![]() |
ما هو الضابط في قاعدة ( كُلّ قرض جر نفعا فهو ربا ) ؟
السلام عليكم ورحمة وبركاته فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظك الله تعالى سؤال يذكر عن أبي حنيفة أنه لما كان يذهب يتقاضى دينه من تاجر فكان لا يجلس في ظل بيته ، فلما سئل عن ذلك قال: "كل قرض جر نفعاً فهو ربا" فلا أريد قرضي أن يجر هذا النفع ، وهذه قاعدة فقهية صحيحة. ما هو الضابط في هذه المسألة، ولو تطرح لنا أمثله شيخنا عبد الرحمن في قرض جر نفع وقرض لم يجر نفع. والله الموفق http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ووفقك لكل خير . هذه القاعدة ليست على إطلاقها ، فليس كل قرض جّر نفعا صار ربا . فإن القرض الذي يجرّ نفعا قد اتُّفِق عليه هو الذي يصير ربا . وما جرّ نفعا غير مُتّفق عليه مُسبَقاً ، لا قولاً ولا عُرفاً ، جاز . فإن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بَكراً ، فقدِمتْ عليه إبل من إبل الصدقة ، فأمر أبا رافع أن يَقضِي الرجل بَكره ، فرجع إليه أبو رافع ، فقال : لم أجد فيها إلا خيارا رباعيا ، فقال : أعطه إياه ، إن خيار الناس أحسنهم قضاء . رواه مسلم . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان لِرَجُلٍ على النبي صلى الله عليه وسلم سِنّ من الإبل ، فجاءه يتقاضاه ، فقال : أعطوه ، فَطَلَبُوا سِنَّـه ، فلم يجدوا له إلا سِنا فوقها ، فقال : أعطوه ، فقال : أوفيتني أوفى الله بك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن خياركم أحسنكم قضاء . رواه البخاري ومسلم . وفي صحيح البخاري من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال : أتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، فقال : ألا تجيء فأطعمك سويقا وتمرا وتدخل في بيت ، ثم قال : إنك بأرضٍ الربا بها فاشٍ ، إذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قَتّ فلا تأخذه فإنه ربا . وقد نصّ شيخ الإسلام ابن تيمية على أنه " إذا وفّـاه المقرض خيرا من قرضه بلا مواطأة جاز ذلك ، وإن وفّـاه أكثر من قرضه ففيه قولان للعلماء ، وذلك لأن هذا زيادة بعد وفَـاء القرض بخلاف ما إذا أهدى إليه قبل الوفاء " . كما نصّ على أن المنفعة إذا كانت بِنقل المال من أرض إلى أرض – أنه لا بأس بها ، فقال في مجموع الفتاوى ما نصّـه : من أخذ السَّفْتَجة من المقرِض ، وهو أن يُقرضه دراهم يستوفيها منه في بلد آخر ؛ مثل أن يكون المقرِض غرضه حمل دراهم إلى بلد آخر ، والمقترض له دراهم في ذلك البلد ، وهو محتاج إلى دراهم في بلد المقرِض ، فيقترض منه في بلد دراهم المقرِض ، ويكتب له سَفتجة - أي ورقة - إلى بلد دراهم المقترض فهذا يجوز في أصح قولي العلماء . وقيل : يُنْهَى عنه لأنه قرض جرّ منفعة ، والقرض إذا جر منفعة كان ربا . والصحيح الجواز ؛ لأن المقترض رأى النفع بأمْنِ خَطر الطريق إلى نقل دراهمه إلى بلد دراهم المقترِض ، فكلاهما مُنتفع بهذا الاقتراض ، والشارع لا يَنهى عما ينفع الناس ويصلحهم ويحتاجون إليه ، وإنما ينهى عما يَضرّهم ويُفسِدهم ، وقد أغناهم الله عنه ، والله أعلم . وقال الشيخ ابن ضويان في منار السبيل : فإن فَعَل ذلك بلا شرط ، أو قضى خيرا منه بلا مواطأة جاز ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم استسلف بَكرا ورَدّ خيرا منه ، وقال : خيركم أحسنكم قضاء . متفق عليه . اهـ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 09:03 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى