![]() |
هل لله تعالى صفة تسمى روح ؟؟
السؤال السلام عليكم و رحمة من الله تعالى و بركاته لدي سؤال للشيخ عبد الرحمن السحيم هل " الروح " صفة من صفات الله تعالى كالسمع و البصر و العلم و غيره ؟ و لا أقصد بالروح هنا الروح الواردة في قوله تعالى : " فنفخنا فيه من روحنا " أو في قوله تعالى : " فإذا نفخت فيه من روحي " فالروح في الآيتين مخلوقة منفكة بائنة عنه و لا أعنيها ؛ و إنما أعني الروح التي هي صفة غير منفكة عنه في ذاته فهل لله تعالى صفة تسمى روح أو يوصف بالروح أو الروحانية ؟ وهل الأمة الإسلامية مجمعة على ذلك لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ؟ و ما حكم من كيف الذات العلية بكيفية معينة كالروح أو الروحانية ؟ و ما حكم عباداته و استغفاره و توبته من ذنوبه و هو على معتقد فاسد ككون الله تعالى شيء روحاني أو روح ؟ و هل يعذر من كان بين المسلمين و فيهم العلماء و أهل الذكر من حكم ما وقع فيه من إثم ؟ شكراً و بارك الله فيكم . http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا . قال ابن جماعة : ونسبة إضافة الروح في آيات " مريم " كلها نسبة إضافة ملك وخَلْق وتشريف ... لأن نَفْخ جبريل كان بأمْر الله ، وسُمِّي المسيح عليه السلام " رُوح الله " إما تشريفا له ، أو لأنه كان بأمْرِه وخَلَقه مِن غير واسطة لأب . وهذا كافٍ في هذا . ومَن جعل " مِن " للتبعيض فَحُلُولي مُجَسِّم ، تعالى الله وتَقَدَّس عن ذلك . اهـ . ولا يجوز تكييف صِفات الله عزّ وَجَلّ . وصِفات الله عزّ وَجَلّ لا يُسأل عنها بـ ( كيف ) ؟ لأن الصِّفَة معلومة والكيفية مجهولة . روى الإمام اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " مِن طريق جعفر بن عبد الله قال : جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال يا أبا عبد الله (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) كيف استوى؟ قال : فما رأيت مالِكًا وَجَد مِن شيء كَمَوجِدته مِن مقالته ، وعلاه الرُّحَضاء - يعني العَرَق - قال: وأطرق القوم وجعلوا ينتظرون ما يأتي منه فيه . قال : فَسُرّي عن مالك فقال : الكيف غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة . وإني أخاف أن تكون ضالاًّ ، وأمَر به فأُخْرِج . وقال القرطبي في تفسيره : وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بِنَفْي الْجِهَة ولا يَنْطِقُون بذلك ، بل نَطَقُوا هُم والكَافَّة بإثباتها لله تعالى ، كما نَطَق كِتَابه ، وأخْبَرَتْ رُسُله ، ولم يُنْكِر أحَد من السلف الصالح أنه اسْتَوى على عَرْشِه حَقِيقَة ، وخَصّ العرش بذلك لأنه أعظم مَخْلُوقَاته ، وإنما جَهِلُوا كيفية الاسْتواء ، فإنه لا تُعْلَم حَقِيقته . قال مالك رحمه الله : الاسْتِواء مَعْلُوم - يعني في اللغة - ، والكَيف مجهول ، والسؤال عن هذا بِدْعَة . وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها . اهـ . قال الإمام الذهبي في " العلو " : فإننا على أصل صحيح وعقد متين مِن أن الله تقدس اسمه لا مثل له ، وأن إيماننا بما ثبت مِن نُعوته كإيماننا بذاته المقدسة ، إذ الصفات تابعة للموصوف ، فنعقل وجود الباري ونميز ذاته المقدسة عن الأشْبَاه مِن غير أن نتعقل الماهية . فكذلك القول في صفاته نؤمن بها ونعقل وجودها ونعلمها في الجملة مِن غير أن نَتَعَقّلها أو نُشَبّهها أو نُكَيّفها أو نُمَثِّلها بِصَفات خَلْقه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . فالاستواء كما قال مالك الإمام وجماعة : معلوم والكيف مجهول . اهـ . والواجب على المسلم تَنِزيه الله عما لا يليق به ، وإثبات ما أثبته لِنفسه تبارك وتعالى وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونَفْي ما نفاه الله تبارك وتعالى عن نفسه ، وما نَفَاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم تَنْزِيهًا لله عزّ وَجَلّ . والسكوت عما سُكِت عنه . قال الإمام الطحاوي : وَتَعَالَى عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَايَاتِ، وَالْأَرْكَانِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ، لَا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ . قال ابن أبي العزّ : أَذْكُرُ بَيْنَ يَدَيِ الْكَلَامِ عَلَى عِبَارَةِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ مُقَدِّمَةً ، وَهِيَ : أَنَّ النَّاسَ فِي إِطْلَاقِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : فَطَائِفَةٌ تَنْفِيهَا ، وَطَائِفَةٌ تُثْبِتُهَا ، وَطَائِفَةٌ تُفَصِّلُ، وَهُمُ الْمُتَّبِعُونَ لِلسَّلَفِ ، فَلَا يُطْلِقُونَ نَفْيَهَا وَلَا إِثْبَاتَهَا إِلَّا إِذَا بُيِّنَ مَا أُثْبِتَ بِهَا فَهُوَ ثَابِتٌ ، وَمَا نُفِيَ بِهَا فَهُوَ مَنْفِيٌّ ؛ لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ صَارَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ فِي اصْطِلَاحِهِمْ فِيهَا إِجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ ، كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ ، فَلَيْسَ كُلُّهُمْ يَسْتَعْمِلُهَا فِي نَفْسِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ . وَلِهَذَا كَانَ النُّفَاةُ يَنْفُونَ بِهَا حَقًّا وَبَاطِلًا ، وَيَذْكُرُونَ عَنْ مُثْبِتِيهَا مَا لَا يَقُولُونَ بِهِ ، وَبَعْضُ الْمُثْبِتِينَ لَهَا يُدْخِلُ فِيهَا مَعْنًى بَاطِلًا ، مُخَالِفًا لِقَوْلِ السَّلَفِ ، وَلِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالْمِيزَانُ . وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ مِنَ الْكِتَابِ وَلَا مِنَ السُّنَّةِ بِنَفْيِهَا وَلَا إِثْبَاتِهَا ، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَصِفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا ، وَإِنَّمَا نَحْنُ مُتَّبِعُونَ لَا مُبْتَدِعُونَ . فَالْوَاجِبُ أَنْ يُنْظَرَ فِي هَذَا الْبَابِ ، أَعْنِي بَابَ الصِّفَاتِ ، فَمَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَثْبَتْنَاهُ ، وَمَا نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ نَفَيْنَاهُ . وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي وَرَدَ بِهَا النَّصُّ يُعْتَصَمُ بِهَا فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ ، فَنُثْبِتُ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي . وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي لَمْ يَرِدْ نَفْيُهَا وَلَا إِثْبَاتُهَا فَلَا تُطْلَقُ حَتَّى يُنْظَرَ فِي مَقْصُودِ قَائِلِهَا : فَإِنْ كَانَ مَعْنًى صَحِيحًا قُبِلَ ، لَكِنْ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِأَلْفَاظِ النُّصُوصِ دُونَ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، مَعَ قَرَائِنَ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ وَالْحَاجَةَ ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ مَعَ مَنْ لَا يَتِمُّ الْمَقْصُودُ مَعَهُ إِنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ . اهـ . ومَن كَيف الذات العلية بِكيفية مُعينة كالروح أو الروحانية ؛ فإنه يعبد عَدَمًا ! لأن الله مُتَّصِف بِصِفات الكمال . وكان العلماء يقولون : الْمُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا، وَالْمُشَبِّهُ يَعْبُدُ صَنَمًا . قال الإمام الطحاوي : وَمَنْ لَمْ يَتَوَقَّ النَّفْيَ وَالتَّشْبِيهَ ، زَلَّ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية |
الساعة الآن 01:42 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى