![]() |
ما حقيقة محاولة الرسول صلى الله عليه وسلم الانتحار عند فترة انقطاع الوحي ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحسن الله اليكم فضيلة الشيخ ونفع بكم ما حقيقة محاولة الرسول صلى الله عليه وسلم الانتحار عند فترة انقطاع الوحي ؟ وما صحة حديث البخاري ؟ وجزاكم الله خيرا ورفع الله قدركم |
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . القصة ضعيفة ؛ لأنها مِما يَرويه الإمام الزهري بلاغا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حَزِن حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ . والإمام الزهري وُلِد سنة خمسين أو واحد وخمسين مِن الهجرة ، أي أنه يُحدِّث بشيء لم يُدركه . وهذا لو صحّ لأمكن حَمْله على محامِل لا تغضّ مِن منصب ومقام النبوة ؛ مِن عِدّة وُجوه : الوجه الأول : أن هذا في أوّل نُبوّته صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلك كان في فترة انقطاع الوحي الذي كان غذاء لِرُوحه صلى الله عليه وسلم . ولم تكن مُحاولة التردّي مِن رؤوس الجبال بسبب قُنوطه ويأسِه مِن رحمة الله . الوجه الثاني : أنه علامة مِن علامات نبوّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم . ففي في الرواية : " فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ .. " فهذا تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتأكيد لِنبوّته صلى الله عليه وسلم ، وأن الله حَفِظ نَبِيّه صلى الله عليه وسلم من الْهَلَكَة . الوجه الثالث : أن الْحُزن والغضب الذي يُخرِج الإنسان عن تَصرُّفه الطبيعي ؛ لا يُؤاخذ به الإنسان . فإن نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام اشتدّ به الْحُزن حتى فقَد بَصَره . ونبي الله موسى عليه الصلاة والسلام لَمّا غضِب ألقى الألواح التي فيها الوَحي . قال الله تبارك وتعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) ثم قال تعالى : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) . قال ابن القيم : إن موسى صلوات الله عليه لم يكن لِيُلقِي ألْواحا كَتبها الله تعالى فيها كلامه مِن على رأسه إلى الأرض ، فيكسرها اختيارا منه لذلك ، ولا كان فيه مصلحة لبني إسرائيل ، ولذلك جَرّه بلحيته ورأسه ، وهو أخوه ، وإنما حَمَله على ذلك الغضب ، فَعَذَره الله سبحانه به ، ولم يَعتَب عليه بِمَا فعل ، إذ كان مصدره الغضب الخارج عن قُدرة العبد واختياره ؛ فالْمُتَوَلِّد عنه غير مَنسوب إلى اختياره ورِضاه به . اهـ . وتصرّفات الأنبياء الطبيعية لا تُخرِجهم عن دائرة البشرية ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما أنا بَشَر مِثلكم ، أذْكُر كما تَذْكُرون ، وأنْسَى كما تَنْسَون . رواه البخاري ومسلم . هذه الْمَحَامِل على افتراض صِحّة الرواية ، وإلاّ فإن ضعفها مُغْنٍ عن تأويلها . وسبق الجواب عن : لماذا أورد البخاري حديث فتور الوحي الذي تحدث عن حزن النبي ï·؛ إذا لم يكن صحيحا ؟ http://ashwakaljana.com/vb/showthread.php?t=15215 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 07:43 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى