![]() |
هل يصح أن يرى الموحّد نفسه أنه أفضل من غيره ؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه السلام عليكم ورحمة الله فضيلة الشيخ هل يصح أن ينظر الإنسان الموحد لنفسه أنه أفضل من غيره من الرافضة أو النصارى أو أهل البدع من المتصوفة وغيرهم ويفتخر بنفسه ؟ وهو على ملة التوحيد فهل يعتبر هذا من الاغترار أو يوصف بشيء آخر وأنه لا يجوز ؟ جزاكم الله خيرا وحفظكم وسدد خطاكم للحق، اللهم آمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . يَصِحّ أن ينظر الإنسان الموحِّد لنفسه أنه أفضل مِن غيره مِن الرافضة والنصارى وأهل البدع ، ليحمله ذلك على أن يحمد الله ويَشكره على ما أوْلاَه مِن نِعَم ، ويستشعر قَدْر النعمة التي هو فيها . فإن الشيء يُظهِر حُسن الضِّدّ ، فلا يتبيَّن صفاء العقيدة وعِظَم الْمِنَّـة إلاّ بِمُشاهدة القلب بِعَين البصيرة لِمن يعبد صَنَمًا أوْ حَجَرًا أو بَشَرا مِن دون الله تعالى . وعلى الْمُوحِّد أن لا يَغترّ بذلك ، بل يَستشعر أن الْمِنَّـة في ذلك كُلِّه لله عزَّ وَجَلّ أوَّلاً وآخِرًا . قال ابن القيم رحمه الله : مشْهد الْمِنَّة وَهُوَ أَن يشْهد أَن الْمِنَّة لله سُبْحَانَهُ كَونه أَقَامَهُ فِي هَذَا الْمقَام وَأَهله لَهُ ووفقه لقِيَام قلبه وبدنه فِي خدمته فلولا الله سُبْحَانَهُ لم يكن شَيْء من ذَلِك كَمَا كَانَ الصَّحَابَة يحدون بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُولُونَ : وَالله لَوْلا الله مَا اهتدينا ... وَلا تصدقنا وَلا صلينَا فالْمِنَّـة لله وَحده فِي أَن جعل عَبده قَائِما بِطَاعَتِهِ، وَكَانَ هَذَا مِن أعظم نِعَمِه عَليه وَقَالَ تَعَالَى : (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) ، وَقَالَ : (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) . وَهَذَا المشهد مِن أعظم الْمشَاهد وأنفعها للْعَبد ، وَكلما كَانَ العَبْد أعظم توحيدا كَانَ حَظه مِن هَذَا المشهد أتَمّ . وَفِيه من الْفَوَائِد أَنه يَحول بَين الْقلب وَبَين الْعُجْب بِالْعَمَلِ ورؤيته ، فَإِنَّهُ إِذا شَهِد أَن الله سُبْحَانَهُ هُوَ الْمَانّ بِهِ الْمُوفق لَهُ الْهَادِي إِلَيْهِ شَغَله شُهُود ذَلِك عَن رُؤْيَته والإعجاب بِهِ . اهـ . وقال في إحسان الْخُلُق مع الله : تَحْسِينُ خُلُقِكَ مَعَ الْحَقِّ. وَتَحْسِينُهُ مِنْكَ: أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ مَا يَأْتِي مِنْكَ يُوجِبُ عُذْرًا، وَأَنَّ كُلَّ مَا يَأْتِي مِنَ الْحَقِّ يُوجِبُ شُكْرًا، وَأَنْ لَا تَرَى لَهُ مِنَ الْوَفَاءِ بُدًّا. هَذِهِ الدَّرَجَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا : أَنْ تَعْلَمَ أَنَّكَ نَاقِصٌ. وَكُلُّ مَا يَأْتِي مِنَ النَّاقِصِ نَاقِصٌ. فَهُوَ يُوجِبُ اعْتِذَارَهُ مِنْهُ لا مَحَالَةَ. فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَتَعَذَّرَ إِلَى رَبِّهِ مِنْ كُلِّ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ. أَمَّا الشَّرُّ: فَظَاهِرٌ . وَأَمَّا الْخَيْرُ: فَيَعْتَذِرُ مِنْ نُقْصَانِهِ. وَلا يَرَاهُ صَالِحًا لِرَبِّهِ . فَهُوَ - مَعَ إِحْسَانِهِ - مُعْتَذِرٌ فِي إِحْسَانِهِ ... الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ : اسْتِعْظَامُ كُلِّ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ إِلَيْكَ، وَالاعْتِرَافُ بِأَنَّهُ يُوجِبُ الشُّكْرَ عَلَيْكَ، وَأَنَّكَ عَاجِزٌ عَنْ شُكْرِهِ . اهـ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 05:49 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى