![]() |
ما الراجح في تعزية الكافر، وما قوة هذه العلة التي يحتج بها المعزِّي ؟
السؤال فضيلة الشيخ عبد الرحمن حفظه الله الذي أعلمه أنه لايجوز تعزية الكافر ، ولكني كنت أقرأ منذ أيام كتاب تحفة الحبيب شرح نظم غاية التقريب في المذهب الشافعي فقال المصنف : "وتعزية الكافر بالكافر غير مندوبة بل جائزة ، وصيغتها : أخلف الله عليك ولا نقص عددك ، لأن ذلك ينفعنا في الدنيا بكثرة الجزية وفي الآخرة بالغداء من النار " فما رأي فضيلتكم بهذا القول وهل له دليل شرعي وما هو الراجح ؟! أفتونا مأجورين ... وجزيتم خيراً http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا وحفِظك . لا تجوز تعزية الكافر إلاّ لِمصلحة . والتعزية يُراد بها الإكرام والتسلية ، والكافر ليس أهلا لذلك . جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن أبي كان يَصِل الرَّحِم ، وكان ، وكان .. فأين هو ؟ قال : في النار . قال فكأنه وَجَدَ من ذلك ، فقال : يا رسول الله فأين أبوك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حيثما مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِك فبشِّره بالنار . فأسلم الأعرابي بعد ، وقال : لقد كَلّفَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعباً ! ما مَرَرْتُ بِقَبْرِ كافرٍ إلاَّ بَشَّرْته بالنار . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني . والأصل أن التعزية للمُسلِم تسلية له ، وتخفيفا لِمُصابِه ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : ما مِن مُؤمِن يُعَزِّي أخاه بِمُصِيبة إلاَّ كَسَاه الله سبحانه مِن حُلل الكرامة يوم القيامة . رواه عبدُ بن حُميد وابن ماجه والطبراني في " الأوسط " والبيهقي . وحسّنه الألباني . وفي الحديث الآخر : مَن عَزّى أخاه المؤمن في مُصِيبَتِه كَسَاه الله حُلّة خَضراء يُحْبَر بها يوم القيامة . قيل : يا رسول الله ، ما يُحْبَر؟ قال: يُغْبَط . رواه البيهقي في " شُعَب الإيمان " . وقال الألباني : أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " ... وله شاهد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مقطوعا . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ، وهو حديث حسن بمجموع الطريقين . اهـ . وقد سُئل علماؤنا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة : هل يجوز للمسلم أن يُعَزِّي الكافر إذا كان أباه أو أمه ، أو مِن أقاربه ، إذا كان يخاف إذا مات ولم يذهب إليهم أن يُؤذوه ، أو يكون سببا لإبعادهم عن الإسلام أم لا ؟ فأجابوا : إذا كان قَصده مِن التعزية أن يُرغبهم في الإسلام فإنه يجوز ذلك ، وهذا من مقاصد الشريعة ، وهكذا إذا كان في ذلك دفع أذاهم عنه ، أو عن المسلمين ؛ لأن المصالح العامة الإسلامية تُغْتَفر فيها المضار الجزئية . وقال شيخنا العثيمين رحمه الله بالتفصيل : تعزية الكافر إذا مات له مَن يُعَزَّى به من قريب أو صديق . في هذا خلاف بين العلماء ؛ فمن العلماء مَن قال : إن تعزيتهم حرام ، ومنهم مَن قال : إنها جائزة . ومنهم مَن فَصَّل في ذلك ، فقال : إن كان في ذلك مصلحة ، كَرَجَاء إسلامهم، وكَفّ شَرّهم الذي لا يُمْكِن إلاَّ بِتَعزيتهم ، فهو جائز وإلا كان حرامًا . والراجح : أنه إن كان يُفْهَم مِن تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حرامًا ، وإلاَّ فينظر في المصلحة . اهـ . وما قيل مِن عِلّة التعزية في القول الذي نقلته في السؤال فيه إشكال . قال النووي : وهو مُشْكِل ؛ لأنه دعاء بِبَقَاء الكافر ودَوام كُفْره ؛ فالمختار تَرْكُه . اهـ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية |
الساعة الآن 08:57 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى