منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسـم الفتـاوى العامـة (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=15)
-   -   ما حكم التبرع بالأعضاء والدم؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4263)

*المتفائله* 24-02-2010 09:37 AM

ما حكم التبرع بالأعضاء والدم؟
 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)
والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

شيخنا الفاضل / عبدالرحمن السحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي وباختصار شديد هو
ما حكم التبرع بالأعضاء والدم لمن يحتاج إلى ذلك ؟
وجزاكم الله خير الجزاء ونفعنا وإياكم بالعلم النافع ووفقنا إلى كل خير
ودمت في رعاية الرحمن وحفظه


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه .

يجوز التبرّع بالدّم ؛ لِمَا فيه مِن إنقاذ حياة إنسان ، وكون الدم مما يتجدّد .

ولا يجوز التبرّع بالأعضاء ؛ لأنها لا تتجدد ، وليست مُلكا للإنسان .

وقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
س : ما حكم نقل الأعضاء بعد وفاة الميت دماغيا كما يقولون ؟
فأجاب رحمه الله : المسلم مُحترم حَيا وميتا ، والواجب عدم التعرّض له بما يؤذيه أو يُشَوّه خِلقته ، ككسر عظمه وتقطيعه ، وقد جاء في الحديث: " كسر عظم الميت كَكَسْرِه حَيا " ، ويُسْتدل به على عدم جواز التمثيل به لمصلحة الأحياء ، مثل أن يؤخذ قلبه أو كليته أو غير ذلك ؛ لأن ذلك أبلغ من كسر عظمه .
وقد وقع الخلاف بين العلماء في جواز التبرع بالأعضاء وقال بعضهم: إن في ذلك مصلحة للأحياء لكثرة أمراض الكلى وهذا فيه نظر ، والأقرب عندي أنه لا يجوز ؛ للحديث المذكور، ولأن في ذلك تلاعبا بأعضاء الميت وامتهانا له ، والورثة قد يطمعون في المال ، ولا يبالون بحرمة الميت ، والورثة لا يرثون جسمه ، وإنما يرثون ماله فقط . والله ولي التوفيق.
وسُئل رحمه الله :
س: إذا أوصى المتوفى بالتبرع بأعضائه هل تنفذ الوصية ؟
فأجاب رحمه الله : الأرجح أنه لا يجوز تنفيذها ؛ لِمَا تقدم في جواب السؤال الأول ولو أوصى ؛ لأن جِسمه ليس مُلكا له . اهـ .

وأفتى شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بالمنع من التّبرّع بالأعضاء ، وعَلل ذلك رحمه الله بأنه لا يجوز للإنسان بيع شيء مِن جسده ، وعلى أنه لا يجوز له التبرّع بشيء منه ، ولو كان بعد وفاته ، واستدل بقوله عليه الصلاة والسلام : كسر عظم الميت كَكَسْرِه حيا . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه . اهـ .

وهذا لا يعني أن يُترك المريض يموت ، بل يوجد من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ممن يتبرّع ، أو ممن لا يأخذ بهذا القول ، ويأخذ بالقول الآخر القائل بالجواز .

وإنما تكون الفتوى في حق المؤمن الحيّ أو المؤمن الْمَـيِّت .
أما غير المسلم فلا يشمله الحكم .

ألم يقُل النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر " الحديث
وقال : " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر " الحديث
ومثله قوله : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر " الحديث

وهذا يعني أن الأحكام يُخاطَب بها من كان يؤمن بالله واليوم الآخر .

فيوجد مَن لا يؤمن بالله واليوم الآخر أو مَن ضَعف إيمانه بالله واليوم الآخر من يُخالف ذلك .

كما أن بعض الناس يقيس التبرّع بالأعضاء على التبرّع بالدّم ، وهذا خطأ في القياس ؛ لأن الدم يتجدد والأعضاء لا تتجدد .

وكان الإمام أحمد رحمه الله يقول : أكثر ما يُخطئ الناس في التأويل والقياس .
ولا يصح قياس التبرّع بالأعضاء على معالجة المرض ، فإن التداوي مأمور به ، بخلاف التبرّع .
وقد يُحكم طبيًّا على مريض بأنه متوفَّى دماغيا ويُطلَب نقل بعض أعضائه أو التبرّع بها ، ولا يكون المريض متوفَّى دماغيا على الحقيقة ، بل ثبتت حالات حُكم عليها بالوفاة الدماغية ، ثم عُوفي أصحابها ، وعادوا لممارسة حياتهم الطبيعية كما كانوا مِن قبل .

وأعرف مَن حُكم عليها بالوفاة الدماغية ، ثم عُوفي .

وقد جاء في قرارات مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الخامسة والأربعين ما نصّه :
لا يجوز شرعا الحكم بموت الإنسان الموت الذي تترتب عليه أحكامه الشرعية بمجرد تقرير الأطباء أنه مات دماغيا - حتى يُعلم أنه مات مَوتا لا شُبهة فيه تتوقف معه حركة القلب والنفس ، مع ظهور الأمارات الأخرى الدالة على موته يَقينا ؛ لأن الأصل حياته ، فلا يُعدل عنه إلاّ بِيقين . اهـ .


والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض



الساعة الآن 06:57 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى