![]() |
هل الانبياء معصومون ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفضيل وفقك الله ونفع بك الاسلام والمسلمين، أريد الجواب عن هذا السؤال. هل الانبياء معصومون ؟ هل النبي محمد صلى الله علية وسلم معصوم ؟؟؟؟ ولكم الاجر والثواب http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا نعم ، الأنبياء معصومون من الكبائر ومن الخطأ أو التقصير في التبليغ ، واختُلِف في العصمة من الصغائر وعموم الخطأ الذي يقع لبني آدم ، كما اختُلِف في عصمتهم قبل النبوة . قال الإمام السمعاني في تفسيره : واعلم أن الأنبياء معصومون من الكبائر ، فأما الخطايا والصغائر فتجوز عليهم . وقال ابن عطية : وأجمعت الأمة على عصمة الأنبياء في معنى التبليغ ، ومن الكبائر ، ومن الصغائر التي فيها رذيلة ، واختلف في غير ذلك من الصغائر ، والذي أقول به أنهم معصومون من الجميع . اهـ . وقال : والأنبياء معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعا . اهـ . وقال القرطبي : واختلف العلماء في هذا الباب ؛ هل وقع من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين صغائر من الذنوب يؤاخذون بها ويعاتبون عليها أم لا ؟ بعد اتفاقهم على أنهم معصومون من الكبائر ومن كل رذيلة فيها شَين ونقص إجماعا . وقال : وقال جمهور من الفقهاء من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي : إنهم معصومون من الصغائر كلها كعصمتهم من الكبائر أجمعها ؛ لأنا أُمِرْنا باتباعهم في أفعالهم وآثارهم وسيرهم أمرًا مُطْلَقا من غير التزام قرينة ، فلو جوزنا عليهم الصغائر لم يمكن الإقتداء بهم ، إذ ليس كل فعل من أفعالهم يتميز مقصده مِن القُربة والإباحة ، أو الحظر أو المعصية ، ولا يصح أن يؤمر المرء بامتثال أمر لعله معصية . وقال : واختلفوا في الصغائر ، والذي عليه الأكثر أن ذلك غير جائز عليهم ، وصار بعضهم إلى تجويزها ، ولا أصل لهذه المقالة . وقال بعض المتأخرين ممن ذهب إلى القول الأول : الذي ينبغي أن يُقال أن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب من بعضهم ونسبها إليهم وعاتبهم عليها ، وأخبروا بها عن نفوسهم وتنصَّلُوا منها وأشفقوا منها وتابوا ، وكل ذلك وَرَد في مواضع كثيرة لا يقبل التأويل جملتها ، وإن قبل ذلك آحادها ، وكل ذلك مما لا يُزْرِي بمناصبهم ، وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم على جهة النُّدُور ، وعلى جهة الخطأ والنسيان ، أو تأويل دَعا إلى ذلك ؛ فهي بالنسبة إلى غيرهم حسنات ، وفي حقهم سيئات بالنسبة إلى مناصبهم وعُلُو أقدارهم . وقال ابن كثير : أما الأنبياء عليهم السلام فكلهم معصومون مؤيدون من الله عز وجل ، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء المحققين من السلف والخلف . اهـ . ومن العلماء من فرّق بين التبليغ في الأقوال وبين التبليغ في الأقوال . قال النووي : اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كُلّ مَا كَانَ طَرِيقه الإِبْلاغ فِي الْقَوْل فَهُمْ مَعْصُومُونَ فِيهِ عَلَى كُلّ حَال ، وَأَمَّا مَا كَانَ طَرِيقه الإِبْلاغ فِي الْفِعْل ؛ فَذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى الْعِصْمَة فِيهِ رَأْسًا ... وَذَهَبَ مُعْظَم الْمُحَقِّقِينَ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء إِلَى جَوَاز ذَلِكَ وَوُقُوعه مِنْهُمْ ، وَهَذَا هُوَ الْحَقّ ، ثُمَّ لا بُدَّ مِنْ تَنْبِيههمْ عَلَيْهِ ... وَكَذَلِكَ لا خِلاف أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ الصَّغَائِر الَّتِي تُزْرِي بِفَاعِلِهَا وَتَحُطّ مَنْزِلَته وَتُسْقِط مُرُوءَته ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُقُوع غَيْرهَا مِنْ الصَّغَائِر مِنْهُمْ ، فَذَهَبَ مُعْظَم الْفُقَهَاء وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى جَوَاز وُقُوعهَا مِنْهُمْ ، وَحُجَّتهمْ ظَوَاهِر الْقُرْآن وَالأَخْبَار وقال الحافظ العراقي : فَأَمَّا الأَقْوَالُ فَهِيَ أَيْضًا عَلَى نَوْعَيْنِ : مَا طَرِيقُهُ الْبَلاغُ ، وَهُمْ مَعْصُومُونَ فِيهِ مِنْ السَّهْوِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاض . وَمَا لَيْسَ طَرِيقُهُ الْبَلاغَ مِنْ الأَخْبَارِ الَّتِي لا مُسْتَنَدَ لَهَا إلَى الأَحْكَامِ ، وَلا أَخْبَارِ الْمَعَادِ ، وَلا تُضَافُ إلَى وَحْي ، بَلْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَحْوَالِ نَفْسِهِ . اهـ . أي : أنّ هذا النوع يجوز وقوع الخطأ فيه مِن قِبَل الأنبياء ؛ لأنه لا عِصمة لهم في أمور حياتهم ولا في اجتهاداتهم . ودليل ذلك ما جاء في أول سورة ( عبس ) ، وقوله تعالى لِنبيِّه صلى الله عليه وسلم : (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) ، وقوله تعالى : (مَا كَانَ لِنَبِيّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) . وغير ذلك . ولذلك فإن الأنبياء يذكرون يوم القيامة ما كان منهم ، إما مع أُممهم ، وإما ما كان في حق أنفسهم . وقد شارط نبينا صلى الله عليه وسلم ربّه تبارك وتعالى بأنه بَشَر – لا ينفكّ عن الطبيعة البشرية – وأن ما صَدَر منه في حال غضبه من سبّ أن يَجَعله ربه تبارك وتعالى أجْرا لِمن صَدَر ذلك في حقه . فقد روى البخاري ومسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ فَأَيُّمَا مُؤْمِن سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وفي صحيح مسلم من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْء - لا أَدْرِي مَا هُوَ - فَأَغْضَبَاهُ ، فَلَعَنَهُمَا وَسَبَّهُمَا ، فَلَمَّا خَرَجَا قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا مَا أَصَابَهُ هَذَانِ . قَالَ : وَمَا ذَاكِ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا . قَالَ : أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي ؟ قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 12:37 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى