![]() |
ما حكم التقليد في تصحيح وتضعيف الأحاديث ؟
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه و بعد السلام و عليكم و بركاته شيخنا الكريم رضي الله عنكم و كتبكم من المقربين شيخنا ما حكم التقليد في تصحيح و تضعيف الأحاديث خاصة لطالب العلم الذي يمتلك أدوات التخريج ؟ و هل كل زيادة من الثقة عمن هو أوثق منه تُعْتَبَرُ شذوذا ؟ بارك الله فيكم و أحسن إليكم |
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . التقليد هو قبول قول الغير دون بيّنة ولا حُجّة . قال الجرجاني : التقليد : عبارة عن اتِّباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل ، معتقدًا للحقيقة فيه ، مِن غير نظر وتأمّل في الدليل ، كأن هذا الْمُتَّبع جَعل قول الغير أو فعله قلادةً في عنقه . التقليد : عبارة عن قبول قول الغير بلا حُجّة ولا دليل . اهـ . وقد ذمّ الله ورسوله التقليد ، وذمّه العلماء . قال ابن عبد البرّ في " جامع بيان العلم وفضله " : باب فَساد التقليد ونَفْيه ، والفرق بين التقليد والاتباع . قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير مَوضِع مِن كِتابه . وقال : والتقليد عند العلماء غير الاتِّباع ؛ لأن الاتِّباع هو تَتبّع القائل على ما بَانَ لك مِن فضل قوله ، وصِحّة مَذهبه ، والتقليد أن تقول بِقَوله وأنت لا تعرف وَجه القول ولا معناه ، وتأبَى مَن سِواه ، أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مَهَابة خِلافه ، وأنت قد بَانَ لك فساد قوله . وهذا مُحَرَّم القول به في دِين الله سبحانه وتعالى . اهـ . ولابن القيم رحمه الله كلام يطول في هذا الباب . وقد نَقَله وزاد عليه الشيخ الشنقيطي في تفسير قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) ، وبيّن رحمه الله الفرق بين التقليد والاتِّباع . وأما تصحيح وتضعيف الأحاديث ؛ فقد يكون مِن المتعذِّر حتى في حقّ المتمكِّن مِن التصحيح والتضعيف : أن يَكون له رأي في كل حديث يُورِده أو يستدلّ به . ومِن هذا الباب : صَنيع الأئمة الكبار ؛ فقد كانوا يسألون مَن هو أعلم منهم في هذا الفنّ . قال الإمام الشافعي للإمام أحمد : أنتم أعلم بالحديث والرجال مِنّي ؛ فإذا كان الحديث صحيحا فأعلموني ، إن شاء أن يكون كوفيا أو بصريا أو شاميا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا . و الإمام الترمذي مثلا يَنقل في جامعه كثيرا أسئلته للإمام البخاري عن الأحاديث ، وقَول الإمام البخاري في الأحاديث تصحيحا وتضعيفا . وهكذا الإمام البغوي في " شرح السُّنّة " ، فإنه يذكر تصحيح الأئمة . وهناك كُتب أُلّفَتْ في سؤالات أهل العِلْم للعلماء عن الأحاديث والتصحيح والرّواة . والمذموم في هذا الباب : أن يُصحح الحديث ؛ لأن فلانا صححه مع علمه بِضعفه ، وظهور ذلك له واضِحا ، أو يُضعِّفه لأن فلانا ضعّفه مع علمه بِصِحّته ، وظهور ذلك له واضِحا . وهذا قد يَقع فيه بعض أتْبَاع المذاهب تعصّبا لِمَذهَبه ، وتقليدا لِقول إمام مذهبه . وهذا مُحرَّم ؛ لأنه يتضمّن تصحيح ما عُلِم ضَعفه ، وتضعيف ما عُلِمَت صِحّته ؛ ويترتّب عليه : تَرْك بعض ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتَقويله ما لَم يَقُل عليه الصلاة والسلام ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن قال عليّ فلا يقولَنّ إلاّ حقا أو صدقا ؛ فمن قال عليّ ما لم أقُل فليتبوأ مَقعده من النار . رواه الإمام أحمد والدارمي ، وهو حديث حسن . وسبق الجواب عن : استفسار حول إلزام الأعضاء باتّباع رأي عالم في تصحيح الأحاديث http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=84780 ما حُكم الْفَتْوَى بِالتَّقْلِيد ؟ http://almeshkat.com/vb/showthread.php?t=110464 ما الفرق بين قول " فلان حّرم ذلك الأمر " وَ " فلان أفتى بتحريم ذلك الأمر ؟ http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=79118 وبالله تعالى التوفيق . والسؤال الثاني يُوضَع لوحده ! |
الساعة الآن 04:14 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى