![]() |
ماذا يفعل من ابتُلي بِشرّير مِن الأشرار ؟
ماذا يفعل من ابتُلي بِشرّير مِن الأشرار ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حفظكم الله فضيلة الشيخ ونفع بكم الإسلام والمسلمين ماذا يفعل المسلم إذا أُبتلي بشرير من الأشرار أو فاجر من الفجار ، وما هي الطريقة المثلى للتعامل معهم في عمله وفي الحياة عموما ؟ هذا سؤال لأخ يرجو الإجابة وجزاكم الله خيرا الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . أولا : يُستعان بالله عليه ، ويُلجأ إلى الله ، ليَنْدَفع شرّ كل ذي شرّ . قال القرطبي : وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ لِتِلْمِيذِهِ : مَا تَصْنَعُ بِالشَّيْطَانِ إِذَا سَوَّلَ لَكَ الْخَطَايَا ؟ قَالَ: أُجَاهِدُهُ . قَالَ: فَإِنْ عَادَ ؟ قَالَ : أُجَاهِدُهُ . قَالَ: فَإِنْ عَادَ ؟ قَالَ: أُجَاهِدُهُ . قَالَ: هَذَا يَطُولُ ، أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِغَنَمٍ ، فنبحك كلبها ومَنَع مِنَ الْعُبُورِ مَا تَصْنَعُ ؟ قَالَ : أُكَابِدُهُ وَأَرُدُّهُ جَهْدِي . قَالَ : هَذَا يَطُولُ عَلَيْكَ ، وَلَكِنِ اسْتَغِثْ بِصَاحِبِ الْغَنَمِ يَكُفُّهُ عَنْكَ . اهـ . وهذا مثل الشيطان ووسوسته ، يُستعان بالله وبذِكْر الله عليه ، حتى يَخنس ويتصاغر . وكثير مِن الناس يَعتمد على جهده وعقله وحيلته ؛ فيُخذل ، ويُوكَل إلى عجز وضَعف وقِلّة . ومَن ابْتُلِي بِمثل ذلك فليَلْزَم هذا الدعاء : اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ، واكْفنا بِرُكْنِك الذي لا يُرام ، وارحمنا بِقُدرتك علينا ، ولا نَهلك وأنت رجاؤنا . فقد دَفَع به إبراهيم بن أدهم رحمه الله الأسد واللصوص ! ثانيا : يُدْفَع شرّه بالإحسان إليه ، امتثلا لأمْر الله تبارك وتعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُحسِن إلى مَن يُسيء إليه ، فتنقلب عداوة العدوّ إلى صداقة ! وتتحوَّل البغضاء إلى محبة . ونستطيع أن نَكسب القلوب بـ ابتسامة بإجابة دعوة بتَبسّـط وتواضع بِهدية تَسْلُل السَّخيمة باحترام وتقدير ، وإنزال الناس منازلهم بِمُقابَلة الخطأ والسيئة بالعفو والصفح والتجاوز . ثالثا : يُدْفَع شرّه بالتوبة إلى الله ، فإن مِن عقوبات الذنوب تسليط الأشرار على الأخيار ، وما أصاب الإنسان مِن بلاء ومُصيبة إنما هو بسبب ذُنوبه ، كما قال عزَّ وجَلّ : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) ، وقال تبارك وتعالى : (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) . قال الفضيل بن عياض : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلق حماري وخادمي . ولَمَّا استطال رجل على أبي معاوية الأسود ، فقال له رجل كان عنده : مه ! فقال أبو معاوية : دعه يَشتَفِي ، ثم قال : اللهم اغفر الذّنب الذي سَلَّطْت عليَّ به هذا . وأغلظ رجل في القول للإمام وكيع بن الجراح ، فَدَخَل بَيْتا فَعَفّـر وَجْهه ، ثم خرج إلى الرجل . فقال : زِد وَكِيعا بِذَنْبِه ، فَلَوْلاه ما سُلِّطْتَ عليه . أي : لولا ذَنْبِي لَمَا سُلّطت عليّ تُغلظ لي القول . قال ابن القيم : ليس في الوجود شرّ إلاَّ الذنوب وموجباتها ، فإذا عُوفي من الذنوب عُوفي مِن موجباتها ، فليس للعبد إذا بُغي عليه وأُوذِي وتَسلّط عليه خصومه شيء أنفع له مِن التوبة النصوح . وقال : مَا حَصَلَ لِلْعَبْدِ حَالٌ مَكْرُوهَةٌ قَطُّ إِلاَّ بِذَنْبٍ ، وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ . اهـ . وهذا المعنى كثير في كلام السلف ، فينظرون إلى أن ما أصابهم مِن بلاء ، أو تسليط أشرار إنما هو بسبب ذُنوبهم . قال ابن القيم : ومِن عقوبات الذنوب : أنها تُزيل النِّعم ، وتُحِلّ النِّقم ، فما زالت عن العبد نعمة إلاَّ بِذَنب ، ولا حَلّت به نِقمة إلاَّ بِذَنب ، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما نَزل بلاء إلاّ بَذَنب، ولا رُفع إلاّ بِتوبة . وقال رحمه الله : مِن عقاب السيئة : السيئة بعدها ، فالذنوب كالأمراض التي يُورث بعضها بعضا ، يَبقى أن يُقال : فالكلام في الذنب الأول الجالب لِمَا بعده مِن الذنوب ؟ فيُقال : هو عقوبة أيضا على عدم فِعْل ما خُلق له وفُطر عليه ، فإن الله سبحانه خَلَقه لعبادته وحده لا شريك له ، وفَطَره على مَحبته وتَألّهه والإنابة إليه . اهـ . وعلاج هذا كُلّه بالتوبة والرجوع إلى الله ، خاصة الذنوب التي تُعجَّل عقوباتها ، مثل : البغي وظُلْم الناس وقطيعة الرَّحم . وفي الحديث : ما مِن ذَنْب أجْدر أن يُعَجِّل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يُدَّخَر له في الآخرة مِن البَغي وقَطيعة الرَّحم . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط . وفي رواية لأحمد : ذَنْبَانِ مُعَجَّلان لا يُؤَخَّرَان : الْبَغْي ، وَقَطِيعَة الرَّحِم . وسبق الجواب عن : ما صحة دعاء : اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بِرُكنك الذي لا يُرام ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4763 أواظب على الأذكار ولكن يصيبني أذى الناس http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16646 سؤال حول هذه الآية (ولا تَرْكَنُوا إلى الذين ظَلَمُوا فَتَمَسّكم النار) http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8465 كيف نطبق حديث " يا عائشة إن من شر الناس من تركه الناس ، أو وَدَعَه الناس ، اتّقاء فُحْشِه " ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15206 هل تدخل المجاملة في دائرة الكذب ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12713 ومقال بعنوان : عندما تكون ذكيا فتحوِّل العداوة إلى مودة ! http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5769 هذا بِذَنْبي http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2050 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 05:16 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى