![]() |
هل ثبتَ عن رسول الله ﷺ أنه جَمَع الصلاة في وقت المطر ؟
تنتشر رسالة لبعض أهل العلم يُبيِّن فيها حُكم الْجَمْع في المطر ، وأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جَمَع في المطر .. فما صِحة ذلك ؟ الجواب : ثَبَت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضيَ اللّهُ عنهما : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا سَفَرٍ . وفي رواية لمسلم ، قال : جَمَع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر . ولَمَّا سُئل ابْن عَبَّاسٍ عن سبب ذلك قَال : أَرَادَ أَنْ لا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ . فَمنطوق حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جَمَع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة مِن غير عُذر . ومفهومه أن الخوف والمطر والسفر أعذار تُبِيح الجمع . وعلى هذا عَمَل السلف مِن غير نكير . روى الإمام مَالِكٌ عن نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا جَمَعَ الأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ جَمَعَ مَعَهُمْ فِي الْمَطَرِ . وروى البيهقي من طريق هِشَام بن عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ إِذَا جَمَعُوا بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ وَلا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ . وروى من طريق موسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الآخِرَةِ إِذَا كَانَ الْمَطَرُ ، وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَشْيَخَةَ ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَهُمْ وَلا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فَهَذِهِ الآثَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ لِلْمَطَرِ مِنْ الأَمْرِ الْقَدِيمِ الْمَعْمُولِ بِهِ بِالْمَدِينَةِ زَمَنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنْكَرَ ذَلِكَ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ عِنْدَهُمْ بِالتَّوَاتُرِ جَوَازُ ذَلِكَ ، لَكِنْ لا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْمَعْ إلاَّ لِلْمَطَرِ، بَلْ إذَا جَمَعَ لِسَبَبٍ هُوَ دُونَ الْمَطَرِ مَعَ جَمْعِهِ أَيْضًا لِلْمَطَرِ كَانَ قَدْ جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلا مَطَرٍ ، كَمَا أَنَّهُ إذَا جَمَعَ فِي السَّفَرِ وَجَمَعَ فِي الْمَدِينَةِ كَانَ قَدْ جَمَعَ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلا سَفَرٍ ، فَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ : جَمَعَ مِنْ غَيْرِ كَذَا وَلا كَذَا ؛ لَيْسَ نَفْيًا مِنْهُ لِلْجَمْعِ بِتِلْكَ الأَسْبَابِ بَلْ إثْبَاتٌ مِنْهُ ؛ لأَنَّهُ جَمَعَ بِدُونِهَا ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَمَعَ بِهَا أَيْضًا . وَلَوْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ جَمَعَ بِهَا فَجَمْعُهُ بِمَا هُوَ دُونَهَا دَلِيلٌ عَلَى الْجَمْعِ بِهَا بِطَرِيقِ الأَوْلَى ، فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْجَمْعِ لِلْخَوْفِ وَالْمَطَرِ ... فَالأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ لِرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْ أُمَّتِهِ ، فَيُبَاحُ الْجَمْعُ إذَا كَانَ فِي تَرْكِهِ حَرَجٌ قَدْ رَفَعَهُ اللَّهُ عَنْ الأُمَّةِ . اهـ . والقول بِجواز الْجَمْع في المطر ، هو قول جماهير أهل العِلْم ، بل حَكَاه ابن قدامة إجماعا . قال ابن قدامة : وَيَجُوزُ الْجَمْعُ لأَجْلِ الْمَطَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ . وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَفَعَلَهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ . وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَرُوِيَ عَنْ مَرْوَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ... فَصْلٌ: وَلَنَا أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : إنَّ مِنْ السُّنَّةِ إذَا كَانَ يَوْمٌ مَطِيرٌ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. رَوَاهُ الأَثْرَمُ . وَهَذَا يَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ نَافِعٌ: إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَجْمَعُ إذَا جَمَعَ الأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ . وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ : رَأَيْتُ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ ؛ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَيُصَلِّيَهُمَا مَعَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لا يُنْكِرُونَهُ . وَلا يُعْرَفُ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ إجْمَاعًا . اهـ . وسبَق : هل يجوز جمع الصلوات بعد توقف المطر بسبب تكدُّس المياه في الطرقات ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15648 هل يجوز الْجَمع مِن أجل الريح الشديدة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15235 هل يجوز الْجَمْع مع وُجُود مَطَر خفيف ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4416 امرأة مُصابة بانزلاق غضروفي ، هل يجوز لها جَمْع الصلوات ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15625 هل يجوز لوالدي الجمع بين الصلوات إذا كان مريضا وتشقّ عليه الطهارة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11778 الجمع بين الصلاتين للمسافر وجمع المقيم http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6739 المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 07:58 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى