![]() |
كيف يكون الاحتساب في الدعوة إلى الله ؟
كيف يكون الاحتساب في الدعوة إلى الله ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خير ونفع فضيلة الشيخ كيف يكون الاحتساب في الدعوة إلى الله ؟ وارجو منكم فضيلة الشيخ ذكر صور من الاحتساب وبارك الله فيكم وأعلى مقامكم في الدنيا والآخرة الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . قال الراغب في " المفردات " : والْحِسبة : فعل ما يُحتَسَب به عند الله تعالى . اهـ . وقال ابن الأثير : والاحتساب في الأعمال الصالحة ، وعند المكروهات هو : البِدَار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر ، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوَجه المرسوم فيها ، طَلَبا للثواب الْمَرْجُوّ منها . اهـ . ومِن الاحتساب في الدعوة إلى الله : - الاحتساب في حُسن الْخُلُق ؛ فإنه دعوة صامتة ، فقد دخل الإسلام في بعض دول آسيا وبعض دول أفريقيا بِحُسن الأخلاق وكريم التعامل . فإن سُوء خُلُق الداعية يُنفِّر الناس عنه وعن دعوته ، ولذا قال الله تبارك وتعالى لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) . ومما يُحبب الداعية إلى الناس : الإحسان إليهم ، والدعاء لهم ، ففي الآية السابقة : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) . - الاحتساب في العفو عن الناس ، ففي الآية السابقة : (فَاعْفُ عَنْهُمْ) . وينبغي أن يُفرَّق بين ما كان عن كريم خُلُق ، وبين ما كان ضَعفا . قال الإمام البخاري : باب الانتصار من الظالِم ؛ لقوله جَلّ ذِكْره : (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) ، (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) . قال إبراهيم : كانوا يَكرهون أن يُسْتَذَلّوا فإذا قَدَروا عَفوا . وقال ابن رجب : وقال مجاهد : كانوا يَكرهون للمؤمن أن يُذلّ نفسه ، فيَجْتَرئ عليه الفُسّاق ، فالمؤمن إذا بُغِي عليه يُظهِر القدرة على الانتقام ، ثم يعفو بعد ذلك ، وقد جَرى مثل هذا لِكثير مِن السلف ، منهم قتادة وغيره . اهـ . - الاحتساب في إعانة الناس ؛ فقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على إعانة الناس ، ولو بالشيء اليسير ؛ كِقَولِه صلى الله عليه وسلم : وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلالِ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وصححه الألباني . - الاحتساب في البِشْر وطلاقة الوجه . قال عليه الصلاة والسلام : تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَة . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وصححه الألباني والأرنؤوط . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبتسم لأصحابه ، ابتسامة تأسِر القلوب ، وتأخذ بالألباب . قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه : ما حَجَبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ، ولا رآني إلاَّ تبسَّم في وَجْهي . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية لمسلم : ولا رآني إلاَّ ضَحِك . في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالوا : يا رسول الله إنك تُدَاعِبنا . قال : إني لا أقول إلاَّ حَقّا . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وصححه الألباني . وينبغي أن يُفرَّق بين المزاح الذي تذهب معه المروءة وتضعف معه الهيبة ، وبين المزاح الذي يُدخِل السرور على القلوب ، ويبدو منه البِشْر وتَظهر مِنه البساطة والقُرب مِن الناس . - الاحتساب في الإصلاح بين الناس . قال تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) . وكان نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم حريصا على الإسلام بين الناس ، بل تأخّر مرّة عن إمامة الناس لأجل الإصلاح بين الناس ، فَعَن سهل بن سعد رضي الله عنه أن أهل قباء اقتتلوا حتى تَراموا بالحجارة ، فأُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال : اذهبوا بنا نُصلِح بينهم . رواه البخاري . - الاحتساب في بذل المال : إصلاحا واستصلاحا للناس . ومما ورد في كتب التاريخ والتراجم أن سعيد بن عثمان بن عفان لَمّا استعمله معاوية رضي الله عنه على خراسان ، فمضى سعيد بجنده في طريق فارس فلقيه بها مالك بن الريب - وكان شاعرا فاتكا لِصّا ، و هو من شعراء الإسلام في أول أيام بني أمية - و كان مِن أجمل الناس وَجها وأحسنهم ثيابا ، فلما رآه سعيد أعجبه ، وقال له : مالك ويحك ! تُفسد نفسك بِقطع الطريق ، وما يدعوك إلى ما يبلغني عنك مِن العبث و الفساد ، وفيك هذا الفضل ؟ قال : يدعوني إليه العجز عن المعالي ومساواة ذوي المروءات ، ومكافأة الإخوان . قال سعيد : فإن أنا أغنيتك واستصحبتك ، أتَكُفّ عما كنت تفعل ؟ قال : أي و الله أيها الأمير ، أكُفّ كفًّا لم يَكُفّ أحدٌ أحسن منه . قال : فاستصحبه وأجرى له خمسمائة درهم في كل شهر . - الاحتساب في تَحمّل المشاقّ في سبيل إيصال الخير والحق إلى الناس . فإن الصحابة ومَن بعدهم تفرّقوا في الآفاق ، وأوصلوا دعوة الحقّ إلى الناس ، وتَحَمّلوا المشاقّ ، وبُعد المسافات ، وقِلّة الزاد ، وغير ذلك . وإن تعجب ؛ فاعجَب مِن ضَعف أهل الحقّ ، وفتور عزائمهم ، وقِلّة بَذلِهم مِن أنفسهم ، مع جَلَد وقوّة أهل الكفر والفجور ، وبَذلِهم مِن أنفسهم ، وتحمّل المصاعب والمشاقّ . فما تكاد تصِل إلى بلد إلاّ وَتَجِد دُعاة الكفر ودعاة الضلال قد سَبَقوك إلى ذلك البلد . إلى غير ذلك مِن صُور الاحتساب المعروفة في مجال الدعوة إلى الله . ويكون الاحتساب حتى في المباحات . وسبق : ما هي النية الصالحة التي ينبغي استصحابها في تعلّم العِلم الشرعي ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2309 كيف يكون إخلاص المرأة في الدعوة إلى الله ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15304 كيف تصنع من الـتّراب تِـبـْـرا ؟! http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4964 لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَّجْوَاهُم .. http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6071 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 07:36 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى