![]() |
هل يكفر من يستحل محرما رغم كونه من المسلمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخي الكريم اني مسؤولة عن موقع اسلامي جديد وقد نقل اليه موضوع عنوانه:هذه عقيدتنا وهذا ديننا، لن اصفه بالشدة او التشدد ولكن يحمل في طياته بعض الافكار تميل ذلك ويتكلم عن التكفير بطريقة معمقة ويسلط الضوء على التحريض على الجهاد وهكذا حيث ذكر فيه جملة معناها" ان اصحاب العقيدة الصحيحة لا يكفرون من يقع في الكبائر كالزنا والسرقة و..و..من امة محمد صلى الله عليه وسلم الا اذا استحلوها.." ولفت انتباهي هذا الاسثتناء فعلقت عليه بقولي: ان اصحاب الكبائر لا يكفرون وان استحلوها، لان النبي عليه الصلاة والسلام اخبرنا عن قوم سيكونون من بعده يستحلون الخمر والحرير والزنا والمعازف..ولم يذكر عنهم اي تكفير ولا انهم كفارا ولكنهم عصاة سفهاء جاهلون غافلون عن الطريق الحق يجب فيهم الحد مالم يتوبوا ويرجعوا وذلك يكون للامام النظر في امرهم وليس اي كان..وحتى وان قلنا ان النبي عليه الصلاة والسلام يقصد تكفيرهم فلننظر الى ادبه صلى الله عليه وسلم مع هؤلاء القوم حيث لم يذكر اي صغة تكفيرية لهم حتى لا تعم الفتنة بين المسلمين لانهم سيكونون كثرة وهل يعقل ان نكفرهم جميعا ؟ كما انه سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة فيما معناه:"امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله فان فعلوا عصموا مني دمائهم " وهؤلاء القوم هم من المسلمين ويفعلون تلك الكبائر والدليل على ذلك ما نراه الان من مغنيات ومغنيين وممثلات وممتلين يمارسون مهنتهم هذه بكل جراءة وعادي جدا ولا يحسون باي ذنب ولا شيء ولكنهم تراهم يتكلمون عن الله تعالى وعن الرسول صلى الله عليه وسلم بل ونجد بعضهم يقول انه يصلي وهكذا . فهل هؤلاء نكفرهم ونخرجهم من الملة رغم استحلالهم لتلك المعاصي؟؟ كما ان فعل استحل الشيء معناها في اللغة اخذه حلالا ويراه حلالا ..وفعل أحل الشيء اي جعله حلالا، فاليهود مسخوا ولعنوا لانهم احلوا ماحرم الله وحرموا ما احل الله اما ان قضية تكفير المسلمين قضية خطيرة جدا على كيان الامة الاسلامية، فما تعليق فضيلتكم على الموضوع بصفة عامة وعلى تعليقي بصفة خاصة وهل اخطأت في ردي؟؟ وحبذا يا شيخ لو تبين لنا الفرق بين احل الشيء واستحل الشيء وهل فعلا يكفر من يستحل امرا محرما رغم كونه من المسلمين ؟؟ http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gifالجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا وأعانك الله . من عقيدة أهل السنة والجماعة أن من استَحلّ شيئا مُحرّما معلوم التحريم فهو كافر . الإمام الطحاوي الحنفيّ ( المتوفّى 321 هـ) : ولا نُكَفِّر أحدًا من أهل القبلة بِذَنْب ما لَم يَسْتَحِلّه . اهـ . وقال القاضي عياض المالكي ( المتوفّى سنة 544 هـ ) : وَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَى تَكْفِيرِ كُلِّ مَنْ دَافَعَ نَصَّ الْكِتَابِ ... وَكَذَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَكْفِيرِ كُلِّ مَنْ اسْتَحَلَّ الْقَتْلَ ، أَوْ شُرْبَ الْخَمْرِ ، أَوْ شَيْئًا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ بَعْدَ عِلْمِ هَذَا بِتَحْرِيمِهِ . اهـ . وكنت أشرتُ إلى هذه المسألة هنا : ما صحة الجرائم الوهابية في حق الآثار النبوية ؟ http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=3345 وإنما اعتبروا استحلال الحرام كُفرًا ؛ لأن استحلال المحرّم المعلوم تحريمه مُنازعة لله عزّ وَجَلّ في التشريع ، وذلك شِرْك . قال الله تعالى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) ؟ ثم إنه مُتضمّن لتكذيب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . وينبغي أن يُفرّق بين استحلال الشيء المحرّم والْحُكم العام ، وبين الْحُكم الخاص على الأشخاص ؛ لأن الحكم الخاص يحتاج إلى إقامة الحجة على الشخص المعيّن ، وكذلك لا بُدّ من انتفاء الموانع ، كأن يكون عنده شُبهة لاستحلاله ، كما وقع من أقوام شربوا الخمر وتأوّلوا قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا) ، تأوّلوا ذلك على أن من اتّقى فلا جُناح عليه ، ودَرَأ عنهم الكُفر كونهم تأوّلوا ذلك ، فكان لدى القوم شُبهة مَنَعت من تكفيرهم ، ولكنها لم تمنع عمر رضي الله عنه من إقامة الْحَدّ عليهم . قال ابن منظور في لسان العرب : وأَحْلَلت له الشيءَ : جعلته له حَلالاً ، واسْتَحَلَّ الشيءَ : عَدَّه حَلالاً . اهـ . وأما الاستشهاد بقوله عليه الصلاة والسلام : " لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَام يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِير وَالْخَمْر وَالْمَعَازِف " فليس بِجيِّد . فقد قال ابن حجر : وَقَوْله : " يَسْتَحِلُّونَ " قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ حَلالا ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ مَجَازًا عَلَى الاسْتِرْسَال ، أَيْ : يَسْتَرْسِلُونَ فِي شُرْبهَا كَالاسْتِرْسَالِ فِي الْحَلال ، وَقَدْ سَمِعْنَا وَرَأَيْنَا مَنْ يَفْعَل ذَلِكَ . اهـ . فقولك : ( إن أصحاب الكبائر لا يكفرون وان استحلوها ) خطأ ظاهر ؛ لأن الإجماع مُنعقد على أن من استحل شيئا مُحرّما فهو كافر . وعلى الإنسان أن يتكلّم بِعِلْم أو يَسْكُت بِحَزْم . وسبق : ما حكم تكفير الناس من العلماء والمشايخ والدعاة ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6089 هل يجوز تكفير العلماء حتى لو كانوا علماء سلطان ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3817 هل يجوز تكفير المسلم ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4541 هل يُشترَط في إقامة الحُجة إفهامها أو فهمها ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4544 ما هو مناط تكفير المحلِّل لِمَا حرَّم الله ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4758 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم |
الساعة الآن 01:10 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى