![]() |
ما رأيك بعبارة ( لا تكون أنت والزمان علي ) ؟
س : ما رأي فضيلتكم في هذه العبارة : ( لا تكون أنت والزمان علي ) حيث أن البعض يقولها إذا كان يمر بضغوط نفسية وظروف مالية حرجة ثم ألح عليه شخص بمطالبته بحقه والضغط عليه فيقول هذه العبارة ؟ http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب : الذي يَظهر أن هذا لا يخلو من نسبة التعاسة إلى الدّهر والزمان ، بل ونسبة الفقر والديون إليه ، وهذا خطأ من جهتين : الأولى : نسبة الأفعال إلى الزمان ، وهذا قد يصِل بصاحبه إلى الشرك ، إذا اعتقد أن الزمان يفعل كذا . وهذا كَحَال الذين قالوا : (مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْم إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) . الثانية : أنه مُتضمّن لِسَبّ الدّهر المنهي عنه ، كما قال تعالى في الحديث القدسي : يَسُبّ بنو آدم الدهر ، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار . رواه البخاري ومسلم . وكما في قوله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : يؤذيني بن آدم يقول : يا خيبة الدهر . فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر ، أقلَّب ليله ونهاره ، فإذا شئت قبضتهما . رواه البخاري ومسلم . قال ابن القيم رحمه الله : في هذا ثلاث مفاسد عظيمة : إحداها : سَـبّه مَن ليس بأهل أن يُسَبّ ، فإن الدهر خَلْق مُسَخّر مِن خَلْق الله ، مُنْقَاد لأمْرِه ، مُذَلّل لتسخيره ؛ فَسَابّـه أولى بالذم والسب منه . الثانية : أن سَـبّه مُتَضَمّن للشرك ، فإنه إنما سبه لظنه أنه يَضُرّ وينفع ، وأنه مع ذلك ظالم قد ضَرّ مَن لا يستحق الضرر ، وأعطى من لا يستحق العطاء ، ورفع من لا يستحق الرفعة ، وحَرَم مَن لا يستحق الحرمان ، وهو عند شاتميه مِن أظلم الظَّلَمة . وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سَـبّه كثيرة جدا ، وكثير مِن الْجُهّال يُصَرّح بِلَعْنِه وتَقْبِيحِه . الثالثة : أن السبّ منهم إنما يَقَع على مَن فَعل هذه الأفعال التي لو أتبع الحق فيها أهواءهم لَفَسَدَتِ السماوات والأرض ، وفي حقيقة الأمر فَرَبّ الدهر تعالى هو المعطي المانع ، الخافض الرافع ، الْمُعِزّ الْمُذِلّ ، والدهر ليس له من الأمر شيء ؛ فَمَسَبّتهم للدهر مَسَبّة لله عز وجل . اهـ . مع ما فيه أيضا من سوء الأدب مع الله ، لأن هذا يُشبه حال الذي قال : أهانن ، كما في قوله تعالى : (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فليس كل مَن وُسّع عليه رزقه يكون مُكرَما ، ولا كل من قُدِر عليه رزقه يكون مُهانا ، بل قد يوسّع عليه رزقه إملاء واستدراجا ، وقد يقدر عليه رزقه حماية وصيانة له ، وضيق الرزق على عبد من أهل الدِّين قد يكون لِمَالَه مِن ذُنوب وخطايا ، كما قال بعض السلف : إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه . اهـ . وقال الإمام القرطبي في تفسيره : فليس ضيق الرزق هَوانا ، ولا سَعة الرزق فضيلة . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 06:33 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى