![]() |
ما الرد على من يقول إن كيد الرجال بسبب الحقد ، وكيد النساء بسبب الحُب ويستشهد بقصة يوسف ﷺ؟
السلام عليكم ورحمة الله أحسن الله إليكم وأعلى مقامكم ما رأيكم في قول القائل : إنَّ المرأة ما عندها كيْد وإذا كادت إنما كيدها بسبب الحُب ، بعكس الرِّجال الذين كيدهم عن حِقد وغِل وحسد واستشهد بقصة يوسف عليه السلام وقال : إن أخوته كادوا له فأرادوا أن يقتلوه ، أما امرأة العزيز لمّا كادت فإنما كان بسبب حبها ليوسف وقال : أما قوله : (إن كيدكن عظيم) فهو من قول كافر ، ونحن لا نأخذ ديننا عن كافر ! وقال : ما سمعنا يومًا مِن الأيام عن امرأة تتشارع مع امرأة أخرى في المحاكِم أو البلديات ، وإنما ذلك فِعل الرجال بسبب كيدهم وحِقدهم وغِلهم وفقكم الله وأعلى مقاكم ورزقكم مِن الطيبات ووسّع الله عليكم . http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gifالجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . أولا : أما قوله : (إن كَيْدَكُنّ عظيم) فهو من قول كافر ، ونحن لا نأخذ ديننا عن كافر ؛ فهذا خطأ ؛ لأننا نأخذ دِيننا مِن كتاب رَبنا ، وما أقرّه شرعنا ، فهو شَرْع لنا . ونحن نقبَل الحق ولو جاء به الشيطان - إذا أُقِرّ في دِيننا ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وأن الشيطان أخبر أبا هريرة رضي الله عنه بما تتضمنه آية الكرسي مِن الحفظ والكَلاءة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إنه قد صَدَقَك وهو كَذوب . تَعْلَم مَن تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ قال : لا . قال : ذاك شيطان . رواه البخاري . كما أن الله عزَّ وجَلّ أقَـرّ قول بلقيس حينما قالت : (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) ، فقال الله عزَّ وجَلّ : (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) . والأرجح أنه ليس مِن قول بلقيس . قال ابن عباس : هو مِن قول الله عز وجل مُعرِّفا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأُمّته بذلك ومُخْبِرًا به . اهـ . ثانيا : كَيْد الرجال وكَيْد النساء مذموم ؛ لأن كَيْد البَشَر غالبا فيه مَكْر وخُبْث ! قال الزَّبيدي في " تاج العروس " : الكَيْدُ : الْمَكْرُ والْخُبْثُ . قال شيخنا : وظاهر كلامهم أن الكيد والمكر مُتَرَادِفان ، وهو الظاهر ، وقد فَرّق بينهما بعض فقهاء اللغة ، فقال : الكيد : الْمَضَرّة ، والمكر : إخفاء الكيد وإيصال الْمَضَرّة . وقيل : الكيد : الأخذ على خفاء ، ولا يعتبر فيه إظهار خلاف ما أبطنه ، ويعتبر ذلك في الْمَكْر . اهـ . ثالثا : القول بأن كَيد النساء لِيوسف عليه الصلاة والسلام ، إنما هو حُبّ ليوسف ولجماله وخُلقه وحيائه ؛ غير صحيح ؛ لأن كيد امرأة العزيز إنما هو كَيد لأجل الفاحشة ، وتلبيس يُوسف التهمة مع بَراءته ! فإنها زَعَمتْ أن يوسف هو الذي أراد بها سوءا . بل إن كيد النساء لِيوسف تكرر حتى استعاذ يوسف بالله مِن كَيدِهِنّ ، وسأل ربّه أن يصرف عنه كَيْدَهُنّ . قال ابن القيم : يوسف الصديق كان قد كِيد غير مرة : أولها أن إخوته كادوا به كيدا حيث احتالوا به في التفريق بينه وبين أبيه ، ثم إن امرأة العزيز كادَته بما أظهرت أنه راوَدها عن نفسها ثم أُودِع السجن ، ثم إن النسوة كادُوه حتى استعاذ بالله مِن كَيدهن فَصَرَفَه عنه . اهـ . وامرأة العزيز كادَت يوسف عليه الصلاة والسلام مرّتين . قال ابن القيم : كَادَته بالمراودة أولا ، وكَادَته بالكذب عليه ثانيا . اهـ . فالقَول : بـ(أنَّ المرأة ما عندها كيْد وإذا كادت إنما كيدها بسبب الْحُب) قَول مُجانِب للصواب ، مع ما فيه مِن تهوين شأن الفاحشة وتَسويغِها باسْم الْحُبّ ، وهو مِن باب تسمية الأشياء بغير أسمائها . فامْرَأة عزيز مِصر لَم تُرِد مِن يوسف إلاّ فعل الفاحشة ، حيث تهيأت له وأغلقَت الأبواب ، وقالت : (هَيْتَ لَكَ) . وهذا لا يصِحّ تسويغه تحت اسْم الْحُبّ ، بل تُسمّى الأشياء بتسمياتها الشرعية ؛ ليكون أوقع في النفوس وأكثر تنفيرا عنها . ومعلوم كَيْد النساء ومَكْرِهنّ ، بل إن النساء يَعترِفن بذلك الكَيد ! بل قد يَصِل كيْد النساء في بعض الأحيان إلى القَتْل والفتك ! وكَم مِن القصص في بلاد الغرب التي تَنمّ عن مكر وكيد صَدَرَت أفعالها عن نساء ! وأذكر أنني سمعت قصة لامرأة غربية قَتَلَت تسعة أطفال لها ؛ لِتحصل على التأمين مُقابِل كل طِفل يُقتَل ! فهل هذا نتيجة حُبّ ؟!! وأما نَفْي مَن نَفَى مطالبة امرأة لامرأة أخرى في المحاكِم ، فهو نَفْي لِمَا هو مُوجود ! وإنكار لِمَا هو معروف ، وقد تكون المطالبات والشكاوى أقلّ مما لَدَى الرِّجَال ؛ لأن الرِّجال أكثر بيعا وشراء وتَمَلّكا مِن النساء . يُضاف إلى ذلك ضَعْف النساء في الغالب ، فَيَلْجَأن إلى المكر . قال ابن القيم : كُلّ عاجز جَبان سلطانه في مَكره وخداعه وبهته وكَذبه . اهـ . رابعا : لا يُنكَر كَيد الرِّجال ومَكْرهم ، فإن الله عزَّ وجَلّ ذَكَر مكر وكيد الرِّجال ، فقال عن مَكر الكفّار : (وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا) ، وقال تبارك وتعالى : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) . وسبق الجواب عن : ما حُكم المقارنة بين كيد امرأة العزيز وكيد إخوة يوسف عليه السلام ؟ http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=118998 هل يجوز أن نقول " الشيطان يَعِظ " لإنسان فاجر وسيئ الخُلق ؟ http://ashwakaljana.com/vb/showthread.php?t=29071 وبالله تعالى التوفيق . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 07:00 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى