![]() |
طول العمر بِصِلَة الرَّحِـم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد /
البر وصلة الرحم: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [[صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن في الأعمار]]. و الله احترت في التوفيق بين نص الحديث وبين أن عمر الإنسان محدد فماردكم رعاكم الله . http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب: ورعاك الله . روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَن سَرّه أن يُبسط له في رزقه ، وأن يُنسأ له في أثره ؛ فَلْيَصِل رَحِمَه . وفي رواية : من أحب أن يُبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ؛ فَلْيَصِل رَحِمَه . وهذه الزيادة في العُمر حقيقية ، ولا إشكال فيها . كما أنه لا تَعارض بينها وبين كون الأعمار مُقدّرة مكتوبة . ولا تعارض بينها وبين قوله تعالى : ( وَلِكُلِّ أُمَّة أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) . فإن الله تبارك وتعالى أثبت زيادة الأعمار ونُقصها ، فال : ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّر وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَاب ) . وأخبر سبحانه وتعالى أنه يَمحو ما يشاء ويُثبت ما يشاء ، فقال : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) . والزيادة والنقص إنما تكون بما في أيدي الملائكة من الصُّحُف ، أي الذي كَتَبه الملك ، حينما كَتَب عُمر ابن آدم ورزقه وعمله وشقي أو سعيد ، كما في حديث ابن مسعود في الصحيحين . فهذا الذي يحصل فيه المحو والإثبات . أما ما قُدِّر في اللوح المحفوظ فهو لا يُغيّر ولا يُبدّل ولا يُمحى منه شيء . ففي عِلم الله أن فلاناً من الناس يَصِل رَحمه ، ويكون عمره – مثلا – ستين سنة ، فإذا وصل رَحِمه بلّغه الله السبعين . والملك يَكتب عُمر هذا الإنسان ستين سنة ، وهو في عِلم الله وزيادة فضله سبعون . فلا يكون هناك تعارض بين الآيات ولا بين الأحاديث . قال الإمام النووي في شرح الحديث : وأجاب العلماء بأجوبة ، الصحيح منها : أن هذه الزيادة بالبركة في عمره ، والتوفيق للطاعات ، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة ، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك . والثاني : أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك ، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه ، فإن وصلها زِيد له أربعون ، وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك ، وهو من معنى قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) ويُثْبِت فيه النسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قَدَرُه ولا زيادة بل هي مستحيلة ، وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة . اهـ . أي أن الزيادة ليست على ما في اللوح المحفوظ ، وإنما هي على ما في أيدي الملائكة من صُحُف . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والأجل أجلان : أجل مطلق يعلمه الله ، وأجل مقيد . وبهذا يتبين معنى قوله صلى الله عليه وسلم : من سرّه أن يُبسط له فى رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه . فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلا ، وقال : إن وَصَل رحمه زدته كذا و كذا ، والملك لايعلم أيزداد أم لا ، لكن الله يعلم ما يستقر عليه عليه الأمر ، فإذا جاء ذلك لا يتقدم ولا يتأخر . اهـ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
كيف نجمع بين بعض الأيات وبعض الأحاديث في مسألة الأجل ؟
أحسن الله إليكم .. ونفع بعلمكم ..
كيف الجمع بين قول الله عز وجل : ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون ) ، وبين قول الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام حين كان يدعو قومه قائلاً : ( ويؤخركم إلى أجل مسمى ) ، وما ورد في الحديث الذي رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما .. عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من سره أن يبسط له في رزقه ، وأن ينسأ له في أثره ، فليصل رحمه ) ؟ وجزاكم الله خيراً .. http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا . أوّلاً : الآية الأُولَى آية الأعراف : (وَلِكُلِّ أُمَّة أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) والثانية ليست خاصة بِقوم نُوح ، بل وَرَدَتْ في غير موضع ، ووَرَدتْ على العُموم في الأُمَم ، فمن ذلك : قوله تعالى بَعَد ذِكْرِ قَوْمِ نُوح وَعَاد وَثَمُود وَالذِين مِنْ بَعْدِهِم : (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى) . وجاءت في خِطَاب نوح لقومه : (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى) . ثانيا : لا تَعارُض بَيْن الآيات ، ولا بين الآيات والأحاديث النبوية ، ولا تعارُض بيْن الأحاديث النبوية . ثالثا : التأخير إلى أجَل مُسمّى ، هو أن لا يُعَاجَلُوا بالعُقُوبة . فإن قيل : أليسوا إذا عُوجِلُوا بالعُقوبة كان ذلك عند انقضاء آجالهم ؟ فالجواب مِن وجوه : الأول : أنَّ مَن عوجِل بالعُقوبة وأُخِذ على حِين غِرَّة ، يَكون كأنه قد قُضي إليه أجَلُه ولم يُمهَل ، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوّذ مِن الانتقام المفاجئ ، ففي صحيح مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان مِن دُعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أعوذ بك مِن زَوال نِعمتك ، وتَحَوّل عَافيتك ، وفُجاءة نِقْمَتك ، وجميع سخطك. الثاني : أنَّ من أُخِذ على حين غِرّة وغَفْلَة إذا عاين العَذَاب والْهَلاك ينسى ما مضى مِن عُمُره ، فيكون ما مضى مِن عُمره كأنه لم يُمتَّع به . وفي هذا المعنى ما جاء في حديث أنس عند مسلم ، وفيه : يُؤتَى بِأنْعَم أهل الدنيا مِن أهل النار يوم القيامة فيُصْبَغ في النار صَبغة ، ثم يُقال : يا ابن آدم هل رأيت خيرا قَطّ ؟ هل مَرَّ بِك نَعيم قَطّ ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويُؤتَى بأشَدَّ الناس بُؤسًا في الدنيا مِن أهل الجنة فيُصْبغ صَبغة في الْجَنَّة ، فيُقَال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مَرَّ بِك شِدَّة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب مَا مَرَّ بي بُؤس قَطّ ، ولا رأيت شِدَّة قَطّ . الثالث : أن للطاعة بَرَكة في فُسْحَة الأجَل ، وللمعصية من الشؤم ما يُذْهِب تِلك البَرَكة ، كما سيأتي تفصيله فيما يتعلّق بالحديث . والتأخير في الآجال مُختَلَف فيه على أقوال : الأول : أن التأخير معنوي ، ويَكون بالبرَكة ، بحيث يَعمل الإنسان في العمر القصير ما يعمله غيره في العمر الطويل . الثاني : زيادة العُمر بالذُّرية الصالحة يَرزقها العبد فَيَدْعُون له مِن بَعده فَيلْحَقه دُعاؤهم في قَبره ؛ فذلك زيادة العُمر . الثالث : أن التأخير في الآجال على حقيقته ، أي يَكون تأخيرًا حقيقيا . فإن قيل : أليس الله قد قدَّر الآجَال ؟ فلا يُزَاد على ما في اللوح المحفوظ ولا يُنقَص منه ؟ فالجواب : بلى . ما في اللوح المحفوظ لا يَزاد عليه ولا يُنقص . إذا كيف يكون مَن وَصَل رَحِمه يُنْسَأ له في أجَلَه ؟ هذا قد أجاب عنه العُلَماء بأنّ ما يُكْتَب على الجنين وهو في بطن أمِّـه ، هو الذي بأيدي الملائكة ، وهو قابل للزيادة والنُّقْصَان ، وليس هو الذي في اللوح المحفوظ . ففي حديث ابن مسعود : ثم يَبْعَث الله مَلَكًا فيؤمر بأربع كلمات ، ويُقَال له : اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد . رواه البخاري ومسلم . فهذه الكِتَابَة هي التي بأيدي الملائكة ، وقد يكون المكتوب لـ " زيد " مِن الناس 40 سنة ، فإن وصل رَحِمَه زيد في أجله – مثلا – إلى 60 سنة . والْمَلَك لا يَعلَم ما يَكون مِن هذا الإنسان مِن صِلَة رَحِم أو قَطِيعَة ، فيَكتُب له 40 سنة . قال الإمام السمعاني في تفسيره : وفي بعض الآثار أن الرَّجُل يكون قد بَقي له مِن عُمره ثلاثون سنة فيقطع رَحِمَه فَيُرَدّ إلى ثلاثة أيام ، والرَّجُل يكون قد بَقِي له مِن عُمره ثلاثة أيام فيَصِل رَحِمه فَيُمَدّ إلى ثلاثين سنة . اهـ . وأما بالنسبة لِعِلْم الله فإنه عَلِم ما كان وما سيكون ، ويَعلَم سبحانه وتعالى أن هذا الإنسان يَصِل رَحِمَه أوْ لا . وبناء على هذا العِلْم السابق يَكون ما في اللوح المحفوظ . فالذي يتغيّر هو ما في أيدي الملائكة ، وليس ما في اللوح المحفوظ . وهذا قد دَلَّت عليه أدلّة ، منها : قوله تعالى : (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّر وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَاب ) وقوله تعالى : (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) فَالْمَحْو والإثبات بما في الصُّحُف التي بأيدي الملائكة ، مما كَتَبوا من الآجال والأرزاق وغير ذلك ، وأما ما في أمِّ الكِتاب ، فهو الذي في اللوح المحفوظ لا يتغيّر ولا يتبدّل . وكذلك الآية التي قبلها – آية فاطِر – دالّة على الزيادة والنُّقْصَان في الأعمار . قال القرطبي في تفسيره : قيل لابن عباس لَمَّا رَوى الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحَبّ أن يَمُدّ الله في عُمره وأجَله ويُبْسَط له في رزقه فليتق الله وليَصِل رَحِمه " كيف يُزَاد في العُمر والأجل ؟ فقال : قال الله عز وجل : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِين ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) فالأجَل الأوَّل أجَل العَبد مِن حين وَلادته إلى حِين مَوته ، والأجَل الثاني - يَعني الْمُسَمَّى عِنده - مِن حِين وَفَاته إلى يوم يلقاه ، في البرزخ لا يَعلمه إلاَّ الله ، فإذا اتَّقَى العبدُ رَبه ووصل رَحِمه زاده الله في أجَل عُمره الأوَّل مِن أجَل البَرْزخ مَا شاء ، وإذا عَصَى وقَطَع رَحِمَه نَقَصَه الله مِن أجَل عُمره في الدنيا مَا شاء ، فَيَزِيده في أجَل البَرْزَخ . اهـ . كَمَا دَلّ على الزيادة والنَُقْصَان في الأعْمَار مَا جاء في خَبر أبِينَا آدَم عليه الصلاة والسلام حين أُخْرَجَتْ له ذُرِّيّته . قال عليه الصلاة والسلام : لَمَّا خَلَق اللهُ آدَم مَسَح ظَهْرَه فَسَقَطَ مِن ظَهْرِه كُلّ نَسَمَة هُو خَالِقُها مِن ذُرِّيَّتِه إلى يَوم القِيامَة ، وجَعَل بَيْن عَيْنَيّ كُلّ إنْسَان مِنْهم وَبِيصًا مِن نُور ، ثم عَرضَهم على آدَم ، فقال : أيْ رَبّ ! مَن هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذُرِّيَّتُك ، فَرَأى رَجُلاً مِنهم فأعْجَبَه وَبِيص مَا بَين عَينَيه ، فقال : أيْ رَبّ ! مَن هَذا ؟ فقال : هذا رَجُل مِن آخِر الأمُم مِن ذُرِّيَّتِك يُقَال له : دَاود ، فقال : رَبّ كَم جَعَلْتَ عُمُرَه ؟ قال : سِتِّين سَنَة . قال : أيْ رَبّ ! زِدْه مِن عُمُري أرْبَعين سَنَة ، فلما قَضَى عُمُر آدَم جَاءه مَلَك الْمَوْت ، فقال : أوَ لَم يَبْقَ مِن عُمُرِي أرْبَعُون سَنَة ؟ قال : أوَ لَم تُعْطِها ابْنَك دَاود ؟ قال : فَجَحَد آدَم فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُه ، ونَسِي آدَم فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُه ، وخَطِئ آدَم فَخَطِئتْ ذُرِّيَّتُه . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وقد رُوي مِن غَير وَجْه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال الألباني : صحيح ( صحيح الجامع ) . فهذا آدم عليه الصلاة والسلام كان عُمُره / 1000 سنة ، ثم أعْطَى ابنه داود عليه الصلاة والسلام منها 40 سنة ، فصار عمر آدم 960 سنة . وهذا دَالّ على زيادة الأعمار ونُقصانها . وإلى القول بالزيادة والنُّقْصَان الحقيقة في الأعمار ذَهَب الإمام النووي ورجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن رجب ، وجَمْع مِن أهل العِلْم . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 03:06 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى