![]() |
هل دعاء يوم عرفة مستجاب لمن لم يحج ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خير ونفع فضيلة الشيخ سؤالي هل دعاء يوم عرفة مستجاب لمن لا يحج ؟ هل كل الدعاء مستجاب هذا اليوم ؟ بارك الله فيكم ونفع بكم _____________________________________ الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . الدعاء يوم عرفة تُرجَى إجابته حتى لِغير الحاج ؛ لِقوله عليه الصلاة والسلام : خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيُّون مِن قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . رواه الترمذي مرفوعا ، ورواه الإمام مالك في الموطأ مُرْسَلا ، ومِن طريقه : رواه البيهقي في السنن ، ورواه البيهقي موصولاً في " شُعب الإيمان " مِن حديث أبي هريرة . وهو حديث حسن بمجموع طُرقه . قال العَجلوني في " كشف الخفا " : " أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون مِن قبلي : لا إله إلا الله، وحده لا شريك له ".ِ. رواه مالك عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مرسلا . وأخرجه الترمذي وحسّنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ : خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وزاد : له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . ورواه البيهقي عن أبي هريرة بِلفظ : أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل قولي وقول الأنبياء قبلي لا إله إلا الله ... الحديث ، وزاد بعد وله الحمد : يحيي ويميت ، بيده الخير . اهـ . وأوْرَده الألباني في السلسة الصحيحة بِرقم (1503) وقال في نهاية تخريجه : وجُملة القول : أن الحديث ثابت بمجموع هذه الشواهد . اهـ . وهذا الحديث في الفضائل ، وهو مما تلقّته الأمة بالقبول ، وتلقّي الأمة بالقبول أقوى من تصحيح الأئمة لإسناده . قال ابن عبد البر في تخريج حديث " هو الطهور ماؤه الْحِلّ مَيتته " : وهذا إسناد وإن لم يُخرّجه أصحاب الصحاح ، فإن فقهاء الأمصار وجماعة من أهل الحديث مُتّفقون على أن ماء البحر طهور ... وهذا يَدلّك على أنه حديث صحيح المعنى ، يُتَلَقّى بالقبول والعمل الذي هو أقوى مِن الإسناد المنفرد . اهـ . وقال في موضع آخر : وكتاب عمرو بن حَزم هذا قد تَلقّاه العلماء بالقبول والعمل ، وهو عندهم أشهر وأظهر مِن الإسناد الواحِد الْمُتَّصِل . اهـ . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ " خَبَرَ الْوَاحِدِ " إذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ عَمَلا بِهِ : أَنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ . وقال : الْخَبَرُ الَّذِي رَوَاهُ الْوَاحِدُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالاثْنَانِ: إذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ أَفَادَ الْعلمَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَرِينَةَ تَلَقِّي الأُمَّةِ لَهُ بِالْقَبُولِ ، وَرِوَايَتِهِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ ؛ مِنْ أَقْوَى الْقَرَائِنِ وَأَظْهَرِهَا . اهـ . والنصّ جاء عام في يوم عرفة ولم يُخصّ به الحاج دون غيره . قال ابن عبد البر عن هذا الحديث : وفيه تفضيل الدعاء بعضه على بعض ، وتفضيل الأيام بعضها على بعض ، ولا يُعرف شيء مِن ذلك إلاّ بِتَوقِيف ، فقد ثبت في يوم الجمعة ويوم عاشوراء ويوم عرفة ما هو مذكور في كتابنا هذا في مواضعه ، ومعروف أيضا في غيره ، وجاء الاستدلال بهذا الحديث على أن دعاء عَرفة مُجَاب كُله في الأغلب إن شاء الله إلاّ للمعتدين في الدعاء بِمَا لا يُرضي الله . اهـ . ودُعاء يوم عرفة ثناء على الله عز وجل ، وهو يَحسُن مِن الحاج ومِن غير الحاج . قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ : سَأَلْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَكْثَرُ دُعَائِي وَدُعَاءِ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي بِعَرَفَةَ : لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " وَإِنَّمَا هُوَ ذِكْرٌ لَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ . قَالَ سُفْيَانُ : أَتَدْرِي مَا قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ حِينَ أَتَى ابْنُ جُدْعَانَ يَطْلُبُ نَائِلَهُ وَمَعْرُوفَهُ ؟ قُلْتُ : لا . قَالَ : لَمَّا أَتَاهُ قَالَ : أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي ... حِباؤُكَ أَنَّ شِيمَتَكَ الْحِبَاءُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا ... كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَّنَاءُ قَالَ سُفْيَانُ : فَهَذَا مَخْلُوقٌ حِينَ يُنْسَبُ إِلَى الْجُودِ قِيلَ : يَكْفِينَا مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَّنَاءُ عَلَيْكَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى حَاجَتِنَا . فَكَيْفَ بِالْخَالِقِ ؟ رواه البيهقي في " شُعَب الإيمان " . وكذلك العِتق في يوم عَرَفة يُرجَى أن يشمل الحاج وغير الحاج مِن المسلمين . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما مِن يوم أكثر مِن أن يُعتِق الله فيه عبدًا مِن النار مِن يوم عرفة . رواه مسلم . قال ابن رجب : ويوم عرفة هو يوم العتق من النار ؛ فيعتق الله من النار مَن وقف بعرفة ومن لم يقف بها مِن أهل الأمصار من المسلمين ؛ فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم : مَن شهد الموسم منهم ومن لم يشهده ، لا شتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة . وإنما لم يشترك المسلمون كلهم في الحج كل عام رحمة من الله وتخفيفا على عباده فإنه جعل الحج فريضة العمر لا فريضة كل عام ، وإنما هو في كل عام فرض كفاية بخلاف الصيام فإنه فريضة كل عام على كل مسلم ، فإذا كَمل يوم عرفة وأعتق الله عباده المؤمنين مِن النار اشترك المسلمون كلهم في العيد عقب ذلك ، وشُرع للجميع التقرب إليه بالنّسك ، وهو إراقة دماء القَرَابين . اهـ . ولأن يوم عرفة يوم عيد ؛ لِقوله عليه الصلاة والسلام : يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام . رواه الإمام أحمد . وأبو داود والترمذي والنسائي الحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم . ووافقه الذهبى . وصححه الألباني والأرنؤوط . ومَن صام ذلك اليوم مِن غير الحجاج ، فتُرجَى له إجابة الدعاء ؛ لأنه يَجتمع له : دعاء الصائم ، ودُعاء يوم عرفة . وكذلك مَن مَنَعه عُذر عن الصيام ، أو حَبَسَه حابس عن الحج ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : إذا مَرض العبد أو سَافَر كُتِب له مثل ما كان يعمل مُقِيمًا صَحِيحًا . رواه البخاري . ويَنبغي أن يُعلَم أن للدعاء شروطا , وآدابا ، وموانع تَمنع مِن إجابة الدعاء . وأن استجابة الدعاء قد تكون بإحدى ثلاث صور : الإجابة مباشرة ، صَرْف بلاء ، ادِّخار في الآخرة . وسبق الجواب عن : هل يُؤجر المسلم على عملٍ مَنع مِن أدائه ظرف صحي أو شرعي ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7316 هل يؤجر الشخص على الدعاء وإن استُجيب له ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2616 وما توجيهك لأهل البلاء الذين يَدْعون ولا يُستجاب لهم ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12722 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 02:51 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى