![]() |
هل يجوز الذَّهاب للسُّوق لأجل التنزُّه ؟
السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ المُبارَك عبد الرحمن السحيم - وفقكم الله لكل خير - يوجَد في الأسواق المركزيِّة أماكن للتنزُّه وتقصدها العوائل للجلوس للأكل أو الشُّرب وأحيانًا لأجل ألعاب الأطفال . وهذه الأماكِن إمَّا أن تكون في دَوْر مُخصَّص ، أو تأخذ حيّزًا مِن مساحة السُّوق فتصبِح كأنها مفتوحة على السُّوق ، والدُّخول إليها في كِلا الحالتين يكون مِن بوابة السُّوق . فما حُـكم الذَّهاب إلى مثل هذه الأماكِن ؟ وهل تأخذ حُكم السُّوق لأنها توجَد داخله فتكون مِن أبغض الأماكِن إلى الله ؟ وأظنّ أنَّ الطَّاوِلات التي تجلس حولها العائلة للأكل أو الشُّرب لا يوجَد عليها حاجِز للسِّـتر ، فما حُـكم الجلوس وتناوُل الأكل إذا كان الأمر بهذه الهيأة ؟ وشكر الله لكم فضيلة الشيخ وأنزَل الله بكم رحماته وبركاته وبارك الله لكم فيما آتاكم ويؤتيكم وسهّل الله لكم الأمور كلها كما تسهّلون على النَّاس وتنفعونهم . http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . الأسواق عموما أماكن انتشار الشياطين ! قال سلمان رضي الله عنه : لا تكونن - إن استطعت - أوَّل مَن يدخل السوق ، ولا آخر مَن يخرج منها ، فإنها معركة الشيطان ، وبها يَنصب رَايته . رواه مسلم . وقال مَيثم - رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - : يغدو الملك بِرَايتِه مع أوّل مَن يغدو إلى المسجد ، فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخل بها مَنْزِله ، وإن الشيطان ليغدو برايته مع أوّل مَن يَغدو إلى السوق . قال ابن عبد البر : وهذا موقوف صحيح السند . وقال أبو عثمان : إن السوق مَبيض الشيطان ومَفْرَخه ، فإن استطعت أن لا تكون أوّل مَن يدخلها ولا آخِر مَن يَخرج منها ؛ فافعل . فكيف إذا انضاف إلى ذلك اختلاط الرجال بالنساء في مكان عام ؟ وقد جاء النهي عن الاختلاط ، ولو كان ذلك في الطواف ! روى البخاري عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء إذْ مَنع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال . قال : كيف تَمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟ قلت : أبعد الحجاب أو قبل ؟ قال : إي لعمري . لقد أدركته بعد الحجاب . قلت : كيف يخالطن الرجال ؟ قال : لم يكن يخالطن ، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة مِن الرجال لا تُخَالِطهم ، فقالت امرأة : انطلقي نَسْتَلِم يا أم المؤمنين قالت : عنكِ ، وأَبَتْ . قد نصّ الإمام ابن القيم على " أن ولي الأمر يَجَب عليه أن يَمْنَع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق ، والفُرَج ، ومَجَامِع الرجال . قال مالك رحمه الله ورضي عنه : أرى للإمام أن يتقدّم إلى الصّيّاغ في قعود النساء إليهم ، وأرى ألا يَترك المرأة الشابة تَجْلس إلى الصياغ " . وقال ابن القيم رحمه الله : ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصْل كُلّ بَلِية وشَرّ ، وهو من أعظم أسباب نُزول العقوبات العامة ، كما أنه مِن أسباب فَساد أمور العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا ، وهو مِن أسباب الموت العام ، والطَّواعين الْمُتَّصِلَة . فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال ، والمشي بينهم مُتَبَرِّجَات مُتَجَمِّلات . اهـ . وقال شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله : أمْر الله سبحانه للمرأة بِقَرَارِها في بيتها ونَهيها عن التبرج معناه : النهي عن الاختلاط ، وهو : اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بِحُكْم العمل أو البيع أو الشراء أو النُّزْهَة أو السفر أو نحو ذلك ؛ لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يُؤدِّي بها إلى الوقوع في المنهي عنه ، وفي ذلك مُخَالَفة لأمر الله وتضييع لحقوقه المطلوب شَرْعًا مِن الْمُسْلِمَة أن تَقوم بها . اهـ . ولا يُقِرّ ذلك في أهله إلاّ مَن عُدِمَت مروءته ، وضَعُفتْ غيرته ، وقَلّ إيمانه . قال عليه الصلاة والسلام : الْحَياء والإيمان قُرِنا جَميعًا ، فإذا رُفِع أحدهما رُفِع الآخر . رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما . وصححه الألباني . قال الربيع بن سليمان : سمعت الشافعي يقول : والله الذى لا إله إلا هو لو عَلِمْتُ أنه شُرْب الماء البارد يُنْقِص مُرُوءتى ما شَرِبْته ! ويُضاف إلى ذلك : قِلّة التمسّك بالحجاب ، وقد تكون حجّة بعض النساء : أنه لا أحد ينظر إليها ، أو غير ذلك . وتلك حجّة واهية ، فإن المرأة مأمورة بالحجاب ، لِكثرة الافتتان بها ، مع ما فيه مِن التعبّد بالحجاب ، ولو قُدِّر أن لا يُفْتَتَن بها ، فإنها مأمورة بِالحجاب . وهذا التصرّف يُنبئ عن قِلّة حياء . وقال ابن القيم عن الحياء : هو أصْل كُلّ خَير ، وذَهابه ذَهَاب الْخَير أجْمَعه . اهـ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية |
الساعة الآن 08:32 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى