![]() |
هل يمكن أن يجد العُصاة السعادة الأسرية في حياتهم ؟
هل يمكن أن يجد العُصاة السعادة الأسرية في حياتهم ؟
الجواب : قد يجد الكافر السعادة الأسرية في حياته فضلا عن العاصي ، ولكن السعادة لا تكون بِكمالها ودوامها إلاّ مع الإيمان بالله ، وترك المعاصي . والسعادة مثل العَسل ، الْكُلّ يتذوّقها ، ولكن قد تختلف الأذواق ، ويختلف طعم العسل باختلاف المتذوّق ! فالمريض قد يجد العسل مُرًّا ، وغيره قد يجده حُلوًا ، وثالث قد يجِد فيه العافية . فليست العبرة بتذوّق العسل بِقَدْر ما هي بالانتفاع به ، ودوام العسل في حياة الإنسان . وكذلك السعادة في الحياة الأسرية قد يجدها الكافر ، لكنها مُؤقّتة ، وليست كاملة ، فَلَدَيه من الضيق والضنك ما يُفسد عليه طعم السعادة أو يُكدِّرها . وقد يجد العاصي السعادة في حياته الأسرية ، لكنه قد يُكدِّرها بالمعصية ، وإن لم يشعر بذلك ! لأن المعصية ذلّ ! قال الحسن : إنهم وإن هَمْلَجَت بهم البِغال ، وطقطقت بهم البَرَاذِين إن ذُلّ المعصية لَفِي قلوبهم ، أبى الله إلاَّ أن يُذِلّ مَن عَصاه . وقد نجد من العُصاة من يصِف السعادة في الحياة الزوجية ، ويُخبر أنه وَجَدها وعَاشَها ، ولكنه ربما لا يشعر بِما يُنغّصها عليه .. فإن لم يشعر فتلك عقوبة واستدراج ! قال ابن الجوزي : أعظم المعاقبة أن لا يُحِسّ المعاقَب بالعقوبة ، وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة ، كالفَرَح بالمال الحرام ، والتمكن من الذنوب . ومن هذه حاله ، لا يفوز بطاعة . اهـ . والعاقل الحصيف من يتلمّس آثار الذنوب على حياته وحياة أهله . قال الفضيل بن عياض رحمه الله : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلُق حِماري وخَادمي . قيل لِوُهيب بن الوَرْد : يَجد طَعْم العبادة مَن يَعصِي ؟ قال: ولا مَن يَهمّ بِالْمَعْصِيَة . وقد يجد العاصي السعادة حِينًا ، ثم ما يلبث أن يكسر كل أواني السعادة ، وذلك بِكسر الضِّلَع ! والعبرة بِكمال النهايات ، كما أن العبرة بالخواتيم . وربما وُجِد من الطائعين من لا يجد طعم السعادة الزوجية ، وسبب ذلك أنه لا تلازُم بين الطاعة في حياة الشخص ، وبين السعادة الأُسرية ، وإن وُجِدت العلاقة بينهما ، إلاّ أنه لا تلازُم ، وفَرْق بين الأمرين . وذلك لأن للسعادة الزوجية مطالب أخرى ، وهي كالفتيلة تحتاج إلى نار تُقْدَح ، وإلى زيت يُضيء ، فربما وُجِدت النار ونَفِد الزيت ! وربما وُجِد الزيت والفتيلة وغابت القَدّاحة ! وهكذا .. فلا بُدّ من تكامل تلك المنظومة لتوجد السعادة الأسرية .. وليس من شرط السعادة الأسرية أن لا تُوجد المشكلات الأسرية ، ولا يعني انعدام الخلاف بين الزوجين ، فلو كان هذا يصفو لحد بتمامه وكماله لكان صفوة الْخَلق صلى الله عليه وسلم أوْلى بذلك . ومن تأمّل حياته صلى الله عليه وسلم عَلِم قَدْر صبره على نسائه وغيرتهنّ .. وعُنوان السعادة في خِصال : قال معاوية بن أبي سُفيان رضي الله عنه : أفضل ما أُعطِي الرّجُل : العقل والْحِلْم ، وإذا ذُكّر ذَكَر ، وإذا أُعْطِي شَكَر ، وإذا ابْتُلِي صَبَر ، وإذا غَضِب كَظَم ، وإذا قَدَر غَفَر ، وإذا أساء استَغْفر ، وإذا وَعَد أنْجَز . (تاريخ دمشق ، لابن عساكر ، والبداية والنهاية ، لابن كثير) وقال ابن القيم رحمه الله : أدَب المرء : عنوان سعادته وفَلاحه ، وقِلّة أدبه : عنوان شقاوته وبَوارِه . فما استُجلِب خير الدنيا والآخرة بِمثل الأدب ، ولا استجلب حِرمَانها بِمثل قِلّة الأدب .… وتأمل أحوال كل شَقِيّ ومُغتَرّ ومُدْبِر : كيف تَجد قِلّة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان ؟! (مدارج السالكين) وقال الشيخ الْمُجَدِّد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يَتولاّك في الدنيا والآخرة ، وأن يجعلك مُبارَكا أينما كنت ، وأن يجعلك ممن إذا أُعْطِي شَكَر ، وإذا ابْتُلِي صَبَر ، وإذا أذنَب اسْتَغْفَر . فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة . (القواعد الأربع) والله تعالى أعلم . وسبق : لماذا يملك العاصون والمجاهرون بالمعصية أموالاً طائلة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5579 أريد أن أشعر بالسعادة في الدنيا دون معصية الله من سماع الأغاني والنظر إلى المحرمات http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7466 تائهة تبحث عن السعادة والراحة النفسية، كيف تصل إلى الراحة النفسية وتتذوق طعم السعادة؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15682 وكنت ذَكرتُ شيئا من ذلك عن السعادة في مقالات بعنوان : الْمَكَارِمُ مَنَوطَـةٌ بالْمَكَارِهِ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6513 اقْرَأ و ارْقَـأ https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9256 من اعتز بغير الله ذل http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12749 فائدة : قال القاضي عياض : البراذين هي الخيل غير العِراب والعِتاق ، وسُمّيت بذلك لِثقلها ، وأصل البرذنة الثقل . وفي " لسان العرب " : والبراذين من الخَيْلِ ما كان من غير نِتاج العِرابِ ، وبَرذَنَ الفرسُ مَشَى مشيَ البَراذينِ ، وبَرْذَنَ الرجلُ ثَقُلَ . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 06:54 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى