![]() |
خُطبة جُمعة عن .. (إخراج المرأة)
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الزَّوْجَينِ الذَّكَرَ والأنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ، خَلَقَ الْخَلَقَ لِحكمَةٍ عُظْمَى ، لَمْ يَخْلُقْهُمْ عَبَثا ، ولا تَرَكَهُمْ سُدًى جَلَّ عنِ الشَّبِيهِ وعنِ الْمَثِيلِ والنَّظِير ، لا كُفءَ لَهُ وَلاَ نِدَّ لَهُ ولا شَبيه .
لا يَشغلُهُ شأنٌ عَنْ شأنٍ . أحاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلمًا ، وَقَهَر كُلَّ مَخلوقٍ عِزَّةً وحُكمًا ، ووَسِعَ كُلَّ شَيءٍ رَحْمَةً وعِلمًا . أَمَّا بَعْدُ : فِإنَّهُ مِمَّا لا رَيْبَ : أنَّ تمكينَ النِّساءِ مِن الاختلاطِ بالرِّجالِ أصْلُ كُلِّ بَلِيةٍ وشَرٍّ ، وهُوَ مِنْ أعظمِ أسبابِ نُزولِ العقوباتِ العامةِ ، كَمَا أنَّه مِنْ أسبابِ فَسادِ أمورِ العامةِ والخاصةِ وهذا مما يتَّفَقُ عَلَيْهِ العُقَلاءُ .. ولِذَا تَنَادَى عُقلاءُ الغَربِ إلى نَبذِ الاختلاطِ وَإلى الفَصْلِ بَيْنَ الجنسينِ . وَقَدَ نَصَّ العُلماءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَليِّ الأمرِ أنْ يَمْنَعَ اختلاطَ الرِّجالِ بالنساءِ في الأسواقِ ، والفُرَجِ ، ومَجَامِعِ الرِّجالِ . قَالَ الإمامُ مالكٌ رَحِمَهُ اللهُ: أرى للإمامِ أنْ يَتقدّمَ إلى الصّيّاغِ في قعودِ النساءِ إليهم ، وأرى ألاَّ يَتركَ المرأةَ الشابةَ تَجْلسُ إلى الصُّيَّاغِ . وَقَدْ جَاءَ الإسلامُ بِالفَصْلِ بَيْنَ الرِّجالِ والنِّسَاءِ حتى في الصَّلاةِ وَفَي الطوافِ . قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَأُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ . رَوَاهُ البخاريُّ . وَلَمَّا دَخَلَتْ مَولاةٌ لِعَائشَةَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ لَهَا : يَا أمَّ المؤمنينَ طُفْتُ بِالبيتِ سَبْعًا ، واستلمتُ الرُّكنَ مَرَّتينِ أَوْ ثلاثا ، فَقَالَتْ لها عَائشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : لا آجَرَكِ اللهُ . لا آجَرَكِ اللهُ تُدَافِعينَ الرِّجَالَ ؟ ألاَ كبَّرْتِ ومَرَرْتِ . رَوَاهُ الشافعيُّ ومِنْ طَريقِه : البيهقيُّ . ومَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ النِّسَاءَ مِنْ الْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الرِّجَالِ ، وَالاخْتِلاطِ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ . وَدَعَا السَّلَفُ إلى الفَصْلِ بَيْنَ الْجِنسينِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : خُلِقَ الرَّجُلُ مِنَ الأَرْضِ، فَجُعِلَتْ نَهْمَتُهُ الأَرْضَ، وَخُلِقَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ فَجُعِلَتْ نَهْمَتُهَا فِي الرَّجُلِ ، فَاحْبِسُوا نِسَاءَكُمْ . رَوَاهُ البيهقيُّ فِي الشُّعَبِ. والْمُرادُ بِالْحَبْسِ هُنَا : الحجْبُ ، فَإذَا تحجّبَتْ وغَضَّتْ بَصَرَهَا ، عَفّتْ نَفْسَهَا ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصِدُ الأَسنى ، وَالْمَطْلَبُ الأعْلَى ، لحياةٍ أَفْضَلُ وَأْعْلَى . وَأَصْلُ الفِتْنَةِ والافتتانِ اختلاطُ الرِّجالِ بِالنِّسَاءِ . أَخْرَجَ ابنُ جَريرٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : كانتِ الجاهليةُ الأولى فِيمَا بَيْنَ نُوحٍ وإدريسَ عَلَيهُمَا السَّلامُ ، وكانتْ ألفَ سنةٍ ، وإنّ بَطْنَيْنِ مِنْ ولدِ آدمَ كان أحدُهما يَسْكُنُ السَّهْلَ ، والآخرُ يَسْكُنُ الجبَلَ ، فَكَانَ رجالُ الجبلِ صِبَاحا ، وفي النِّسَاءِ دَمَامَةٌ ، وَكَانَ نساءُ السَّهْلِ صِبَاحا ، وفي الرِّجَالِ دَمَامَةٌ ، وإنَّ إبليسَ أَتَى رَجُلاً مِن أهلِ السَّهْلِ في صُورةِ غُلامٍ فَأَجَّرَ نَفْسَه ، فَكَانَ يَخْدُمُهُ ، واتَّخَذَ إبليسُ شَبَّابَةً مثل الذي يزْمُرُ فيهِ الرِّعَاءُ ، فجاءَ بَصَوتٍ لم يَسْمَعِ الناسُ بِمِثْلِهِ ، فَبَلَغَ ذلك مَن حَولَهُ ، فَانْتَابُوهُم يَسْمَعُون إليه ، واتَّخَذُوا عِيدا يَجْتَمِعُونَ إليه في السَّنَةِ ، فَتَبَرَّجَ النساءُ للرِّجَالِ ، وتَزَيَّنَ الرِّجَالُ لَهُنَّ ، وإنَّ رَجُلاً مِنْ أهلِ الجبلِ هَجَمَ عَليهِم في عِيدِهم ذلك فَرَأى النساءَ وَصَبَاحَتِهِنَّ ، فَأَتَى أصحابَهُ فأخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ ، فَتَحَوّلُوا إليهِنّ ، فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ ، وَظَهَرَتِ الفاحشةُ فِيهِنَّ ، فَهُوَ قولُ اللهِ : (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) فَانظروا بمَ استعانَ إبليسُ عَلَى الفَسَادِ والإفْسَادِ ؟ بِأيِّ وسيلةٍ ؟ أمْ بأيِّ طريقةٍ ؟ استعانَ عَلَى إفسادِ النَّاسِ بِغِنَاءٍ وأعيادٍ مُحْدَثَةٍ وخُروجِ نِساءٍ ؟! وَهَذِهِ الثلاثُ : ( الغِناءُ والطَّرَبُ ، والأعيادُ الْمُحدَثةُ ، وإخْراجُ النِّسَاءِ ) هِيَ أسلحةُ إبْليسَ ، وَبِهَا يُلَوِّحُ وَرَثَتُهُ ! فيُنادُونَ بِهَا ، ويُطالِبُونَ بِوجودِهَا . وَممَا سَعَى إليه الكُفَّارُ خِلالَ قرونٍ مَضَتْ : إخراجُ المرأةِ الْمُسْلِمةِ مِن خِدرِها لإفسادِها .. حَتَّى قَالَ قَائلُهُمْ : كَأسٌ وَغَانِيَةٌ يَفعلانِ في الأُمَّةِ المحمّدِيَّةِ مَا لا يَفْعَلُهُ ألفُ مِدفَعٍ ! فالقضيَّةُ إذًا .. هِي إخراجُ المرأةِ لإفسادِهَا لا غَيْر . وَهَذَا التحريرُ الذِيْ يَزْعُمُهُ المفسِدونَ إنما هو التخرِيبُ تَحْتَ شِعَارِ التَّحريرِ ! وصَدَقَ اللهُ : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا) . لَقَدْ خَرَجَتِ الْمَرأةُ الغربيَّةُ ؛ فَفَسَدَتْ ، وخَرَجَتْ عَلَى إثْرِهَا المرأةُ العربِيَّةُ ؛ فَفَسَدَتْ. فَأيُّ فسادٍ يُرادُ لِلمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ ؟؟ قَالَ الأستاذُ شفيق جَبري: إنَّ المرأةَ الأمريكيةَ أخَذَتْ تَخْرُجْ عَنْ طبيعتِهَا في مشاركتِهَا الرَّجُلَ في أعمالِهِ ، وإنَّ هَذِهِ المشارَكَةَ لا تَلْبَثُ أنْ تُضَعْضِعَ قَواعِدَ الْحَيَاةِ الاجتماعيَّةِ ، فَكَيْفَ تَسْتَطِيعُ أنْ تَعْمَلَ في النَّهَارِ ، وأَنْ تُعْنَى بِدَارِهَا وَبِأولادِهَا في وَقْتٍ وَاحِدٍ ؟ وقَالَ الدكتورُ مُصطَفَى السِّبَاعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: عَلَى إثْرِ خُرُوجِ الْمَرْأةِ الأمريكِيَّةِ ، وَافَقَ مَجْلِسُ الشيوخِ الأمريكِيِّ عَلَى مشروعِ قَانُونٍ يَسمَحُ للمَحَاكِمِ بِمُعَاقَبَةِ الأمهاتِ غَيرِ الْمُتزوجَاتِ ! اللواتي يُنجبْنَ طفليْنِ أَوْ أَكَثَرَ بالسَّجْنِ مِنِ سَنَةٍ إلى سَنتينِ !! ثُمَّ يُعقِّبُ السِّبَاعِيُّ بِقولِه : مِسْكِينَةٌ الْمَرْأةُ الغَربيَّةُ ! أَخْرَجُوهَا مِنْ بيتِهَا ، وَدَفَعُوهَا إلى العَمَلِ في الْمَصَانِعِ وَغَيرِهَا ، فَلَمَّا أنْتَجَتْ هَذِهِ الفَلَسَفَةُ نَتِيجَتَهَا الطبيعيَّةَ قَامُوا يُعاقبِونَهَا بالسَّجْنِ مِنْ سَنةٍ إلى سنتينِ ! . اهـ . وهَذَا ما يُريدُهُ التغريبيونَ في الْمُجتمعاتِ الْمُسلِمَةِ ، حِينَمَا يَتَبَاكَونَ عَلَى الْمَرْأةِ ! وأنَّ نِصْفَ الْمُجتمَعِ مُعطّلٌ ، وأنَّهُ يتنفّسُ بِرِئَةٍ وَاحِدَةٍ .. إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشِّعَارَاتِ البرّاقَةِ ، والدَّعَاوَى الفَجَّةِ ، وَلا غَرَابَةَ ؛ فَقُدْوَتُهُمْ إبليسُ ، سِلاحُهُ : تَزْيينُ القبيحِ (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) ، وشِعارُهُ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ! وَغَيْرُ بَعِيدٍ مِنْ هَذَا قولُ فرعونَ : ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ . حَتَّى قَيلَ في الأمثالَ : صَارَ فِرْعونُ واعظا ! لَقَدْ تركُوا حَلَّ كلِّ مُشكلاتِ المجتمَعِ ، بِمَا فيها مُشْكِلاتُ المرأةِ ، وعَمَدُوا إلى الْمَرْأةِ في بيتِهَا ليُخْرِجُوهَا مِنْ خِدْرِهَا وسِتْرِهَا ، إلى أعْمَالٍ لا تَلِيقُ بِهَا أبَدًا .. ودَعْوَى تحريرِ الْمَرْأةِ تَبْدُو لِكُلِّ ذِي لُبٍّ أَنَّها مفضوحةٌ ، فَانْظُروا حَالَ الْمَرْأةِ الغَرْبِيَّةِ تَرونَهَا سِلْعَةً رَخِيصَةً مَبْذولَةً لِلمُتْعَةِ والاستمتَاعِ فَحَسْبُ . إنَّ دُعَاةَ تحريرِ المرأةِ عِندمَا أخرجُوهَا مِنْ بيتِهَا عَرَضُوا مَفَاتِنَهَا في بَادِئِ الأمْرِ ثُمَّ أَعَرَوْهَا تَماما ، خُصوصًا في أمَاكِنِ اللهْوِ وَعَلَى الشواطِئِ . مِنْ أَجْلِ مَـاذَا ؟ أمِنْ أَجْلِ حُريةِ الْمَرْأةِ ؟ أمِنْ أَجْلِ سَعَادَةِ الْمَرْأَةِ ؟ كَلا بِلْ مِنْ أَجْلِ أنْ يُسْتَمْتَعَ بِهَا . وَلا أدلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنِ الزَّجِّ بِهَا في كلِّ مَجَالٍ سَوَاءً كَانَ يَخُصُّهَا أَمْ لا . ويُطالِبُونَ بِوجودِ المرأة حتى في الملاعِب ! لَقَدْ أَبْرَزُوا صُورةَ المرَأَةِ عاَرِيَةً أوْ شِبْهِ عَاريَةٍ في الأماكِنِ العامِّةِ ، وَفِي الإعلاناتِ الدعائيَّةِ ، بَلْ في الصُّحُفِ اليَّومِيَّةِ - بِمُنَاسَبَةٍ وَبِغَيِرِ مناسبَةٍ .. وزعموا أنَّهُمْ بِهَذَا الفِعْلِ قَـْد حَرّروهَا . نَعَمْ ، لَقَدْ حَرّروهَا وَلَكَنْ مِنَ الفضيلَةِ ، وَسَاووهَا وَلَكِنْ بِالبهائمِ التي لا تَسْتُرُ عَورةً ، ولا تَستَحْيي مِنْ إبدَاءِ سَوْأَة ! أيها الكرام : ماذا جَنَتِ المرأةُ الغربِيَّةُ عندَما خَرَجَتِ وَصَالَتْ وَجَالَتْ . مَـاذَا فَعَلُـوا بِالْمَـرأةِ ؟؟ إليكَ بعضَ النتائجِ والْمُمَارَسَات : أولاً . لَقَدْ أَخَرجُوهَا مِنْ بيتِهَا إلى الشَّارِعِ والْمَعْمَلِ والْمَصْنَعِ وغَيْرِهَا مِنْ مَجَالاتِ العَمَلِ الكثيرَةِ . ثانيا . حَرَّرُوهَا - بِزَعْمِهِمْ - مِنْ أَسْرِ الزَّوْجِ لِتَكُونَ أَسِيرَةً لِكُلِّ زَميلٍ وعَشِيقٍ وَسَاقِطٍ ! ثالثا . أَخْرَجُوهَا مِنْ سِجْنٍ – بِزَعْمِهِمْ - يُسمَّى البيتُ إلى زِنْزَانَةٍ تُسمَّى العَمَلُ ، أدَّى إلى فَقْدِ الأنُوثَةِ ! رابعا . تَرَكَتْ خِدْمَةَ زوجِهَا وأولادِهَا في بيتِهَا لِتَخْدِمَ في الْمُستشفيَاتِ والطَّائراَتِ ، وَتَنْخِرَطَ في سِجِلِّ الدَّاعِرَاتِ ! وَتَنَضَّمَ إلى أنْدِيَةِ البغايا ، إذ الْخُرُوجُ والاختلاطُ بدايةُ الفاحِشَةِ . خامسا . تَخَلّتْ عَنْ مِهْنَةِ الطَّبْخِ في بيتِهَا لأولادِهَا ، لِتكونَ طبّاخَةً فِي أمَاكِنَ عامَّةً لِتَطْبُخَ لِكُلِّ الناسِ ! وأولادُهَا – رُبَّمَا – يَأكلونَ خبزًا جافًا . سادسا . تَرَكَتِ الغسيلَ لخادمتِهَا لِتذْهَبَ فتَغْسِل ثيابَ عامَّةِ الناسِ ، بِمَا فيهم أصحابُ الأمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ لِتَحْصُلَ عَلَى مالٍ مِنْ تِلْكَ الأعَمَالِ الشريفةِ بِزَعْمِهِم ! سابعا . تَرَكَتْ عرينَهَا نُهبةً لكُلِّ سارِقٍ ، وبُغيةً لِكُلِّ مُجْرمٍ ، لتحْمِيَ بِزعمِهِمْ عَرينَ أُمَّتِهَا ! وَتَنَضَمَّ لِجَيشِ بِلادِهَا لتقاتِلَ ! وأيُّ قِتَالٍ هُوَ ؟! بَلْ قُلْ : لِيتَسَلّى بها أفرادُ الجيْشِ ! ثامنا . تَنَكَّرَتْ لِظِلِّ بيتِهَا الوارِفِ لِتَكْدَحَ السَّاعَاتِ الطُّوالِ رُبْمَا عَلَى ظهرِ شَاحِنَةٍ في شَمْسٍ وحرٍّ ، أَوْ عَلَى مَتْنِ طَائرَةٍ أوْ عَلَى جَرّافَةٍ ، أوْ في ورْشَةٍ تُصلِحُ الأعطالَ ، وتَتَلَطَّخُ بالزيوتِ ! وَهَذَا يُشاهَدُ عَيَانا حَتَّى في أرضيّاتِ المطَارَاتِ . تلكَ هي الحقوقُ الْمزعومة التي نالَتْها المرأةُ الغربية ! وشَهِد شاهِدٌ مِن أهلِها .. فقدْ نَشَرَتْ صحيفةٌ ألمانيَّةٌ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسينَ عَاما مَا يَلِي : " كانتِ المرأةُ الألمانيَّةُ تُفتِّشُ عَنْ أناقتِهَا .. وتعْتَنِي بإنجابِ الأطْفَالِ وتربيتِهِمْ ، إلا أنَّ تغييرا كبيرا طَرَأَ عَلَى حياتِهَا اليومَ ، فَأضْحَى هَمُّهَا الأوُّلُ : أنْ تَعْمَلَ مِنْ أَجْلِ كَسْبِ الْمَالِ وجَمْعِه ، بِغضِّ النّظَرَ عَنْ حاجتِهَا إليْهِ أَوْ عَدَمِهَا ، فَكثيراتٌ أَولئكَ اللاتي يَعْمَلْنَ مِنْ أَجْلِ شِرَاءِ سَيّارةٍ ! . ويتّفقُ العقلاءُ عَلَى أنَّ إخراجَ الْمَرْأةِ يَكونُ عَلَى حِسَابِ البيتِ بَلْ والْمُجتَمَعِ وَالأخِلاقِ. يقولُ أَحَدُ أركانِ النَّهْضَةِ الإنجليزيةِ: إنَّ النِّظَامَ الذِيْ يَقْضِي بتشغيلِ الْمَرْأةِ في الْمَعامِلِ – مَهْمَا نَشَأَ عَنْهُ مِنَ الثَّرْوَةِ لِلبَلادِ – فِإنَّ النتيجةَ كَانَتْ هَادِمَةً لِبِنَاءِ الْحَيَاةِ المنْزِليَّةِ ، لأَنَّهُ هَاجَمَ هَيْكَلَ الْمَنْزِلِ ، وقوَّضَ أَرْكَانَ الأُسْرَةِ ، وَمَزَّقَ الرَّوابِطَ الاجتماعيَّةَ . إنَّ الحَيَاةَ تَوازُنٌ واتِّزَانٌ ، فَالرَّجُلُ يَعْمَلُ واْلْمَرْأةُ تقرُّ في بيتِهَا ؛ هَذَا هُوَ الأصْلُ . قالتْ دكتورةٌ أمريكية : إنَّ سَببَ الأزماتِ العائليةِ في أمريكا ، وسِرَّ كثرةِ الجرائمِ في المجتمع ، هو أن الزوجةَ تركتْ بيتَها لِتُضاعِفَ دَخْلَ الأُسْرَة ، فزادَ الدَّخلُ وانخفضَ مُستوى الأخلاق ! فاللهُ المستعان .. وعليه التُّكلان .. الثانية : الْحَمْدُ للهِ الذِيْ أَحْسَنَ تَدْبِيرَ الْكَائِنَاتِ ، فَخَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ وَأَنْزَلَ الْمَاءَ الْفُرَاتَ مِنَ الْمُعْصِرَاتِ فَأَخْرَجَ بِهِ الْحَبَّ والنباتَ . وَقَدَّرَ الأرزاقَ والأقواتَ .. يا رَبِّ صَلِّ عَلَى المُخْتارِ مِنْ مُضَرٍ = وَالأنْبِياءِ وجَميعِ الرُّسْلِ مَا ذُكِرُوا ثُمَّ الصَّلاة ُ عَلَى المُخْتارِ ما طَلَعَتْ = شمسُ النهارِ ومَا قَدْ شَعْشَعَ القَمرُ أيُّها الْمؤمِنونَ : في أخبارِ بني إسرائيلَ : أنَّ رَجُلاً ضَافَ ضَيْفا ، وَفِى دَارِهِ كَلْبَةٌ مُجِحٌّ (أي : قَدْ حَمَلَتْ وعَظُمَ بَطْنُهَا) ، فَقَالَتِ الْكَلْبَةُ : وَاللَّهِ لاَ أَنْبَحُ ضَيْفَ أَهْلِي ، فَعَوَى جِرَاؤُهَا فِي بَطْنِهَا ، فقِيلَ : مَا هَذَا ؟ قَالَ: فَأَوْحَى إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ : هَذَا مَثَلُ أُمَّةٍ تَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ ، يَقْهَرُ سُفَهَاؤُهَا حُلماءَهَا. وقد اسْتَعاذَ عُمرُ رضي الله عنه مِن جَلَدِ الفاجِرِ وعَجْزِ الثِّقَة . ولَقَدْ آذَىَ المنافقِونَ المؤمنينَ في أعراضِهِمْ ، وأَحَبُّوا أنْ تشيعَ الفاحِشَةُ في الذين آمَنُوا ؛ مِنْ خِلالِ إخراجِ الْمَرأةِ ، والزَّجِّ بها في كلِّ مَيدانٍ .. وواللهِ إنَّ الأرواحَ تَهونُ دونَ الأعراض . وكانتِ العَرَبُ تُرخِصُ دِمَاءَهَا ولا تُرخِصُ أعرَاضَهَا . ومِنْ أمْثَالِ العَرَبِ قديما : تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلا تَأْكُلُ بِثَدْيَيْهَا . والْمَعْنَى كَمَا ذَكَرَ العُلَمَاءُ : أنَّ الْمَرْأةَ الْحُرّةَ تمتَنِعُ عَنِ الرَّضَاعِ بِأُجْرَةٍ ، إِذْ كَانَ العَرَبُ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ أَنَفًا . وَلَيْسَ مَعْنَاهُ : أنَّهَا لا تَزنِيْ ؛ فَذَلِكَ أَمْرٌ تَأْبَاهُ كُلُّ حُرَّةٍ حَتَّى قَبْلَ الإسلامِ ، فَقَدَ جَاءتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتبةَ رَضَيَ اللهُ عَنْهَا لِتُبايعَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ أَنْ أخَذَ عَلَيْهَا في البيعةِ "وألاّ تَزْنِينَ " قَالَتْ : أوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ ؟؟ أيها المؤمنون : وإذا اسْتَشْرَى فَسَادُ أولئكَ فالعِصْمَةُ في أمْرَينِ الأوَّلُ : اجتمَاعُ الأُمَّةِ ؛ لأَنَّ الأُمَّةَ لا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلالَةٍ . والثاني : الرُّجُوعُ إلى أَهْلِ العِلْمِ ووَحْدَةِ الصفِّ ؛ لتفويتِ الفُرْصَةِ عَلَى أصحابِ الطابورِ الْخَامِس . قَالَ ابنُ القَيِّمِ : الأُمَرَاءُ إنَّمَا يُطاعُونَ إذا أمَرُوا بِمُقْتَضَى العِلْمِ ؛ فَطَاعتُهُمْ تَبَعٌ لِطاعَةِ العُلَمَاءِ ؛ فإنَّ الطَّاعَةَ إنَّمَا تَكونُ في الْمَعْروفِ ، ومَا أوْجَبَهُ العِلْمُ ، فَكَمَا أنَّ طَاعَةَ العُلَمَاءِ تَبَعٌ لِطَاعَةِ الرَّسولِ ، فَطَاعَةُ الأُمَرَاءِ تَبَعٌ لِطَاعَةِ العُلَمَاءِ . اهـ . وجَرَتْ سُنَّةُ اللهِ بِالمُدَافَعَةِ (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ) . قَالَ مَكِّيُ: وَأكْثَرُ الْمُفسِّرينَ عَلَى أنَّ الْمَعْنَى : لولا أنَّ اللهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يُصَلِّي عَمَّنْ لا يُصَلِّي ، وَبِمَنْ يَتِّقي عَمَّنْ لا يَتِّقِيْ ؛ لأهْلَكَ النَّاسَ بِذنوبِهِمْ . وَعَلَيْنَا أنْ لا نَكونَ أبْوَاقا لأولئك فنُرَدِّدَ مَا يَقولونَ ، ونَبُثَّ في النَّاسِ شُبهاتِهِمُ الواهيَةَ . وكان السَّلَف لا يَستَمِعونَ إلى أهلِ الْمَقَالاتِ الْمُحْدَثَة .. رَوَى سَلاَّمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ قَالَ لأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ : يَا أَبَا بَكْرٍ، أَسْأَلُكَ عَنْ كَلِمَةٍ ؟ قَالَ : فَوَلَّى ، وَهُوَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ ، وَلا نِصْفَ كَلِمَةٍ . وَأَشَارَ بِخِنْصِرِهِ الْيُمْنَى . رواهُ الدَّارِمي . قَالَ مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ: لاَ تُصْغِيَنَّ بِسَمْعِكَ إِلَى هَوَىً، فَإِنَّك لاَ تَدْرِي مَا يَعْلَقُ بِقَلْبِكَ مِنْهُ . وعَلَيْنا – أيها الكِرام - أنْ نَتصدَّى لأفكْارِهِمْ وشُبهاتِهِمْ . وَهَذَا مِنْ جهادِهِمُ الذي أمَرَ اللهُ بِهِ ، وأمَرَ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أُمِرَ بِالْجِهَادِ مَعَ الْكُفَّارِ بِالسَّيْفِ ، وَمَعَ الْمُنَافِقِينَ بِاللِّسَانِ وَشِدَّةِ الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ . وثَمَّتَ مُبشِّراتٌ : أنَّهُ مَتَى مَا ظَهَرَ النِّفَاقُ واسْتَشْرَى واشْرَأَبَّتْ أَعْنَاقُ المنافقينَ ؛ فإنَّ الوَضعَ مَعَ خطورتِهِ يَحْمِلُ في طيَّاتِهِ مبشِّرَاتٍ. ذَلِكَ أنَّ النِّفَاقَ لا يَظْهَرُ إلاَّ في وَقْتِ قُوَّةِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ ، ولِذَلِكَ يَتَسَتَّرونَ بشعَارَاتٍ بَرَّاقَةٍ ، مِنْ مِثْلِ : تَحْتِ مَظَلَّةِ الشَّريعَةِ ، وبضوابِطِ الشَّريعَةِ .. وهَذَا دالٌّ عَلَى أنَّهُ لا زَالَ في النَّاسِ خَيْرٌ ، وأنَّ الْمُجتَمَعَ لا يَقْبَلُ زَيْفَ أولئكَ مَا لَمْ يُبَهْرِجُوه ! اللهُمَّ إنَّا نَبَرَأُ إليكَ مِمَّا فَعَلَ السُفهاء . رَبَّنَا لا تؤاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنّا ، ولا بِمَا كَسَبَتْ أيدِينَا .. |
الساعة الآن 11:46 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى