![]() |
تعاني من قسوة القلب ولا تتأثر بالمواعظ الدينية ، فما الحل ؟
تعاني من قسوة القلب ولا تتأثر بالمواعظ الدينية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تسأل سائلة قائلة إنها تعاني من قسوة القلب لا تتأثر بالمواعظ الدينية ، وقسوة القلب عندها حتى في حالات المصائب إذا حدثت لأقاربها لا تتأثر ولا تبكي مثل الآخرين ، وحتى عند سماع المحاضرات والخطب الدينية لا تتأثر تسأل عن الحل والعلاج وتسأل هل هذا سببه غضب من الله عليها ؟ جزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . كلّنا نشكو حَالَنا إلى الله ، ونشكو قَسوة قلوبنا ، وقد عاتَب الله الصحابة رضي الله عنهم حينما غَفَلوا . ففي صحيح مسلم أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِه الآيَة : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ . وقال السيوطي في " الدرّ المنثور " : وأخرج أبو يعلى وَابن مردويه عن ابن عباس قال : لَمَّا نَزَلت : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) الآية ، أقبل بعضنا على بعض : أي شيء أحدثنا ؟ أي شيء صنعنا ؟ وأخرج ابن أبي حاتم ، وَابن مردويه عن ابن عباس قال : إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فَعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة مِن نُزول القرآن فقال : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) الآية . وقسوة القلب لها أسباب ، كما أن رِقّته لها أسباب أيضا . وعلى الإنسان أن يُفتِّش في نفسه ، ويَبحث عمّا يُلِين قَلبه ، ويبتعد عمّا يُقسّي قلبه . ومِن أسباب قسوة القلب : كثرة الضَّحِك ، فَكَثرَته تُميت القلب . قال عليه الصلاة والسلام : لا تُكْثِرْ الضَّحِكَ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني . الغَفْلَة تتسبب في قسوة القلب . قال الله تبارك وتعالى : ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : إنه لَيُغانُ على قَلْبي ، وإنِّي لأستغفرُ اللهَ في اليومِ مائةَ مَرَّةٍ . رَوَاهُ مَسْلِمٌ . قَالَ النوويُّ : والمرادُ هُنا ما يَتَغَشَّى القلبَ . اهـ . تَجَنّب كثرة الأكل ، فإن البِطنَة تُذهِب الفِطنة ، ومَن أراد حضور قلبه والخشوع في صلاته وخلال سماع القرآن وقراءته ، فيُقلِّل مِن أكله . تجَنّب الذنوب ، فإن الذنوب تُميت القلوب . قال ابن القيم : الذنوب للقلب بِمَنْزِلة السموم ، إن لم تُهلكه أضعفته ولا بُدّ ، وإذا ضَعُفَت قُوّته لم يَقدر على مُقاومة الأمراض . قال طبيب القلوب عبد الله بن المبارك : رأيت الذنوب تُميت القلوب ... وقد يُورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها . اهـ . ومِن أكثر ما يُقسّي القلب : سَمَاع الْمُحرَّم ، مِن غناء وموسيقى ، وما يَلتحق بها ويأخذ حُكمها ، مما يُسمّى الآن بـ " الشِّيلات " التي تحتوي على دفوف أو إيقاعات ، أو مؤثِّرات ، بحيث تُؤدِّي ما يُؤدِّيه الغناء ، مِن طَرَب ونشوة ! تَرْك فضول النظر ، وفضول الكلام ، وفضول السَّمَاع . وما أكثر ما يَنظر الناس اليوم إلى الصور والأشياء المحرّمة ، مثل : الأفلام وصور النساء المتبرِّجَات . وما أكثر سَماع الناس لِمَا حرَّم الله ، مِن مثل : الموسيقى والأغاني ، والغيبة والبُهتان ، والخوض في الباطل . وما أكثر ما يَتكلَّم الناس اليوم فيما لا يَعنيهم ، بل ربما فيما هو مُحرَّم عليهم ، مثل : الغيبة والبُهتان ، والخوض في الباطل . والإنسان مسؤول عمّا تَكلَّم به ، وعّما استمع إليه ، وعمّا نَظَر إليه مما لا يَحِلّ له النظر إليه . وقد ذمّ السَّلف كثرة الكلام بِغير ذِكر الله . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : مَن كثُر كلامه كثُر سَقطه . قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : أكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلامًا في معصية الله . وقال أبو هريرة : لا خير في فُضول الكلام . وقال إبراهيم النخعي : إنما أهلك الناس فُضول الكلام . وقال الإمام مالك : كل شيء ينتفع بِفَضله إلاّ الكلام . وإذا أشغل الإنسان نفسه بِفُضول هذه الأشياء انشغل عن القرآن : قراءة وتدبّرا وعملا ، فيكون كما قال الله تعالى : (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) ، وكما قال تبارك وتعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) . قال القرطبي : قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ) أي : تَرَكُوا أمْرَه (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) أن يعلموا لها خيرا . وقال ابن كثير : أي : لا تَنْسوا ذِكر الله ، فَيُنْسِيكم العمل لمصالح أنفسكم التي تنفعكم في مَعَادِكم ، فإن الجزاء مِن جِنس العَمَل . اهـ . وعلى المسلم أن يُغلِق منافذ قَلبِه التي يَنفذ منها الشيطان ، وتحصل بذلك قسوة القلب . وأن يتجنّب المعاصي التي قد تَمْنع التوفيق . قال علي بن خَشرم : شَكَوتُ إلى وَكِيع قِلّة الحفظ ، فقال : استعن على الحفظ بِقِلّة الذّنوب . وقيل لِسُفيان بن عُيينة : بِمَ وَجَدت الْحِفظ ؟ قال : بِتَرْك المعاصي . رواهما البيهقي في " شُعب الإيمان " . وأن يسأل الله لِين قلبِه ورِقّته . وأن يستعيذ بالله من قسوة القلب . فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم مِن عَين لا تَدمع ، ومِن قَلب لا يخشع .. كما في صحيح مسلم . قال العيني : والقلب الذي لا يخشع : قلب قاس لا ينقاد للطاعة ، ولا لأمور الشريعة . اهـ . قال مالك بن دينار : ما ضُرِب عبدٌ بِعُقوبة أعظم مِن قَسوة القلب . رواه الإمام أحمد في "الزهد" . وأن يُنقِّي قَلبه مِن الغِلّ والحسد والبغضاء ، فإنها تُؤثِّر في القلب ، بل وتَمْرضه وتُقسّيه . وقد أثبَت الطب الحديث أن هناك علاقة بين أمراض القلب العضوية والمعنوية ، فالقلب الذي يَحمِل الغِلّ والحقد والحسد والبغضاء تُصيبه أمراض حِسّية . وسبق الجواب عن : ما هي أسباب قسوة القلب ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=3220 ما هو الضحك المنهي عنه الذي يُميت القلب ويُورِث القسوة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14046 أسباب قسوة القلب وعدم الخوف من الموت http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3155 ما صحة هذا : إذا شكوت قسوة فعليك بالدعاء : " اللهم يا مُسَهّل الشديد ويا مُلَين الحديد " ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11412 هل يصح قول : الله يَكفِينا شرّ هذا الضحك ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4021 أعاني من هموم وذلك بشكل شبه يومي ، فما النصيحة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16865 ما هي علامات بغض الله للعبد ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14208 لماذا الغناء يُنبِت النفاق في القلب ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3076 ومقال : لكن قلبك في القساوة جاز حدّ الصخر والحصباء http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7861 لمـاذا الْهُجْرَان ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=8900 وخُطبة جُمعة عن .. ( أسباب رِقّة القلب وصلاحه) http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16843 خطبة جمعة عن .. (قسوة القلب) http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16859 خطبة جمعة عن .. (آثار قسوة القلب) http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16845 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 01:47 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى