![]() |
ما حكم أكل اللحم البشري ؟
شيخنا المبارك أحد المشايخ قام يلقي درساً بأحد مساجد حيَّنا وقال كلاماً في نفسي منه شيء لكن لا عِلمَ عندي لرده فأرجو بيان الحق في قوله. قال : بأنه يجوز أكل لحوم البشر إذ لا دليل على تحريم أكلها والأصل في الأشياء الإباحة، وليس لأحد أن يستدل بقوله " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه " فبمفهوم المخالفة يجوز أكله حياً لو قطع عضو من أعضائه لأن ما أبين من حي فهو كميتته وميتتة الإنسان طاهرة. ولا يصح كذلك الاستدلال ب " كل المؤمن على المؤمن حرام دمه .. " لأنه خطاب للمؤمنين وعليه فيخرج غير المؤمن. إلى آخر ما ذكره مما لست أذكره ، ثم ختم كلامه قائلاً : أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة على تحريم أكل لحوم البشر إلا الاستقذار العرفي ولا يصح دليلاً إذ أن غيرك لا يستقذره . أرجو التوضيح والإبانة بورك فيكم http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وبارك الله فيك . رَحِم الله الإمام أحمد إذْ كان يقول : إياك أن تتكلّم في مسألة ليس لك فيها إمام . ورَحِم الله شيخ الإسلام ابن تيمية إذْ كان يقول : وكُلّ قول يَنْفَرد به المتأخِّر عن المتقدمين ولم يَسْبِقه إليه أحد منهم فإنه يكون خطأ . اهـ . وهذه المسألة أشْهَر مِن أن تُذكَر أو يُطلب لها دليل تحريم ! وليس يصحُّ في الأذهانِ شيءٌ ... إذا احتاجَ النهارُ إلى دليل وتحريم أكْل لَحْم الآدمي مَحَلّ إجماع ، إلاّ في حال الاضطرار ؛ فقد اختلفوا في لحم غير معصوم الدمّ . قال ابن قدامة في المغني : يَحْرم على المضطر قَتل آدمي معصوم لِيأكُله ؛ مُسْلِمًا كان أو ذِمّيًّا لِحُرْمَته ، ويجوز ذلك إن كان حربيا أو مرتدا ؛ لأنه لا حُرمة له ، فهو بِمَنْزِلة السِّباع . وإن وُجد مَيتا جاز أكله كَما لو قَتَله . وإن وَجَد معصوما مَيتا ، لم يُبَح أكله ... واحتج أصحابنا بحديث : كَسْر عَظْم الميت كَكَسْر عظم الْحَيّ . واختار أبو الخطاب أن له أكْله . وقال : لا حُجة في الحديث هاهنا ؛ لأن الأكل مِن اللحم لا مِن العظم . اهـ . وقال القرطبي في تفسيره : إذا وَجَد المُضْطَرّ ميتة وخنزيرا ولَحْم ابن آدم ، أكل الميتة ، لأنها حلال في حال. والخنزير وابن آدم لا يَحِلّ بِحَال . والتحريم المُخَفَّف أوْلى أن يُقْتَحَم مِن التحريم الـمُثَقَّـل . اهـ . وقال الزيلعي في " تبيين الحقائق شرح كَنْز الدقائق " فيما يتعلّق بالْمُحْرِم : وَإِنْ وَجَدَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَصَيْدًا أَكَلَ الصَّيْدَ ؛ لأَنَّ لَحْمَ الإِنْسَانِ حَرَامٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَحَقًّا لِلْعَبْدِ ، وَالصَّيْدُ حَقًّا لِلشَّرْعِ لا غَيْرُ ، فَكَانَ أخَفّ . اهـ . واستدلّ العلماء على تحريم أكل لَحْم الآدمي بقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ) قال ابن عابدين في " حاشية رد المختار على الدر المختار " : لحم الإنسان لا يُباح في الاضطرار لِكَرَامته . اهـ . ثم إن أكْل لَحْم الآدمي مُضِرّ بآكِله ، ولذلك يُذْكَر بأن آكِل لحم الآدمي يُصاب بالسُّعار (الكَلَب) . وقد ذَكَر بعض مشايخنا أن أقرب اللحوم إلى لحم الآدمي هو لحم الخنزير ، ولعل هذا مِن أسباب تحريم أكل لحم الخنزير ، وبالتالي فالْحُكم مُنْسَحب على لَحْم ابن آدم لِضرره . وقد أمَر الله بأكْل الحلال الطيب ، ولَحْم الآدمي ليس كذلك ؛ لِمَا فيه مِن الأضرار ، ولِلإجماع على تحريمه في غير الاضطرار . قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا ًطَيِّبًا) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فَإِنَّمَا أَذِنَ لِلنَّاسِ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ بِشَرْطَيْنِ : أَنْ يَكُونَ طَيِّبًا ، وَأَنْ يَكُونَ حَلالا . اهـ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 01:47 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى