منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسـم الفتـاوى العامـة (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=15)
-   -   هل يُعاقِب الله في زماننا هذا بالفيضانات والخسف ؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13626)

محب العلم 03-09-2015 08:06 PM

هل يُعاقِب الله في زماننا هذا بالفيضانات والخسف ؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله شيخنا الفاضل عبد الرحمن السحيم ويعلم الله اننا نحبك في الله ونشكرك على خدمتك الدائمة في سبيل الله
كما نشكر كل القائمين على هد المنتدى القيم ونسئل الله أن يحفظكم و يوفقكم في حياتكم
اريد الأستفسار عن امر متداول بين العامة وهو أنه توجد قرية في ايامنا هده في سنة 2015حل بها العداب بأن ارسل الله لهم امطار و فيطنات خربت مدينتهم بسبب تدنيس مصحف من أحد الساكنين في هد المدينة
فهل فعلا يوجد لمثل هده المعجزات اليوم كما أننا راينا عدة مرات الكفار يدنسون القران بدون أن يحدث لهم أي شيئ وهدا ليس بمعنى ان الله غافل عليهم بل لأن الله يمهل ولا يهمل ودائما يعطي فرصى للتوبة
فما رأي فضيلتكم في هد الامر وجزاكم الله خيراا

عبد الرحمن السحيم 07-09-2015 08:06 AM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

العقوبات الربانية الكونية موجودة على مرّ العصور ، وقد يُعلَم بها ، وقد تَخفَى على كثير مِن الناس .
وعندما تشتدّ الغفلة وتَستَحكِم يُتأوّل سبب العقوبة على أنها ظواهر كونية طبيعية !
وقد أخبر الله عزَّ وجَلّ أنه أرسل العقوبات على فرعون وقومه بأيسر وأقرب الأشياء وأصغرها .
فقد أرسل اللهُ الْمَاءَ عُقوبَة على آلِ فِرْعُونَ ، كَمَا قَالَ تَعَالى : (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ) .

وهذه الآيات مِن أصغر الأشياء وألطَفها ، ومع ذلك : لا يستطيع البشر لها دَفعا ، ولا يملكون أمامها حيلة ولا يَهتدون سبيلا ، بل ما هو أصغر وأدقّ ، مثل : الفيروسات التي لا تُرَى بالعين الْمُجرّدة .

ومَنْ تأمَّلَ عُقوباتِ اللهِ لأكثرِ الأُمَمِ ، فَسَيجِدُهَا بَأيْسَرِ الأشياءِ ؛ إمَّا بالماءِ ، وإمَّا بِالهواءِ الذي يَنْقلِبُ إلى رِياحٍ ، وإمَّا بِالصَوْتِ الذي يُقطِّعُ القُلوبَ في الأجوافِ ، ونحوِ ذلِكَ ..
وما ذلِكَ إلاّ لِبيانِ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى ، وضَعْفِ وعَجْزِ البَشَرِ عَنْ مُقَاوَمَةِ أيْسَرِ الأشياءِ .

وَرُبْمَا تَتَابَعَ الْمَطَرُ حَتَى يُهْلِكَ الثِّمَارَ والزُّرُوعَ .
قَالَ ابنُ الجوزيِّ في حوادثِ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائة :
وفي هَذِهِ السَّنَةِ : وَقَعَتْ أمطارٌ عظيمةٌ، وَدَامَتْ واتصلتْ بِجَميعِ العِرَاقِ ، وأهلكتْ مَا على رؤوسِ النَّخْلِ وفي الشجرِ مِنَ الأرطابِ والأعنابِ والفواكِهِ ، وَمَا كَانَ في الصَّحَاري مِنَ الغَلاّتِ ، فَلَمَّا كانَ انتصافُ الليلِ مِنْ ليلةِ السبتِ وَهِيَ ليلةُ الحادي والعشرينَ مِنْ كانونِ الثاني سَقَطَ الثَّلْجُ بِبغدادَ ودامَ سقوطُهُ إلى وقتِ الظُّهْرِ مِنَ الغَدِ فَامتلأتْ بِهِ الشَّوارعُ والدروبُ ، وَقَامَ نحوَ ذِراعٍ . اهـ .

وتتابَع الآيات على الناس ، ولا يَنتفع بها إلاّ العقلاء ، كما قال عزَّ وجَلّ : (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ) .

والله عزَّ وجَلّ حَليم حكيم ، لا يُعاجِل بالعقوبة ، بل يُمهل ويَفتح باب التوبة .
ولّمَا ذَكَر الله عزَّ وجَلّ إهلاك القُرى ، فقال : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) أعقب ذلك بقوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) ، وفي هذا إشارة إلى أن إمهال الله لِلناس إنما هو يوم أو بعض يوم مِن أيام الله ، ثم قال تعالى بعد ذلك : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) .
فذَكَر الله تبارك وتعالى إهلاك القُرى مرّتين ، مع الإمهال لها ، وجاء ذِكْر حِساب أيام الله بين ذلك ؛ ليدلّ على أن الله تعالى ما تَرَكهم سُدى ، وإنما يُملي ويُمهل ؛ ليَتوب مَن يتوب ، ويُؤخذ العَاتي على حين غِرّة .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يُمْلِي للظَّالِم ، فإذا أخذه لم يُفْلِته ، ثم قرأ : (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) . رواه البخاري ومسلم .

ونَرَى في زماننا هذا مَن يستعجل عقوبة الظالمين ، وغاب عن أذهان كثيرين أن الله له سُنن في هذا الكون لا تتبدّل ولا تتغيّر ، وقد أمْهَل الله فِرعون على طُغيانه وجبروته سِنين عددا ، مع أنه كان يُقتّل أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم , بل كان يدّعي أنه ربّ العالمين !
وكان فِرعون أمام نبي مِن أولي العَزم مِن الرُّسُل .
وقد ذَكَر غير واحد من المفسِّرين أن بَين دعوة موسى عليه الصلاة والسلام على فِرعون وقومه ، وبَين قول الله عَزّ وَجَلّ لهما : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) : أربعين سَنَة !

فَكَم لبث فِرعون في حِلْم الله ؟!
أما في حِساب أيام الله ، فلم يَلبث فِرعون إلاّ بعض يوم .

بل إن مُدّة دعوة نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام لم تُكمِل يومًا مِن أيام الله ؛ لأنه مَكَث يدعو قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاما (950) عاما .

وسبق الجواب عن :
حول ما قيل في مسخ فتاة أهانت القرآن
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=686

مسخ الفتاة إلى عقرب بسبب إهانتها للقرآن
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=669

وسبق :
ولكنكم تستعجلون
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6375

والله تعالى أعلم .


الساعة الآن 07:54 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى