![]() |
|
ما هو سبب حرمان نَعيم الإيمان ، وجَنّة الدنيا ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : والله سبحانه جَعل مما يُعاقِب به الناس على الذنوب : سَلْب الهدى والعِلم النافع ، كَقَوله : (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ) وقال : (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ) وقال : (وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) ، وقال : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) ، وقال : (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) ... والمقصود هنا أن مِن الذنوب ما يكون سببًا لِخَفاء العلم النافع أو بعضه ، بل يكون سببا لِنِسيان ما عَلِم ، ولاشْتِبَاه الحق بالباطل تقع الفتن بسبب ذلك . |
مَن اتّبَع الهوى زَلّ وهَوَى (1)
اتِّباع الهُدى أو اتِّبَاع الهوى قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الإنسان إذا لم يَخَف مِن الله اتّبع هَواه . وقال ابن القيم : الله سبحانه وتعالى جَعل الهوى مُضادا لِمَا أنزله على رسوله ، وجعل اتِّباعه مُقابلا لِمُتابعة رُسُله ، وقَسّم الناس إلى قسمين : أتْباع الوحي ، وأتْباع الهوى ، وهذا كثير في القرآن ، كَقَوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ) .. |
من اتّبَع الهوى زَلّ وهَوَى (2)
مِن الهوى : تتبّع الرُّخص ، والوقوع في الذنوب مُخادعة للنَّفْس قال ابن القيم : الذنوب للقلب بِمَنْزِلة السموم ، إن لم تُهلكه أضعفته ولا بُدّ ، وإذا ضعفت قوته لم يقدر على مقاومة الأمراض . قال طبيب القلوب عبد الله بن المبارك : رأيت الذنوب تُميت القلوب ... وقد يُورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها فالهوى أكبر أدوائها ، ومخالفته أعظم أدويتها . |
من اتّبَع الهوى زَلّ وهَوَى (3)
*الهوى أوسع مداخل الشيطان على ابن آدم* قال ابن القيم : الشيطان ليس له مَدخل على ابن آدم إلاّ من باب هواه ، فإنه يُطيف به من أين يدخل عليه ، حتى يُفسد عليه قلبه وأعماله ، فلا يجد مدخلا إلاّ مِن باب الهوى ، فيَسري معه سَرَيان السّم في الأعضاء . |
من اتّبَع الهوى زَلّ وهَوَى (4)
عُبودية الهوى ! أهل النفاق اتَّخذوا الهوى حَكَمًا ، فسَمّاه الله عبودية للهوى ، كما قال الله تبارك وتعالى : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا) . 🔸 قال الحسن : هو المنافق لا يَهوى شيئا إلاّ رَكِبَه . 🔹 وقال قتادة : هو الذي كُلّما هَوى شيئا رَكِبَه ، وكلّما اشتهى شيئا أتاه ، لا يَحجزه عن ذلك وَرَع ولا تَقوى . |
من اتّبَع الهوى زَلّ وهَوَى (5)
اتِّبَاع الهوى يُعمِي ويُصمّ ! قال أبو الدرداء رضي الله عنه : حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ . رواه الإمام أحمد وأبو داود . 🔹وقال ابن القيم : زَوبعة الْهَوَى إذا ثارت سَفَتْ في عين البصيرة ، فَخَفِيَت الجادة . 🔸وقال الشاطبي : مَن طلب خَلاص نفسه تثبّت حتى يتّضح له الطريق ، وَمن تساهل رَمَته أيدي الهوى في مَعاطِب لا مَخْلَص له منها إلاّ ما شاء الله . |
من اتّبَع الهوى زَلّ وهَوَى (6)
اتِّبَاع الهوى داء ، والسلامة منه دواء . قال ابن القيم رحمه الله : وقد يَمرَض القلب ويشتد مَرضه ، ولا يَعْرِف به صاحبه لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها ، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بِموته ، وعلامة ذلك أنه لا تُؤلمه جراحات القبائح ، ولا يُوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة ، فإن القلب إذا كان فيه حياة تألَّم بِوُرود القبيح عليه ، وتألَّم بجهله بالحق بحسب حياته . وقد يشعر بِمَرضه ، ولكن يشتد عليه تحمل مرارة الدواء والصبر عليها ، فهو يؤثر بَقاء ألَمِه على مشقة الدواء ، فإن دواءه في مخالفة الهوى ، وذلك أصعب شيء على النفس ، وليس لها أنفع منه . |
من اتّبَع الهوى زَلّ وهَوَى (7)
قال ابن الجوزي : لا تُخْلِ نَفسك مِن موعظة تُسمِعها ، وفكرة تُحادِثها بها ، فإن النفس كالفَرس الْمُتَشَيْطِن : إن أهْمَلْتَ لِجَامَه لم تأمن أن يَرمي بك . وقد والله دنّستك أهواؤك ، وضَيّعت عمرك . فالبدار البدار في الصيانة قبل تَلَف الباقي بالصَّبَابة ، فَكم تَعَرْقل في فَخّ الهوى جناح حازِم ! |
من اتّبَع الهوى زَلّ وهَوَى (8)
* قال عليّ رضي الله عنه : إنما أخشى عليكم الهوى . * وقال معاوية : لا رأى لِذِي هَوى . * وقال عُمر لمعاوية : مَن أصبر الناس ؟ قال : من كان رأيه رادّا لِهَواه . * وقالوا : إنما سُمِّي الهوى لأنه يَهوِي بِصاحبه . * وكان يُقال : إذا غَلَب عليك عقلك فهو لك ، وإن غلب هواك فهو لِعَدوّك . (الآداب الشرعية ، لابن مفلح) وانظر : (الفاضل ، للمبرّد) |
الساعة الآن 06:14 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى