منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسـم الفقه العـام (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=12)
-   -   ماذا يفعل من ابتُلي بِشرّير مِن الأشرار ؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15284)

عبد الرحمن السحيم 01-10-2016 06:55 AM

ماذا يفعل من ابتُلي بِشرّير مِن الأشرار ؟
 
ماذا يفعل من ابتُلي بِشرّير مِن الأشرار ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله فضيلة الشيخ ونفع بكم الإسلام والمسلمين
ماذا يفعل المسلم إذا أُبتلي بشرير من الأشرار أو فاجر من الفجار ، وما هي الطريقة المثلى للتعامل معهم في عمله وفي الحياة عموما ؟
هذا سؤال لأخ يرجو الإجابة
وجزاكم الله خيرا


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

أولا : يُستعان بالله عليه ، ويُلجأ إلى الله ، ليَنْدَفع شرّ كل ذي شرّ .

قال القرطبي : وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ لِتِلْمِيذِهِ : مَا تَصْنَعُ بِالشَّيْطَانِ إِذَا سَوَّلَ لَكَ الْخَطَايَا ؟ قَالَ: أُجَاهِدُهُ . قَالَ: فَإِنْ عَادَ ؟ قَالَ : أُجَاهِدُهُ . قَالَ: فَإِنْ عَادَ ؟ قَالَ: أُجَاهِدُهُ . قَالَ: هَذَا يَطُولُ ، أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِغَنَمٍ ، فنبحك كلبها ومَنَع مِنَ الْعُبُورِ مَا تَصْنَعُ ؟ قَالَ : أُكَابِدُهُ وَأَرُدُّهُ جَهْدِي . قَالَ : هَذَا يَطُولُ عَلَيْكَ ، وَلَكِنِ اسْتَغِثْ بِصَاحِبِ الْغَنَمِ يَكُفُّهُ عَنْكَ . اهـ .
وهذا مثل الشيطان ووسوسته ، يُستعان بالله وبذِكْر الله عليه ، حتى يَخنس ويتصاغر .

وكثير مِن الناس يَعتمد على جهده وعقله وحيلته ؛ فيُخذل ، ويُوكَل إلى عجز وضَعف وقِلّة .

ومَن ابْتُلِي بِمثل ذلك فليَلْزَم هذا الدعاء : اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ، واكْفنا بِرُكْنِك الذي لا يُرام ، وارحمنا بِقُدرتك علينا ، ولا نَهلك وأنت رجاؤنا .
فقد دَفَع به إبراهيم بن أدهم رحمه الله الأسد واللصوص !

ثانيا : يُدْفَع شرّه بالإحسان إليه ، امتثلا لأمْر الله تبارك وتعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُحسِن إلى مَن يُسيء إليه ، فتنقلب عداوة العدوّ إلى صداقة ! وتتحوَّل البغضاء إلى محبة .

ونستطيع أن نَكسب القلوب بـ
ابتسامة
بإجابة دعوة
بتَبسّـط وتواضع
بِهدية تَسْلُل السَّخيمة
باحترام وتقدير ، وإنزال الناس منازلهم
بِمُقابَلة الخطأ والسيئة بالعفو والصفح والتجاوز .

ثالثا : يُدْفَع شرّه بالتوبة إلى الله ، فإن مِن عقوبات الذنوب تسليط الأشرار على الأخيار ، وما أصاب الإنسان مِن بلاء ومُصيبة إنما هو بسبب ذُنوبه ، كما قال عزَّ وجَلّ : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) ، وقال تبارك وتعالى : (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) .

قال الفضيل بن عياض : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلق حماري وخادمي .
ولَمَّا استطال رجل على أبي معاوية الأسود ، فقال له رجل كان عنده : مه ! فقال أبو معاوية : دعه يَشتَفِي ، ثم قال : اللهم اغفر الذّنب الذي سَلَّطْت عليَّ به هذا .
وأغلظ رجل في القول للإمام وكيع بن الجراح ، فَدَخَل بَيْتا فَعَفّـر وَجْهه ، ثم خرج إلى الرجل . فقال : زِد وَكِيعا بِذَنْبِه ، فَلَوْلاه ما سُلِّطْتَ عليه .
أي : لولا ذَنْبِي لَمَا سُلّطت عليّ تُغلظ لي القول .

قال ابن القيم : ليس في الوجود شرّ إلاَّ الذنوب وموجباتها ، فإذا عُوفي من الذنوب عُوفي مِن موجباتها ، فليس للعبد إذا بُغي عليه وأُوذِي وتَسلّط عليه خصومه شيء أنفع له مِن التوبة النصوح .
وقال : مَا حَصَلَ لِلْعَبْدِ حَالٌ مَكْرُوهَةٌ قَطُّ إِلاَّ بِذَنْبٍ ، وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ . اهـ .

وهذا المعنى كثير في كلام السلف ، فينظرون إلى أن ما أصابهم مِن بلاء ، أو تسليط أشرار إنما هو بسبب ذُنوبهم .

قال ابن القيم : ومِن عقوبات الذنوب : أنها تُزيل النِّعم ، وتُحِلّ النِّقم ، فما زالت عن العبد نعمة إلاَّ بِذَنب ، ولا حَلّت به نِقمة إلاَّ بِذَنب ، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما نَزل بلاء إلاّ بَذَنب، ولا رُفع إلاّ بِتوبة .
وقال رحمه الله : مِن عقاب السيئة : السيئة بعدها ، فالذنوب كالأمراض التي يُورث بعضها بعضا ، يَبقى أن يُقال : فالكلام في الذنب الأول الجالب لِمَا بعده مِن الذنوب ؟ فيُقال : هو عقوبة أيضا على عدم فِعْل ما خُلق له وفُطر عليه ، فإن الله سبحانه خَلَقه لعبادته وحده لا شريك له ، وفَطَره على مَحبته وتَألّهه والإنابة إليه . اهـ .

وعلاج هذا كُلّه بالتوبة والرجوع إلى الله ، خاصة الذنوب التي تُعجَّل عقوباتها ، مثل : البغي وظُلْم الناس وقطيعة الرَّحم .
وفي الحديث : ما مِن ذَنْب أجْدر أن يُعَجِّل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يُدَّخَر له في الآخرة مِن البَغي وقَطيعة الرَّحم . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط .
وفي رواية لأحمد : ذَنْبَانِ مُعَجَّلان لا يُؤَخَّرَان : الْبَغْي ، وَقَطِيعَة الرَّحِم .

وسبق الجواب عن :
ما صحة دعاء : اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بِرُكنك الذي لا يُرام ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4763

أواظب على الأذكار ولكن يصيبني أذى الناس
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16646

سؤال حول هذه الآية (ولا تَرْكَنُوا إلى الذين ظَلَمُوا فَتَمَسّكم النار)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8465

كيف نطبق حديث " يا عائشة إن من شر الناس من تركه الناس ، أو وَدَعَه الناس ، اتّقاء فُحْشِه " ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15206

هل تدخل المجاملة في دائرة الكذب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12713

ومقال بعنوان :
عندما تكون ذكيا فتحوِّل العداوة إلى مودة !
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5769

هذا بِذَنْبي
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2050

والله تعالى أعلم .


الساعة الآن 05:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى