![]() |
ما هي ضوابط قصص العبرة والعظة لعوام الناس ؟
السلام عليكم ورحمة الله
شيخنا الفاضل نفع الله بك وأطال في عمركم على طاعته أردت توجيهكم في أمر ضرب القصص للعامة من أجل العبرة والعظة هل لها ضوابط ؟ وسأضرب أمثلة على كلامي كنت أحدث زميلة لي عن قصة حقيقة لرجل تسبب في وفاة ابنته وزوجته إثر حادث سيارة ثم تزوج بعد مدة و ذات مرة كان يرجع يالسيارة فدهس ابنته دوون قصد منه فماتت فلم يتحمل الصدمات فاختل عقله وأدخل المصحة النفسية المهم وإذا بالزميلة تقول : حرام لماذا ربنا يفعل به ذلك ؟ توقفت مع نفسي وقلت استغفر الله كيف تسببت في فتنة مسلمة ؟! فعلى ما يبدو أنها قد شعرت أن الله قد حمّل هذا العبد ما لم يحتمل فقالت ما قالت ومثال آخر سمعته وقرأته يردده بعض المشايخ الفضلاء بقصد العبرة والحث على الصبر وهو رجل من الأعراب في البادية ليس هناك أفضل منه نعمة؛ عنده أموال، وأغنام، وأبقار، وإبل، وعنده بُنَيَّات وأولاد صغار، وزوجة ما أحسنها من زوجة! وفي بيته الصغير يعيش في تلك البادية. في يوم من الأيام ضاعت إبله، فذهب يطلبها، تأخر ثلاثة أيام، ولما رجع أتعرف ما الذي حصل لأهله؟ كان الأهل في البيت، وفي آخر الليل اشتد المطر، وجاءهم سيلٌ عظيم يقتلع الصخور من الأرض، جاء هذا السيل فهدم البيت، وأوقعه على رأس أطفاله، فلم يبق في البيت حيٌ تطرف عينه، لا ابنٌ، ولا ابنة، ولا زوجه، هلكت الأموالُ، والشياه، والضياع. رجع فوجد الأرض قاعاً صفصفاً، لم يجد أهلاًَ، ولا ولداًَ، ولا مالاً، ولا مسكناً، ذهبت الدنيا بلمح بصر، وهل أدرك الإبل؟ رجع حتى الإبل لم يدركها، خسر الدنيا بلحظة وبلمح البصر. فإذا به من بعيد يرى ناقة من الإبل قد شردت فتبعها لعله يدرك ناقة من أمواله، تبعها، فإذا به يمسك ذيلها فلما مسكها رفسته برجلها على وجهه، سقط على الأرض فإذا هو قد عمي، ذهب بصره، ما الذي بقي له من الدنيا؟ أخذ يمشي في الصحراء يصيح وينادي علَّ من يجيبه، علَّ من ينقذه. فإذا أعرابيٌ آخر أخذ بيده، أخبره الخبر، فجع الأعرابي من قصته، فذهب به إلى الخليفة، أخبره بالخبر، فقال له الخليفة: وكيف تجدك الآن؟ من يتحمل هذه المصيبة ومن يطيقها، قال: كيف بك الآن؟ قال: أما أنا الآن فقد رضيت عن الله: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157]. إن بعض الناس لا يطيق مصيبة أن يفقد واحداً من أهله، أو يخسر سيارة، أو يفقد جزءاً من ماله، فإذا به لا يتحمل، ويجزع، ويتسخط، وللأسف لم يذق إلى الآن حلاوة الصبر، نعم، إنه مرٌ في ظاهره، لكن عاقبته أحلى من العسل....... ا.ه ألا ترون يا شيخ أن مثل هذه القصص فيها تيئيس للعوام من رحمة الله وتعريضهم لأن يفتنوا في دينهم دون أن يشعر من يلقيها بذلك ؟ http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . لا عبرة بِما يفهمه الْجُهّال أو يقولونه عند سماع مثل هذه القصص ، وذلك لأنه ما من قصة فيها غرابة إلاّ وهي عُرضة لذلك ! صحيح أن من أدب القصة والموعظة أن يُحدّث الناس بِما يعرفون ، يُبيّن لهم ما يصعب عليهم فهمه ، والحكمة من إجراء المقادير . قال علي رضي الله عنه : حَدِّثُوا الناس بما يَعْرِفون ، أتحبون أن يُكَذَّب الله ورسوله ؟ رواه البخاري . وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ما أنت بِمُحَدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلاَّ كان لبعضهم فتنة . رواه مسلم في المقدِّمَة . وربما كانت عجلة بعض الناس في النظر إلى الظاهر دون النظر إلى عواقب الأمور والْحِكم العظيمة في أقدار الله ، ربما كانت هي الدافع إلى مثل تلك التعليقات التي قد يخرج بها صاحبها من الإسلام ! ويُلاحظ في القصة الثانية أن الذي ذَكَرها ذَكَر الحكمة منها ، وهي الصبر مهما عظُمت المصيبة ، وأن الله يُعوّض الإنسان إذا صبر واحتسب . ومن هذا الباب ما ذَكَره الله تعالى عن نبيِّـه أيوب عليه الصلاة والسلام ، وما جرى له من فقد أهله ومالِه ، وابتلائه بالمرض العُضال سنين عديدة . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 12:40 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى