في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه : " ومسح برأسه بماء غير فضل يده " .

قال الشيخ رحمه الله :

ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ مَعَ اَلْكَعْبَيْنِ ثَلاثًا ثَلاثًا .

الشَّرح :

الواجب غسل الرِّجلين مرّة واحدة ، وما زاد فهو سنة ، إلا أنه لا تجوز الزيادة عن الثلاث ، إلا أن يكون في الرِّجْلَين طين أو نحوه فيُزاد لأجل الإنقاء .

ففي حديث عبد الله بن زيد : " وغسل رجليه حتى أنقاهما " .

والصحيح أن الكعبين والمرفقين يدخلان في الوضوء ، ويجب غسل المرفقين مع اليدين ، والكعبين مع القَدَمَين .

قال الشيخ رحمه الله :

هَذَا أَكْمَلُ اَلْوُضُوءِ اَلَّذِي فَعَلَهُ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم .

الشَّرح :

هذا الوضوء الذي وَصَفَـه الشيخ رحمه الله هو الأكمل والأفضل في الوضوء .

وهو أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً .

فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه توضأ مرّة مرّة ، ومرتين مرتين ، وثلاثاً ثلاثاً .

روى البخاري عن ابن عباس قال : توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة .

وروى عن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين .

وروى بعد ذلك حديث عثمان وفيه الوضوء ثلاثًا ثلاثاً .

فالثلاث أكمل من هذه الناحية .

ولا يعني هذا أنه ليس هناك أكمل منه .

فإنه جاء في الأحاديث تخليل الأصابع وتخليل اللحية للرَّجُل ، وهذا أكمل من هذه الناحية ، أي مَن جَمَع بين الثلاث في الوضوء ، وبين التخليل فهو أفضل وأكمل .

ويجوز أن يكون الوضوء ثلاثاً في بعض الأعضاء ومرّتين في بعضها .

ويدل عليه ما رواه مسلم عن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري - وكانت له صُحبة - أنه قيل له : توضأ لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدعا بإناء فأكفأ منها على يديه فغسلهما ثلاثا ، ثم أدخل يده فاستخرجها فمضمض واستنشق من كف واحدة ، ففعل ذلك ثلاثا ، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثا ، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين ، ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر ، ثم غسل رجليه إلى الكعبين ، ثم قال : هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والحديث أصله في الصحيحين .

والله تعالى أعلم .


الساعة الآن 09:08 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى