![]() |
ما المقصود بالهرج ؟ وما معنى حديث : " العبادة في الهرج كهجرة إليّ " ؟
ما المقصود بالهرج ؟ وما معنى حديث : " العبادة في الهرج كهجرة إليّ " ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكم فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم وسدد خطاكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العبادة في الهرج كهجرة إليّ " ما المقصود بالهرج ؟ وما معنى هذا الحديث ؟ وفقكم الله وحفظكم الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . يُطلَق الْهَرج على الفِتن واضطراب أمور الناس ، كما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ . رواه مسلم . قال الإمام النووي : الْمُرَاد بِالْهَرْجِ هُنَا : الْفِتْنَة وَاخْتِلاط أُمُور النَّاس . وَسَبَب كَثْرَة فَضْل الْعِبَادَة فِيهِ أَنَّ النَّاس يَغْفُلُونَ عَنْهَا ، وَيَشْتَغِلُونَ عَنْهَا ، وَلا يَتَفَرَّغ لَهَا إِلاَّ أَفْرَاد . اهـ . ويُطلَق الْهَرج على كثرة القَتل ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : يَتقارب الزمان ، ويُقبض العِلم ، وتَظهر الفتن ، ويُلْقَى الشُّحّ ، ويَكثر الْهَرج . قالوا : وما الْهَرْج ؟ قال : القَتْل . رواه البخاري ومسلم . وقوله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بِيدِه لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يَوم لا يَدري القاتِل فيم قَتَل ، ولا المقتول فيم قُتِل . فقيل : كيف يكون ذلك ؟ قال : الْهَرْج . القاتل والمقتول في النار . رواه مسلم . والمقصود – والله أعلم – مِن الحثّ على العبادة في وقت الفتن واختلاط أمور الناس ثلاثة أمور : الأول : إقبال الإنسان على خاصة نفسه ، وإصلاح نفسه ، والاشتغال بها عن الفِتن . قال أبو أمية الشعباني : أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع بهذه الآية ؟ قال : أيّة آية ؟ قلت : قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) قال : أمَا والله لقد سألتَ عنها خبيرا ، سألتُ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شُحّاً مُطاعَاً ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بخاصة نفسك ودَع العَوَام ، فإن مِن ورائكم أياما ، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم . قيل : يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم ؟ قال : بل أجر خمسين منكم . رواه ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط بإسنادين ، رجال أحدهما رجال الصحيح . اهـ . وهو حديث حسن . الثاني : اعتزال المسلم للفِتن ، وعدم التعرّض لها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستكون فِتن القاعد فيها خير مِن القائم ، والقائم فيها خير مِن الماشي، والماشي فيها خير مِن الساعي ، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ . رواه البخاري ومسلم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : يَا أَبَا ذَرٍّ . قال : قُلْتُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ . قَالَ : كَيْفَ أَنْتَ إِذَا رَأَيْتَ أَحْجَارَ الزَّيْتِ قَدْ غَرِقَتْ بِالدَّمِ . قال : قُلْتُ : مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ . قَالَ : عَلَيْكَ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ . قال : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلاَ آخُذُ سَيْفِي وَأَضَعُهُ عَلَى عَاتِقِي ؟ قَالَ : شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذًا . قال : قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : تَلْزَمُ بَيْتَكَ . قال : قُلْتُ : فَإِنْ دُخِلَ عَلَيّ بَيْتِي ؟ قَالَ : فَإِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط . الثالث : الثبات على دِين الله ؛ لأن َن خاض في الفِتن عرّض دِينه للخصومات ، ومَن عرّض دِينه للخصومات أكثر التنقّل ، وقلّ ثباته . قال عُمَرُ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ : مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّل . وقال رَجُل للحَسَن البصري : يا أبا سعيد تعال حتى أخاصمك في الدِّين , فقال له الحسن : أما أنا فقد أبْصَرْتُ دِيني , فإن كنت قد أضللت دينك , فالْتَمِسْه ! وقال الإمام الشافعي : كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء ، قال : أمَا إني على بَيِّنَةٍ مِن دِيني ، وأما أنت فَشَاكّ ! اذهب إلى شَاكّ مِثلك فَخَاصِمه ! وقال الإمام مَالِكُ بن أَنَس : كُلَّمَا جَاءَنَا رَجُلٌ أَجْدَلُ مِنْ رَجُلٍ تَرَكْنَا مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَدَلِهِ . فكان لُزوم الطاعة مقصِدا شرعيا كبيرا . ومِن هُنا : وَرَد فضْل الذِّكْر في وقت غفلة الناس ؛ فجاء فضْل ذِكر الله في حال دخول السوق ؛ لِكثرة مَن يَبيع ويشتري ، ولِكثرة اللغط في الأسواق . قال محمد بن واسع قدمت مكة فلقيت بها سالم بن عبد الله بن عمر فحدثني عن أبيه عن جده عمر عن النبي أنه قال : مَن دخل السوق فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير . كَتَبَ الله له ألفَ ألفَ حسنة ورَفع له ألفَ ألفَ درجة ، وبَنى له بَيتًا في الجنة . قال محمد بن واسع : فَقَدِمْتُ خراسان ، فأتيت قُتيبة بن مُسلم فقلت : أتيتك بِهدِيّة ، فَحَدّثته الحديث . قال : فكان قُتيبة يَركب في مَوكبه حتى يأتي السوق ، فيقولَها ، ثم ينصرف . قال الذهبي : هذا إسناد صالح غريب . والحديث حسنه الألباني . وروى ابن أبي شيبة مِن طريق الأحول عن أبي قِلابة قال : الْتَقَى رَجُلان في السّوق ، فقال أحدهما لصاحبه : يا أخي تعال ندعو الله ونستغفره في غفلة الناس لَعله يُغفر لنا ، فَفَعَلا ، فقُضيَ لأحدهما أنه مات قبل صاحبه ، فأتاه في المنام ، فقال : يا أخي أشَعَرت أن الله غَفَر لنا عَشِيّة الْتَقَيْنَا في السّوق . وإذا اضطَرَبَت أمور الناس ، وتشاغلوا بالقِيل والقال ، فَعَلى المسلم أن ينشغل بِطاعة الله ؛ ففيها النجاة ، وفيها الثبات . وسبق الجواب عن : أريد منكم أن تؤصلوا لنا منهجا نعتمده في هذه الفترة الحساسة في تونس http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15615 ما نصيحتكم لشباب المستقبل في مواجهة المدّ الإعلامي المضلّل ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5796 كيف يكون تجديد وتقوية العقيدة بالله ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18890 هل تجوز الزيادة في القُربات وقت الشدائد ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2259 ما صِحّة عِبارة " انتهى الشرّ " أو " ما ينتهي إلاّ الشرّ " ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7792 مقال : ماذا أستطيع فعله في الأزمات ؟ https://saaid.net/Doat/assuhaim/159.htm زهدهم وزهدنا .. http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6121 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 06:25 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى