![]() |
" ما غلب عُسر يُسرين " هل هو حديث ، وما درجته ؟
شيخنا الفاضل جزاكم الله خيرا
سؤالي : " ما غلب عسر يسرين " هل هذا مجرد مثل ام اثر ام انه حديث ولو كان حديث ما درجة صحته وما المناسبة التي ذكر فيها ؟؟ و بارك الله فيك و جزاك خيرا و أثابك جنته الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته آمين ، ولك بمثل ما دعوت . جاء بلفظ : لن يغلب عُسر يُسْرَين ، إن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا . وهو حديث ضعيف الإسناد ، ومعناه صحيح ، ولذلك جاء هذا القول عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم . روى الإمام مالك في الموطأ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ : كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعًا مِنْ الرُّومِ ، وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ :أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْد مُؤْمِن مِنْ مُنْزَلِ شِدَّة يَجْعَلْ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا ، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) . ومِن طريقه : رواه ابن جرير في تفسيره . ورواه ابن أبي شيبة والحاكم - وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي - والبيهقي في شعب الإيمان كلهم مِن طريق زيد بن أسلم عن أبيه بِنحوه . وقال الإمام البخاري في سورة الشرح : قال ابن عيينة : أي : مع ذلك العسر يُسرًا آخر ، كقوله (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) ، ولن يغلب عُسر يُسرَين . قال الإمام الطحاوي : قال أهل العلم في ذلك : لا يغلب عُسر يُسرين ، مُستخرجين لذلك المعنى في هذه الآية ؛ لأن العسر خَرَج مَخْرَج المعرفة فكان على واحد ، وخرج اليُسر مَخرج النكرة فكان في كل واحد من قوله عز وجل : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) غير الذي في الآخر منهما . وقال العجلوني في " كشف الخفا " : رواه الحاكم والبيهقي في الشعب عن الحسن مُرْسَلا أن النبي صلى الله عليه وسلم خَرج ذات يوم وهو يضحك ، وهو يقول : لن يغلب عُسر يُسرَين ، إن مع العسر يسرا . ورواه الطبراني عن مَعمر . والعسكري في الأمثال وابن مردويه عن جابر بسند ضعيف . وفي الباب عن ابن عباس مِن قولِه ، ذَكَرَه الفرّاء ، وقال في الدرر : وأخرجه الحاكم من حديث ابن عباس ، وأخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود موقوفا بلفظ : " لو كان العُسر في جُحر ضب لتبعه اليسر حتى يَستخرجه ، لن يَغلب عُسر يُسرَين "، بل للطبراني عن ابن مسعود أيضا مرفوعا : لو دخل العسر جحرا لدخل اليسر حتى يُخرِجه فيَغلِبه ، فلا ينتظر الفقير إلاّ اليُسر ، ولا الْمُبْتَلَى إلاّ العافية ، ولا الْمُعَافى إلاّ البلاء . ورواه ابن أبي الدنيا، ومِن طريقه البيهقي في الشعب عن ابن مسعود : ُلو أن العسر دخل في جحر لَجَاء اليُسر حتى يدخل معه ، ثم قرأ ... (أن مع العسر يسرا) . اهـ . ويُنظَر " فتح الباري " لابن حجر رحمه الله ، عند تفسير سورة الشرح . ومعناه صحيح ، وعادَة الله عزّ وجلّ في عباده المؤمنين : التفريج والنصر والنجاة ، كما قال تبارك وتعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) . والواقِع يشهد بذلك ويُصدّقه في نُصرَة الله لأوليائه المتّقين في الدنيا .. قال الله تبارك وتعالى : (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) قال ابن كثير : وعد منه تعالى، ووعده حق، لا يخلفه، وهذه كقوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) وقد رَوى الإمام أحمد حديثا يَحسُن أن نَذكُره ها هنا ، فقال : حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبد الحميد بن بَهرام حدثنا شهر بن حوشب قال : قال أبو هريرة : بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يَقدران على شيء ، فجاء الرجل مِن سَفَره ، فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مَسغَبة شديدة ، فقال لامرأته : عندك شيء ؟ قالت : نعم ، أبشِر ، أتاك رِزق الله ، فاستحثّها ، فقال : ويحك ! ابتغي إن كان عندك شيء . قالت : نعم ، هُنيّهة - تَرجو رحمة الله- حتى إذا طال عليه الطَّول قال : ويحك ! قومي فابتغِي إن كان عندك شيء فائتيني به ، فإني قد بَلَغت وجَهِدت . فقالتْ : نعم ، الآن ينضج التنور فلا تعجل . فلما أن سَكَت عنها ساعة وتَحيّنت أن يقول لها ، قالت مِن عند نفسها : لو قُمت فنظرت إلى تنوري ! فقامت فنظرت إلى تنورها مَلآن مِن جُنوب الغنم ، ورحييها تطحنان ، فقامت إلى الرحى فنفضتها ، واستخرجت ما في تنورها من جُنوب الغنم .اهـ . ورواه الإمام أحمد في موضعين ، ومثله يُتسمّح في إسناده . ورَوى عبد الرزاق في تفسيره عن جعفر بن سليمان , عن ميمون أبي حمزة , قال : سمعت إبراهيم النخعي , يقول : قال ابن مسعود : لو كان العُسر في جُحر لتبعه اليُسر , حتى يَستخرجه , لن يَغلب عُسْر يُسرين , لن يَغلب عُسر يُسرين . ويُروى عن الإمام الشافعي قوله : صَبْراً جَمِيلاً ما أقربَ الفَرَجَا ** مَن رَاقَبَ اللَّهَ فِي الأمورِ نَجَا منْ صدق الله لم ينلهُ أذًى ** ومَن رَجَاهُ يكونُ حيثُ رَجَـا قال الأصمعي : حَدّثني أبو عَمرو بن العَلاء : هَرَبتُ مِن الْحَجَّاج ، وكُنت باليمين على سطحٍ يوما ، فسمعت قائلا يقول : ربما تكره النفوس من الأمـ ... ـر له فَرْجَة كَحَلّ العِقال قال : فَخَرَجْتُ فإذا رجل يقول : مات الحجاج . فما أدري بأيهما كنت أشدّ فَرَحا : بِفَرَجِه أو بِمَوت الْحَجَّاج ؟ قال الأصمعي : وَالْفَرْجَةُ ، بِالْفَتْحِ : مِنَ الْفَرَجِ ، وَالْفُرْجَةُ : فُرْجَةُ الْحَائِطِ . رواه ابن أبي الدنيا في " الفَرَج بعد الشدة " . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 04:45 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى