![]() |
أريد شرح عبارات الفقهاء مثل (المشهور من المذهب) (أصح الروايات) (عند الحنابلة) وغيرها
السلام عليكم شيخنا الفاضل
كثيرا نجد في كتب الفقه ما يقوله فقيه في المسألة مستندا على قول أحد الأئمة الأربعة ثم يروي أكثر من رواية ثم يرجح إحداهما! مثلا: يقول الفقهاء: "طلاق السكران يقع في المذاهب الأربعة و في رواية أحمد و الشافعي لا يقع و هذ معتمد أو مشهور في مذهب أحمد" وما معني هذه الألفاظ؟ ما المقصود: في إحدى الرواية؟ ما المقصود : أصح في المذهب ما المقصود: المشهور في المذهب و ما فرق بين قولهم " في مذهب أحمد" و بين " عند الحنابلة" و بين " المعتمد في مذهب أحمد" و بين " أصح أو راجح في المذهب" ؟ و كيف أعرض هذه العبارات كلها على إطار قول الإمام أبي حنيفة: "حرام على من لم يعلم دليلي أن يفتي بكلامي" أو " لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه" أفيدونا فضيلة الشيخ و جزاكم الله خيرا |
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا . الرواية هي نص الإمام المنقول عنه ، وكذلك إذا قيل : هذا نصّ الإمام . قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في " المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد " : الصريح ، ويُعبِّر عنه الأصحاب بلفظ : " الرواية " و " الروايات المطلقة " وما في معناها : نصًّا . النص . نَصّ عليه . المنصوص عليه . المنصوص عنه . وعنه . رواه الجماعة [أي : عن الإمام أحمد] . الرواية : هي الحكم الْمَروِي عن الإمام أَحمد في مسألة ما ، نصًّا مِن الإمام ، أو إِيماء ، وقد تكون تخريجا مِن الأصحاب على نصوص أحمد فتكون : " رواية مُخَرَّجة " . وبقية الأَلفاظ المذكورة بعد لفظ : " الرواية " بمعناها ، وهي : نَصًّا و " النص " و " المنصوص عليه " و " عنه " : هو الصريح في معناه ، أي : عن الإمام . اهـ . والروايات عن الإمام في المسألة الواحدة لها أسباب ، منها : أولهما : اختلاف رأي الإمام واجتهاده . والثاني : اختلاف النَّقَلَة لِمَذهبِه ، فيَختَلِف باختلاف فَهْم الناقل . الثالث : اختلاف الفتوى مِن الإمام تبَعًا لاختلاف النازلة ، أو الواقِعة . فقد يفتي الإمام في واقعة معينة بغير ما أفتى به في واقعة مُشابِهة ؛ فيظن بعضهم التعارض فيجعلهما روايتين . والعمل على الرواية المعتمدة . وهناك أسباب أخرى ذكرها الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في " المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد " . وإذا كان الناظر في الروايات مجتهدا في المذهب ؛ فله أن يَجمع بين الروايات ، ويَنظر فيها ويعتمد منها ما تَبين له وفق أصول المذهب . وإذا كان غير مجتهد فيرجع في معرفة ذلك إلى الكتب المعتمدة في المذهب . قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : القسم الرابع : اصطلاحات في نقلهم الخلاف المطلَق في المذهب بلا ترجيح . ومنها : على روايتين . فيه روايات . على وجهين . فيه أوْجُه . أو احتمالان . أو احتمالات . أو احتمل كذا . قيل كذا . وقيل كذا . قيل وقيل . قال فلان كذا ، وقال فلان كذا . ونحوها . وقال في موضع آخر : مع التسليم بأنه لا يجوز للمجتهد أن يقول قولين مختلفين في وقت واحد لشخص واحد ، لكن يمكن أن يكون له في المسألة الواحدة قولان مختلفان في وقتين مختلفين ، وهذا موجود لدى كل إمام في كل مذهب . وقال أيضا : إذا كان في المسألة روايتان فأكثر عن الإمام نَصًّا ، أو تنبيهًا ؛ فللفَقِيه في تنقيح المذهب ، أن يتعامل مع الروايتين فأكثر ، كما لو كان أمامه دليلان : الجمع بين الروايتين بِحَمل المطلَق على المقيَّد ، والعام على الخاص ، أو مِن باب اختلاف الفتيا باختلاف الأحوال والأَشخاص والأَزمان ، ونحو ذلك مِن وُجوه الجمع المعلومة أولا ، فإن لم يكن الجمع ، فالترجيح ، فإن لم يكن الجمع ولا الترجيح ، وعُلم التاريخ ، فالأخير مذهبه ، فإن جُهل التاريخ ، فمذهبه أقرب الروايتين أو الروايات إلى الدليل ، أو قواعد مذهبه . اهـ . والمقصود بـ " أصح في المذهب " ترجيح هذا القول على غيره مِن الأقوال في المذهب ؛ فيكون هذا القول هو أصح الأقوال وِفق قواعد المذهب وأصوله . وقد يُطلَق الأصح في المذهب ، ويُراد به : القول الْمُفتَى به . و " المشهور في المذهب " يُقابِل غير المشهور مِن الأقوال في المذهب ، وقد يشتهر قولا في وقت دون آخر ، أو في بلد دون آخر ، حسب ما يُشهره أهل العلم والفتوى في ذلك المذهب . ولا يلزَم مِن الشُّهرة أن يكون القول المشهور هو القول الراجح . وقد يُطلَق المشهور ويُراد به الراجح . قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : ولهم في هذا جُملة أَلفاظ في الترجيح بين الروايات عن الإمام ، وفي الترجيح بين الأَوجه ، والتخاريج ، والاحتمالات عن الأصحاب . ومِن هذه الأَلفاظ : رواية واحدة . وجهًا واحدًا بلا خلاف في المذهب . بلا نزاع . نصًّا . نص عليه . نص عليه وهو اختيار الأصحاب . المنصوص كذا . هذا هو المذهب المنصوص . الأَصح . في الأصح . على الأصح . الصحيح كذا . في الصحيح مِن المذهب . في الصحيح عنه . في أَصح القولين ، أو الأقوال ، أو الوجهين ، أو الأَوجه . والأول أَصح . هي أَصح . الأول أَقيس وأَصح . هذا صحيح عندي . المشهور . الأَشهر . في المشهور عنه . الأَظهر كذا . على الأَظهر . على أَظهرهما . أو أَظهرهما . في الأَظهر . في أَظهر الوجهين ، أو الأَوجه . أولاهما كذا . الأولى كذا . هو أولى . الأقوى كذا . الأقوى عندي كذا . يُقَوَّى . اهـ . وكذلك قولهم : ظاهر المذهب : المراد بذلك في مذهب الإمام ، وهو القول البائن الذي ليس يخفي أنه المشهور في المذهب . قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : المذهب . ظاهر المذهب . القول . المذهب كذا : سواء كان من نصِّ الإمام ، أو مُخَرَّجا عليه . وظاهر المذهب : هو المشهور مِن المذهب ، أي : سواء كان رواية ، أو وجها ، ونحوه . اهـ . وقد تختلف المصطلحات مِن مذهب إلى آخر . قال الإمام النووي : فصل في بيان القولين والوجهين والطريقين : فالأقوال للشافعي ، والأوجه لأصحابه الْمُنْتَسِبين إلى مذهبه ، يُخرِّجُونها على أصوله ، ويَستنبِطونها مِن قواعده ، ويجتهدون في بعضها ، وان لم يأخذوه مِن أصله . وقد سبق بيان اختلافهم في أن الْمُخرَّج هل يُنسَب إلى الشافعي ؟ والأصح أنه لا يُنسب ، ثم قد يكون القولان قديمين ، وقد يكونان جديدَين ، أو قديما وجديدا ، وقد يقولهما في وقت ، وقد يقولهما في وقتين قد يُرجِّح أحدهما وقد لا يُرجِّح ... وأما الطُّرُق فهي اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب ، فيقول بعضهم مثلا : في المسألة قولان أو وجهان ، ويقول الآخر : لا يجوز قولا واحدا ، أو وَجها واحدا ، أو يقول أحدهما : في المسألة تفصيل ، ويقول الآخر : فيها خلاف مطلق . وقد يستعملون الوَجْهين في مَوضع الطريقين وعكسه . اهـ . وتبقى أقوال الأئمة الأجِلاّء اجتهادات علماء ، تُقابلها اجتهادات علماء آخَرين ، ولا يكون قول بعض على بعض حُجّة ، وإنما الحجة في الكتاب والسنة والإجماع . وكان الأئمة يَنهَون عن تقليدهم . كَقَول الإمام أبي حنيفة : حرام على مَن لم يعلم دليلي أن يُفتي بِكلامي وقوله : لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه . وكَقول الإمام أحمد : لا تُقلّدني ولا تُقلِّد مالكا ولا الثوري ولا الأوزاعي ، وخُذ مِن حيث أخذوا . وقال : مِن قِلّة فِقه الرجل أن يُقلِّد دِينه الرجال ! وأفاد ابن القيم وأجاد ، حيث قال رحمه الله : الفَرق بين الْحُكم الْمُنَزَّل الواجب الاتباع ، والْحُكم الْمُؤّول الذي غايته أن يكون جائز الاتِّباع : أن الْحُكم الْمُنَزَّل : هو الذي أنزله الله على رسوله وحَكم به بين عباده ، وهو حُكمه الذي لا حُكم له سِواه . وأما الْحُكم المؤول : فهو أقوال المجتهدين المختَلِفة التي لا يجب اتِّباعها ولا يُكفَّر ولا يُفسَّق مَن خَالفها ؛ فإن أصحابها لم يقولوا هذا حُكم الله ورسوله ، بل قالوا : اجتهدنا برأينا ، فمن شاء قَبِله ، ومَن شاء لم يَقبَله ، ولم يُلزِموا به الأمة ، بل قال أبو حنيفة : هذا رأي فمن جاءني بِخير منه قَبِلناه . ولو كان هو عَين حُكم الله لَمَا سَاغ لأبى يوسف ومحمد وغيرهما مُخَالَفته فيه . وكذلك مالِك استشاره الرشيد أن يَحمل الناس على ما في الموطأ ، فَمَنَعه مِن ذلك ، وقال : قد تَفرّق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاد ، وصار عند كل قَوم عِلم غير ما عند الآخرين . وهذا الشافعي يَنهى أصحابه عن تقليده ، ويُوصِيهم بِتَرك قوله إذا جاء الحديث بِخِلافه . وهذا الإمام أحمد يُنكر على مَن كَتب فتاواه ودوّنها ، ويقول : لا تُقلّدني ولا تُقلِّد فلانا ولا فلانا ، وخُذ مِن حيث أخذوا . ولو عَلِموا رضي الله عنهم أن أقوالهم يَجب اتّباعها لَحَرَّمُوا على أصحابهم مُخالفتهم ، ولَمَا سَاغ لأصحابهم أن يُفتُوا بِخِلافهم في شيء ، ولَمَا كان أحدهم يقول القول ثم يُفتِي بِخِلافه ؛ فَيُرْوى عنه في المسألة القولان والثلاثة وأكثر مِن ذلك . فالرأي والاجتهاد أحس أحواله أن يَسوغ اتّباعه ، والْحُكم الْمُنَزّل لا يَحِلّ لِمُسْلِم أن يُخالِفه ولا يَخرج عنه . وأما الْحُكم الْمُبَدَّل ، وهو الحكم بغير ما أنزل الله ؛ فلا يَحِلّ تنفيذه ، ولا العمل به ، ولا يَسوغ اتّباعه ، وصاحبه بين الكفر والفسوق والظلم . اهـ . وسبق الجواب عن : هل التوسل برسولنا الكريم من المسائل العقائدية أم من المسائل الفقهية ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1726 ما حكم الانتفاع بالطلاسم المجهولة ؟ http://ashwakaljana.com/vb/showthread.php?t=15420 ما حكم التقليد في تصحيح وتضعيف الأحاديث ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14305 هل يجوز أخذ العِلم عن المبتدع أو أخذ الفقه عن المقلد المتعصب ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14418 وبالله تعالى التوفيق . |
الساعة الآن 09:09 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى