![]() |
هل حب المنصب و ثناء الناس تُحبط العمل وتنافي الإخلاص ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعض الناس يحبون الصدارة والمنصب ومدح الناس وثناءهم ، ويعملون كل شيء للوصول لهدفهم هل هذه الاشياء من محبطات الأعمال ؟ وفقكم الله شيخي الفاضل وجزاكم كل خير http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا ، ووفقك الله لكل خير . مدح الناس وثناؤهم لا يُقدِّم ولا يُؤخِّر إلاّ إذا كان بِحَقّ ، ولم يكن نتيجة تصنّع ولا بِدافِع الْهَوى . رَوى البخاري ومُسلم مِن حديث أنس رضي الله عنه قال : مَرّوا بِجنازة ، فأثنوا عليها خيرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وَجَبَتْ ، ثم مَرّوا بأخرى ، فأثنوا عليها شَرّا ، فقال : وَجَبَتْ ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما وَجَبَتْ ؟ قال : هذا أثنيتم عليه خيرا ، فَوَجَبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شَرا ، فَوَجَبَت له النار ، أنتم شهداء الله في الأرض . وفي رواية : المؤمنون شُهداء الله في الأرض . قال ابنُ عبد البر : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم لا يُثْنُون على أحدٍ إلاّ بِالصّدْق ، ولا يَمْدَحون إلاّ بِالْحَقّ ، لا لشيء مِن أعراض الدنيا ، شَهوة ، أو عَصَبيّة ، أو تَقِيّة . ومن كان ثناؤه هكذا يَصِحّ فيه هذا الحديث ، وما كان مِثْله . اهـ . وهذا يَعني : أن الشهادة التي باعِثها الهوى أو العداوة ، لا تدخل في هذا الحديث . وعلى المسلم أن يَطلب رضا الله ؛ فإنه تبارك وتعالى إذا رَضِي أرضى الناس عمّن رضِي عنه ، وإذا سَخِط أسخط الناس على مَن سَخِط عليه . وأن يَطلب الثناء مِن الله ؛ فإن الله يُثني على عَبدِه – أو على أمَتِه – في الملأ الأعلى . ومِن هنا كان مَدْح الله تعالى زَين ، وذمّه شَيْن . قال أبو إسحاق الفزاري : إن مِن الناس مَن يُحب الثناء عليه وما يُساوي عند الله جناح بعوضة ! وليس للإنسان إلاّ ما نَوى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن غزا ولا يَنوي في غزاته إلاّ عِقالا ؛ فَلَه ما نوى . رواه الإمام أحمد والنسائي ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : الرَّجُل يُقَاتِل للمَغْنَم ، والرَّجُل يُقِاتِل للذِّكْر ، والرَّجُل يُقَاتِل ليُرَى مكانه . فمن في سبيل الله ؟ قال : مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله . رواه البخاري ومسلم . فَمَنلم يُرِد إلاّ ثناء الناس ومَدحَهم ، فهو على خَطَر عظيم ، فإن أوّل مَن تُسعّر بهم النار ثلاثة ، وذلك أنهم ما أرادوا إلاّ ثناء الناس ومَدْحَهم ، وقد نَالُوا ما أرادوا فَليس لهم في الآخرة مِن نصيب . وماذا يَملك الناس للناس ؟! الإنسان لا يَملك لنفسه – فضلاً عن غيره – نَفعا ولا ضرّا ، ولا يَملك مَوتًا ولا حياة ولا نُشورا ، كما قال الله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا) . وحُبّ الشهرة يتنافى مع الإخلاص . قال ابن القيم : لا يَجتمع الإخلاص في القلب ومَحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلاّ كمَا يَجتمع الماء والنار والضَّبّ والْحُوت . فإذا حَدَّثتك نفسك بِطَلب الإخلاص فأقْبِل على الطمع أوّلاً فاذْبَحْه بِسِكّين اليأس ، وأقْبِل على المدح والثناء فازْهَد فيهما زُهد عشّاق الدنيا في الآخرة ! فإذا استقام لك ذَبح الطمع ، والزُّهد في الثناء والمدح ؛ سَهُل عليك الإخلاص . فإن قُلت : وما الذي يُسهّل عليّ ذَبح الطمع ، والزهد في الثناء والمدح ؟ قلتُ : أما ذبح الطمع فيُسهّله عليك عِلْمك يَقِينا أنه ليس مِن شيء يُطمع فيه إلاّ وبِيَدِ الله وَحده خَزائنه ، لا يَملكها غيره ، ولا يؤتى العبد منها شيئا سِواه ، وأما الزهد في الثناء والمدح فيُسهّله عليك عِلمك أنه ليس أحد يَنفع مَدْحه ويَزِين ، ويَضر ذَمّه ويَشِين إلاّ الله وحده ، كَمَا قال ذلك الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم : إن مَدحِي زَين ، وذَمّي شَين ! فقال : " ذلك الله عز وجل " ، فازْهَد في مَدْح مَن لا يَزِينك مَدْحه ، وفي ذمّ مَن لا يَشِنيك ذمّه ، وارغب في مَدْح مَن كُلّ الزَّين في مَدْحه ، وكل الشَّين في ذَمّه . ولن يُقْدَر على ذلك إلاّ بالصبر واليقين ، فَمَتَى فَقَدْت الصَّبْر وَالْيَقِين كُنتَ كَمَن أَرَادَ السّفر في البحر في غير مَرْكب. اهـ . وسبق الجواب عن : هل الاجتهاد في العمل الوظيفي أمام المسؤولين يعتبر رياءً ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13215 يريد احتساب الأجر في حسن خلقه وفي نفس الوقت يريد مدح الناس ومحبتهم له http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13296 الشخص يحاول يُحسّن خُلقه أمام الناس كي يَكسب حُبّهم ، هل هذا يؤجر عليه أم هورياء ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9277 كيف أجعل نيتي خالصة لله دون رياء ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7128 يُصيبني العُجب كلما شاركت بنصيحة في المنتديات ، فكيف أتخلّص مِن الرياء ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18864 يعمل معلّما ويُحب ثناء الطلاب والآخرين عليه ويخشى أنّ هذا رياء http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4453 أخاف جدا من الرياء وأخاف أن أكون أول من تسعر بهم النّار http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3429 كيف أدفع الرياء عن نفسي ? http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3909 ما هي علامات الإخلاص وعلامات الرياء والعياذ بالله ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5036 هل التوبة من الرياء تُعيد إليه أجر ذلك العمل ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9163 ما رأيك بالناس الذين يبحثون عن الشهرة ؟ وما فائدتهم مِن وراء ذلك ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9094 ما هو حب الشهرة الْمُحرَّم ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12552 كيف يكون الصدق مع الله تعالى ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9093 هل أفعال الكافر الحسنة تكون سببا لتخفيف العذاب عنه في الآخرة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18577 ومقالات : عاجل البشرى http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5035 مَدْحُنا زَين وذمّنا شَين ..!! http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6172 لقد بَكى أُبَيّ . فما الذي أبكاه ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6297 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 05:02 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى