![]() |
ما قول أهل السنة في إثبات رؤية الله عزّ وَجَلّ يوم القيامة ؟
السلام عليكم ورحمة الله
ما قول أهل السنة في إثبات رؤية الله عزّ وَجَلّ يوم القيامة ؟ وهل دلّت نصوص القرآن على رؤية وجه الله تبارك وتعالى ؟ وجزاك الله خيرا http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا أهل السنة ومُتقدِّمي الأشاعرة يُثبِتون رؤية الله عزّ وَجَلّ ، والمقصود بها رؤية المؤمنين لِربِّهم تبارك وتعالى في الدار الآخرة ، ويكون ذلك في بعض مواقف يوم القيامة وفي الجنة . وهذا قد دلّ عليه صريح القرآن ، ودلّت عليه السنة أيضا . فمن القرآن قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) وقوله عزّ وَجَلّ : (كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذ لَمَحْجُوبُونَ) ، ومفهوم الآية أن المؤمنين ليسوا بمحجوبين عن ربهم . قال الإمام مَالك بن أنس في هَذه الآيَة : لَمَّا حَجَب أعْدَاءَه فَلَم يَرَوه تَجَلَّى لأوْلِيائه حَتى رَأَوه . وقال الشافعي : لَمَّا حَجَب قَومًا بالسُّخْط دَلّ على أنَّ قَوْمًا يَرَونه بِالرِّضَا ، ثم قال : أمَا والله لَو لَم يُوقِن محمد بن إدريس أنه يَرى رَبَّه في الْمَعَاد لَمَا عَبَده في الدّنيا . وفُسِّرت الزيادة في قوله تعالى : (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) بأنها رؤية وجْه الله تبارك وتعالى . وكذلك فُسِّرت الزيادة في قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) بأنها رؤية وجْه الله تبارك وتعالى . قال الإمام القرطبي في تفسيره : فَقَال في قَوله تَعالى : (حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً)[البقرة:55] : وقد اخْتُلِفَ في جَوَاز رُؤية الله تَعالى ؛ فأكْثَر الْمُبْتَدِعَة على إنْكَارِها في الدُّنيا والآخِرَة ، وأهْل السُّنَّة والسَّلَف على جَوازِها فِيهما ، ووُقُوعِها في الآخِرَة ؛ فَعَلَى هَذا لَم يَطْلُبُوا مِن الرُّؤيَة مُحَالاً ، وقد سَألَها مُوسَى عليه السَّلام . وقد بيَّن في آيَة " الأعْراف " أنَّ مُوسَى عليه الصلاة والسلام لم يَطْلُب مُحَالاً ، وَرَدّ تَأوِيل مَن تَأوَّل رُؤية الله في الآيَة ، فَقَال في قَوله تَعالى : (قَالَ لَنْ تَرَانِي) أي في الدُّنيا ، ولا يَجُوز الْحَمْل على أنه أرَاد أرِنِي آيَة عَظِيمَة لأنْظُر إلى قُدْرَتِك ؛ لأنه قَال : (إِلَيْكَ) وقَال : (لَنْ تَرَانِي) ولَو سَأل آيَة لأعْطَاه الله مَا سَأل ، كَمَا أعْطَاه سَائر الآيَات ، وقد كَان لِمُوسَى عليه السلام فيها مَقْنَع عن طَلَب آيَة أُخْرى ؛ فَبَطَل هَذا التَّأوِيل . أوْرَد مَا رُوي عن أنس رضي الله عنه قَال : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قَوله تَعالى : (وَزِيَادَةٌ) قال : للذين أحْسَنُوا العَمَل في الدُّنيا لهم الْحُسْنى ، وهي الْجَنَّة ، والزِّيادَة النَّظَر إلى وَجْه الله الكَرِيم . وهو قَول أبي بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب في رِواية ، وحذيفة ، وعُبادة بن الصامت ، وكعب ابن عُجْرة ، وأبي موسى ، وصهيب ، وابن عباس في رِواية ، وهو قَول جَمَاعَة مِن التَّابِعِين ، وهو الصِّحِيح في البَاب . ثم قال القرطبي : ورَوى مُسلم في صحيحه عن صُهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا دَخَل أهْل الْجَنّة الْجَنّة قال الله تَبَارَك وتَعَالى : تُرِيدُون شيئا أزِيدُكم ؟ فيقولون : ألَم تُبَيِّض وُجُوهَنا ؟ ألَم تُدْخِلْنا الْجَنّة ، وتُنَجِّنا مِن النَّار ؟ قال : فَيَكْشِف الْحِجَاب فَمَا أُعْطُوا شَيئا أحَبّ إليهم مِن النَّظَر إلى رَبِّهم عَزَّ وَجَلّ . وفي رِوَاية : ثم تَلا : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) . وعلى هذا جماهير المفسِّرِين ، في إثبات رؤية المؤمنين لِربّهم عزّ وَجَلّ . والأحاديث في هذا كثيرة جدا ، منها ما هو في الصحيحين ، ومنها ما هو في غيرهما . وقد " اتَّفَقَتِ الأمَّة على أنه لا يَرَاه أحَدٌ في الدُّنيا بِعَينِه ، ولم يَتَنَازَعُوا في ذلك إلاَّ في نَبِيَّنا صلى الله عليه وسلم خَاصَّة " ، والْجُمْهُور على أنَّها رُؤيَة قَلْبِيَّة ، فقد سُئل عليه الصلاة والسلام : هَل رَأيْتَ رَبَّك ؟ فقال : نُوْرٌ أنَّى أَرَاه . رواه مسلم . وقَالتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ ، وَخَلْقُهُ سَادّ مَا بَيْنَ الأُفُق . رواه البخاري . وقالتْ : مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ ، ثُمَّ قَرَأَتْ : (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) . رواه البخاري ومسلم . وأمَّا مَا اسْتَدَلّ به نُفَاة الرُّؤيَة مِن قَولِه تَعالى لِمُوسَى : (لَنْ تَرَانِي) ، فَذلك مُخْتَصّ بِالدُّنيا ، إذ لَم يُخْلَق الْخَلْق فِيها للبَقَاء ، ويَدُلّ عليه قَوله عليه الصلاة والسلام : لَن يَرَى أحُدُكُم رَبَّه حَتى يَمُوت . رواه ابن أبي عاصم في كِتاب " السُّـنَّة " ، وقال الألباني : إسناده صحيح . وجَوَاب آخَر ، وهو أنَّ " قَوْله تَعَالى : (لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ) الآية ، لَيس بِجَوَاب مَن سَأل مُحَالاً ، وقد قَال تَعَالى لِـنُوح : (فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) ، فلو سَأل مُوسَى مُحَالاً لَكَان في الكَلام زَجْرٌ مَا وتَبْيِين . وقَولُه عَزَّ وَجَلّ : (لَنْ تَرَانِي) نَصّ مِن الله تَعالى على مَنْعِه الرُّؤيَة في الدُّنيا ، و(لن) تَنْفِي الفِعْل الْمُسْتَقْبَل ، ولو بَقِينَا مع هذا النَّفْي بِمُجَرَّدِه لَقَضَينَا أنه لا يَرَاه مُوسَى أبَدًا ولا في الآخِرَة ، لكن وَرَد مِن جِهَة أخْرَى بِالْحَدِيث الْمُتُوَاتِر أنَّ أهْل الإيمان يَرَون الله تَعَالى يَوْم القِيَامَة ، فَمُوسَى عليه السلام أحْرَى بِرُؤيَتِه " أفاده ابن عطية في تفسيره . وكان مِن سُؤَال النبي صلى الله عليه وسلم ودُعَائه : وأسْألُك لَذّة النَّظَرِ إلى وَجْهِك . رواه الإمام أحمد والنسائي . قال ابن عبد البر : والآثَار في هَذا الْمَعْنَى كَثِيرَة جِدًّا . وهنا : ما صحة حديث " إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله: تريدون شيئا أزيدكم" ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1643 هل رؤية الله في الجنة يوم الجمعة خاصة بالرجال أم بالرجال والنساء ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10424 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 07:26 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى