![]() |
هل يجوز القول بأن الله في كل مكان ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الكريم ورد إلي هذا السؤال من أحد الأخوة هل يجوز القول بأن الله في كل مكان ؟؟ جزاكم الله خيرا . http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا أعوذ بالله من هذا القول ، ومن ذلك المعتقد الباطل ، ومِن لوازمه . أعني به القول بأن الله في كل مكان بِذاتِه . فإن من يعتقد مثل ذلك الاعتقاد يلزمه القول بأن الله في كل مكان ، سواء كان لائقا بالله أو غير لائق ، وهذا قول باطل ، بل مقتضاه كُفْر بالله تبارك وتعالى ، وتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا . وعقيدة الْجَهْمِيَّة والقَدَرِيَّة والْمُعْتَزِلَة أن الله في كل مكان . قال ابن القيم : فحصروه في الآبار والسجون والأنجاس والأخباث ، وعَوَّضُوه بهذه الأمكنة عن عَرشه المجيد . فليتأمل العاقل لعب الشيطان بعقول هذا الخلق ، وضحكه عليهم ، واستهزاءه بهم . اهـ . فعقيدة المسلم أن الله مُسْتو على عرشه فوق سماواته ، بائن عن خلقه . قال عثمان الدارمي في كتاب النقض على بشر المريسي : قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته . وقال الإمام القرطبي في تفسيره : وقَد كَان السَّلَف الأول رضي الله عنهم لا يَقُولُون بِنَفْي الْجِهَة ولا يَنْطِقُون بذلك ، بل نَطَقُوا هُم والكَافَّة بِإثْبَاتِها لله تَعالى ، كَمَا نَطَق كِتَابه ، وأخْبَرَتْ رُسُله ، ولم يُنْكِر أحَد مِن السَّلَف الصَّالِح أنه اسْتَوى على عَرْشِه حَقِيقَة ، وخَصّ العَرْش بِذلك لأنه أعْظَم مَخْلُوقَاته ، وإنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّة الاسْتِوَاء ، فإنه لا تُعْلَم حَقِيقته . قال مالك رحمه الله : الاسْتِواء مَعْلُوم - يَعْنِي في اللغَة - ، والكَيْف مَجْهُول ، والسُّؤَال عن هذا بِدْعَة وقال أيضا : والذي ذَهَب إليه الشيخ أبو الْحَسَن وغيره أنه مُسْتَو على عَرْشِه بِغير حَدّ ولا كَيف ، كَمَا يَكُون اسْتِوَاء الْمُخْلُوقِين . وقرَّر أن " مَعْنَى (وَهُوَ مَعَهُمْ) أي : بِالعِلْم والرُّؤْيَة والسَّمْع ؛ هذا قَوْل أهْل السُّـنَّة . " وقال رحمه الله : وقالت الجهمية والقدرية والمعتَزِلة : هو بِكُلّ مَكان ، تَمَسُّكًا بِهَذِه الآيَة ومَا كان مِثْلها ؛ قالوا : لَمَّا قَال : (وَهُوَ مَعَهُمْ) ثَبَت أنه بِكُلّ مَكان ، لأنه قد أَثْبَت كَوْنه معهم - تعالى الله عن قَولهم - فإنَّ هذه صِفَة الأجْسَام ، والله تعالى مُتَعَال عن ذلك . ألا تَرَى مُنَاظَرة بِشْر في قَول الله عَزَّ وَجَلّ : (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ) حين قال : هو بِذَاتِه في كُلّ مَكان ، فقال له خَصْمُه : هو في قُلُنْسُوتِك ، وفي حَشْوك ، وفي جَوْف حِمَارِك ؟ - تعالى الله عما يقولون - حَكى ذلك وكيع رضي الله عنه " . وبيّن القرطبي أن " مَعْنَى (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التوبة:40] أي : بِالنَّصْر والرِّعَاية والْحِفْظ والكَلاءَة " . روى اللالكائي من طريق مَعْدان قال : سَألْتُ سفيان الثوري عن قَولِه : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) قال : عِلْمُه . وروى من طريق سريج بن النعمان قال : حدثني عبد الله بن نافع قال : مُلْك الله في السَّمَاء ، وعِلْمه في كُلّ مَكَان ؛ لا يَخْلُو مِنه شَيء . قال : ورَوى يوسف بن موسى البغدادي أنه قِيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : الله عَزَّ وَجَلّ فَوْق السَّمَاء السَّابِعَة على عَرْشِه بَائن مِن خَلْقِه ، وقُدْرَته وعِلْمُه في كُلّ مَكَان ؟ قال : نَعَم ، على العَرْش ، وعِلْمُه لا يَخْلُو مِنه مَكَان . قال صلى الله عليه وسلم : يَنْزِل رَبُّنا تَبَارَك وتَعالى كُلّ لَيْلَة إلى السَّمَاء الدُّنيا حِين يَبْقَى ثُلُث الليل الآخِر . رواه البخاري ومسلم . قال ابن عبد البر : وفي هذا الْحَدِيث دَلِيل على أنَّ الله عَزَّ وَجَلّ في السَّمَاء على العَرْش مِن فَوْق سَبْع سَمَاوَات ، وعِلْمه في كل مكان ، كَمَا قَالَتِ الْجَمَاعَة أهْل السُّـنَّة أهْل الفِقْه والأثَر . وحُجَّتُهم ظَوَاهِر القُرْآن في قَولِه : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) . اهـ . وقال الطَّلمنكى أحْد أئمَّة الْمَالِكِيَّة ... في كِتَاب " الوُصُول إلى مَعْرِفَة الأصُول" : أجْمَع الْمُسْلِمُون مِن أهْل السُّنَّة على أنَّ مَعْنَى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) ونَحو ذلك مِن القُرْآن أنَّ ذلك عِلْمه ، وأنَّ الله فَوْق السَّمَاوَات بِذَاتِه مُسْتَو على العَرْش كَيف شَاء . وقال أيضا : قال أهْل السُّنَّة في قَوْل الله تَعَالى : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) : إنَّ الاسْتِوَاء مِن الله على عَرْشِه الْمَجِيد على الْحَقِيقَة لا على الْمَجَاز . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 12:30 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى