![]() |
كيف تُناصَح الأمّ التي تُسيء الظنَّ بالآخَرين ؟
كيف ننصح الأم عن التوقف عن سوء الظن بالآخرين ؟ وهل إذا نصحناها وغضبت منا هل نكون من العاقِّين؟ جعلكم الله بارين بوالديكم . http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : آمين ، ولك بمثل ما دعوت . تُنصَح بأن يُبيّن له أن سوء الظن إثم ، خاصة إذا تكلَّم به ، أو عَمِل بِموجِبه . فإن الله تبارك وتعالى أمَر باجتناب كثير من الظن خشية الوقوع فيما هو إثم ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) . قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : الظَّنُّ ظَنَّانِ : أَحَدُهُمَا إِثْمٌ ، وَهُوَ أَنْ تَظُنَّ وَتَتَكَلَّمَ بِهِ، وَالآخَرُ لَيْسَ بِإِثْمٍ ، وَهُوَ أَنْ تَظُنَّ وَلا تَتَكَلَّمَ . وقال ابن حجر : دَلَّ سِيَاقُ الآيَةِ عَلَى الأَمْرِ بِصَوْنِ عِرْضِ الْمُسْلِمِ غَايَةَ الصِّيَانَةِ لِتَقَدُّمِ النَّهْيِ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ بِالظَّنِّ . اهـ . وتكون نصيحة الأمّ بالرفق واللين ، واستغلال ساعات صفاء النّفس ؛ لأن الإنسان في الغالب لا يقبل النصيحة إذا نُصِح في حال غضبه . ويُبيّن لها أن ظنّ السوء بالناس مِن غير بَيّنة : إثْـم . وأن الباعث لكم على نُصحها هو الحرص على أن لا تقع في الإثم . وأن سوء الظنّ يُورِث الحقد والضغائن ، التي تعود بالضرر على صاحبها في الدنيا قبل الآخرة ، ففي الدنيا تُسبب له الأمراض القلبية ، وقسوة القلب ، والهمّ ، وغير ذلك ، وفي الآخرة : يأثم ، ويُقتصّ منه إذا تكلّم به ، أو عَمِل بموجبه . ثم إن سوء الظنّ قد يكون أحيانا بِسبب تتبّع عورات الناس ، وفي الحديث : يا معشر من أعطى الإسلام بلسانه ، ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تؤذوا المؤمنين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه مَن تتبع عورات المؤمنين تتبَّع الله عورته ، ومَن تتبَّع الله عورته يَفضحه في بيته . وفي رواية : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته ، ومَن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وصححه الألباني والأرنؤوط . وإذا نُصِحَتْ وغَضِبَتْ بسبب النصح بالرفق ؛ فلا يكون ذلك من العقوق ؛ لأن الباعث عن النصح هو الشفقة ، والكفّ عن الإثم . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا ، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا ؟ قَالَ : تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ . رواه البخاري . فَمِن البِرّ بالأم عدم إعانتها على ظُلمها ، بل كَفِّها وحَجْزها عنه ، ونُصحها ووعظِها ، وتذكيرها بِضرر ذلك عليها . قال ابن عبد البر : قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : " وَلا تَجَسَّسُوا وَلا تَحَسَّسُوا " فَهُمَا لَفْظَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ ، وَهُوَ الْبَحْثُ وَالتَّطَلُّبُ لِمَعَايِبِ النَّاسِ وَمَسَاوِيهِمْ إِذَا غَابَتْ وَاسْتَتَرَتْ ، لَمْ يَحِلَّ لأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا ، وَلا يَكْشِفَ عَنْ خَبَرِهَا . قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَمِنْهُ : لا يَلِي أَحَدُكُمُ اسْتِمَاعَ مَا يَقُولُ فِيهِ أَخُوهُ ... وَذَلِكَ حَرَامٌ كَالْغِيبَةِ أَوْ أَشَدَّ مِنَ الغيبة قال الله عز وجل : (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) فَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَرَدَا جَمِيعًا بِأَحْكَامِ هَذَا الْمَعْنَى ، وَهُوَ قَدِ اسْتُسْهِلَ فِي زَمَانِنَا ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى مَا حَلَّ بِنَا . اهـ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 12:48 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى