![]() |
كيف نطبق حديث "يا عائشة إن مِن شر الناس مَن تَركه الناس، أو وَدَعَه الناس، اتقاء فحشه" ؟
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السلام عليكم و رحمة الله و بركاته قرأت حديث صحيح عن الرسول صلى الله عليه و سلّم عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا عنده ، فقال : بئس ابن العشيرة أو أخو العشيرة . ثم أذن له ، فألان له القول ، فلما خرج ، قلت : يا رسول الله قلتَ له ما قلت ، ثم ألنتَ له ؟ فقال : ( يا عائشة إن من شر الناس منزلةً يوم القيامة من تركه الناس ، أو ودعه الناس ، اتقاء فحشه ) فضيلة الشيخ إلى أي مدى يمكن أن نطبق هذا الحديث في حياتنا ؟؟ أحياناً يقع في قلبي شيء على أحدٍ من الناس ، و لكني لا أبيّن هذا الأمر له و لكن الآخرين يعرفون أنني لا يعجبني فلان أو فلانة من الناس بسبب خُلق ذميم يحملونه أو بسبب سوء تصرف صادر منهم . و مع ذلك ألين بالكلام معهم و ذلك لأكسب قلوبهم ، و في كثير من الأحيان حتى لا أجرحهم . فهل يُعتبر هذا من النفاق ؟؟ مع العلم أني لا أرجو منهم شيئاً و لا تنفعني مصلحة من ورائهم . و جزاكم الله خيراً . http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : أولاً : الحديث مُخرّج في الصحيحين . ثانياً : ليس كل من حَمَل خُلُقاً سيئاً ، ولا كل من أساء في تصرّف يُمكن أن يُطَبَّق عليه هذا الحديث . إذ قد جاء في رواية للبخاري : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة متى عهدتني فَحَّاشاً ؟ إن شر الناس عند الله مَنْزِلة يوم القيامة من تركه الناس اتِّـقاء شَرِّه . فهذا يُوضِّح المقصود ، وأنه الإنسان الفاحش الذي يُتَّقَى شَـرّه ، ويُخاف من فُحشِه . أما من أساء التصرّف أو اتّصف ببعض الأخلاق الذميمة ؛ فهذا لا يُوصَف بالفُحْش ، إذ الفحش يوصَف به من اتّصف به بِكثْرَه . إذ لو كل من كان لديه صفة مذمومة اعتبَرناه فاحِشاً لما سَلِم أحد من هذا الوصف ! ومَن ما ساء قَطّ ؟ ومن له الحسنى فقط ؟ ثالثاً : قد يحتاج الإنسان إلى مداراة بعض الناس ، أو أنه لا يُحبّهم ومع ذلك يبتسم في وجوههم ، وليس هذا من النِّفاق . قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه : إنا لَنَكْشِر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم . رواه أبو نُعيم في الحلية والبيهقي في شُعب الإيمان ، وعلّقه البخاري ، وبوّب عليه : باب المداراة مع الناس . ويُذْكَر عن أبى الدرداء : إنا لَنَكْشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم . قال ابن الأثير : الكَشْر : ظُهور الأَسنان للضَّحك . وكاشَرَه : إذا ضَحِك فِي وَجْهه وباسَطه . قال العيني : قوله : " لنكشر " بسكون الكاف وكسر الشين المعجمة ، من الكشر وهو ظهور الأسنان ، وأكثر ما يطلق عند الضحك ، والاسم الكِشرة كالعشرة . وفي "التوضيح" الكشر ظهور الأسنان عند الضحك ، وكاشره إذا ضحك في وجهه وانبسط إليه . اهـ . قال ابن بطّال في شرح حديث عائشة : المدارة من أخلاق المؤمنين ، وهي خفض الجناح للناس، ولِين الكلمة ، وترك الإغلاظ لهم في القول ، وذلك مِن أقوى أسباب الألفة وسَلّ السخيمة . اهـ . وقال النووي في شرح حديث عائشة : وفي هذا الحديث مداراة مَن يُتَّقَى فُحشه ، وجواز غيبة الفاسق المعلِن فسقه ، ومَن يَحتاج الناس إلى التحذير منه . اهـ . وسبقت الإشارة إلى الفرق بين المداراة والمداهنة في هذا المقال : مُداهنة أم مُداراة http://saaid.net/Doat/assuhaim/176.htm والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 09:36 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى