![]() |
دخول الحائض للمسجد ، وهل تُمنع منه ؟
ما حكم دخول الحائض للمسجد ، وهل تُمنع منه ؟ وما نصيحتك لمن تدخل المسجد وهي حائض ؟ الجواب : نصيحتي لها أن تعتزل الصلاة ، فلا تقف في صف النساء إذا أردن أن يُصلين ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء الحيّض بحضور صلاة العيد . قالت أم عطية رضي الله عنها : أمرنا - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - أن نُخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور ، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية للبخاري قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تَخرج العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور والحيّض وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيّض المصلى . قالت حفصة : فقلت : آلحيّض ؟ فقالت : أليس تشهد عرفة ، وكذا وكذا ؟ وفي رواية للبخاري أيضا : فأما الحيَّض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ، ويَعتَزِلن مُصَلاّهم . فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيّض أن يشهدن جماعة المسلمين وأن يحضرن للمصلى ، وإنما يعتزلن الصلاة . وقد نقل ابن حجر رحمه الله عن ابن المنيّر رحمه الله أنه قال : الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهنّ لا يُصلّين مع المصلِّيَات إظهار استهانة بالحال ، فاستُحبّ لهن اجتناب ذلك . اهـ . وهنا يَرِد سؤال : وهو : هل دلّ الدليل على منع الحائض من دخول المسجد ؟ فالجواب : لا ، إلا أن تخشى أن تلوّث المسجد . وما ورد إما غير صحيح ، وإما غير صريح . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت : افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري .رواه البخاري ومسلم . والقاعدة : لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة . ولم يقُل لها النبي صلى الله عليه وسلم : لا تدخلي المسجد ، وإنما نهاها عن الطواف بالبيت حتى تطهر . وأما قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها : ناوليني الخمرة من المسجد . قالت : فقلت : إني حائض . فقال : إن حيضتك ليست في يدك . رواه مسلم . فقد قال الشوكاني رحمه الله : والحديث يدل على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة ، ولكنه يتوقف على تعلق الجار والمجرور أعني قوله " من المسجد " بقوله " ناوليني " وقد قال بذلك طائفة من العلماء ، واستدلوا به على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة تعرض لها إذا لم يكن على جسدها نجاسة ، وأنها لا تمنع من المسجد إلا مخافة ما يكون منها . اهـ . يعني مخافة ما يكون منها من تلويث المسجد . وبهذا قال الإمام مالك رحمه الله قال في مواهب الجليل : وقال : لا ينبغي للحائض أن تدخل المسجد ؛ لأنها لا تأمن أن يخرج من الحيضة ما ينـزه عنه المسجد ، ويدخله الجنب لأنه يأمن ذلك . قال : وهما في أنفسهما طاهران سواء ، وعلى هذا يجوز كونهما فيه إذا استثفرت . اهـ . والاستثفار هو التحفّظ . وقد استدل بعض العلماء على منع الجنب من دخول المسجد بقول الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيل حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ) فهذه الآية : الصحيح أنها فيما يتعلق بِقُربان الصلاة لا بِدخول المساجد ، فالآية واضحة في نهي المؤمنين عن أداء الصلاة في تلك الأحوال لا عن دخول المساجد . قال البغوي : وجوّز أحمد والمزني المكث فيه ( يعني في المسجد ) ، وضعف أحمد الحديث ؛ لأن راويه ( أفلت ) مجهول ، وتأول الآية على أن ( عَابِرِي سَبِيل ) هم المسافرون تُصيبهم الجنابة ، فيتيممون ويُصلّون ، وقد روي ذلك عن ابن عباس . انتهى . وقال ابن المنذر : يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا . وأما حديث : لا أُحلّ المسجد لحائض ولا لجُنُب . فقد رواه أبو داود ومدار إسناده على جسرة بنت دجاجة ، وهي مقبولة ، أي عند المتابعة . وقال البخاري في التاريخ الكبير عنها : عندها عجائب . ولذا قال الحافظ عبد الحق : هذا الحديث لا يثبت . فبقي الجُنب والحائض على البراءة الأصلية من عدم المنع من دخول المساجد وعلى البراءة الأصلية من عدم التنجس لقوله عليه الصلاة والسلام : إن المؤمن لا ينجس . رواه البخاري ومسلم . خاصة إذا كان هناك مصلحة من دخول الجُنب أو الحائض المسجد . وقد أدخل النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال وكان مشركا ، أدخله إلى مسجده صلى الله عليه وسلم وربطه في سارية من سواري المسجد ، ثم أسلم فيما بعد ، والحديث في الصحيحين . فإذا كان المشرك لا يُمنع من دخول المسجد لوجود مصلحة ، فالمسلم الذي أصابته الجنابة أو المسلمة التي أصابها الحيض أولى أن لا يُمنعوا . قال الإمام النووي رحمه الله : الأصل عدم التحريم ، وليس لمن حرّم دليل صحيح صريح . اهـ . وسبق : هل يجوز للحائض المكوث في المسجد لِتَلَقِّي العِلم الشرعي ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=19776 هل يجوز للفتاة إذا كانت لديها عذر شرعي أن تدخل المصلَّى ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=19775 والله تعالى أعلى وأعلم المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم |
الساعة الآن 06:18 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى