![]() |
ما حكم صلاة المرأة جماعة مع زوجها الذي يمسح قدميه في الوضوء ؟
ما حكم صلاة المرأة جماعة مع زوجها الذي يمسح قدميه في الوضوء ؟
السلام عليكم جزاكم الله خيراً ووفقكم شيخنا الفاضل : أخت تسأل أن زوجها مقتنع بمسح قدميه في الوضوء بدل الغسل ويطلب منها أن تصلي معه جماعة ولا تستطيع أن ترفض لأنه عصبي جداً وخاصة صلاة الفجر فهل صلاتها جائزة ؟ حفظكم الله الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . لا يصحّ الوضوء إلاّ بِغسل القَدَمين ، إذا كانتا مَكشُوفَتين . وليس للإنسان أن يأخذ بِما يَقتنع به دون دليل ، ودون الرّجوع إلى أهل العِلم الثقات ؛ لأنه لا بُدّ مِن صِحّة الدليل ، مع صِحّة الاستدلال . والقول بِمسح القَدَم في الوضوء هو قول الروافض . وأما أهل السنة فلا يُجيزون مسح القَدَم إلاّ إذا كان عليها ما يَصلح للمَسح ، مِن مثل : الخفّ والجورب والشُّرَّاب ، وما في حُكمها ، إذا لُبِس على طهارة ، ويكون المسح في المدة المحددة شرعا . قال الإمام الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة : وَنَرَى المَسْحَ عَلى الخُفَّيْنِ ، في السَّفَرِ والحَضَر ، كَما جَاءَ في الأَثَرِ . اهـ . لأن أهل البِدَع خالَفُوا في ذلك مِن وَجْهين : الأول : أنهم يَمْسَحون أقدامهم بَدَل الغَسْل . والثاني : أنهم لا يَمْسَحون على الْخُفّين . ومَن مسَح على قدميه مع كونهما مَكشُوفَتين ؛ فصلاته باطلة ، وهو مُتوعَّد بالنار ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سَفَر فأدرك أصحابه وقد أرْهَقَتْهم الصلاة ، صلاة العصر ، وهُم يتوضئون ، فجعلوا يَمْسَحون على أرجُلِهم ، فنادَى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار . مرتين أو ثلاثا . رواه البخاري ومسلم مِن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة رضي الله عنهم ، ورواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها . وفي رواية قال عبد الله بن عمرو بن العاص : رَجَعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن مكة إلى المدينة حتى إذا كُنّا بِماء بالطريق تعجّل قوم عند العصر فتوضؤوا وهم عِجال ، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يَمَسّها الماء ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وَيلٌ للأعقاب من النار . فإذا كان هذا الوعيد بالنار لِمَن تَرَك قدرًا يَسيرا مِن القَدَم لم يَِبلغه الماء ، فكيف بِمن لم يَغسل قَدَمه في الوضوء أصلاً ؟ والواجب على المسلم : الخروج مِن عُهدة الواجب بيقين ؛ فيأتي بِما تصحّ عبادته بِيقين ، وليس في أمْرٍ مشكوك به ، لا تبرأ به الذِّمَّـة . قال ابن عبد البر : واختلفوا فيمن مَسح قَدميه ؛ فاليَقِين ما أجْمَعُوا عليه دون ما اختلفوا فيه . وقد اتفقوا أن الفرائض إنما يَصْلح أداؤها باليقين ، وإذا جاز عند مَن قال بالمسح على القدمين أن يكون مَن غَسَل قدميه قد أدى الفَرْض عنده ؛ فالقَول في هذا الحال بالاتفاق هو اليقين ، مع قوله عليه الصلاة والسلام : " ويل للأعقاب من النار " . اهـ . ومَن مَسَح قَدَميه في الوضوء ، مع كونهما مَكشُوفَتين ، فقد خالَف سُنّة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لم يُنقَل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مَسَح قَدَميه إلاّ أذا كانتا في الْخُفّ . قال القرطبي : وذَهب قَوم ممن يَقرأ بالكَسر إلى أن المسح في الرِّجْلَين هو الغَسْل . قلت : وهو الصحيح ، فإن لفظ الْمَسْح مُشتَرك ، يُطلق بمعنى الْمَسح ، ويُطْلَق بِمَعنى الغَسل . قال الْهَروي : أخبرنا الأزهري أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سعيد الداري عن أبي حاتم عن أبي زيد الأنصاري قال : الْمَسْح في كلام العرب يكون غَسْلا ويكون مَسْحا ، ومِنه يُقال : للرَّجُل إذا توضأ فَغَسَل أعضاءه : قد تَمَسَّح ، ويُقال : مَسَح الله ما بِك : إذا غَسَلك وطَهّرك مِن الذنوب . فإذا ثبت بالنقل عن العرب أن المسْحَ يكون بمعنى الغَسْل ، فَتَرَجّح قَول مَن قال : إن المراد بِقراءة الْخَفْض الغَسْل ، بِقَراءة النصب التي لا احتمال فيها ، وبِكثرة الأحاديث الثابتة بالغَسْل ، والتوعّد على تَرك غَسْلِها في أخبار صحاح لا تُحْصَى كَثرة ، أخرجها الأئمة . ثم إن المسح في الرأس إنما دَخَل بَيْن ما يُغْسَل لِبَيان الترتيب على أنه مَفْعُول قَبْل الرِّجْلَين ، والتقدير : فاغْسِلُوا وُجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين ، وامسحوا بِرءوسكم ، فلمّا كان الرأس مَفْعُولا قَبْل الرِّجْلَين قُدِّم عليهما في التلاوة - والله أعلم - لا أنهما مُشْتَرِكان مع الرأس لِتَقَدّمه عليهما في صِفة التطهير . اهـ . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : غَسل القدمين في الوضوء مَنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلا متواترا ، ومَنقول عَمَله بذلك ، وأمْرُه به ، كَقَولِه في الحديث الصحيح من وجوه متعددة ، كَحَدِيث أبي هريرة وعبد الله بن عمر وعائشة : " وَيْل للأعقاب مِن النار " ، وفي بعض ألفاظه : " وَيلٌ للأعقاب وبُطون الأقدام مِن النار " . فَمَن توضأ كما تتوضأ الْمُبْتَدَعِة - فَلم يَغسل باطن قدميه ولا عقبه بل مَسَح ظهرهما - فَالْوَيْل لِعَقِبِه وبَاطِن قَدَمَيه مِن النار . وتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الْخُفَّيْن ... وأمّا مَسح القَدَمين مع ظهورهما جميعا فلم يَنقله أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مُخَالِف للكتاب والسنة . أما مخالفته للسنة فظاهر متواتر . وأما مخالفته للقرآن ، فلأن قَوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) ، فيه قراءتان مشهورتان : النَّصب والْخَفْض . فمن قرأ بالنصب فإنه معطوف على الوَجْه واليَدَين ، والمعنى : فاغْسِلُوا وُجُوهَكم وأيديكم وأرجلكم إلى الكعبين ، وامْسَحُوا بِرءوسِكم . ومَن قرأ بالْخَفض ، فليس معناه : وامسحوا أرجلكم ، كما يَظنه بعض الناس ؛ لأوجه : أحدها : أن الذين قرءوا ذلك مِن السَّلف قالوا : عادَ الأمْر إلى الغَسل . الثاني : أنه لو كان عطفا على الرءوس لكان المأمور به مَسح الأرجل لا المسح بها ، والله إنما أمَر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مَسح العضو ... الثالث : أنه لو كان عطفا على الْمَحَل ؛ لَقُرئ في آية التيمم : فامْسَحُوا بِوجوهكم وامْسَحوا أيديكم ... (حَذَفْتُ الوجهين الرابع والخامس) الوجه السادس : أن السُّنة تُفسِّر القرآن ، وتدلّ عليه ، وتُعبّر عنه ، وهي قد جاءت بِالْغَسْل ... وأما القراءة الأخرى - وهي قراءة مَن قرأ وأرجلِكم بالْخَفْض - فهي لا تُخالِف السُّنة المتواترة ؛ إذْ القراءتان كالآيتين ، والسنة الثابتة لا تُخَالِف كتاب الله ، بل تُوافِقه وتُصَدِّقه ، ولكن تُفَسِّره وتُبَيِّنه لِمَن قَصُر فَهْمه عن فَهْم القرآن ؛ فإن القرآن فيه دلالات خَفِيّة تَخْفى على كثير من الناس ، وفيه مواضع ذُكِرت مُجْمَلَة تُفَسِّرها السُّنة وتُبَيّنُها . اهـ . (باختصار يسير) وقال ابن القيم في مسألة المسح على الخفين : وَلَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّفُ ضِدَّ حَالِهِ الَّتِي عَلَيْهَا قَدَمَاهُ، بَلْ إِنْ كَانَتَا فِي الْخُفِّ مَسَحَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَنْزِعْهُمَا، وَإِنْ كَانَتَا مَكْشُوفَتَيْنِ غَسَلَ الْقَدَمَيْنِ وَلَمْ يَلْبَسِ الْخُفَّ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِ . اهـ . وإذا كان زوجها عصبي وتَخشى شَرَّه ؛ فتُصلّي معه بِنيّة صلاة راتبة الفجر ، وتكون معه في الحركات (الركوع والسجود والجلوس) دون نِيّة الإئتمام به . وإذا انتهى تقوم تُصلّي صلاة الفجر ، وتُوهمه بأنها تُصلّي الراتبة . أو تُصلّي صلاة الفجر بعد أن يدخل الوقت وقَبْل أن يُصلِّي ، وتُصلّي معه بِنيّة راتبة الفجر ، مع عدم الائتمام به . فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن قوم يأتون يُؤخِّرون الصلاة ، فقال : إنه ستكون عليكم أمراء يُؤخِّرون الصلاة عن ميقاتها ويخنقونها إلى شَرَق الموتى ، فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فَصَلُّوا الصلاة لميقاتها ، واجعلوا صلاتكم معهم سُبحة . رواه مسلم . وهذا بِخلاف المسائل الخلافية التي اخَتَلَف فيها الفقهاء ؛ فيُصلّي بعضهم خَلْف بعض ، مع اختلافهم فيما ينقض الوضوء مثلا . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ومن المأثور أن الرشيد احتجم فاستَفتَى مالِكًا فأفتاه بأنه لا وضوء عليه ، فَصَلّى خَلْفه أبو يوسف ، ومذهب أبي حنيفة وأحمد أن خروج النجاسة مِن غير السبيلين يَنقض الوضوء ، ومذهب مالك والشافعي أنه لا ينقض الوضوء . فقيل لأبي يوسف : أتُصلّي خَلفه ؟ فقال : سبحان الله أمير المؤمنين ؛ فإنّ تَرْك الصلاة خلف الأئمة لمثل ذلك مِن شعائر أهل البدع كالرافضة والمعتزلة . ولِهَذا لَمّا سُئل الإمام أحمد عن هذا فأفتى بِوجوب الوضوء ، فقال له السائل : فإن كان الإمام لا يتوضأ ، أُصَلِّي خَلْفه ؟ فقال : سبحان الله ! ألاَ تُصلي خَلف سعيد بن المسيّب ومالك بن أنس ؟ . اهـ . وسبق الجواب عن : هل يجوز له أن يصلي المغرب مرتين ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7835 كنت أصلّي في أوقات النهي فهل تجب عليَّ إعادة الصلوات؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11817 ما حُكم البقاء مع زوج لا يُصلي صلاة الجماعة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10978 هل أداء الصلوات جماعة واجب على الرجال http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7154 نسكن في شقة ولا نسمع الأذان ، فهل يجوز أن نصلي جماعة في الشقة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4915 كيف تنصح أباها ليحافِظ على صلاة الجماعة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showpost.php?p=8399 ما حكم الإنكار على مَن يُصوِّر إذا كان يحتجّ بفتاوى الجواز ؟ (ما صِحّة قول بعضهم : لا إنكار في مسائل الخلاف) http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11196 وسبق شرح أحاديث المسح على الخفين من أحاديث عمدة الأحكام وهي هنا : http://saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/019.htm وهنا : http://saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/020.htm والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 08:22 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى