منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسـم الفتـاوى العامـة (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=15)
-   -   جدل حول وقت نفخ الروح فى الجنين (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3543)

ناصرة السنة 21-02-2010 12:21 PM

جدل حول وقت نفخ الروح فى الجنين
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخي الكريم
واليوم حصل أمر وهو بخصوص تحديد بث الروح للجنين
الذي أعرفه أنه لا يتم إسقاط الجنين بعد أربعة أشهر، على ماذا شيخنا العزيز استند العلماء على تحديد أربعة أشهر
واليوم ذهبنا إلى العيادة ومن خلال الأشعة أو جهاز لرؤية الجنين، تقول زوجتي أنها رأت جنين صغير جدا وأنه به نبض، فقلت لها ما يصير، لأنه الروح لم تبث فيه.
فصار جدل بيني وبين زوجتي
ثم فتحت كتاب السنة للإمام الشيباني على هذه الأحاديث
قال صلى الله عليه وسلم ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الله تعالى إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: رزقه وأجله وعمله شقي أم سعيد.. ) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
ففي الحديث شيخي هل أربعين يوما يجمع خلقه ثم علقة أربعين يوما ثم مضغة أربعين فيكون عدد الأيام 120 يوما وبعد ذلك تبث الروح فيه.
هذا حديث الأول
في الحديث الثاني من نفس الكتاب
إن النطفة إذا وقعت في الرحم أربعين ليلة: وقال الصحابي: خمسة وأربعين ليلة، نفخ فيه الروح. قال: فيجيء ملك الرحم فيدخل فيصور له عظمه ولحمه ودمه وشعره وبشره وسمعه وبصره...إلخ
هنا في الحديث أن ملك يأتي بعد أربعين يوما أو خمس وأربعين يوما لبث الروح فيه
السؤال حول هذا الإشكال الذي حصل معنا، في العيادة ..
الجنين على حسب كلام زوجتي به نبض .
الحديث الأول يبين بعد 120 يوما يأتي الملك لبث الروح
الحديث الثاني بعد أربعين يوما يأتي ملك لبث الروح
كيف نجمع شيخي الكريم هذه الأحاديث


http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحديث الأول رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ، وفيه : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ، ثم يُرسل الْمَلَك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بِكَتْب رِزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد . الحديث .

والحديث الثاني رواه مسلم من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول : إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ، ثم يَتَسَوَّر عليها الملك ، فيقول : يا رب أذكر أو أنثى ؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى ، ثم يقول : يا رب أسويٌّ أو غيرُ سويّ ؟ ، فيجعله الله سويا أو غير َسويّ ، ثم يقول : يا رب ما رزقه ؟ ما أجله ؟ ما خلقه ؟ ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا .
وفي رواية له : أن ملكا مُوكّلا بالرَّحِم .
وفي رواية له : ثم يتسوّر عليها الملك - قال زهير : حسبته قال - : الذي يخلقها .

ولا تعارُض بين الحديثين ، فالحديث الأول ذُكِر فيه نَفْخ الروح بعد ( 120 ) يوما ، وهي أربعة أشهر ، والحديث الثاني ليس فيه ذِكر لِنفخ الروح .

والعلماء مُتَّفِقُون على أن نَفْخ الروح لا يكون إلاّ بعد مُضيّ أربعة أشهر ، وإن كانوا اختلفوا هل يكون في أول الأربعين الرابعة من استقرار النطفة ، أو يكون بعد نهاية الأربعين الرابعة ؟

قال القرطبي في تفسيره عن حديث ابن مسعود : فهذا الحديث مُفَسِّر للأحاديث الأُوَل ، فإن فيه : " يُجْمَع خَلْق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم أربعين يوما علقة ، ثم أربعين يوما مضغة ، ثم يُبعث الملك فينفخ فيه الروح " ، فهذه أربعة أشهر ، وفي العشر يَنفخ الْمَلَك الروح ، وهذه عِدّة المتوفَّى عنها زوجها ، كما قال ابن عباس . اهـ .

وقال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " عن حديث ابن مسعود : فهذا الحديث يدلُّ على أنَّه يَتَقَلّب في مئة وعشرين يوما ، في ثلاثة أطوار ، في كلّ أربعين منها يكون في طَوْر ، فيكون في الأربعين الأولى نطفةً ، ثم في الأربعين الثانية علقةً ، ثم في الأربعين الثالثة مضغةً ، ثم بعد المائة وعشرين يوما يَنْفُخ المَلَكُ فيهِ الرُّوحَ ، ويَكتب له هذه الأربع كلمات . اهـ .

وحديث حُذيفة بن أسيد رضي الله عنه فيه الْخَبَر عن الْمَلَك الذي وُكِّل بِخَلْق النطفة ، ونقلها من مرحلة إلى مرحلة ، ومِن طور إلى طور .

قال النووي : قَالَ الْعُلَمَاء : طَرِيق الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات ؛ أَنَّ لِلْمَلَكِ مُلازَمَة وَمُرَاعَاة لِحَالِ النُّطْفَة ، وَأَنَّهُ يَقُول : يَا رَبّ هَذِهِ عَلَقَة ، هَذِهِ مُضْغَة ، فِي أَوْقَاتهَا . فَكُلّ وَقْت يَقُول فِيهِ مَا صَارَتْ إِلَيْهِ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى ، وَهُوَ أَعْلَم سُبْحَانه ، وَلِكَلامِ الْمَلَك وَتَصَرُّفه أَوْقَات : أَحَدهَا : حِين يَخْلُقهَا اللَّه تَعَالَى نُطْفَة ، ثُمَّ يَنْقُلهَا عَلَقَة ، وَهُوَ أَوَّل عِلْم الْمَلَك بِأَنَّهُ وَلَد ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ كُلّ نُطْفَة تَصِير وَلَدًا ، وَذَلِكَ عَقِب الأَرْبَعِينَ الأُولَى ، وَحِينَئِذ يَكْتُب رِزْقه وَأَجَله وَعَمَله وَشَقَاوَته أَوْ سَعَادَته ، ثُمَّ لِلْمَلَكِ فِيهِ تَصَرُّف آخَر فِي وَقْت آخَر ، وَهُوَ تَصْوِيره وَخَلْق سَمْعه وَبَصَره وَجِلْده وَعَظْمه ، وَكَوْنه ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُون فِي الأَرْبَعِينَ الثَّالِثَة ، وَهِيَ مُدَّة الْمُضْغَة ، وَقَبْل اِنْقِضَاء هَذِهِ الأَرْبَعِينَ ، وَقَبْل نَفْخ الرُّوح فِيهِ ؛ لأَنَّ نَفْخ الرُّوح لا يَكُون إِلاَّ بَعْد تَمَام صُورَته .
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ نَفْخ الرُّوح لا يَكُون إِلا بَعْد أَرْبَعَة أَشْهُر . اهـ .

وقال ابن القيم : ففي حديث ابن مسعود أن هذا التقدير يَقع بعد مائة وعشرين يوما من حصول النطفة في الرحم ، وحديث أنس غير مؤقّت ، وأما حديث حذيفة بن أسيد فقد وُقَّت فيه التقدير بأربعين يوما ، وفي لفظ : بأربعين ليلة ، وفي لفظ : ثنتين وأربعين ليلة ، وفي لفظ : بثلاث وأربعين ليلة ، وهو حديث تفرد به مسلم ولم يروه البخاري ، وكثير من الناس يظن التعارض بين الحديثين ، ولا تعارض بينهما بحمد الله ، وأن الْمَلَك الْمُوَكَّل بالنطفة يَكتب ما يُقَدِّره الله سبحانه على رأس الأربعين الأولى ، حتى يأخذ في الطور الثاني ، وهو العلقة ، وأما الملك الذي ينفخ فيه فإنما ينفخها بعد الأربعين الثالثة ، فيؤمر عند نَفْخ الروح فيه بكتب رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته ، وهذا تقدير آخر غير التقدير الذي كتبه الملك الموكَّل بالنطفة ولهذا قال في حديث ابن مسعود : "ثم يُرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات " ، وأما الملك الموكَّل بالنطفة ، فَذاك رَاتِب مَعها يَنْقُلها بإذن الله من حال إلى حال ، فَيُقَدِّر الله سبحانه شأن النطفة حتى تأخذ في مبدأ التخليق ، وهو العَلَق ، ويُقَدِّر شأن الروح حين تتعلق بالجسد بعد مائة وعشرين يوما ، فهو تقدير بعد تقدير ، فاتَّفَقَت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصَدَّق بعضها بعضا . اهـ .

وتصوير الجنين وتخليقه شيء ، ونَفْخ الروح فيه شيء آخر ، فالتَّخْلِيق مُتقدِّم على نفخ الروح .

قال ابن حجر : وَقَدْ نَقَلَ الْفَاضِل عَلِيّ بْن الْمُهَذَّب الْحَمَوِيّ الطَّبِيب اِتِّفَاق الأَطِبَّاء عَلَى أَنَّ خَلْق الْجَنِين فِي الرَّحِم يَكُون فِي نَحْو الأَرْبَعِينَ ، وَفِيهَا تَتَمَيَّزُ أَعْضَاء الذَّكَر دُون الأُنْثَى لِحَرَارَةِ مِزَاجِهِ وَقُوَاهُ وَأَعْبَد إِلَى قِوَام الْمَنِيّ الَّذِي تَتَكَوَّن أَعْضَاؤُهُ مِنْهُ وَنُضْجه ؛ فَيَكُون أَقْبَلَ لِلشَّكْلِ وَالتَّصْوِير . اهـ .

ووجود النبض أو الحركة لا يعني نَفْخ الروح في الجنين ؛ لأن تعلّق الروح بالجنين في هذه المرحلة تعلّق من نوع خاص ، كما ذَكَر ابن القيم ، هذا من جهة .
ومن جهة ثانية فإن الحركة منها ما هي حركة طبيعية ، مثل حركة المعدة عند هضم الطعام .

ولتقريب الصورة فإن النائم تخرج روحه خروجًا دون الخروج الْكُلِّي ، وهو مع ذلك يتنفّس ويتحرّك .
قال تعالى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَل مُسَمًّى) .
وقال عليه الصلاة والسلام : النَّوم أخُو الْمَوت . رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشُّعَب .
وقال الهيثمي في المجمَع : رواه الطبراني في الأوسط والبزار ، ورجال البزار رجال الصحيح . وصححه الألباني .

قال ابن عبد البر : ذَكَر أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان أن عبد الرحمن بن القاسم بن خالد - صاحب مالك - قال : النفس جَسد مُجَسَّد كَخَلْق الإنسان ، والروح كالماء الجاري ، قال : واحتج بقول الله عز وجل : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا) . وقال : ألا ترى أن النائم قد توفَّى الله نفسه وروحٌ صاعد ونازل ، وأنفاسه قيام ، والنفس تَسرح في كل واد ، وترى ما تراه من الرؤيا ، فإذا أذِن الله في رَدّها إلى الجسد عادت واستيقظ بعودتها جميع أعضاء الجسد والبصر وغيرهما من الأعضاء . اهـ .

فكذلك الجنين قبل نفخ الروح فيه ، يجوز أن يكون له حركة وله نبض ، من غير أن تُنفخ فيه الروح .
ولا يُؤخذ بِكلام بعض الأطباء وإهدار كلام علماء الأمة ، وفهمهم لِحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي جاء فيه نفخ الروح بعد مائة وعشرين يوما .


والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد


الساعة الآن 07:34 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى