![]() |
هل يصح أن يقال : الذنب نعمة ؟ وما صحة قصة سجود الشجرة مع الصحابي ؟
ما صحة ما ورد في هذا المنشور ؟ وسجود الشجرة ؟ وهل يصح أن يقال : الذنب نعمة ؟ يُروى أن رجلا من الأنصار صلى إلى شجرة فقرأ سورة (ص)، فلما مر بالسجدة سجد وسجدت الشجرة معه فسمعها تقول: اللهم اكتب لي بهذه السجدة عندك أجرًا، وامحُ عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وتقبَّلها مني كما تقبَّلتها من عبدك داود. أعجبني هذا الأثر فذكرته. نحن كبشر لماذا نذنب ؟ والله خالق كل شيء، ويسبح له كل شيء ؟ ونحن أعظم مخلوقاته؟ وسجدت لأبينا آدم الملائكة وهي لا تعصيه ؟ إذن لماذا نذنب ؟ لأن الذنب نعمة . http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : أولا : القصة وَرَدت أنها في النوم وليست في اليقظة ، كما يُوهِمه ظاهر هذا المنشور . قال ابن عباس : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتاه رجل فقال : إني رأيت البارحة فيما يَرى النائم ، كأني أُصَلّي إلى أصْلِ شجرة ، فقرأت السجدة فسَجَدت ، فَسَجَدَتْ الشجرة لِسجودي ، فسمعتها تقول : اللهم احطط عني بها وِزرا ، واكتب لي بها أجرا ، واجعلها لي عندك ذُخرا . قال ابن عباس : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة فَسَجد ، فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب من حديث ابن عباس، لا نعرفه إلا من هذا الوجه . ورواه ابن ماجه وابن حبان . ثانيا : الحديث فيه ضعف في إسناده ، ونَكَارة في مَتْنه . أما ضعف إسناده ؛ فلأنه مِن رواية : محمد بن يزيد بن خنيس ، عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد . محمد بن يزيد بن خنيس لم يُصرّح بالسماع مِن شيخه . قال ابن حبان : وكان من خيار الناس ، ربما أخطا ، يجب أن يُعتبر حديثه إذا بَيَّن السماع في خَبَره . والحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد المكي ضعيف . قال العُقيلي : لا يُتابَع على حديثه ، وليس بمشهور النقل . وقال ابن حجر : مقبول . وقال الذهبي : غير حجة . وأما نَكَارة مَتْنه ؛ ففي قول الشَّجرة (اللهم احطط عني بها وِزرا ، واكتب لي بها أجرا ، واجعلها لي عندك ذُخرا) ، فالشَّجرة غير مُكلَّفة وليس عليها أوْزَار ، ولا يُكتَب لها أجور ! ثالثا : لا يصح أن يُقال : (الذنب نعمة) بل الذَّنْب في ذاته نِقمة ، وكل شرّ وبلاء فأصْله الذّنوب . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تُدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط ، حتى يعلنوا بها إلاّ فَشَا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مَضَت في أسلافهم الذين مَضوا . ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخِذوا بالسنين وشِدّة المئونة وجَور السلطان عليهم . ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلاّ مُنعوا القَطْر من السماء ، ولولا البهائم لم يُمْطَروا . ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلاَّ سلّط الله عليهم عدوًّا مِن غيرهم ، فأَخَذُوا بعض ما في أيديهم . وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلاَّ جعل الله بأسهم بينهم . رواه ابن ماجه وغيره ، وحسّنه الألباني . قال ابن القيم : أجمع العارفون على أن كل خير فأصْلُه بتوفيق الله للعبد ، وكل شر فأصله خذلانه لعبده . وأجمعوا أن التوفيق أن لا يَكِلَكَ الله إلى نفسك ، وأن الخذلان أن يُخَلّي بينك وبين نفسك . وقال أيضا : ما ضُرِبَ عَبْدٌ بِعقوبة أعظم مِن قسوةِ القلب والبُعدِ عن الله . وقال : اقْشَعرّت الأرض وأظلمت السماء , وظَهر الفساد في البر والبحر مِن ظُلم الفَجَرة , وذهبت البركات , وقَلَّت الخيرات , وهَزُلت الوُحوش , وتكدّرت الحياة مِن فِسْق الظَّلَمة . بَكى ضوء النهار وظُلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة , وشَكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح . وهذا والله مُنْذِر بِسَيْل عَذاب قد انعقد غمامه , ومُؤذِن بِلَيل بلاء قد ادْلَهَمّ ظلامه . فاعْزِلُوا عن طَريق هذا السيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح . وكأنكم بالباب وقد أُغْلِق , وبالرهن وقد غَلِق ، وبالجناح وقد عَلِق ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) . اهـ . وقد يَكون الذَّنْب سببا في توبة الإنسان وعودته إلى الله ، بل قد تكون حال الإنسان بعد الذَّنْب أفضل مِن حالِه قبل الذَنْب ؛ لأنه كلّما تذكّر الذَّنْب أحدَث توبة واستغفر وعَمِل عملا صالحا ، كما قال الصحابي الجليل أبو أيوب رضي الله عنه ، إذ قال : إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ ، يَتَّكِلُ عَلَيْهَا ، وَيَعْمَلُ الْمُحَقَّرَاتِ حَتَّى يَأْتِيَ اللهَ وَقَدْ أَخْطَرَتْهُ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَفْرَقُ [أي: يَخاف] مِنْهَا حَتَّى يَأْتِيَ اللهَ آمِنًا . وكما قال التابعي الجليل سعيد بن جُبير رحمه الله ، حيث قال : إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا النَّارَ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَيَعْجَبُ بِهَا ، وَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ ، فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا . وقال أبو حَازِمٍ رحمه الله : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ مَا عَمِلَ حَسَنَةً قَطُّ أَنْفَعَ لَهُ مِنْهَا ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ مَا عَمِلَ سَيِّئَةً قَطُّ أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْهَا . وسبق الجواب عن : ما هي الأعمال التي يحبها الله ، وكيف يعرف العبد أن الله راضٍ عنه ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17406 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 06:42 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى