![]() |
هل كل كذب يأثم عليه صاحبه ؟
فضيلة الشيخ حفظه الله هل الكذب كله في درجة واحدة من ناحية الإثم ؟ وهل كل كذب يأثم عليه صاحبه ؟ أم أن هناك ما لا يأثم فيه ؟ وجزاكم الله خير . http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته قال الراغب الأصفهاني في المفردات : الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعداً كان أو غيره ، ولا يكونان بالقصد الأول إلا في القول ، ولا يكونان في القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام ، وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام ، كالاستفهام والأمر والدعاء وذلك نحو قول القائل أزيد في الدار فإن في ضمنه إخباراً بكونه جاهلا بحال زيد وكذا إذا قال : واسني في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة ، وإذا قال : لا تؤذ ففي ضمنه أنه يؤذيه والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه مما ، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقا تاماً ، بل إما أن لا يوصف بالصدق ، وإما أن يوصف تارة بالصدق ، وتارة بالكذب على نظرين مختلفين ، كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد : محمد رسول الله ، فإن هذا يصح أن يقال : صَدَقَ لكون المخبَر عنه كذلك ، ويصح أن يقال : كَذَبَ لمخالفة قوله ضميره . وبالوجه الثاني : إكذاب الله تعالى المنافقين حيث قالوا : ( نشهد إنك لرسول الله) الآية . والصدِّيق مَنْ كثُر منه الصدق ، وقيل : بل يقال لمن لا يكذب قط . وقيل : بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوّده الصدق . وقيل : بل لمن صَدَقَ بقوله واعتقاده ، وحقّق صدقه بفعله . اهـ . فعلى هذا لا يكون الكذب في الجملة الإنشائية ، وإنما يكون في الجملة الخبرية . فالطّلب ، والسؤال ، والتوقّع ، لا يكون كذبا إلا باعتبار ما قاله الراغب الأصفهاني ، من تضمين معنى آخر . وليس كل الكذب في درجة واحدة وإنما يحرُم الكذب بحسب متعلّقه ، ويعظم بحسب الضرر الناتج عنه . فمن أخبر أن فلانا فعل كذا أو قال كذا ، وهو كاذب فهو أخطر لما يتعلق بذلك من مفاسد متعلقة بالآخرين . ومن قال لشخص : اذهب إلى مكان كذا ، فإن فيه كذا وكذا ، فذهب ولم يجد ما قيل له ، وتبين له كذب القائل لم يكن مثل حال الأول ، وإن كان يُعدّ كذباً . وقد يكون الخبر على خلاف الواقع مع عِلم المُخبَـر بذلك ، وهذا على أقسام : الأول : أن يُخبر بذلك على سبيل المزاح ، ويُعلم أنه كذب . وهذا وإن لم يكن كذِباً صريحا إلا أن تركه أفضل ، لقوله عليه الصلاة والسلام : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان مُحقّـاً ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه . رواه أبو داود . والثاني : أن يُخبر بذلك على سبيل الإصلاح ، وهذا الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس ويقول خيرا ويُنمى خيرا . قال ابن شهاب : ولم أسمع يّرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها . رواه البخاري ومسلم واللفظ له . الثالث : أن يُخبر بذلك ، وهو يقصد الحكاية ويدخل تحت هذا النوع المقامات والحوارات التي يعقدها بعض العلماء بين العلوم ، فيعقدون حوارات ومناظرات على ألسنة العلوم المختلفة ، وتفضيل بعضها على بعض . ومثله ما يكون من قصص خيالية تُحكى على ألسنة الحيوان أو الطير . أو ما يكون من المقامات ، كما يقول الحريري في مقاماته : قال الحارث بن همام ! زسمعت شيخنا الشيخ د . عبد الكريم الخضير يقول : ولا حارث ولا همام ! وهو لا يرى بأسا بمثل هذا . أي أن هذا يُتجاوز عن مثله لأنه لا يترتب عليه ضرر ، وهو على سبيل الحكاية . فليس كل خبر أو كلام يكون خلاف الواقع يكون كذباً مُحرّماً يأثم فيه صاحبه . وهنا : ما هي الحالات التي يُباح فيها الكذب ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9706 والله تعالى أعلى وأعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
الساعة الآن 11:13 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى