منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسـم الفتـاوى العامـة (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=15)
-   -   هل يكفر مَن وافق على الدستور الوضعي للبلاد ؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13551)

نسمات الفجر 25-08-2015 09:40 AM

هل يكفر مَن وافق على الدستور الوضعي للبلاد ؟
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم يا شيخنا على جهودكم المباركة وما تقدموه لنا
شيخنا الفاضل : قد اطلعت على فتوى سابقة لكم بخصوص الحكم بغير ما أنزل وكنتم قد ذكرتم فيها أقوال أهل العلم الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ ابن باز والشيخ ابن العثيمين رحمهم الله
ولا شك أن علة تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله هو الدستور الوضعي الذي يحكم به ويلزم الناس بالتحاكم إليه .
وعليه فسؤالي كالتالي شيخنا الفاضل : أليس من باب أولى تكفير من وافق على الدستور الوضعي وشجع الناس على الموافقة عليه وهو يعلم أنهم بمجرد الموافقة عليه سيتم تشريعه وفرضه عليهم وعلى الحاكم ؟
وهل يختلف الحكم بالكفر أو غيره على الداعي للموافقة على دستور كفري تبعا لكونه عامي أو ممن ينسبون إلى العلم ؟ أم سيكون الحكم واحدا على الجميع لكونه ساهم بتشريع حكم يخالف حكم الله ورسوله والتشريع أمر من أصول الدين ولا يعذر فيه بجهل ؟
وجزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل .

http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

أولا : لا يَظهر كُفر مَن وَافَق على الدستور الوضعي ؛ إلاّ بعد قيام الحجة عليه ؛ لأننا لا نعلم ما الباعث له على الموافقة ؛ لأنه قد يكون له تأويل ، أو يكون جاهلا ، بِخلاف مَن حَكَم بالدستور الوضعي وألْزَم الناس به .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ مُتَأَوِّلا فِي الْقِتَالِ أَوْ التَّكْفِيرِ ، لَمْ يُكَفَّرْ بِذَلِكَ . اهـ .

ثانيا : لا يصلح التسرّع في التكفير ، خاصة تكفير الشخص الْمُعيَّن ؛ لأنه لا يُحكم بِكُفْر الشخص الْمُعيَّن إلاّ بعد قيام الحجة وانتفاء الموانع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لا يُحْكَمُ بِكُفْرِ أَحَدٍ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ .

وقد ذَكَر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه " مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَنْ أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ، إلاَّ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا كَانَ كَافِرًا تَارَةً، وَفَاسِقًا أُخْرَى ، وَعَاصِيًا أُخْرَى ، وَإِنِّي أُقَرِّرُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِهَذِهِ الأُمَّةِ خَطَأَهَا : وَذَلِكَ يَعُمُّ الْخَطَأَ فِي الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ الْقَوْلِيَّةِ ، وَالْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ " .

ثالثا : القول بأن التشريع أمر من أصول الدين ولا يعذر فيه بجهل – غير صحيح على إطلاقه ، بل قد يُوجَد مَن يَجْهَل فيه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : اتَّفَقَ الأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ ، وَكَانَ حَدِيثَ الْعَهْدِ بِالإِسْلامِ ، فَأَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ ، فَإِنَّهُ لا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ .

وقال رحمه الله : وَأَمَّا " التَّكْفِيرُ ": فَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَنْ اجْتَهَدَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَصَدَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَ ؛ لَمْ يُكَفَّرْ ، بَلْ يُغْفَرُ لَهُ خَطَؤُهُ .
وَمَنْ تَبَيَّنَ لَهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم ، فَشَاقَّ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى ، وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ؛ فَهُوَ كَافِرٌ .
وَمَنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَقَصَّرَ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَتَكَلَّمَ بِلا عَلَمٍ ؛ فَهُوَ عَاصٍ مُذْنِبٌ . ثُمَّ قَدْ يَكُونُ فَاسِقًا ، وَقَدْ تَكُونُ لَهُ حَسَنَاتٌ تَرْجَحُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ . فَـ " التَّكْفِيرُ " يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلافِ حَالِ الشَّخْصِ ، فَلَيْسَ كُلُّ مُخْطِئٍ وَلا مُبْتَدَعٍ وَلا جَاهِلٍ وَلا ضَالٍّ يَكُونُ كَافِرًا ؛ بَلْ وَلا فَاسِقًا ، بَلْ وَلا عَاصِيًا .

وسبق للشيخ العلامة الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله فتوى حول التصويت على الدستور ، وهي هنا :
http://albrraak.com/index.php?option...=view&id=23760

وإن كان وقع النِّزَاع بين أهل العِلْم حول التصويت على الدستور المصري .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


الساعة الآن 08:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى