![]() |
ما حُكم استعارة الخبز ثم رد خبز آخر هو أكبر أو أصغر من الخبز الذي استعاره ؟
السؤال :
فضيلة الشيخ عندنا في القرية عادة : يستعير الجار من جاره الخبز لكي يأكل ثم يرد مكانه خبزا أخر هو أكبر أو أصغر من الخبز الذي استعاره . السؤال : هل يوجد في هذا العمل ربا الفضل أم لا ؟ وما هوالدليل ؟ الجواب : إذا ردّه أكبر منه أو أكثر مِن غير اشتراط ذلك ؛ فهو أفضل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بَكرا ، فقدِمتْ عليه إبل من إبل الصدقة ، فأمَر أبا رافع أن يَقضِي الرجل بَكره ، فرجع إليه أبو رافع فقال : لم أجد فيها إلا خيارا رباعيا ، فقال : أعطه إياه ، إن خيار الناس أحسنهم قضاء . رواه مسلم . وهذا ما لم تُشترط الزيادة أو يُتعارَف عليها . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان لِرَجُلٍ على النبي صلى الله عليه وسلم سِنّ من الإبل ، فجاءه يتقاضاه ، فقال : أعطوه ، فَطَلَبُوا سِنَّـه ، فلم يجدوا له إلا سِنا فوقها ، فقال : أعطوه ، فقال : أوفيتني أوفى الله بك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن خياركم أحسنكم قضاء . رواه البخاري ومسلم . أما ردّه أقل منه أو أصغر فإذا كان في عرف الناس التسامح في مثل هذا ؛ فلا بأس به . ولا يَجري ربا التفاضل في الخبز ، لأن ربا الفضل يَجري في الأصناف الستة ، وهي : الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح . قال ابن عبد البر : أجمعوا أنه لا يجوز عندهم العجين بالعجين ، لا مُتماثِلا ولا مُتفاضلا ، لا خلاف بينهم في ذلك . وكذلك العجين بالدقيق . فإذا طُبخ العجين وصار خبزا جاز بيعه عند مالك بالدقيق مُتفاضلا ومُتساويا ؛ لأن الصناعة قد كَمُلت فيه وأخرجته - فيما زعم أصحابه - عن جنسه ، واختلف الغَرض فيه ، وقول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في بيع الدقيق بالخبز كَقَول مالك . وأما الشافعي فلا يجوز عنده الخبز بالدقيق على حال لا مُتساويا ولا مُتفاضلا . اهـ . قال ابن قدامة : ويجوز قرض الخبز . ورخص فيه أبو قلابة ومالك . ومنع منه أبو حنيفة . ولنا ، أنه مَوزون ، فَجَاز قَرضه ، كسائر الموزونات . وإذا أقرضه بالوزن ، وردّ مثله بالوزن ، جاز . وإن أخذه عددا ، فرده عددا ، فقال الشريف أبو جعفر : فيه روايتان : إحداهما : لا يجوز ؛ لأنه موزون ، أشبه سائر الموزونات . والثانية : يجوز . قال ابن أبي موسى : إذا كان يتحرّى أن يكون مثلا بمثل ، فلا يحتاج إلى الوزن ، والوزن أحب إلي . ووجه الجواز ، ما رَوَت عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله ، إن الجيران يستقرضون الخبز والخمير ، ويردون زيادة ونقصانا . فقال : لا بأس ، إن ذلك مِن مَرافق الناس ، لا يُراد به الفضل . ذكره أبو بكر في " الشافي " بإسناده . وفيه أيضا ، بإسناده عن معاذ بن جبل ، أنه سئل عن استقراض الخبز والخمير ، فقال : سبحان الله ، إنما هذا مِن مكارم الأخلاق ، فَخُذ الكبير وأعط الصغير ، وخذ الصغير وأعط الكبير ، خيركم أحسنكم قضاء . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك . ولأن هذا مما تدعو الحاجة إليه ، ويَشقّ اعتبار الوزن فيه ، وتدخله المسامحة ، فجاز ، كدخول الحمام من غير تقدير أُجرَة ، والركوب في سفينة الملاح ، وأشباه هذا . فإن شرط أن يُعطيه أكثر مما أقرضه أو أجود ، أو أعطاه مثل ما أخذ وزاده كِسرة ، كان ذلك حَرَاما . وكذلك إن أقرضه صغيرا ، قَصَد أن يعطيه كبيرا ؛ لأن الأصل تحريم ذلك ، وإنما أُبِيح لمشقة إمكان التحرز منه ، فإذا قصد أو شرط أو أفردت الزيادة ، فقد أمكن التحرز منه ، فحُرِّم بِحُكم الأصل ، كما لو فعل ذلك في غيره . اهـ . والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 02:43 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى