![]() |
ما الأسباب المعينة على تقبّل القضاء والقَدَر والرّضا به ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقكم الله شيخي الفاضل أريد أن أعرف منكم الوسائل والأسباب المعينة على تقبل والرضا بالقضاء والقدر ، حتى لا نقع في السخط والغضب من الله ؟ وكيف نصل يا شيخ أن الله تعالى يعيننا ويقوينا في الشدائد ونرضى بالقدر ؟ وجزاكم الله خيرا الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا ، ووفقك الله لكل خير . مِن أكبر أسباب الرضا عن أقدار الله : 1 - أن يَعلم المسلِم أن ما أصابه لم يَكُن ليُخطئه ، وما أخطأه لم يَكُن ليُصيبه ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . 2 – أن يَعلم الإنسان أن الله أرحَم به مِن أرحم الناس به ، وهي الأم ، كما في الصحيحين . 3 – أن يَنظر الإنسان إلى ما أصابَه على أنه خير له ؛ فإن الله عزَّ وجَلّ ما يَقضي للعبد قضاء إلاّ كان خيرا له . 4 – وأن يَتيقّن أن ما صَرَف الله عنه أكبر مما أصابه ، وأن الله لو يُؤاخِذ عباده بِما كَسَبَت أيديهم لَهَلَكوا ، كما قال تبارك وتعالى : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) . وأن ما أصابه مِن مُصيبة إنما هو بسبب بعض ذنوبه ، وأن الله يَعفو عن كثير : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) . 5 – أن يتذكّر الأجر العظيم الذي أعدّه الله للصابِرين ، كما قال تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) . وما يُخلِفه الله عليه إذا صبر واحتَسَب وقال ما أُمِر به . قالت أم سلمة رضي الله عنها : سَمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ما مِن عبدٍ تُصيبه مُصيبة ، فيقول : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) ، اللهم أجرني في مُصيبتي ، وأخلف لي خيرا منها ، إلاّ أجره الله في مُصيبته ، وأخلف له خيرا منها . قالت : فلما تُوفّي أبو سلمة ، قلت : كما أمَرَني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخلف الله لي خيرا منه ، رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : المؤمن مأمور عند المصائب أن يَصبر ويُسَلِّم ، وعند الذنوب أن يَستغفر ويَتوب . قال الله تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) ، فأمَرَه بالصبر على المصائب ، والاستغفار مِن الْمَعَائب . اهـ . وتكون زيادة اليقين بِزيادة الإيمان بالله ، وذلك بالإكثار مِن العَمَل الصالح ؛ لأن مِن أعظم أسباب الثبات والرِّضَا عن الله تبارك وتعالى : العَمل الصالح . قال الله تبارك وتعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) . وقال تعالى عن الصلاة وأعمال الْبِرّ : (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) . ومِن هنا كان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه أعظم الناس ثَبَاتا ؛ لِمَا وَقَر في قَلبِه مِن تصديق ، وصَدَّقَه عَمَله . وهذا يَحتاج إلى قَسْر النَّفْس على الرِّضا وعدم السخط ، ويحصل هذا بالتعوّد ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يتصبر يصبره الله ، وما أُعطي أحد عطاء خيرا وأوسع مِن الصبر . رواه البخاري ومسلم . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما العِلْم بالتَّعَلُّم ، وإنما الْحِلْم بالتَّحَلّم . مَن يَتَحَرّ الخير يُعْطَه ، ومَن يَتَّقّ الشَّرَّ يُوقَه . رواه الطبراني في الأوسط ، وصححه الألباني . وأن يُعوّد الإنسان نفسه على الرضا والتسليم لأقدار الله تعالى ، وإذا نَزَل به بلاء أو مُصيبة أن يقول ما أمَرَه الله به (قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) ، وأن يقول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، ويُكثر مِن قول : حسبنا الله ونعم الوكيل . قال ابن القيم : نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم أن يَقول عند جَرَيان القَضاء ما يَضَرّه ولا ينفعه ، وأمَرَه أن يَفعل مِن الأسباب ما لا غِنى له عنه ، فإن أعْجَزَه القَضاء قال : حسبي الله ، فإذا قال حسبي الله بعد تَعَاطي ما أمَره مِن الأسباب قالَها وهو محمود فانتفع بالفعل والقول . اهـ . ومما يُعين على ذلك : 1 - أن يَعلم الإنسان أن التَّسخّط لا يُعيد مفقودا ، ولا يَردّ قضاء ، وإنما يَجلب شقاء ! ولذلك : مَن رَضِي عن الله وأقدارِه ؛ فَلَه الرِّضا ، ومَن سَخِط فعليه السّخط . قال ابن القيم : قال بعض الحكماء : العاقل يَفعل في أول يوم مِن المصيبة ما يَفعله الجاهل بعد أيام ، ومَن لم يَصبر صَبر الكرام سَلا سُلُو البهائم .. وقال الأشعث بن قيس : إنك إن صَبَرْتَ إيمانا واحتسابا وإلاَّ سَلَوْتَ سُلُوّ البهائم . اهـ . 2 - أن الله يُحبّ أن يُرضى عنه وعن قضائه . ومَتى رَضِي المؤمن بِقَضاء الله كُتِب له الأجر العظيم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مات وَلد العبد قال الله لملائكته : قَبَضْتم وَلَد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قَبضتم ثَمَرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حَمِدَك واسْتَرْجَع . فيقول الله : ابنوا لِعَبدي بَيْتًا في الجنة وَسَمُّوه بَيت الْحَمْد . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وحسّنه الألباني بِمَجموع طُرُقه . وقد أوْصَى النبي صلى الله عليه وسلم بِوَصِيّة جامِعة : وهي التسليم لله عزَّ وجَلّ ، والرضا عن أقدارِه .. قال رجل : يا رسول الله ، أيّ العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله وتصديق ، وجهاد في سبيل الله ، وحج مبرور ، قال الرجل : أكثرتَ يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فَلِين الكلام ، وبَذْل الطعام ، وسَمَاح وحُسن خُلق ، قال الرجل : أريد كَلمة واحدة ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب فلا تَتَّهِم الله على نفسك . رواه الإمام أحمد . وفي رواية له : لا تَتَّهم الله في شيء قَضَى لك به . وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : إن الله إذا قَضى قَضاء أحب أن يُرْضَى به . وقال ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ رضي الله عنه : لأن يَعضّ أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير مِن أن يقول لأمْر قضاه الله : ليت هذا لم يكن . وقال ذو النون : ثلاثة مِن أعلام التَّسليم : مُقابلة القضاء بالرضا ، والصبر على البلاء ، والشكر على الرخاء . وسبق الجواب عن : كيف نزرع في القلب القناعة بما كتبه الله لنا أو علينا حتى نعلم أن ما كتبه الله خير لنا ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12874 ما علاج اليأس والإحباط في الإسلام ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14698 هل ثمرات الاستغفار تتحقق في الدنيا أم قد لا تتحقق ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13632 ما صِحة حديث : " عَجِب ربنا مِن قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ " ، وما معناه ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9801 قوله تعالى : (فإن مع العسر يُسرا) هل هذا لجميع الخلق البر والفاجر ؟ وهل كل عسر له يُسر؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14020 أعاني مِن مشكلات في حياتي الشخصية ، فماذا أفعل ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=819 ما هو التمكين الذي يأتي بعد الابتلاء ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16740 توجيه لأهل البلاء http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16193 أنا غير سعيدة وأموري دائما متعسرة ، وكل شيء أتمناه يتأخر أو لا يتحقق ، فما النصيحة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18810 هل عفْوي عمّن ظلمني سبب لتفريج همومي ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10956 أعاني من هموم وذلك بِشكل شبه يومي ، فما النصيحة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16865 إذا دعا المؤمن ربه بصالِح عمله ولم يُستجَب له ، فهل يكون عمله غير مقبول ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13475 صيغة دعاء الاسترجاع عند المصيبة : اللهم أجرني في مصيبتي " أجرني " هل ننطقها بـ أُجُرْنِي أم بـ أَجِرْني ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7160 ما الفرق بين قول ابن مسعود في ذمّ الاعتراض على القَضاء وبين قول مريم (ياليتني مت قبل هذا)؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15511 حكم تسخّط الأقدار http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18917 ما معنى الإيمان بالقدر ؟ وهل الإنسان مسير أو مخير ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3720 هل كل ما أعمله مُقدّر عليَّ ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4486 كيف يفرق المرء بين العقاب من الله والابتلاء ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2083 ومَقال : الحَمد لله .. ماتَ ابني http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6166 وخُطبة جُمعة : الصلاة وفوائدها http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12160 خُطبة جُمعة عن .. (الرضا عن الله) http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13874 وخُطبة جمعة .. يا صاحب الْهَمّ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16867 خُطبة جُمعة : مِن أسبابِ الثباتِ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12272 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 07:35 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى