![]() |
هل هو صحيح أنه لا يجب على الزوج معالجة زوجته ؟
هل هو صحيح أنه لا يجب على الزوج معالجة زوجته ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لو سمحت فضيلة الشيخ عندي سؤال مهم وضروري جدا أحد المشايخ ذكر في أحد محاضراته أن علاج الزوجة ليس على الزوج بل على الأهل وحتى الكفن ليس من حقوق المرأة على زوجها وأيضا ليس لها الحق بالمطالبة بمصروف خاص لها وليس لها من حقوقها على الزوج إلا المأكل والمشرب وأنا هنا أريد رأي الشرع في هذا الكلام وجزاكم الله كل خير وغفر الله لكم ولوالديكم الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . غير صحيح أنه ليس للزوجة مِن الحقوق على زوجها إلاّ المأكل والمشرب . سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ فقال : أن تُطعمها إذ طَعمت ، وتَكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ، ولا تضرب الوجَه ولا تُقَبِّح ، ولا تَهجر إلاّ في البيت . قال أبو داود : " ولا تُقبح " أن تقول : قَبَّحك الله . رواه أحمد وأبو داود واللفظ له ، والنسائي في الكبرى ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط . قال ابن قدامة : وَيَجِبُ لِلْمَرْأَةِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ ، مِنْ الْمُشْطِ ، وَالدُّهْنِ لِرَأْسِهَا ، وَالسِّدْرِ ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا تَغْسِلُ بِهِ رَأْسَهَا ، وَمَا يَعُودُ بِنَظَافَتِهَا ؛ لأَنَّ ذَلِكَ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ ، فَكَانَ عَلَيْهِ ، كَمَا أَنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَنْسَ الدَّارِ وَتَنْظِيفَهَا . فَأَمَّا الْخِضَابُ ؛ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الزَّوْجُ مِنْهَا ، لَمْ يَلْزَمْهُ ؛ لأَنَّهُ يُرَادُ لِلزِّينَةِ ، وَإِنْ طَلَبَهُ مِنْهَا ، فَهُوَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا الطِّيبُ ؛ فَمَا يُرَادُ مِنْهُ لِقَطْعِ السُّهُولَةِ ، كَدَوَاءِ الْعَرَقِ ، لَزِمَهُ ؛ لأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّطَيُّبِ، وَمَا يُرَادُ مِنْهُ لِلتَّلَذُّذِ وَالاسْتِمْتَاعِ ، لَمْ يَلْزَمْهُ ؛ لأَنَّ الاسْتِمْتَاعَ حَقٌّ لَهُ ، فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَدْعُوهُ إلَيْهِ . وَلا يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ الأَدْوِيَةِ ، وَلا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ ؛ لأَنَّهُ يُرَادُ لإِصْلَاحِ الْجِسْمِ ، فَلا يَلْزَمُهُ ، كَمَا لا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ بِنَاءُ مَا يَقَعُ مِنْ الدَّارِ ، وَحِفْظُ أُصُولِهَا ، وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ الْحَجَّامِ وَالْفَاصِدِ . فَصْلٌ : وَتَجِبُ عَلَيْهِ كِسْوَتُهَا ، بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ النُّصُوصِ ، وَلأَنَّهَا لا بُدَّ مِنْهَا عَلَى الدَّوَامِ ، فَلَزِمَتْهُ ، كَالنَّفَقَةِ ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِكِفَايَتِهَا ، وَلَيْسَتْ مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ ، كَمَا قُلْنَا فِي النَّفَقَةِ ، وَوَافَقَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى هَذَا ، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ، فَيَفْرِضُ لَهَا عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهَا ، عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِمَا وَعُسْرِهِمَا ، وَمَا جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهِمَا بِهِ ، مِنْ الْكِسْوَةِ ، فَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ الأَمْرِ ، كَنَحْوِ اجْتِهَادِهِ فِي الْمُتْعَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ ، وَكَمَا قُلْنَا فِي النَّفَقَةِ ، فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ تَحْتَ الْمُوسِرِ مِنْ أَرْفَعَ ثِيَابِ الْبَلَدِ ، مِنْ الْكَتَّانِ وَالْخَزِّ وَالإِبْرَيْسَمِ ، وَلِلْمُعْسِرَةِ تَحْتَ الْمُعْسِرِ ، غَلِيظُ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ ، وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ تَحْتَ الْمُتَوَسِّطِ ، مِنْ ذَلِكَ، فَأَقَلُّ مَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ قَمِيصٌ، وَسَرَاوِيلُ ، وَمُقَنَّعَة ، وَمَدَاسٌ ، وَجُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ ، وَيَزِيدُ مِنْ عَدَدِ الثِّيَابِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ ، مِمَّا لا غِنَى عَنْهُ ، دُونَ مَا لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ ، وَالأَصْلُ فِي هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) . وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ " . وَالْكِسْوَةُ بِالْمَعْرُوفِ هِيَ الْكِسْوَةُ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِلُبْسِهِ ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدٍ : " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ " . فَصْلٌ : وَعَلَيْهِ لَهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلنَّوْمِ ، مِنْ الْفِرَاشِ وَاللِّحَافِ وَالْوِسَادَةِ ، كُلٌّ عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ ؛ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ عَادَتُهُ النَّوْمُ فِي الأَكْسِيَةِ وَالْبِسَاطِ ، فَعَلَيْهِ لَهَا لِنَوْمِهَا مَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِهِ ، وَلِجُلُوسِهَا بِالنَّهَارِ الْبِسَاطُ ، وَالزُّلِّي ، وَالْحَصِيرُ الرَّفِيعُ أَوْ الْخَشِنُ ، الْمُوسِرُ عَلَى حَسَبِ يَسَارِهِ ، وَالْمُعْسِرُ عَلَى قَدْرِ إعْسَارِهِ ، عَلَى حَسَبِ الْعَوَائِدِ . فَصْلٌ: وَيَجِبُ لَهَا مَسْكَنٌ ... وَيَكُونُ الْمَسْكَنُ عَلَى قَدْرِ يَسَارِهِمَا وَإِعْسَارِهِمَا ... وَلأَنَّهُ وَاجِبٌ لَهَا لِمَصْلَحَتِهَا فِي الدَّوَامِ ، فَجَرَى مَجْرَى النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ . فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لا تَخْدِمُ نَفْسَهَا ؛ لِكَوْنِهَا مِنْ ذَوِي الأَقْدَارِ ، أَوْ مَرِيضَةً ، وَجَبَ لَهَا خَادِمٌ : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) . وَمِنْ الْعِشْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، أَنْ يُقِيمَ لَهَا خَادِمًا ، وَلأَنَّهُ مِمَّا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الدَّوَامِ ، فَأَشْبَهَ النَّفَقَةَ . وَلا يَجِبُ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ ؛ لأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ خِدْمَتُهَا فِي نَفْسِهَا، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِوَاحِدٍ . وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ . اهـ . وسُئل علماؤنا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة : هل يجب على الزوج أن يداوي زوجته إذا مرضت ويدفع مصاريف علاجها ، كما يجب عليه نفقتها وكسوتها ، وهل ورد فيه نص في الشريعة المحمدية آية أو حديث صحيح ؟ فأجابوا : في الْتِزَامه تكاليف علاج زوجته إذا مَرِضت خلاف بين الفقهاء ؛ فمنهم مَن جعل ذلك في حكم كسوتها وطعامها، ومنهم من لم يلزمه بذلك ، وهو الصواب ، وقيامه بذلك مِن مَكَارِم الأخلاق ، ومِن حُسْن العِشرة . قال ابن قدامة في " المغني " : " ولا يجب عليه – الزوج - شِراء الأدوية ولا أُجْرة الطبيب ؛ لأنه يُراد لإصلاح الجسم فلا يَلزمه ، كما لا يَلزم المستأجر بناء ما يَقع مِن الدار وحِفظ أصولها ، وكذلك أُجْرة الحجّام والفاصِد " . اهـ . وأما الكفن ؛ فاْختُلِف فيه : قال ابن قدامة : وَكَفَنُ الْمَرْأَةِ وَمَئُونَةُ دَفْنِهَا مِنْ مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ . وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ . وَاخْتَلَفُوا عَنْ مَالِكٍ فِيهِ . وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ كُسْوَتَهَا وَنَفَقَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ كَفَنُهَا ، كَسَيِّدِ الْعَبْدِ وَالْوَالِدِ . ورجّح ابن قدامة أنه " إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ ، فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا مِنْ الأَقَارِبِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ ، كَمَنْ لا زَوْجَ لَهَا " . اهـ . والغالب أن مثل هذه الأمور يُتسمّح بها ، ولا يقع بسببها خلاف ولا شِقاق . وذلك لأنهم نَظَروا إلى أن أصل المسألة لا يَجب في الشرع ؛ فالتداوي أصلا ليس بِواجِب ، فلم يُوجِبوا على الزوج ثمن الدواء ، ولا أُجْرَة الطبيب ؛ ولأن لَدى الناس ما يَتَعالَجُون به مِن غير ذلك ، مما هو مُعروف لدى كثير من الناس . وسبق الجواب عن : هل يجب على زوجي أن يعطيني مصروف شهري ولو كان يُنفِق عليّ ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7407 ما حكم أن تقوم الزوجة باقتطاع المال مِن مصروف المنْزِل وادّخاره لنفسها ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8683 من صور تكريم الإسلام للمرأة http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18642 وفائدة : ما حكم قول : ما حكم الشرع .. أو : ما حكم الدِّين .. ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5131 والله تعالى أعلم . 1423 هـ |
الساعة الآن 12:06 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى