![]() |
هل يجوز الزواج من نصراني يؤمن بالله والرُّسل كافة ؟
هل يجوز للمرأة المسلمة الزواج من رجل مسيحي مؤمن بالله والرسل كافه ويعترف بكل الأنبياء ؟ أرجو الإجابة ضروري . الجواب : أصْلَح الله قلبك . لا يجوز لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخِر أن تتزوّج من غير مُسلِم مَهما كان . بل لا يجوز للمرأة الْمُسْلِمَة أن تَتَزَوّج مِن مُسْلِم يَدّعي الإسلام ويَنْتَسِب إليه ولا يُقيم شَعائره ، كَتارِك الصلاة . والنبي صلى الله عليه وسلم قد أمَر بِتَزْوِيج صاحِب الدِّين والْخُلُق . ولذا فإن شارب الخمر أو مُتعاطِي المسكِرات ، أو مرتكب الكبائر ؛ لا يُزوَّج بِناء على هذا ، ولو كان مُحافِظا على الصلاة ؛ لأن هذا غير مَرْضِيّ الدِّين . هذا مع كونه مُسْلِمًا يَشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إلاَّ أنه أخَلّ بشيء مِن لوازم الشهادتين . فكيف به لو كان كافرا يهوديا أو نصرانيا أو غيرهما ؟! والنصراني لا يُؤمِن باليوم الآخر والبعث والنشور . ولا يُؤمِن بِجَميع الأنبياء ؛ لأنه لو آمَن بِنَبِـيِّـنَا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأسْلَم وكُلّ مَن سَمِع بِنَبِـيِّـنَا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يُسْلِم كان من أهل النار ، لِقول بِنَبِـيِّـنَا محمد صلى الله عليه وسلم : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ . رواه مسلم . فَقَوله عليه الصلاة والسلام : " مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ " أي : أُمَّـة الدَّعوة ، أي الذين وُجِّهَتْ لهم الدعوة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم ، وهم جميع الناس ، وقد تكرر الخطاب في القرآن للناس عموما ، عَربهم وعَجمهم ، مَن كان على دِين ، ومن لَم يَكن على دِين ، كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) . وكما في قوله تعالى : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) ، وكان هذا بعد أن ذَكَر اليهود والنصارى . ومَن لم يُؤِمن بِنَبِـيِّـنَا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر بِنَصّ القرآن . قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْض وَنَكْفُرُ بِبَعْض وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ) . بل إن النصراني الذي لا يُؤمِن بِنَبِـيِّـنَا محمد صلى الله عليه وسلم مُكَذِّب لِعيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ! كيف ؟ عيسى عليه الصلاة والسلام بَشَّر بِنَبِـيِّـنَا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمَر باتِّبَاعِه ، فَمَن لم يُصدِّق محمدا صلى الله عليه وسلم ، فهو لم يُصدِّق عيسى عليه الصلاة والسلام ولم يُؤمِن ببشارته . ولذلك دَخَل عَدد من النصارى في الإسلام بسبب تلك البشارات التي بَشَّر بها عيسى عليه الصلاة والسلام . وهنا إشارة إلى تلك البشارات : http://www.saaid.net/mohamed/a.htm وقد ذَكَر بعض العلماء أن نصرانيا قال لِعَالِم مِن عُلماء المسلمين : نَاظِرْني في الإسلام والمسيحية أيهما أفضل ؟ فقال العَالِم المسلِم للنصراني : هَلُم إلى المناظرة في ذلك . فقال النصراني : الْمُتَّفَق عليه أحق بالاتِّبَاع أم الْمُخْتَلَف فيه ؟ قال العَالِم : الْمُتَّفَق عليه أحق بِالاتِّبَاع مِن الْمُخْتَلَف فيه . فقال النصراني : إذن يَلْزَمكم اتِّبَاع عيسى معنا ، وتَرْك اتِّبَاع محمد صلى الله عليه وسلم ، لأننا نحن وأنتم نَتَّفِق على نُبُوَّة عيسى ، ونخالفكم في نُبُوة محمد عليهما الصلاة والسلام . فقال الْمُسْلِم : أنتم الذين تَمْتَنِعُون مِن اتِّبَاع الْمُتَّفَق عليه ، لأنَّ الْمُتَّفَق عليه الذي هو عيسى قال لكم : ( وَمُبَشِّرًا بِرَسُول يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَد ) ، فلو كُنتم مُتَّبِعِين عِيسى حَقًّا لاتَّبَعْتُم محمداً صلى الله عليه وسلم ، فَظَهَر أنكم أنتم الذين لم تَتَّبِعُوا الْمُتَّفَق عليه ولا غيره . فانقطع النصراني . قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله في تفسيره : ولا شك أنَّ النصارى لو كانوا مُتَّبِعِين عيسى ، لاتَّـبَعُوا محمداً صلى الله عليه وسلم . اهـ . والنصراني مُكذِّب لِعيسى عليه الصلاة والسلام الذي أمَرَ بِعبِادة الله وحده . قال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) . فإنَّ عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام لم يأمُرهم بِعِبادته ، وإنما أمَرَهم بِعبادة الله وحده . قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقّ) . والنصراني كافِر بالله ؛ لأنه جَعَل المَعْبُود ثلاثة في واحد ! وقد حَكَم الله بِكُفْر النصارى حُكْمًا صَرِيـحًا ، فقال : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) . وقال عزّ وَجَلّ : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَة وَمَا مِنْ إِلَه إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ) . فلا يَجوز لامرأة مُسْلِمة بِحال مِن الأحوال أن ترتبط بنصراني ولا يَهودي ، وقد قال الله تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) . والتي تَكون زوجة تحت نصراني قد جَعَلَتْ للكافِر عليها سبيلا ! وهي بهذا الفعل قد أشْرَكَتْ بالله ؛ لأنها رَضِيَتْ حُكْمًا غير حُكمه تعالى ، ومن رَضِي حُكْمًا غير حُكم الله فهو مُشرْك بالله ، وهو جاهل ؛ لأنه ارْتَضَى حُكْم الجاهلية ، وقد قد تعالى : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْم يُوقِنُونَ ) . فَحُكْم الله أحْسَن الأحْكَام وأقْومها وأعْدَلها ، فكيف يرضى مسلم يُؤمن بالله واليوم الآخِر أن يَحْتَكِم لِغير حُكم الله ؟ أو يرضى بِغير حُكمه ؟ ولا شك أن المسلمة التي تَرْضَى أن تتزوّج نصرانيا قد رضيَت بِغير حُكم الله ، بل قد رَدَّتْ حُكم الله الذي حَكَم أنَّ الْمُسْلِمة لا تَحِلّ لِكافِر ، سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو كان لا دِين الله . ولذلك قال الله تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) قال ابن القيم رحمه الله : فالمتزوِّج إما أن يَلتَزم حُكم الله وشَرْعه الذي شَرَعه على لسان رسوله ، أو لا يَلتَزِمه . فإن لم يلتزمه فهو مُشرك لا يَرضى بنكاحه إلاّ مَن هو مُشرِك مثله . وإن التَزَمه وخالَفه ونَكَح ما حُرّم عليه لم يَصحّ النكاح فيكون زانيا . فظهر معنى قوله : (لا يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) وتبيَّن غاية البيان ، وكذلك حُكم المرأة . وكما أن هذا الحكم هو موجب القرآن وصَرِيحه فهو مُوجب الفطرة ومقتضى العقل . اهـ . وقد تعجَّبتْ مِن أحوال بعض بنات المسلمين حينما يتعلّقن بكافر ( نصراني ) ، ويُرِدْن الزَّواج منه ، يُحاولن تعليمه الإسلام ، ويُلقِّـنَّـه الإسلام - وهو على نصرانيته - ، ولو كان ذلك في قَعْر دار الكُفر ، وفي عُقْر دارِها ، وذلك في بعض دُولّ أوربا ، مع عدم ممانعة القانون ، إلاَّ أنهن يَفْعَلْن ذلك لإرضاء أهلهن ! هذا وَهُم في قَعر دار الكُفر ! ولا شكّ أن التحايل لا يُغيِّر الحقائق ! فالنصراني نصراني ، وهو كافر ، ولا يَجوز تزويجه إلاَّ إذا أسْلَم وحَسُن إسلامه ، وعُلِم ذلك يَقينا لا تحايلا وتلاعُبا مِن أجل الزواج بِمُسْلِمة ! وحول كلمة ( مسيحي ) http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/19.htm والله تعالى أعلم . فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 02:55 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى