![]() |
ما هو أصل هذا القول : " الساكت عن الحق شيطان أخرس " ؟
ما هو أصل هذا القول : " الساكت عن الحق شيطان أخرس " ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ ووفقكم أسأل عن قول الناس " الساكت عن الحق شيطان أخرس " ، هل هو حديث ، وما هو أصل هذا القول ؟ بارك الله فيكم الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . ليس بِحديث ، وهو مِن قول بعض المتقدِّمِين ، ومعناه صحيح ، فإن الإنسان إما ساكت عن باطِل ، أو ساكِت عن حق ، وإما ناطِق بِحقّ ، أو ناطِق بباطِل . ولذا قال عليه الصلاة والسلام : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ . رواه البخاري ومسلم . قال الإمام النووي : وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " فليقل خيرا أو ليصمت " فمعناه أنه إذا أراد أن يتكلّم ، فإن كان ما يتكلم به خيرا مُحَقّقا يُثاب عليه واجبا أو مندوبا ؛ فليتكلم ، وإن لم يظهر له أنه خير يُثاب عليه ؛ فليمسك عن الكلام ، سواء ظهر له أنه حرام ، أو مكروه ، أو مباح مستوي الطرفين . فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورا بِتَرْكِه ، مَندوبا إلى الإمساك عنه مخافة مِن انجراره إلى الْمُحَرَّم أو المكروه ، وهذا يقع في العادة كثيرا أو غالبا . وقال : ورُوّينا عن الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله قال : الصَّمت سَلامة وهو الأصل ، والسكوت في وقته صفة الرجال ، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال . قال : وسمعت أبا علي الدقاق يقول : مَن سَكت عن الحق ، فهو شيطان أخرس . اهـ . وكان السلف يَمدَحون الصمت إلاّ أن يتكلَّم أحدهم بِخير . قال أبو الدرداء لامرأة طَلِيقة اللسان : لو كنتِ خَرسَاء كان خيرًا لك ! رواه الإمام أحمد في " الزهد " . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله تعالى : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) : الإعراض : أن يَكتم الحق ؛ فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس . ومن مال مع صاحبه - سواء كان الحق له أوْ عليه - فقد حَكَم بِحُكم الجاهلية ، وخَرَج عن حُكم الله ورسوله ، والواجب على جميعهم أن يكونوا يَدًا واحدة مع الْمُحِقّ على الْمُبْطِل ، فيكون الْمُعَظَّم عندهم مَن عظّمه الله ورسوله ، والْمُقَدَّم عندهم مَن قَدّمه الله ورسوله ، والمحبوب عندهم مَن أحبّه الله ورسوله ، والْمُهَان عندهم مَن أهانه الله ورسوله ؛ بحسب ما يُرضي الله ورسوله ، لا بحسب الأهواء ؛ فإنه مَن يُطع الله ورسوله فقد رَشد ، ومَن يَعصِ الله ورسوله فإنه لا يضر إلاّ نفسه . اهـ . وقال ابن القيم : وأي دِين وأي خير فيمن يَرى محارم الله تنتهك ، وحدوده تُضَاع ، ودِينه يُترك ، وسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرْغَب عنها ، وهو بارد القلب ساكت اللسان ، شيطان أخرس ؟ كما أن المتكلِّم بالباطل شيطان ناطِق . وهل بَلِيّة الدِّين إلاّ مِن هؤلاء ؟ الذين إذا سَلِمَتْ لهم مآكلهم ورياساتهم ، فلا مُبالاة بما جَرَى على الدِّين . وذَكَر ابن القيم أن الشيطان يقول لأصحابه : قُومُوا على ثَغر اللسان ، فإنه الثغر الأعظم ، وهو قُبالة الملك ، فأجْرُوا عليه مِن الكلام ما يَضرّه ولا ينفعه ، وامْنَعوه أن يجري عليه شيء مما ينفعه : مِن ذِكر الله تعالى واستغفاره ، وتلاوة كتابه ، ونصيحة عباده ، والتكلّم بالعِلم النافع . ويكون لكم في هذا الثغر أمْرَان عظيمان ، لا تُبَالُون بأيهما ظَفِرتم : أحدهما : التكلّم بالباطل ، فإنما المتكلِّم بالباطل أخٌ مِن إخوانكم ، ومِن أكبر جندكم وأعوانكم ! الثاني : السكوت عن الحقّ ، فإن الساكت عن الحق أخٌ لكم أخرس ، كما أن الأول أخٌ ناطق ، وربما كان الأخ الثاني أنفع أخويكم لكم ، أما سمعتم قول الناصح : المتكلِّم بالباطل شيطان ناطق ، والساكت عن الحق شيطان أخرس ؟ فالرباط الرباط على هذا الثغر أن يَتكلَّم بِحَقّ أو يُمْسِك عن باطل ، وزَيّنوا له التكلّم بالباطل بِكُلّ طريق ، وخَوّفُوه مِن التكلّم بِالْحَقّ بِكُلّ طَريق . اهـ . وسبق الجواب عن : امرأة تطلّقت وتجد مُضايقات مِن أساتذة الجامعة ، فهل هو امتحان أم عقاب مِن الله ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14622 لماذا يُقرَن بين ( الإيمان بالله واليوم الآخِر ) في بعض الأحاديث النبوية ؟ http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=87996 وخُطبة جُمعة بعنوان : فضول الأشياء http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13969 أحـمِـي سـمعي وبَصَري .. http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6338 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 05:29 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى