![]() |
هل أفعال الكافر الحسنة تكون سببا لتخفيف العذاب عنه في الآخرة ؟
هل أفعال الكافر الحسنة تكون سببا لتخفيف العذاب عنه في الآخرة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل أثابكم الله سائلة تقول : سؤال يراودني كثيرا ودائما أفكر فيه وأتمنى أن أجد الإجابة الشافية . الذين ماتوا وهم ليسوا مسلمين وكانوا يفعلون الخير ، يساعدون المحتاجين والمرضى ولا يؤذون الناس ، هل هذه الأعمال تشفع لهم في الآخرة ؟ وهل سيخفف عنهم العذاب بالمقارنة مع غير المسلمين الذين ماتوا وكانوا مجرمين وظالمين وقساة القلوب ؟ والداي ماتا وكانا نصرانيين ، كانا طيببين يساعدان الناس ويفعلان الخير ، هل أفعالهم الحسنة هذه تكون سببا لتخفيف العذاب عنهم في الآخرة ؟ أفتونا شيخنا الفاضل وفقكم الله وزادكم علما وسدادا .. الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . جاء النصّ في أن الله لا يَظلِم أحدا شيئا ، حتى ولو كان كافِرا . قال عليه الصلاة والسلام : إن الله لا يَظْلِم مُؤمِنًا حسنة ، يُعطَى بها في الدنيا ويُجزَى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيُطعَم بِحسنات ما عَمِل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضَى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يُجزَى بها . رواه مسلم . والْكَافِر يُجَازَى في الدُّنيا ، ولَيْس لَه في الآخِرَة مِن نَصِيب . ومِن صُوَر مُجَازَاة الكُفَّار في الدُّنيا : 1 - سَعَة الرِّزْق ، فـ " لَيس ضِيق الرِّزق هَوَانا ، ولا سَعَة الرِّزق فَضِيلَة " ، كما قال القرطبي . 2 – كَثْرَة الْمَال والْوَلَد ، وقَد قَال الله تَعالى عن الكَافِر : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا (12)وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا) . 3 – الثَّنَاء الْحَسَن ، وهَذا مِمَّا يَطلُبه أهْل الدُّنيا . ففي حَدِيث عائشة : قالت : قلت: يا رسول الله ! ابن جُدْعَان كان في الْجَاهِلِيَّة يَصِل الرَّحِم ، ويُطْعِم الْمِسْكِين ؛ فهل ذاك نافِعه ؟ قال : لا يَنْفَعه ، إنه لم يَقُل يَوْمًا رَبّ اغْفِر لي خَطيئتي يَوْم الدِّين . رواه مسلم . فابْنُ جُدْعان نَال مَا أرَاد مِن حُسْن الثَّنَاء ، ولَيس لَه في الآخِرَة مِن نَصِيب ، ومِثْله مَا يَقْع للمُرَائين يَوْم القِيَامَة ، فَهم أوَّل مَن تُسَعَّر بِهم النَّار ، حيث يُقال لِكُلّ وَاحِد منهم: فَعَلْت لِيُقال : كَذا وكذا . فَقَد قِيل ، وهذا معنى الحديث الذي رواه مسلم في شأن أوّل مَن تُسعّر بهم النار يوم القيامة . 4 – مَا يَكُون في الدُّنيا مِن تَمَكُّن الكُفَّار مِن الصِّنَاعَات ، ونَحْو ذلك مِمَّا انْتَفَع النَّاس به ، وتُسخَّر لهم به كثير مِن أمور الدنيا . 5 – السَّلامَة مِن الآفَات ، فإنَّ هَذا نَوْع مُجَازَاة ، وهو مَفْهُوم قَوله صلى الله عليه وسلم : " مَن يُرِد الله به خَيرًا يُصِب مِنْه " . رواه البخاري . فالذي لم يُرِد الله بِه خَيْرًا لا يُصِيب مِنه في الدُّنيا ، فلا يُكَفَّر عنه مِن سَيِّئَاته ، ولا يُجَازَى في الآخِرَة بِحَسَنَاتِه ؛ لأنَّها لم تُقبَل مِنه . إلى غير ذلك مِن صُوَر الْمُجَازَاة ، إلاَّ أنَّ هَذا لا يَكُون لِكُلّ كَافِر ، بل لِمَن شَاء الله أن يُجَازِيَه بذلك ، ومَن لم يَشأ الله مُجَازَاته ، فلا يَخْلُو مِن حالَيْن : إمَّا أن يُخَفَّف عنه يَوْم القِيَامَة مُقَابِل مَا عَمِل مِن مَعْرُوف وحَسَن في الدُّنيا ، وهذا مِثل مَا وَقَع لأبي طَالب ، فإنه حَمَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وذَبّ عنه ، فَخُفِّف عنه بِشَفَاعَة النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو في ضَحْضَاح مِن نار . كما في الصحيحين . وإمَّا أنه ليس له حَسَنَات في الدُّنيا ، فلا يَكون له ما يُجزَى به . فقد يُخفّف مِن عذاب الآخرة عن بعض الكفار مِن باب الْمُجازاة على ما عَمِل مِن خير في الدنيا . وما يُجدَي عنه تخفيف العذاب شيئا ، وأهوَن أهل النار عذابا يَنتعل بِنَعلَين مِن نار ، يغلي دِماغه مِن حرارة نَعْلَيه، كما في الصحيحين ، ما يرى أن أحدًا أشدّ منه عذابا ، وإنه لأهونهم عذابا . وسبق الجواب عن : ما هي النظرة الصحيحة لأصحاب الاختراعات والابتكارات والاكتشافات مِن غير المسلمين ؟ http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=26084 هل يجوز الدعاء لأهل الكتاب ؟ http://saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/148.htm هل يجوز مدْح (جيفارا) والترحّم عليه ووصْفِه بِشهيد الحريّة ؟ http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=132435 حكم إهداء ثواب الأعمال لغير موتى المسلمين http://ashwakaljana.com/vb/showthread.php?t=24891 نصرانية نذرتْ أن تصوم رمضان ! http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=31482 مقتل الفلسطيني النصراني هل يُعد شهادة ؟ http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=72672 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 09:58 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى