![]() |
صديقاتي يغتبن الناس ويقُلْنَ أنّ السيئة لا تُكتَب إلا بعد ساعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا شيخ صديقاتي بالمدرسة يغتابون ويسبون المعلمة هذي قالت والطالبة شوفي شكلها ومن هالكلام . وإذا نصحتهم أنا أو غيري ما يسمعون ويطنشون الموضوع . ويقولون فيه حديث مدري عن صحته ولا أدري صيغته بالضبط بس بمعناه : ( أن الملك اللي على اليمين والشمال ما يكتب السيئة إلا بعد ساعة أو وقت وإذا اغتبت أو حشيت واستغفرت ما يصير علي ذنب ) . يا شيخ خوفتهم من الله وقلت لهم ترى الغيبة ما تغفر ذنوبه بس ما أحد مهتم . وصرت قبل ما نطلع من المدرسة أذكرهم بكفارة المجلس أحس ما يتفاعل معي إلا بنتين بس . يا شيخ أبي حل . http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأعانك الله . ما يكون مِن تأخير كتابة السيئات إنما هو فيما يكون بين العبد وبين ربِّـه تعالى ؛ لأن حقوق الله تعالى مَبْنيّة على الْمُسامَحَة . وأما حقوق العباد فإنها مَبْنيّة على الْمُشاحّة والْمُقاصَّة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ . رواه مسلم . ولقوله عليه الصلاة والسلام : مَن كانت له مَظْلَمَة لأحَد مِن عِرْضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بِقَدْرِ مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أُخِذ مِن سيئات صاحبه فَحُمِلَ عليه . رواه البخاري . وفي حديث الْمُفْلِس : أتدرون ما المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا مَن لا درهم له ولا متاع . فقال : إن المفلس مِن أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شَتم هذا ، وقَذف هذا ، وأكل مَال هذا ، وسَفك دم هذا ، وضَرب هذا ؛ فيُعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيَتْ حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم ، فطرحت عليه ، ثم طرح في النار . رواه مسلم . وفي الحديث : " الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة : ديوان لا يَعْبأ الله به شيئا ، وديوان لا يَترك الله منه شيئا ، وديوان لا يَغفره الله ؛ فأما الديوان الذي لا يَغْفِره الله فالشرك بالله ، قال الله عز وجل : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) ، وأما الديوان الذي لا يَعبأ الله به شيئا فَظُلْم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه ، فإن الله عز وجل يَغفر ذلك ويتجاوز إن شاء ، وأما الدِّيوان الذي لا يَترك الله منه شيئا ، فَظُلْم العباد بعضهم بعضا ، القصاص لا مَحَالة . رواه الإمام أحمد ، وصححه بعض أهل العلم . ومَعناه صحيح . والمسألة يوم القيامة ليس فيها إلاّ الحسنات والسيئات ، وكُلٌّ يَفْرَح أن يَجِد له حقًّا على أحد ليأخذ مِن حسَناته . قال ابن مسعود رَضي الله عنه : يُؤخَذ بِيَدِ العَبْد أوْ الأمَة يَوْم القِيَامَة فيُنْصَب على رُؤوس الأوَّلِين والآخِرِين ، ثم يُنادِي مُنَادٍ : هذا فُلان بن فُلان ، مَن كَان لَه حَقّ فَلْيَأتِ إلى حَقِّه ؛ فَتَفْرَح الْمَرْأة أن يَدُور لَهَا الْحَقّ عَلى أبِيهَا ، أوْ عَلى زَوْجِهَا ، أوْ عَلى أخِيهَا ، أوْ على ابْنِهَا ، ثُمّ قَرأ ابنُ مَسْعُود : (فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ) . ورَحِم الله سلف هذه الأمة ما أشدّ تورّعهم عن الذنوب ، وإن كانت صِغارا ، بل قد لا تُعدّ ذُنوبا في عيون غيرهم . روى البيهقي في كتاب " شُعَب الإيمان " من طريق عَلِيُّ بْنُ عَثَّامٍ قَالَ : قَالَ : كَهْمَس الْهِلالِيُّ : بَكَيْتُ عَلَى ذَنْبٍ عِشْرِينَ سَنَةً . قَالُوا : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : غَدَّيْتُ رَجُلا فَأَخَذْتُ مِنْ جِدَارِ جَارٍ لِي قِطْعَةَ لَبِنَةٍ لِيَغْسِلَ يَدَهُ ! وَقَالَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ : بَكَيْتُ عَلَى ذَنْبٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً ؛ صِدْتُ حَمَامَةً ، وَإِنِّي أَحْمَدُ اللهَ إِلَيْكُمْ تَصَدَّقْتُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : وَكَأَنَّهُ ارْتَابَ بِهَا : هَلْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ أَوْ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ ؟ وعلينا أن نُحاسِب أنفسنا ، وأن لا نَسْتَهِين بالذنوب ، فإن الذنوب – وإن كانت صِغارا – تَجْتَمع على العبد حتى تُهلِكه . قال عليه الصلاة والسلام : إياكم ومُحَقَّرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهْلِكْنه . قال ابن مسعود رضي الله عنه : وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَرَب لهن مثلا كَمَثل قوم نَزَلُوا أرض فلاة ، فَحَضَر صنيع القوم فَجَعل الرجل ينطلق فيجيء بِالْعُود ، والرجل يجئ بِالْعُود حتى جَمَعوا سوادا ؛ فأجَّجوا نارا وأنضَجَوا ما قَذَفوا فيها . رواه الإمام أحمد . وقال أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُوبِقَاتِ . رواه البخاري . قال بلال بن سعد : لا تنظر إلى صِغر المعصية ولكن انظر مَن عَصَيت . هذا إذا كانت المعصية صغيرة . فكيف بها إذا كانت مِن كبائر الذنوب ؟ فالغيبة مِن كبائر الذنوب . قال تعالى : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ) قال ابن كثير : أي: كما تَكْرَهون هذا طَبْعًا ، فاكْرَهُوا ذاك شرعا ؛ فإن عقوبته أشدّ مِن هذا ، وهذا مِن التنفير عنها ، والتحذير منها . اهـ . وقد عرَّف النبي صلى الله عليه وسلم الغِيبة بِقَولِه : أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم . قَالَ : ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ . قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ . رواه مسلم . وفي حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ : لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ . قَالَتْ : وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا ، فَقَالَ : مَا أُحِبُّ أَنِّى حَكَيْتُ إِنْسَانًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا . رواه أبو داود بِتمامه ، وروى آخره أحمد ، وصححه الألباني والأرنؤوط . ورَحِم الله ابن المبارك حيث قال : لو كنت مُغتابًا لاغْتَبْتُ أمي ! فإنها أحقّ بحسناتي ! ولَمّا قيل للحَسَن : اغتابك فلان ، بَعَث إليه بِطَبقٍ فيه رُطَب ، وقال : أْهْدَيْتَ إليّ بعض حسناتك ، فأحببت مكافأتك ! والسلامة لا يعدلها شيء . قال النبي صلى الله عليه وسلم : الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ . رواه البخاري ومسلم . قال ابن حجر : وَفِي التَّعْبِير بِاللِّسَانِ دُون الْقَوْل نُكْتَة ، فَيَدْخُل فِيهِ مَنْ أَخْرَجَ لِسَانه عَلَى سَبِيل الاسْتِهْزَاء . اهـ . والإنسان يَملِك الكلمة ما لَم تَخرُج مِن فَمِه ، فإذا خَرَجَتْ مَلَكتْه . قال الإمام الشافعي : إذا تكلمت فيما لا يَعنيك مَلَكَتْك الكَلِمَة ، ولَم تَمْلِكها . وسبق : ما المقصود بكفارة المجلس ؟ وهل تُكَفِّر الغِيبة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4335 ما هي كفارة شخص اغتاب أناسا كثيرين ثم نَدِم على ذلك ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5333 ما هي الغيبة تحديدا ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8736 اغتاب مُسْلِمًا في عِرضه . فهل مِن التوبة مُكاشفته وطَلَب العفو منه ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4284 ما حكم مَن يَغتاب الموتى ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4636 سؤال عن قول عائشة بِحقّ صفية (حسبك مِن صفية كذا وكذا) ومعنى ذلك ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17025 هل مِن الغِيبة أن تَذكُر الفتاة مواقِف صاحباتها المخطئات ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11403 تقليد الشخصيات المشهورة في الشكل وطريقة الكلام http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8473 ما الحكم الشرعي في تقليد لهجات لدول مختلفة مثل المغرب الإمارات مصر وغيرها؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=10119 كيف يحقر المسلم أخاه المسلم ..؟ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10415 ما حكم تقليد أصوات المشايخ وطريقتهم على سبيل السخرية ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=851 هل يجوز المزاح بالألفاظ مثل قولنا : "فلانة سكرانة" أو "جات المطوعة" أو "روحي لجهنم" ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17929 وسبق : ما صحة حديث : إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3584 والله تعالى أعلم . وأسأل الله أن يُبلّغك أمانيك فيما يُرضيه وفي عفو وفي عافية . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 08:02 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى