![]() |
دَلِّل لنا على القُدرة (3)
قال ابن كثير رحمه الله : وعن الشافعي : أنه سُئل عن وجود الصانع ، فقال : هذا وَرَق التُّوت ؛ طعمه واحد ؛ تأكله الدود فيخرج منه الإبريسم ، وتأكله النحل فيخرج منه العسل ، وتأكله الشاة والبعير والأنعام فتُلقِيه بَعْرا ورَوثا ، وتأكله الظباء فيخرج منها المسْك ، وهو شيء واحد . 🔸وعن الإمام أحمد بن حنبل أنه سئل عن ذلك ، فقال : هاهنا حِصن حصين أملس ، ليس له باب ولا مَنفَذ ، ظاهِره كالفِضّة البيضاء ، وباطنه كالذهب الإبريز ، فبينا هو كذلك إذ انصدع جِداره ، فخرج منه حيوان سميع بصير ، ذو شكل حَسن وصوت مليح ، يعني بذلك البيضة إذا خَرج منها الدجاجة . 🔹وسئل أبو نواس عن ذلك فأنشد : تأمّل في نبات الأرض وانظر * إلى آثار ما صنع المليك عيون مِن لُجين شاخصات * بأحداق هي الذهب السّبِيك على قُضب الزبُرجد شاهدات *** بأن الله ليس له شريك |
دَلِّل لنا على القُدرة (4)
الثمار : حامض وحُلو ومُرّ ، وأحمر وأخضر وأصفر ، ونافع وضارّ ؛ الأرض واحدة ، والماء واحد .. قطع متجاورات وطُعُوم وأشكال مختلفات (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) قال الفيروزي آبادي : للرُّمَّانِ ستَّةُ طُعُومٍ ، كما للتُّفَّاحِ . اهـ . |
دَلِّل لنا على القُدرة (5)
حركة الشمس ، وتغيّر مسارها للشمس مسار في الصيف ، ومسار في الشتاء ، فإذا تغيّر مجراها بإذن ربّها تغيّر الجو ، وتبدّل الطقس ، واختَلَف حتى الظِّل . فسبحان مَن هذا صُنعه .. (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) قال البغوي : أراد مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، وأراد بالمغربين : مغرب الشتاء ومغرب الصيف . اهـ . |
دَلِّل لنا على القُدرة (6)
استغنى الله عن مُعين أو مشير .. بينما لا تجِد صَنْعة إلاّ وقد اشترك فيها عدد مِن الناس ، وكلّما كبُر المصنوع زاد عدد العاملين والمشارِكين .. تأمّل في المصنوعات الكبيرة ، كالطائرات والسيارات : تَجِد فيها أجزاء مِن بلدان شَتّى ! قماش المراتب مِن بَلَد ، والإطارات مِن بَلَد ، والمحرِّكات مِن بَلَد ، أو مِن شركة أخرى .. لكن الله وحده جلّ جلاله تَفرّد بالْخَلْق والإيجاد وإبداع الصُّنْع . |
دَلِّل لنا على القُدرة (7)
طلوع النور أخفَى أضواء القناديل ! طلع الصباح فأطفئوا القنديلا الله نور السماوات والأرض ، عَمّ نوره الوجود ، فأغنى عن كل نُور . لو اجتمع أهل الأرض وأرادوا إضاءة الكون كما يُضيء طلوع النور صباحا ؛ لَمَا استطاعوا ! تَفرّد الله بالقُدرة والقوّة سبحانه وبِحمده . |
دَلِّل لنا على القُدرة (8)
أنزل مِن السماء ماء بِقَدَر ؛ فَجَعله سبحانه رَحمة لِقوم ، وعذابا على قوم . والماء واحد . لو اجتمع أهل الأرض وأرادوا إنزال ماء مِن السماء بهذ الدِّقّة وبتلك المقادير ؛ لاستحال ذلك عليهم ! (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا) وليست العِبرة بِنُزول الماء فحسب ، بل في بقاء الماء في جوف الأرض وعموم نَفعه . وأهل الطبيعة يقولون : السّحاب يتكون من تبخّر البحار والله يقول : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ) . ولمّا عطش الصحابة في السفر قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا رسول الله إن الله قد عَوّدك في الدعاء خيرا ، فادْع لنا ، فقال : أتحب ذلك ؟ قال : نعم ، فرفع يده فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظْلَمَت ثم سَكَبت ، فملؤوا ما معهم . قال عمر رضي الله عنه : ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جازت العسكر . رواه ابن خزيمة والحاكم وصححه هو والذهبي . وسبق : حول ما قيل عن الإعجاز العلمي في قوله تعالى : (والسماء ذات الرجع) http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=88678 |
دَلِّل لنا على القُدرة (9)
الله تبارك وتعالى هو القويّ القادِر المُقتَدِر ؛ خَلَق المتضادّات ؛ فَجَعَل في النار نور ومنفعة ، (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ) قال البغوي : والمعنى أنه ينتفع بها أهل البوادي والأسفار ، فإن منفعتهم بها أكثر مِن منفعة الْمُقِيم ، وذلك أنهم يُوقدونها ليلا لِتَهرب منهم السباع ، ويهتدي بها الضالّ ، وغير ذلك مِن المنافع ، هذا قول أكثر المفسرين . اهـ . ويَجعل الله النار إذا شاء عذابا على قوم . وكذلك الماء ؛ فيه حياة لِجميع المخلوقات الحيّة ، ويَجعله الله عذابا على قوم بالغرَق والفيضانات والطوفان . 🔸قال ابن القيم : ولولا خَلْق المتضَادّات لَمَا عُرف كمال القدرة والمشيئة والحكمة ، ولَمَا ظَهرت أحكام الأسماء والصفات ، وظهور أحكامها وآثارها لا بُدّ منه ، إذ هو مقتضى الكمال المقدَّس والملك التام . 🔸وقال رحمه الله : الحكمة إنما تتم بِخَلْق المتضَادّات والمتقابلات ؛ كالليل والنهار ، والعُلو والسفل ، والطيب والخبيث ، والخفيف والثقيل ، والحلو والمر ، والبرد والألم واللذة ، والحياة والموت ، والداء والدواء ؛ فَخَلْق هذه المتقابلات هو محل ظهور الحكمة الباهرة ، ومحل ظهور القدرة القاهرة والمشيئة النافذة والملك الكامل التام . |
دَلِّل لنا على القُدرة (10)
حَشرة بِحجم رأس القلم ، لو فرَكَتها بين أصبعين لَتَلِفَت ! لها رُوح ، ولها أجهزة تعيش بها ، ولها أجل مُسمّى ، وأعجب مِن ذلك : أنها تُدرِك ما ينفعها وما يضرّها !! فسبحان مَن خَلَقها وأوجَدها ، وأوْجَد فيها قُوى الإدراك ، وحب الحياة . (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ) . |
دَلِّل لنا على القُدرة (11)
رَفْعُ بَشر مِن الأرض إلى السماء السابعة ، ومُروره بِكلّ سماء ، وسلامه على أهلها ، وعودته في سويعات وكم يحتاج البشر اليوم من أوقات للسفر بين أقطار الأرض ؟! قال الله تبارك وتعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) قال ابن كثير : يُمجّد تعالى نفسه ، ويُعظّم شأنه ، لِقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه ، فلا إله غيره (الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ) يعني محمدا، صلوات الله وسلامه عليه (لَيْلاً) أي : في جُنح الليل (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وهو مسجد مكة (إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى) وهو بيت المقدس الذي هو إيلياء ، مَعدِن الأنبياء مِن لَدُن إبراهيم الخليل ؛ ولهذا جُمِعُوا له هنالك كلهم ، فأمّهُم في مَحلّتهم ودارهم ، فدلّ على أنه هو الإمام الأعظم ، والرئيس المُقدّم ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين . |
إجماع الأمم على ذمّ الباطل والضلال ، واستقباح الفواحش والفجور
ففي خبر امرأة عزيز مصر : (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) . قال ابن كثير : أي : في صَنيعها هذا مِن حُبها فَتَاهَا ، ومُراوَدتها إياه عن نَفسه . اهـ . وفي خبر مريم عليها السلام : (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) . قال القرطبي : فَمَدَحُوا أَبَاهَا ، وَنَفَوْا عَنْ أُمِّهَا الْبِغَاءَ ، أَيِ : الزنا . اهـ . وقال السمعاني : ومعناه : كيف جئتِ مُفسدة زانية مِن أبوين صالحين ؟ . اهـ . فالقبائح والفواحش مذمومة في جميع الشرائع ، مُستقبَحة عند جميع العقلاء ، بل حتى في الجنة التي لأهلها ما تشتهيه أنفسهم : ليس فيها إباحة للفواحش . 🔹وسبق : ما هذا الفعل الذي يَسْتَقْبِحه الحيوان البهيم ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6069 |
الساعة الآن 02:57 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى